أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - عبدالحسين الساعدي - في ذكرى منفى بدرة الحدودي














المزيد.....

في ذكرى منفى بدرة الحدودي


عبدالحسين الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 2128 - 2007 / 12 / 13 - 03:34
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


لم يكتف النظام الملكي الأستبدادي السادر في ظلمه وأستهتاره بالقيم الأنسانية من مصادرة الحريات السياسية والفكرية والشخصية للمواطنين العراقيين ، ولم يكتف أيضا بزج الشرفاء من أبناء هذا البلد في غياهب السجون الرهيبة التي كانت تغص حد الأختناق بسجناء الرأي والمناضلين من أجل قضايا شعبهم المشروعة من العرب والكورد والتركمان وبقية أبناء الطيف العراقي على حد سواء ، بل تمادى في غيه الى أبعد من ذلك فأخذ بإبعاد المطلق سراحهم من تلك السجون الى منافي أجبارية قاسية عادة ما تكون في مناطق صحراوية قفراء بالقرب من الحدود وتنعدم فيها أبسط مستلزمات الحياة ، محاولة منه في كسر شوكتهم وتحجيمهم وإبعادهم عن سوح النضال بين جماهير شعبهم ، وكان من بين تلك المنافي القاسية منفى بدرة الحدودي.
قضاء بدرة من مدن العراق الحدودية المنسية ، وكثيراً ما كان هذا القضاء معزولاً عن العالم بسبب الفيضان السنوي ( للكلال ) في فصل الشتاء ، والبيوت في بدرة أشبه ما تكون ببقايا مدن أتى عليها الطوفان فأحالها الى خرائب وركام ، ولا يوجد فيها شيء حسن سوى طيبة أهلها ودماثة خلقهم وكرمهم ، وما أشتهروا به من حسهم الوطني ، فضلا عما عرف عن بدرة بكثرة بساتين الفواكه وإنتاجها لأفضل أنواع التمور في العراق .
كان النظام الملكي قد أنشأ في بداية الخمسينات مجموعة من البيوت في القسم الثاني من المدينة لإسكان عوائل الشرطة العاملين في المخفر الحدودي ومركز البلدة الوحيد ، ففكر العقل المريض والعدواني بتحويل هذه البيوت الى شبه محاجر للناشطين السياسيين المعارضين لسياساته بعد نقلهم الى هذا القضاء لكي يكونوا تحت نظر الشرطة ورقابتها ، وبعيداً عن سوح النضال الحقيقي بين أبناء شعبهم .
بالرغم من الإجراءات الصارمة الموضوعة من قبل السلطة في عدم أحتكاك الأهالي من سكنة بدرة بالمبعدين ، في وقت كان الأهالي ينظرون لهؤلاء المناضلين بعين العطف والتضامن ويكنون لهم كل أحترام وتقدير ، ولم يبخلوا قط في تقديم المساعدة لهولاء المبعدين ، بل كانوا يتواصلون معهم بطرق سرية وملتوية خشية الكشف وأفتضاح الأمر ، وهذا الأمر شجع بعض الأحزاب والقوى على التفكير بتهريب بعض العناصر المهمة في هذا المنفى ، وبالفعل جرت أكثر من محاولة ، وكان من أبرزعمليات الهروب الناجحة هي تلك العملية الجريئة التي تم خلالها تهريب ثلاثة من كوادر الحزب الشيوعي العراقي في مطلع الخمسينات من القرن العشرين .
لقد شمل الإبعاد السياسيين والمثقفين من العرب والكورد والتركمان وغيرهم من طوائف المجتمع العراقي المعارضين للنظام الملكي آنذاك ، بل وشمل حتى المستقلين والأبرياء الذين تم أعتقالهم وإبعادهم بمجرد الأشتباه بهم ، وكان من أبرز الشخصيات التي أبعدت الى هذا المنفى هم المرحوم كامل قازانجي ، ورحيم شريف ، وكاظم فرهود ، والشاعر الكوردي الكبير عبدالله كوران ،و والأديب عبدالرزاق الشيخلي وعزيز سباهي ، وطالب عبد الجبار ، وطعمة مرداس ، وهادي طعين ، وجبار شوكت ، وإبراهيم الحريري وكاني عبدالحميد ، والمئات غيرهم . وقد حول المنفيون هذا المنفى الى ورشة أبداع حقيقية لصقل مواهب البعض وتعليم الأخرين على مهارات فردية في الفن والأدب وغيره , كما أستغلها البعض في التأليف والكتابة والتواصل مع الثقافة ، مستفيدين من تعاطف الأهالي في الحصول على الكتب والمطبوعات ، فلم ينقطعوا عن العالم المحيط بهم ، وكان الأمل يغمر نفوسهم في أن غد الحرية والأنعتاق من ربقة الظلم والعبودية والقهر والأستلاب آت لامحالة ، وأن إرادة الشعوب هي أقوى من سلاسل الظلمة العتاة وقيودهم.
وكان المبعدون من الديمقراطيين والقوميين واليسار ، ومن الطيف العراقي كافة يتحرقون شوقاً للألتحاق بصفوف المناضلين من أبناء شعبهم لمواصلة النضال ، ويحسون بالتقصير لتخلفهم عن النضال بسبب السجن أو الإبعاد ، وعندما كان يطلق سراح أحدهم أو هروبه حتى تأخذ حناجرهم تصدح بالأغاني الحماسية والثورية مودعة له ومعبرة عن ذلك الشعور الجياش تجاه أحزابهم وتجاه شعبهم .



#عبدالحسين_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق _الإدارة والدولة الحديثة
- مقصلة الفجر
- صرخة الموتى
- المسخ
- فضاءٌ رحبٌ
- يوم السلم واللاعنف في العالم 2/10
- عودة الدرويش
- العالم أجمل دون نظارات ......... قصة قصيرة
- ثمالة الكأس : قصة قصيرة
- الذروة
- أوبرا عايدة
- الوطن بنيناه
- طفيليات الحب


المزيد.....




- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - عبدالحسين الساعدي - في ذكرى منفى بدرة الحدودي