أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - وسام سعادة - الماركسية كتاب مفتوح ضد الممانعة














المزيد.....

الماركسية كتاب مفتوح ضد الممانعة


وسام سعادة

الحوار المتمدن-العدد: 2119 - 2007 / 12 / 4 - 11:32
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


عجيب أمر الفرع «العلماني» من كشافة الممانعة. عنينا به الفرع الذي ما عاد يتميز عن الفرع الجدي أو الأصولي للممانعة، الا من حيث ايثاره معاقرة الخمرة أو التميّز في الزيّ أو اعتماد معايير مقلوبة للحلال والحرام في «الحياة الشخصية». وربما كان الصياح الكلامي المتزايد للفرع «العلماني» من كشافة الممانعة من قبيل «الكفارة» التي يؤدّيها رفعاً للحرج. صحيح أن غاية هذه «الكفارة» تلميع صورة الفرع «الغيبي» من دائرة الممانعة، الا أن مؤدى «الكفارة» نفسه يبيّن أن الفرع «العلماني» من هذه الدائرة هو أحوج ما يكون الى تلميع صورته هو. ولأجل ذلك لن يكفي التمايز الطيفي لهذا الفرع عن شقيقه الأصولي الأكبر، الذي بالكاد يعترف به، لأن هذا التمايز الطيفي يساق إما من فرط الضجر وإما على سبيل تقديم النصح للشقيق الأصولي الأكبر الذي لا ينتظر نصحاً الا من السماء، وإما لأجل طلب الاحتضان واستدرار العاطفة وربما الشفاعة، في هذه الدار وفي الآخرة.

يتشدّق هذا الرهط «العلماني» من الممانعة بجمل يساروية يراد منها تصوير الحركات الجهادية على أنها حركات تحرّر وطني متمّمة لشروطها، أو تصوير الرفض البدائي لاقتصادات السوق وثقافة السوق الاستهلاكية على أنه شكل من أشكال النضال الطبقي التقدّمي.

كل ذلك يقدم عليه هذا الرهط بسبب من قلّة حظّه في قراءة موزونة وسياقية للتراث الماركسي. فأوّل ما يحاول قراءة هذا التراث يأنف من طابعه «المركزي الأوروبي»، وإذ يتابع القراءة فعلى أساس التبرؤ من هذا الطابع، وقد فاته أن هذه «المركزية الأوروبية» هي مركز الثقل في الفكر الماركسي، لا سقطة أقدم عليها رواد هذا الفكر الكلاسيكيون نظراً لجهلهم بالحضارات الأخرى. وبالاستطراد هنا يمكن الملاحظة أن أغلب ناقدي الاستشراق الغربي، بصرف النظر عن تفاوتهم في هذا الأمر، هم أقل دراية بالمستشرقين الغربيين أنفسهم، بأسس ومزايا الثقافات التي من خارج القيد الغربي.

لم يشيّد التراث الماركسي عمارته على أساس التخلي عن الحداثة الغربية، أو لأجل تخلي هذه الحداثة عن قبلتها الغربية. انه تراث بني لأجل أن يصير الغرب هو كل العالم، بدلاً من أن يصير اقليماً يخضع له العالم الآخر. لكنه لأجل ذلك، تراث تنبه منذ البدء لضرورة الجمع بين محاربة ما يتهدّد هذه الحداثة من داخلها، وما يتربّص لها من خارجها. وهو تراث يستمد مشروعيته من التأليف بين أفضل ما انتجته ألمانيا (الفلسفة المثالية) وفرنسا (السياسة كمصنع لليوتوبيا) وبريطانيا (الاقتصاد السياسي)، ومن دون أن يكون الباب مفتوحاً لأي مكوّن رابع، سلافي أو آسيوي. المكونات الأخرى هي للتذوّق الجمالي أو الأخلاقي وليس للانصهار في البراكسيس التأليفي بين المصادر الألمانية والفرنسية والانكليزية للحداثة. ان أي اقحام لمكوّن رابع في هذه العمارة سيجلب وابلا من الشطحات العدمية والصوفية، وضروبا من مشايعة الاستبداد الآسيوي.

بهذا المعنى، تكون الماركسية رأس حربة للحداثة الغربية ضد كل همجية من الداخل أو الخارج، ولأجل ذلك فقط كان بالامكان التعويل على انتشار الماركسية خارج الدائرة الغربية. وهنا يمكن لحظ الفارق بين اسهامين. ثمة من جهة، الاسهام الروسي في اغناء التراث الماركسي الكلاسيكي مع بليخانوف ولوناتشارسكي ولينين (خصوصاً لينين الشاب في كتابيه «تطور الرأسمالية في روسيا» و«من هم أصدقاء الشعب»، اذ يقدم فيهما دليل شرح وعمل لعملية نقض مدرسة الممانعة الشعبوية عندنا). هذا الاسهام وضع نفسه تحت سقف «المصادر المكونة الثلاثة» الغربية المحض، والحصرية. أسس عليها، من دون زغل بزيادة مصدر ثالث، من نوع «المسيحانية الروحية» السلافية. ثمة من جهة أخرى، اسهامات آسيا وأميركا اللاتينية التي يمكن القول الآن في نظرة اجمالية إنها كانت في نهاية الأمر بلا فائدة جمّة، خصوصاً حين حاولت أن تقحم مصدرا رابعاً، كونفوشياً أو يهومسيحياً أو اسلامياً.

ليس يعني ذلك أن الماركسية تبقى نظاماً مقفلاً. لكن فتحاتها الثلاث تجد ضالتها في مصادرها المكوّنة الثلاثة. فبالاحالة الى المثالية الألمانية واليوتوبيا الفرنسية والاقتصاد السياسي البريطاني، يمكن للماركسية أن تتفاعل دون تخليط أو تدليس مع الأضلع الفكرية الأخرى في الحداثة الغربية، لا سيما مع الفكر الليبرالي، خصوصاً أن في هذا التفاعل ضمانة للتراث الماركسي بأن لا ينسى «المركزية الأوروبية» وهو يتمدّد بعيداً عن القارة الأم للحداثة، وبأن لا ينساق وراء مواقع الاستبداد الشرقية.

الماركسية هي المركزية الأوروبية بكل ما للكلمة من معنى. الى حد كبير يمكن مقارنة ما قام به ماركس وانجلز وكاوتسكي من توحيد بين مكونات أوروبية قارية وأخرى انغلوساكسونية، بما هو مطروح على جدول الفلسفة منذ عقود، من تأليف بين تقليدي «الفلسفة القارية»، المشغولة بثنائية الفكر والوجود وبين «الفلسفة التحليلية» الانغلوساكسونية، المشغولة بثنائية الرمز والمعنى. بل ندّعي أنه يمكن التأسيس على هكذا تشبيه لاعادة قراءة الفكر الماركسي بشكل عصري، مع الحفاظ على كلاسيته، التي ان تسقط سقط، شكلاً ومضموناً، وأضحى عملة سائبة لأولئك الممانعين، الذين يردّدون في النهاية أفكار الأصوليين، من أن الغرب أفلــس وحضـارته استهلاكية وجيوشه جبانة.



#وسام_سعادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كذبتان: النظام الأمني والطبقة السياسية
- الحزب الشيوعي العراقي في ذكرى تأسيسه
- في مئوية كتاب لينين: ((ما العمل؟)) طوني نيغري وسؤال السلطة ا ...
- رفض للخدمة العسكرية أم رفض للخدمة في الضفة؟ شباب يأبون ارتدا ...
- بعد هزيمة اليسار في الانتخابات الرئاسية الفرنسية , هل تفرض ...
- النقابية المستقيلة والنقابية المستقلة
- فصول الحوار... والفصل!


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - وسام سعادة - الماركسية كتاب مفتوح ضد الممانعة