أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - بائعة السمك















المزيد.....

بائعة السمك


بولس ادم

الحوار المتمدن-العدد: 2126 - 2007 / 12 / 11 - 08:28
المحور: الادب والفن
    


في تلك السنوات التي تشبه صورة وحيدة ونادرة لأعز انسان لن التقيه فيما تبقى من حياتي .. كانت هناك تحت شجرة توت تتدلى على سياج نادي (الفتوة الرياضي) فتاة تبيع السمك منذ الفجر وحتى منتصف النهار وكان اسمها ( صبيحة ) .. وبينما كان الآذان يسمع فجرا من جامع قريب من ( باب الجديد) ، كانت ( صبيحة ) قد فرشت سمكاتها التي قال عنها ( رعد ) بانها تشبه ( اطلاقات الدوشكا )! كانت ايام حرب وكان التشبيه مما يلامس حياة يومية يخيم عليها شعور بحصول كارثة قريبة في اية لحظة في حضرة الأسلحة ، رغم ان الناس كانوا لايصدقون بان الموت سيحصد واحدا من الأعزاء .. كان هناك تخفيف غريزي لجدية الخطر . اعتقدت دوما وفي لحظات النظر الى ( بائعةالسمك- صبيحة ) بانني لن اموت ايضا و..انبت نفسي لشعور مثل هذا فالمختار للموت في تلك الحرب انسان .. وانا انظر الى ( صبيحة )اكملت ذلك الأسترسال في حدس الممات ، بان الرصاص قد يختار ( ابو صبيحة ) وفي تلك الحالة وهي عمياء ، فلي حتما تخيل مدى انانيتي وحجم ماساتها ,كيتيمة !

كانت كلها مخاطبات ذاتية مما تمتلئ به سلال نهارات الحرب من تملي الآخر. لكانه سيختفي فجاة لاانت. وذلك اقبح مافي الحرب !

واتتني شجاعة غامضة لتحمل الصعوبات الكبيرة وذلك اطيب احساس للمرء في ايام الحرب داخل المدن ، اما الجنود فلا يعلنون ثرثرة جوانية حول هذا. فهم لطالما على قيد الحياة فتلك بصمة اكيدة عن فانتازيا الشجاعة . كانت ( صبيحة ) بائعة السمك و ( سيف حاتم ) الجندي الفقير والدها.. كلاهما تورط ببعضه ..

المسكينة ( صبيحة ) كانت رائحة جسدها تشبه رائحة روث البغال التي اعتقدت صغيرا بان اغلبها ( حصن ) لكن اغلبها كانت بغال !

تلك التي تنطلق من سوق ( باب الجديد للخضار ) الى ماحواليه من ازقة عتيقة باسماء.. اشورية وعثمانية واخرى كردية وعربية و كانت سوق لعرب اقحاح .. فالمنادين هناك يصرخون لبيع خيار قثاء وبطيخ ملكي ومعدنوس اخضر .. الا ان ماكان يطلق عليه ( الربل ) في بغداد كان ماينطلق وراء جياد او بغال مجتهدة من كابينات جلدية مسقفة تحملها عجلتان حديديتان قويتان , وكانت تعرف ب( العربانة ) !

( - وين نوصلك ؟
- الى باب لكش ( وذلك باب اشوري / موصلي ) ! ) .

.. ضحكت طبعا لأن تشبيه من دلني الى ( صبيحة ) في جلسة محادثة طويلة كان ( جاسم خوار) وكان عند حديثه عن ابنة خالته ( صبيحة ) قد قال لي :-

- اني احجي الصدك من اسكر, اسطة بولص ! .. صدقني .. (ابو صبيحة) واحد , ابن قحبة .. صدقني هي تبيع سمج يشبه عيورة اليهود! .. ابن القحبة ( صلال ) ماادخي امنين يجيبها ، حيف .. حيف هو ابوها !

.. لم يخبرني ( جاسم خوار ) بان ابن خالته ( صبيحة ) التي تبيع السمك تحت فئ شجرة التوت المتدلي ليسقط ظلالها على سمكها الزوري المتفسخ الذي لايشتريه احد ما ، بانها فتاة عمياء تبيع سمك لايشتريه المارة بمحافظهم الهزيلة .

كنت على موعد مع عاشق للموسيقى يعمل كسائق تاكسي قد خطفني من ذلك المكان وكان يحدثني عن رايه الحميم والعميق حول الحان ( زيادالرحباني ) لأمه فيروز وكان يقود السيارة مسرعا مثل (الطلقة) وكما طلبت منه تماما, وكان بالدقة المتناهية يبادلني الأنتباه والمراة والطريق الى معامل الحلان حيث حياتنا ورزقنا من وراء كتل رخام كبيرة تتحول تحت اصابعنا وبقساوة النحت على صخور ( سنجار ) الى تحف شعبية لتزيين القبور ! ..

- اسطة بولص ، بالله عليك اسمع وشوف توظيف (الساكس) من قبل زياد لما يرافق في الحانه لأمنا جميعا ( فيروز ) !!

.. كنت شديدا في لهجة الحديث الى ابن خالة بائعة السمك وانا اطبق الباب وراء تاكسي تنبعث من مسجله اخر نغمات ( كيفك انتا ، ملا انتا ! )

وتوجهت كالثور الهائج نحو ياقة ابن خالة صبيحة شددته منها لكانه هدف اكيد لمخدوع :-

- ابن خالتك ؟ ابن خالتك لاتبيع سمكا في باب الجديد ..!
رفعت حجارة مربعة كان عليها نقشة فطرية وضعتها في فكه وانا تحت وطاة احساس رهيب بانني مخدوع تماما..

- كل هذي الأيام وانت ياجاسم تستدين مني وتسحب فلوس باسم صبيحة .. ؟ وصبيحة في باب الجديد .. تبيع ولاتبيع ؟ وين الفلوس ؟ وين اتروح ياجاسم .. ؟!

- شيل الحجارة من حلكي اسطة ، شيلها الله يخليك ..

.. كنت قد فعلت ماقاله ابن خالتها ( بياعة عيورة اليهود) مثلما ظنه سمكا ابن خالتها الشهم الذي سحب مني مبالغ لصالحها مستغلا طيبتي ، طبعا كنت في لحظة غليان وانا اود لكمه بشدة ، وكنت انتظر منه تسامحا ، ان يقول لي :-

- اسطة بولص .. اخي ، نحجي بالبار بالتفصيل ووونتفاهم هناك ..!

هو لم يقل ذلك .. بل انا الذي غادر ملكوما مزرق العين , وهكذا حصل غيابي عنهم ليومين قضيتهما في اجازة تمثلت بالوقوف قريبا من بائعة السمك ( صبيحة ) !

.. عيناها بياض مفتوح على حليب الملائكة .. صوتها وكانها تنادي اوطا من صوت السمكة وكانت تريد بيع سمك كانت تهدهده نغما عاليا..

.. - سمج سمج .. سسسسسمج مثل الشموع ..س شموع شموع .. !!

لااحد يشتري . بل يضحك وهو يسترق النظر الى شموع صبيحة السمكية.

نصفا نهار وانا اتتبع تلك الدراما الهندية !

..
عدت الى عملي بعد ان ملأت جوفي بصحن ( باجة) صباحا ..

عند طبق باب التاكسي ثانية على اخر وصلة غنائية لفيروز ..



كان ابن خالة صبيحة .. لكانه بانتظاري بين صخور ورشتي !

.. حاولت تجاهله وانا قانع تماما لمسامحته على لكمي بقساوة ازرقاق فضائحي ، اثاره على وجهي. وانا افكر لنفسي بانني من اجل قواد مثل ابن خالة صبيحة , غباء مني حتى مساعدته في شرب البيرة ! وقلت .-

- ها ابن الحجية ؟ ما سويتها الا ويا ابن نعمتية ؟ !!

- لا .. لا حاشاك اسطة بولص ..

- اكيد راح نتفاهم بالبار هههههه ؟!

.. اقبل ابن خالة ( بائعة السمك) لتقبيل يدي التي سحبتها مستحيا واثنيتها خلف ظهري .. كنت قد حضرت (لكمة) دسمة الى وجهه !

- لابار ولا هم يحزنون . ابني احجي الصراحة ؟ ياابن الكحبة !

- اسطة؟.. الصراحة مو يمنا ..

.. الصراحة عند زوجتي , صبيحة !



#بولس_ادم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المتمدن .. وزارة ثقافتنا .
- خريف البطا ركة ال ,,جدد .. !
- قصتان قصيرتان جدا
- قصة القرش الصغير ..
- الطعنة الغامضة
- الضبع
- انشطار
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت !..(15)
- 6 كلمات ( قصص سريعة جدا )
- عازفة الفلوت
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت ! .. ( 14 )
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت .. ( 13 )
- ست كلمات اخرى ( قصص قصيرة جدا )
- اسماك ( فؤاد مرزا ) التي طارت ..(12)
- سامي العامري يستعرض كابته تاسفا على موتنا !
- ست كلمات فقط ( قصص قصيرة جدا )
- ورقة ( محمود الريماوي ) الصفراء حول ( سركون بولص ) !
- حوار مع مؤلف الكتاب الوحيد عن الشاعر الراحل ( سركون بولص ) و ...
- خزي وعار .. سري ومستعجل !
- سركون بولص ( شيء ضائع بين التقاطيع ) ( 1 )


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بولس ادم - بائعة السمك