أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أحمد حسنين الحسنية - لا يا بلد شامبليون، الحضارة المصرية لم تبن بالسحر














المزيد.....

لا يا بلد شامبليون، الحضارة المصرية لم تبن بالسحر


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 2130 - 2007 / 12 / 15 - 12:17
المحور: الصحافة والاعلام
    


إستكمالاً لما بدأت فيه مع مقال: الكراهية في الصغر كالنقش على الحجر، من التعليق على بعض برامج الرسوم المتحركة الموجهة للأطفال، بناء على مشاهداتي أثناء مشاركتي أفراد أسرتي مشاهدة تلك البرامج، دعماً للروابط الأسرية، و أيضاً لمعرفة ما يلقن الأطفال بصفة عامة من أفكار، فإنني في هذا المقال أنقل إنطباعاتي عن وسيلة التعامل التي يتعامل بها مصممي تلك البرامج مع حضارتنا المصرية القديمة، الفرعونية.

الموقف من التعامل مع الحضارة المصرية القديمة يختلف، فلا فرصة لدى أي حاقد في نعتها بالهمجية، أو التخلف، أو الصفات الأخرى القبيحة التي يصفون بها العرب و الشرق أوسطيين، و التي تحدثت عنها في مقال الكراهية في الصغر كالنقش على الحجر، فالحضارة المصرية تقف شامخة عالية متعالية فوق أولئك الصغار في نفوسهم.

إنهم، أي منتجي تلك النوعية من الرسوم المتحركة، لم يجدوا وسيلة يحطون بها من قدرها، و خاصة و أطفال العالم يدرسون حضارتنا في مدارسهم بعيداً عن الأهواء، إلا أن يصفوها بالسحر، فكلما شاهدت أي برنامج للرسوم المتحركة يتحدث عن مصر أبان الحقبة الفرعونية، لا تجد إلا التعامل مع السحر، و أحياناً بأسلوب بث الخوف في نفوس الأطفال من حضارتنا.

هذا ما لاحظته من كافة البرامج الكرتونية التي شاهدتها مع أفراد أسرتي الصغيرة، من إنتاج الشركات التجارية، من جنسيات مختلفة، و لكن الطامة كانت مع إكتشاف أحد أفراد الأسرة، الصيف الماضي، 2007، برنامج كرتوني يومي للأطفال، بث طوال الصيف الماضي على القناة الفرنسية تي في سانك موند أوروبا، Monde Europe TV5، و الموجهة لأوروبا، و تشاهد هنا في رومانيا. البرنامج شاهدت العديد من حلقاته، و كانت الملاحظة هي ذات الملاحظة السلبية على البرامج الأخرى، إنه السحر، فالبرنامج الفرنسي، و الذي كان يبث طوال الصيف و بشكل يومي، كان يتعامل مع الحضارة الفرعونية من خلال نمط واحد، هو السحر، فقط و لا شيء أخر، مغفلاً كافة الوجوه الحقيقية المضيئة لحضارتنا.

إذا كان من السهل بيان الدوافع التي تدفع الشركات التجارية للتلاعب بهذا الأسلوب مع حضارتنا، سواء نتيجة الجهل، أو للحبكة و التشويق، أو لأسباب عنصرية، حيث تشكل حضارات الشرق الأوسط و بقية العالم الثالث، و على رأسهم الحضارة المصرية القديمة، غصة في أعناق العنصريين.

فإن من الصعوبة بمكان تفهم دوافع قناة فرنسية رسمية، وظيفتها الرئيسية الترويج لأوجه الثقافة الفرنسية الجميلة، و للمفهوم الفرنسي للثقافة، و تدعم التواصل الإنساني الحضاري على المستوى العالمي.

كيف يكون من السهل على مصري أن يبتلع هذا الخطأ الفرنسي الفادح، الذي جعل من الحضارة المصرية حضارة مبنية على السحر، بينما فرنسي هو الذي فك رموز لغتنا القديمة، و أعني شامبليون، و أخر أنقذ مدخل معبد الكرنك من التحطيم، و أعني بريس دافين، Prisse d’ Avennes، و الذي عرف في مصر بإدريس أفندي، و أخرين من علماء المصريات الفرنسيين أسهموا في إلقاء الضوء على حضارتنا، بما أسهم في البدء فيما عرف بالجنون بمصر، أو الإيجيبتومانيا التي إجتاحت العالم، و لازالت أثارها قائمة، و حمتها تتجدد بين حين و أخر؟؟؟

حضارتنا لم تبن بالسحر، كما يعلم العالم، حضارتنا بنيت بالعمل، فالحضارة التي يقول أحد حكمائها، و هنا أقصد بتاح حتب: إسمع يا ابني، ان الثراء لا يأتي وحده، إنه يفد على من يريده و يعمل له، فإذا عملت له و سعيت وراءه، فإن الإله ينيلك اياه. أما إذا قعدت و توانيت و تمسكت بأهداب الكسل و الخمول فان الإله لك بالمرصاد، ينزل عليك غضبه و عقابه.

و أخر، هو الحكيم آني، يقول لإبنه: كن مجتهداً، لأن الرجل الذي يظل عاطلاً خاملاً لا يكون شيئاً.

حضارتنا بنيت بالعلم أيضا، إنها الحضارة التي يغرز فيها أحد الحكماء حب العلم في قلب ابنه قائلاً: ليتني أستطيع أن أجعلك تحب الكتب أكثر من أمك، و ليتني أستطيع أن أريك جمالها. انها أعظم من أي شيء أخر.

و بنيت بالعدل أيضاً، إنها الحضارة التي كان خطاب التكليف الملكي للوزير، يحوي العبارات التالية: لا تنس أن تحكم بالعدل، لأن التحيز يعد طغياناً على الإله، و في فقرة أخرى: و اعلم أنك ستصل إلى تحقيق الغرض من منصبك إذا جعلت العدل رائدك في عملك. أنظر، إن الناس ينتظرون العدل في كل تصرفات الوزير.

إنها حضارة بنيت بالعلم، و إزدهرت بالجد، و حماها الضمير.

إننا كمصريين نعرف قيمة حضارتنا، و يعرف العالم ذلك، و لا يهمنا أولئك التوافه الهوام الذين ينالون منها، و يحاولون وصمها بما ليس فيها، و لكن لم نكن نتوقع أن يأت مثل هذا من بلد الثقافة الرفيعة، بلد الشغف لدرجة الولع و الجنون بمصر، بلد حرية - إخاء - مساواة.




#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا راكب القارب، تعال نصنع أوروبا في مصر
- حتى لا يساء للقرآن، إبحثوا عن بديل لكلمة إرهاب
- مبارك و بوتين، الفارق بين من فرط و من إسترد
- مبارك و بوتين، لا وجه في المقارنة بين من فرط و من إستعاد
- الجمهورية المصرية الثانية، هكذا ستقوم
- أحمدي نجاد، لا فارق بينك و بين آل سعود و آل مبارك
- لماذا أقف مع الأفرو ضد الجنية؟
- الخطوة القادمة شريحة تحت الجلد
- ماذا لو ان عرفات في غير عرفات؟؟؟
- حالة الطوارئ الباكستانية هل تختلف عن المصرية؟؟؟
- لا تتوسلوا للبناويين أو لأحد
- إنه مخاض لعصر أكثر إظلاماً، يا أستاذ هيكل
- و حملها الإنسان، الرد على مفكر النازية المصرية
- مش دورك يا أبو جيمي
- قانون الخروف الأسود، هل سيطبق على جرائم الكراهية؟؟؟
- موافقة آل مبارك على الإجتياح التركي، قصة تكرار الخطأ
- من سيقود القطاع المصري المسيحي في الثورة القادمة؟؟؟
- الثورة مسألة وقت فحسب
- سيخرج الأزهريون أيضا
- هذا هو حزب كل مصر


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - أحمد حسنين الحسنية - لا يا بلد شامبليون، الحضارة المصرية لم تبن بالسحر