سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2132 - 2007 / 12 / 17 - 11:45
المحور:
القضية الفلسطينية
((مابين السطور))
بالأمس القريب دعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني, إلى إحياء الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد شمس الشهداء,الزعيم الخالد ياسر عرفات, وحددت ساحة الكتيبة بغزة كميدان للوفاء والبيعة, وقياس لمدى التفاف الجماهير حول منظمة التحرير الفلسطينية, وحركة فتح نهجا وفكرا وتاريخا, ورغم ضعف الإعدادات لذلك المهرجان, وضعف الإمكانيات المخصصة له, فقد تُرك للجماهير خاصية المبادرة واثبات الولاء والانتماء, وفي ذلك اليوم التاريخي الموثق والمشهود, هرعت الجماهير ولم تنتظر مواصلات ولم تخشى المعيقات, فلبت نداء الوفاء, وسطرت بحشد مليوني, وحجيج الزحف الأصفر, أروع ملاحم البطولة والوفاء لزعيم مابخل بروحه من اجل الوحدة الوطنية والثوابت الفلسطينية, لبت كل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية نداء الحق وما تأخر منهم رجلا إلا بفعل ظروف قهرية أو مرضية, هرعت الشباب والشيبة دون أي تنسيق ودون أي ينتظروا مركبات التنظيمات, لدرجة أن الذين دعوا لمهرجان الوفاء والبيعة لنهج وسياسة الشهيد أبو عمار, قد تفاجئوا من ذلك العطاء المتدفق الهادر , حتى قدرت أوساط محلية وأجنبية الأعداد التي استطاعت الوصول إلى ميدان البيعة والوفاء((الكتيبة)) بنصف مليون, وتحدثت أوساط العدو الصهيوني حسب الصور الجوية الملتقطة أن العدد بلغ((850 ألف مواطن)) , وأخرى تحدثت أن العدد ناهز المليون مواطن, وقد سجل التاريخ ذلك الحشد الذي كان دافعه الذاتي يتمحور في عدة نقاط أهمها, القول نعم لمنظمة الحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني, نعم لمسيرة القائد الخالد البطل شمس الشهداء ياسر عرفات, لا لنهج الانقلاب على الشرعية, نعم للوحدة الوطنية الفلسطينية, ولا لسياسة الحديد والنار في حكم الجماهير, عاشت فلسطين عربية حرة أبية, واهم ما ميز ذلك الحشد المليوني انه كان بامتياز ((فرض كفاية)) إذا حضر احد أفراد الأسرة والذين قد يكونوا في اغلبهم يمثلون توليفة من أبناء منظمة التحرير الفلسطينية, أو من حركة فتح, فيسقط عمن تخلفوا لأي من الأسباب الأخرى,وهذا لاينفي كون بعض الأسر معظم أفرادها من حماس, لكني أتحدث عن السواد الأعظم هم من أبناء وأنصار منظمة التحرير الفلسطينية وفتح, فلم تشهد التجمعات السكنية أي استجداء أو إغراءات, أو عبارات استفزاز كي يتوجه أبناء فتح وجماهيرها للمهرجان, بل كانت المفاجئة والتي تعبر عن أصالة الانتماء بان عشرات الآلاف من أبناء فتح وشبيبتها والذين توقفت رواتبهم ظلما وعدوانا, تحت مسميات ما انزل الله بها من سلطان((تفريغات 2005, وتفريغات 2006)) وآلاف أخرى لم تتقاضى راتبها منذ أشهر عديدة بسبب بطيء الإجراءات, فلم يتأخر أي منهم وقد تناسوا حالة القهر الإضافي والعوز والمعاناة, ومنهم من لم يملك شيكلا واحدا كي يدفعه أجرة مواصلات, إلا أنهم هبوا فرادى وجماعات لتلبية نداء الوفاء لروح شمس الشهداء , القائد المغوار أبو عمار, فكانوا يسابقون الرياح على الأقدام ويتسلقوا الشاحنات من وسط الطرقات, ليصلوا للصفوف الأولى لأنهم الفدائيون الأحرار فطوبى لهم جميعا والخزي والعار لمن قطع أرزاقهم وقوت أبنائهم وتركهم قابضين على جمر انتمائهم بين السماء والطارق وصادر حقوقهم.
واليوم كانت ذكرى الانطلاقة العشرون لحركة حماس, التي قامت بانقلابها وأحكمت سيطرتها بقوة السلاح على قطاع غزة وما رافق ذلك من دموية و عنف وقمع كانت غريبة عن ثقافة شعبنا, وقد قامت قيادة الحركة بالسهر ليل نهار من اجل حشد جماهيري تقرر أن يكون في نفس ساحة البيعة والوفاء الأصفر((ميدان الكتيبة)) وقد تحدث البعض عن الإغراءات التي قدمت للجماهير من اجل قبول التحدي والاحتكام لصوت الشارع الفلسطيني في غزة, بل إن الأهم هو الحضور كان بالنسبة لحركة حماس ((فرض عين)) لايجوز أن يسقط عن احد من أبناء الحركة ومناصريها, وقد هبت جماهير حماس ومناصريها وقد توفرت لهم كل وسائل الذهاب والإياب دون أي معوقات, ودون أي منغصات, ووصلوا إلى ميدان الكتيبة كي يقولوا نعم لنهج حماس سواء بالانتماء التنظيمي, أو لأسباب الإعالة , وقدر عدد الحضور مابين مراقبين محليين ومصادر أجنبية, مائة ألف, وتحدثت صحافة العدو الصهيوني, أن الحشد وصل إلى ((150 ألفا)) وقدر البعض الآخر بان العدد وصل إلى ثلاث مائة ألف مواطن.
وإذا ما نظرنا لمقارعة المهرجانات, على أنها استفتاءات جماهيرية, وتمثيل نسبي لمدرستين, إحداها تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية بقيادة حركة فتح وأجندتها السياسية والوطنية, والأخرى لحركة حماس ومن والاها بالحضور والتأييد, فان تلك الإحصاءات العددية أولا تثبت أن مسيرة الوفاء كانت فعلا اقرب إلى المليونية, وان مسيرو حركة حماس وأنصارها بعشرات أو مئات الآلاف ولاشيء يخفى عن عين الكمرات, بأنه استفتاء كان في صالح منظمة التحرير بمجموع فصائلها عامة, ولصالح حركة فتح حيث مهرجان الوفاء لمطلق شرارة نضالها ياسر عرفات, وبالتالي فان هذا الاستفتاء الحقيقي رغم ما شابه من تسهيلا ومعيقات, هو صوت إرادة الجماهير, وهذا بحد ذاته مدعاة للوقوف والتفكر وعدم المكابرة, وعلى كل الأطراف أن تبني عليه مسيرتها ومستقبل نهجها, فمن اخطأ وأجرم بحق شعبه عليه بالراجع عن إجرامه, ومن تناسى في يوم من الأيام تقدير ذاتية الوفاء فعليه أن يعتبر في المستقبل الآتي,وعلى من أجرم بحق أبناء فتح من قيادات فتح فعليه أن يستخلص العبر من فرسان الوفاء, وعليه فان تلك المقارعة والتحدي بالمهرجانات قلب الطاولة على كل الادعاءات, بل ربما كان لتلك المقارعة دلالات لها من التداعيات ,على مجمل القضية الفلسطينية, والمخططات السوداء الخارجية, ما من شانه أن يقول هنا غزة العملاقة من يستطيع تجاوزها؟؟ هنا جماهير الوفاء من يستطيع كسر إرادتها؟؟ هنا غزة مفجرة الانتفاضات والثورات, هنا غزة الحكم والفصل في رسم مستقبل أي تسويات .
فكانت تلك المهرجانات لغة حجم وتحجيم, لغة تسقط في قواميسها كل الادعاءات, فالكلمة الفصل كانت للجماهير, وهنا نقول أن مزيدا من القمع والقوة قد تعيق توافد الجماهير لأي مهرجان نسبيا, لكن مهما بلغت القوة والقمع لن تزيد المهرجانات الأخرى عددا وتأييدا, وهذا مفاده الذي يجب التعاطي مع تلك النتائج, على أن الطريق السوي الوحيد أمام حركة حماس أن تتراجع عن انقلابها وتغلب لغة الحوار على لغة الحديد والنار, وما نلمسه أن الرئيس محمود عباس رغم كل الأصوات التي تتحدث عن عدم جدوى الحوار, فما زال يترك الباب مواربا للحوار المنشود, وان الشروط اليسيرة التي يضعها هي أفضل بمليون مرة من الاستمرار العقيم في الاحتكام للغة السلاح في وجه شعب اعزل جل مايؤرقه أن الجرح في الكف, وانه يقع مابين رحى مطرقة الاحتلال الصهيوني والعدوان, ومابين سنديان ظلم وقمع ذوي القربى, والذين يفترض بهم كما كان شعارهم الأول, وحدة الخندق في وجه العدو الصهيوني, وليس توجيه فوهات البنادق إلى الصدور الفلسطينية, فتكون قد تحققت غاية المنى لعدو تاريخي, طالما راهن وتربص بالوحدة الوطنية شرا,,, فهل يتم الاحتكام إلى نتائج الاستفتاء بالمهرجانات الوطنية؟؟!!!
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟