أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب سلمان - يوميات من بلادي/ رحلة نحو الشمس














المزيد.....

يوميات من بلادي/ رحلة نحو الشمس


زينب سلمان

الحوار المتمدن-العدد: 2127 - 2007 / 12 / 12 - 09:48
المحور: الادب والفن
    


استيقظت الشمس في مدينتي من قلب نهر دجلة لتنشر أشعتها خلف نوافذ أغلقها انتظار أهليها أمل السلام المفقود، لكن هذا لم يكن هذا ليقف بوجه سارة التي استقبلت يومها الجديد بتأدية صلواتها السريعة طالبة من الرب فيها ان يحميها واحبتها من كل الشرور التي حملها العهد الجديد الى موطنها، طبعت قبلة على جبين جدتها العجوز وانطلقت الى موقف الباص لتلتحق بالجامعة، لم يختلف هذا اليوم التشريني الجميل عن سابقه بغير تصميم سارة على معرفة هوية من يضع لها الزهرة الحمراء على عتبة داراها في كل مرة تخرج فيها من البيت، كانت ترافب كل ما حولها بشراهة فتاة في العشرين للمعرفة وهي تقطع الأزقة التي لازالت تتذكر مطاردنها اليائسة للقمر وهي تقسم لكل من حولها ان القمر هو من يطاردها ويتبعها في اي اتجاه مشت فلا تتلقى غير ضحكات مكبوتة ووعد بأن الحوت سرعان ما سيأتي ليلتهمه فيكف عن مطاردتها.
جاءها صوت أحمد نقيا هذا اليوم... بائع الشاي الذي يدعوها كل يوم لشرب الشاي الصباحي على ناصية الطريق فترد عليه بابتسامة دافئة وهمس كلمة شكر لا يكاد يسمعها لكنه يرضاها منها كرفض مهذب لدعوته اليومية وفكرت لا يمكن ان يكون هو من يضع لها الزهرة الحمراء ليس لانه لا يستطيع بل لانه مثقل بالتفكير بتوفير قوت عائلته المتكونة منه وزوجته وخمسة اطفال من تجارة قد تكون أبسط من أن تنوء بحمل إعالة هذا العدد من الافراد لكنه على الرغم من ذلك لم يفقد بشاشته يوما أو روحه المحبة لكل الناس لهذا فعمل مثل وضع الزهور على عتبات البيوت يبدو بعيد كل البعد عن شخصيته لذا استبعدته من فكرها بنفس سرعة افتراضها وبقيت تفكر وتراقب كل من حولها، في هذه الاثناء لمحت أستاذ فاضل مدرس اللغة العربية يتقدم نحو موقف الباص ايضا فتقابلا فحياها بأجمل عبارات صباحية وجدت في قاموس اللغة ليس لخصوصية سارة عنده بل لانه يجاهر دوما بعشق كل الاشياء الجميلة ومنها النساء لهذا السبب لم يستطع ان يتزوج أو يقيم علاقة جدية على الرغم من تجاوزه العقد الخامس من عمره وتعرف سارة ان ميوله اشتراكية وشيوعية على الرغم من اصوله الشيعية المتجذرة الأصل والتي صار يحتمي بها لاخفاء ميوله الفكرية الحقيقة وذلك لهيمنة التيارات الدينية المتعصبة على الشارع بعد تغيير النظام، هذه الميول التي يمكن ان تكلفه حياته اذ هو جاهر أو حتى لمح بها وهذا نفس ما كان يعانيه في ظل النظام السابق لذا فأن التغييرات التي حصلت في كل البلد كأنها لم تكن بالنسبة له لذا فكرت سارة اذا كان هو من يضع لها الزهور فيجب ان تجد الزهور على عتبات جميع بيوت الزقاق التي تعيش فيه لهذا استبعدته بعد ان ردت بلطف على تحيته الصباحية المبالغ فيها، انتظرت الباص في جو يملؤه الترقب حين مر من جانبها رفاق طفولة كان يمكن ان تضعهم احد احتمالاتها لولا انها متأكدة أنهم قد نسوا براءة طفولتهم واضاعوها في ممرات ذاكرة لا تجلب لهم غير الاحساس بالذنب لانهم تنكبوا الاسلحة بذريعة حماية النفس او الانتماء الى المليشيا الاقوى في المنطقة فأيسر وخالد ينتميان للمليشيا السنية وعلي وياسر ينتميان الى المليشيا الشيعية وبعد ان تفاسموا مقاعد دراسة وصداقة عميقة وبريئة لسارة أصبحوا يتقاسمون استعراض فض للقوة يخيف سارة، من بُعد رمقوها بنظرات أحست أنها تحمل حنين غريب للخوض معها بأحاديث حلوة بحلاوة أعمارهم الغضة تفادت سارة نظراتهم وفكرت انه لا يمكن لأ ذرع حملت السلاح أن تحمل الزهور . ركبت الباص المكتظ والذي لم يحمل غيرها من الموقف الذي كانت تقف فيه، تطلعت الى الراكبين معها بالباص فوجدت وجوه تعرفها زملاء لها بالجامعة ، نساء عجائز ورجال بدأوا صباحاتهم بالدعاء لله بأن يكون هذا اليوم محملاً بالرزق لهم ولعيالهم لكن لفت انتباهها رجل يجلس في المقعد الخلفي يرتدي رداء قصير واطلق لحيته حتى تدلت الى صدره رمقها ها بنظرة غاضبة فاشاحت بوجهها الجميل عنه وطلبت من سائق الباص ان ينزلها قبل المحطة المقبلة استجاب لها السائق بتململ، فما كادت ان تنزل حتى أحست بهواء ساخن يدفع بها خارج الباص وصوت انفجار صمّ أذنيها لم تحس بعدها بشيء الا وهي على سرير في المستشقى أحاط به أحمد وأستاذ فاضل وأيسر وخالد وعلي وعمار وكلهم يحملون في أيديهم باقات ورود حمراء تطلعت في وجوههم وابتسمت من صميم قلبها برغم الالم ثم اغلقت عينيها وواصلت رحلتها نحو الشمس .



#زينب_سلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لحظة الموت حباً
- يوم للنسيان
- ذكرى مقاتل نسى رأسه في خوذته
- اغتراب
- ومضة
- لقاء أخير
- حزن الغياب
- قلبي والمطر
- عرس الانتظار الاخير/- تداعيات الانتظار الازلي للحظة فرح مؤجل ...
- فجر جديد


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زينب سلمان - يوميات من بلادي/ رحلة نحو الشمس