أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جميل حنا - الديمقراطية والعنف في بلاد ما بين النهرين















المزيد.....

الديمقراطية والعنف في بلاد ما بين النهرين


جميل حنا

الحوار المتمدن-العدد: 2127 - 2007 / 12 / 12 - 11:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الديمقراطية هذه الكلمة الساحرة رغب الإنسان بها منذ العهود القديمة في مختلف الأزمنة والمجتمعات الإنسانية, وفي كافة العقائد الدينية القديمة والجديدة .وسعى الإنسان إلى تطبيق الديمقراطية تحت مسميات مختلفة بحسب البيئة الثقافية والمعتقدات الدينية التي آمن ويؤمن بها أو يعيش تحت تأثيرها . والإغريق القدامى هم أول الشعوب في الكون من أستخدم كلمة الديمقراطية بشكل واضح وجلي (حكم الشعب ) كنظام سياسي يقود الدولة والمجتمع . وطبقها كأداة لتحقيق إرادة الشعب في السلطة وإدارة شؤون الدولة . وطبقت الديمقراطية كدواء لمعالجة القضايا الاجتماعية بالطرق السلمية . وهي تهدف إلى تحرير الإنسان من عبودية الخوف لكي يكون الإنسان كائنا حرا يعبر عن أفكاره بدون عواقب وخيمة . وكما تهدف الديمقراطية إلى المحافظة على كرامة الإنسان وعدم تعرضه إلى المذلات والاضطهاد النفسي والجسدي , وتصون حقوقه الشخصية في عقيدته الدينية والقومية والسياسية وتؤمن المساواة بين جميع أبناء الوطن بدون تمييز . والطريق إلى بناء النظام الديمقراطي و تطبيقه فعليا في حياة الكثير من المجتمعات لم يكن في آي عهد من العهود أو في آي مجتمع كان لا في الماضي ولا في الحاضر ولن يكون كذلك في المستقبل طريق مفروش بالورود .جميع الشعوب التي حققت بناء المجتمع ا لديمقراطي خاضت ثوراتها في مختلف مجلات الحياة , كما خاضت الشعوب نضالا شاقا وفي هذه المسيرة النضالية قدمت التضحيات الجسيمة والدماء والدموع والشهداء. وكل شعب من شعوب الكون الذي حقق بناء النظام الديمقراطي خاض تجاربه الخاصة للوصول إلى الديمقراطية المنشودة .

وإن مسيرة الحياة الديمقراطية في العديد من البلدان حتى بعد تطبيقها لم يشهد استقرارا وثبات في النهج . بل تعرضت التجربة والحياة الديمقراطية إلى انتكاسات , وكذلك ضربت في الصميم ديمقراطيات ناشئة أو حرفت عن جوهرها النبيل , لتتحول إلى وسيلة اضطهاد تستعمل ضد من يشكلون أقلية ضمن الكيان الاجتماعي أو السياسي والحزبي , وضد الشعوب الأقل عددا التي تشكل جزء هاما من كيان الوطن . وتستخدمها القوى السياسية المسيطرة على مقدرات الشعوب التي تمثل الغالبية في المجتمع كأداة قمع ضد الشعوب الأقل عددا , ولفرض هيمنتها وزرع الفتن والخلافات الاجتماعية لتضمن أحكام سيطرتها على السلطة السياسية على الجميع . وذلك من الفهم الخاطئ للديمقراطية الصحيحة أو التعمد للفهم الخاطئ لمعنى الديمقراطية . لأن الديمقراطية لا تقر بأن يقرر أي شعب مهما كثر عدده وملك من السلاح والقوة الاقتصادية بأن يقرر على حق تقرير المصير لأي شعب آخر واضطهاده وسلب حريته مهما قل عدده أو هضم حقوق الآخرين لأنهم يمثلون عددا أقل في المعادلة السياسية أو القومية أو الحزبية أو الوطنية ... . الديمقراطية تعني الحقوق المتساوية لجميع أبناء الوطن بدون تمييز على أساس قومي أو ديني أو سياسي أو على أساس العدد.

والشعوب في البلدان العربية تبحث عن الديمقراطية الحقيقية المفقودة في بلدانها الرازحة تحت سلطة الأنظمة الملكية والديكتاتورية و السلطة المطلقة للفرد أو العائلة أو الحزب أو القومية أوالدين. والغالبية الساحقة من الناس في هذه البلدان تعاني من الفقر ومن مشاكل اجتماعية كثيرة. والكثير من المناضلين المدافعين عن الحريات الديمقراطية يقبعون في ا لسجون, والقسم الآخر ملاحق من قبل أجهزة المخابرات وكافة دوائر الأمن القمعية . وهي تتعرض إلى ممارسات وضغوطات لا إنسانية من قبل السلطات الحاكمة .وكافة الأنظمة في البلدان العربية بغض النظر عن اختلاف طبيعة الحكم فيها إلا أن جميعها تشترك في صفة قمع شعوبها . وكل الأفراد والعائلات أو الأحزاب أو المذاهب الدينية الحاكمة في هذه البلدان تتفاخر بديمقراطيتها الخاصة ( كمهزلة الانتخابات التي تجريها) المفصلة على قياسها لتنسجم مع مأربها وسلطانها المطلق ومع طبيعة الأهداف الفئوية الضيقة المعادية لحقوق المواطنين .

وأن شعوب الإثنيات العرقية الأقل عددا بالنسبة للشعب العربي تعاني من الحرمان من حقوقها القومية . وهي تعاني من اضطهاد مزدوج بحرمانها من حقوقها القومية وحريتها إضافة إلى الاضطهاد العام ا لذي يقع على كل الناس . والشعب الآشوري السرياني الذي هو جزء هام أساسي وأصيل في التكوين الاجتماعي في وطنه الأم في كل من سوريا والعراق وتركيا وإيران , إلا أنة يمثل عددا أقل بالنسبة للقومية العربية والتركية والكردية .وذلك بسبب مذابح الإبادة العرقية الكثيرة التي تعرض لها خلال عهود طويلة , وبسبب الاضطهاد الديني والقومي والعنف السياسي وانعدام الديمقراطية الحقيقية في هذه البلدان . والشعب الآشوري السرياني يعيش في أرضة التاريخية موزعا على كيان هذه الدول بعد أن قسم وطنه التاريخي بلاد ما بين النهرين في عام 1916 بحسب اتفاقية سايكس_بيكو الاستعمارية (الانكليزي _الفرنسي ) على هذه الدول وهو يعاني من كل أنواع الاضطهاد القومي والديني والسياسي والاجتماعي على المستوى الشعبي والرسمي وبدرجات متفاوتة في هذه البلدان .

في بلاد ما بين النهرين كان وما زال اللجوء إلى العنف بأشكاله المختلفة أكثر بكثير من اللجوء إلى الأساليب الديمقراطية والحلول المنطقية الإنسانية. وكان العنف المدمر سيد الموقف في كافة المراحل التاريخية .وكلما حدث خلاف خارجي أو داخلي كانت تفتعل أزمات وتوجه الاتهامات الباطلة وكان أهل السلطة يلتجئون إلى ارتكاب المذابح الجماعية كما حصل في تركيا أثناء الحرب العالمية الأولى بحق الشعب الآشوري .وما يجري في العراق هو دليل آخر على زيف الادعاء الأمريكي والسلطات الحاكمة بالديمقراطية , حيث عمليات القتل والتهجير والاستيلاء على الممتلكات و الأراضي وإجراءات الصهر وإلغاء الهوية القومية للشعب الآشوري في أوجها .وخاصة منذ أن وضع شمال العراق تحت حماية الامبريالية الأمريكية منذ عام 1991 ومن ثم احتلال العراق في نيسان عام 2003 . وأصبح العنف وسيلة مقبولة ومرسخة في النهج الديني والقومي والسياسي لكل أولئك الذين يملكون عصابات وميليشيات الأجرام والإرهاب للقضاء على أبناء الشعوب الأقل عددا دينيا وقوميا . العنف والعنف وحده هو منطق هذه الغالبية بحل الأزمات القائمة في المجتمع دون أن يخطر على بالها بأن الديمقراطية الحقيقية هي الحل الأنسب للجميع بدون اللجوء إلى العنف . لأن الموروث في عقليتها وثقافتها مبني على العنف .العنف المعادي لكل القيم والمبادئ الإنسانية نقيض الديمقراطية . وكان بالأحرى على القوى التي استولت على السلطة في العراق بدعم العسكري الأمريكي اللجوء إلى التطبيق الفعلي والحقيقي للديمقراطية ليكون أداة فعال بحل الأزمات والخلافات والمشاكل القائمة وتقديم الحلول المقبولة للجميع وخاصة في مجتمع متعدد الأديان والأثينيات العرقية كما في العراق وكبقية الدول في المنطقة مثل سوريا وتركيا وإيران .وكانت جنبت شعوب هذه البلدان الكثير من المآسي التي يعاني منها .وكان بأمكان تقديم الحلول المناسبة بدون اللجوء إلى العنف كما يحصل وخاصة على أرض العراق.وكما أن الديمقراطية أداة لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وقيادة البلد وتداول السلطة وحل الأزمات بالطرق السلمية وأمور آخري كثيرة .وعدم التمسك بمبادئ القيم الديمقراطية وتطبيقها يترك أثار سلبية مدمرة كثيرة على الوطن و في حياة المجتمع والفرد.

وكذلك الديمقراطية تحتاج إلى ضمانات لحمايتها والحفاظ عليها من انقضاض أعدائها عليها . وتطبيق الديمقراطية يحتاج إلى هذه الضمانات ليتم على أساسها بناء نظام الحكم والمؤسسات واللجوء إليها أثناء حدوث الأزمات والخلافات وفي الظروف الطبيعية . والشعوب بمعظمها تعمل على تطبيق الديمقراطية في مجتمعاتها ,لأنها تمنحها حقوقا كثيرة وتحافظ على كرامته وتزيل الرعب من القلوب . وهذه الديمقراطية التي نبحث عنها لتطبقها في حياتنا تحتاج إلى وضع آليات لنظام الحكم الديمقراطي و تداول السلطة سلميا . وعلى القوى السياسية في المجتمع إبداء أرائها وإظهار مواقفها الحقيقية من الديمقراطية وأن تلتزم بالقيم الديمقراطية وتحميها من أعدائها . وأن تطبيقها تطبيقا فعليا صحيحا بحيث يضمن الاعتراف بالتنوع القومي والديني والسياسي ويضمن للجميع حقوق متساوية بدون نقصان بغض النظر عن العدد لأن الحقوق في المجتمعات الديمقراطية لا تقاس بحسب كثرة أو قلة العدد . وهنا يأتي دور النخب السياسية في الوطن التي تؤمن فعليا وبدون مراوغة ببناء مجتمع ديمقراطي حقيقي .

والأمر الأخر المهم لحماية الديمقراطية بناء دولة القانون وذلك من خلال التشريع السليم القائم على أساس المبادئ الإنسانية وبناء مؤسسات القضاء المستقل عن السلطات التنفيذية . وتشريع قانون علماني يدين التمييز العنصري بكافة أشكاله وغير خاضع لنفوذ الأغلبية .وسن قوانين واضحة تنظم شؤون الحياة وتحدد العلاقة بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية .وعدم سن قوانين تتعارض مع المواثيق والمعاهدات الدولية بشأن حقوق الإنسان .

القوانين التي تؤمن حرية الرأي لأنها الضمانة العملية لحماية الديمقراطية و الحرية الشخصية في غاية الأهمية لأن قمع الحريات الشخصية يؤدي إلى بناء شخصية ضعيفة غير واثقة من ذاتها ومحكومة بعوامل الخوف والرعب . ولا يمكن للإنسان الذي يعيش في أجواء الخوف والخنوع والتبعية أن يساهم في الدفاع عن نفسه وعن حقوقه المشروعة في كافة مجالات الحياة . و إن يساهم بشكل فعال في بناء المجتمع . حماية الأفراد من الظلم والاضطهاد والاعتقال التعسفي , ومنع التعذيب الجسدي والنفسي وإلغاء كل الأساليب التعسفية والاستبداد , والالتزام بالمواثيق الدولية التي تحرم (( كل تمييز بين البشر بسبب العرق واللون والجنس أو اللغة أو الديانة أو الآراء السياسية أو بسبب المنشأ الوطني أو الطبيعي أو مكان الولادة والثروة الفردية )) وسن قوانين حماية الملكية الفردية والعامة. وتأمين الحقوق القومية وحرية ممارسة الشعائر الدينية كما تؤكد على ذلك المواثيق الدولية ((لكل إنسان الحق بالتمتع بحرية الفكر والضمير والديانة وبحرية الرأي والتعبير ونشر أفكاره بأية وسيلة وبحرية الاجتماع والانضمام إلى أية تنظيمات سلمية ))

إن الالتزام بهذه القيم يؤسس إلى بناء علاقة متينة بين مختلف شرائح المجتمع .ويعزز العيش المشترك بين الأديان والقوميات والثقافات المختلفة المكونة للطيف الوطني .بالطبع إذا كانت القناعة قائمة على أساس الوعي بأهمية الديمقراطية الحقيقية في المجتمع بين أبناء الوطن الواحد ولأجل مصلحة الوطن .ومن هذا المنطلق وانسجاما مع مبادئ القيم الديمقراطية الحقيقية ندعو إلى إيقاف العمليات الاستبدادية وتزوير الحقائق التاريخية وكافة إجراءات التتريك والتعريب والتكريد بحق الشعب الآشوري السرياني . ومنحة حقوقه القومية كاملة بدون نقصان أسوة بالحقوق القومية للكرد والعرب في العراق .



#جميل_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقوق القومية المسلوبة بفعل السياسة وتأثير المشاعر
- اليسار العالمي والصراع من أجل الوجود


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جميل حنا - الديمقراطية والعنف في بلاد ما بين النهرين