أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - في شريطه القصير - البغدادي - لميثم رضا: عراقي وبريطانية يتقاسمان دور البطولة الصامتة














المزيد.....

في شريطه القصير - البغدادي - لميثم رضا: عراقي وبريطانية يتقاسمان دور البطولة الصامتة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2117 - 2007 / 12 / 2 - 10:06
المحور: الادب والفن
    


على رغمٍ من سنوات المنفى الطوال لا يزال المخرج العراقي ميثم رضا، المقيم في لندن، منغمساً بالهَّم العراقي، بل أن كل أفلامة الروائية القصيرة تتخذ من العراق موضوعة لها. ويبدو أن إشتغاله سيتركز على الحافة الحرجة التي يلتقي عندها أبطاله في منتصف المسافة الفاصلة بين لندن وبغداد. فأبطاله إما هاربون من بغداد أو عائدون إليها من لندن بعد غياب طويل. يتناول الفيلم الروائي القصير " البغدادي "، مناط بحثنا ودراستنا، موضوع الهروب من بغداد بطريقة معبّرة تخلو من التظلّم والتشكي والبكائيات، فقمع النظام الدكتاتوري السابق بات معروفاً للجميع، ولا يحتاج الى أدلة وبراهين لتبرير هذه الفكرة التي ترسخت في الذاكرة الجمعية للعالم. وحتى لو لم تكن هذه الأم المشرّدة أو المهزومة على الأصح، متذمرة من ظلم الدكتاتور وإستبداده، فإنها تنشد الخلاص الفردي لها ولإبنها الوحيد، وهذا حق إنساني مشروع تكفله القوانين الأرضية والسماوية. لا أثر للأب في الفيلم الأمر الذي يدفع بذهن المتلقي الى تخيل النهاية المأساوية الفاجعة التي واجهت الأب، ودفعت الأم للنجاه بجلدها، وحماية صغيرها الأوحد من المفاجآت المرعبة التي تنتظر الجميع. تدور قصة الفيلم على حكاية بسيطة، لكنها عميقة ومؤثرة ويتكرر حدوثها على الدوام طالما أن هناك إستبداداً يدفع الى الهجرة القسرية. ففي الظروف الطبيعية ربما يتهيأ المسافر أو المهاجر بالمعرفة الأولية للغة البلد الجديد، لا أن يأتي إليها خالي الوفاض كما هو حال الطفل الصغير علي وأمه المحجبة التي سيُصبح حجابها موضوعاً للتندر من قبل التلاميذ البريطانيين الصغار. ففكرة الفيلم الأساسية هي الحاجز اللغوي الذي سينتصب أمام علي، هذا الطفل الصغير، وأمه التي تلوذ هي الأخرى بصمتها الذي يكشف عن عجزها في التواصل مع الآخرين، فهي تأتي بإبنها الى المدرسة وتغادرها مثل صمّاء خرساء لا ترد على تحرّشات الأطفال البريطانيين الذين يقلدون حجابها حينما يسحبون أعناق كِنزاتهم ويغطون بها رؤوسهم. أما علي الذي يبدو عليه النكوص والتراجع في بعض المواقف التي يتعرض فيها الى التهكم والسخرية من قبل أقرانه البريطانيين فإنه لا يفعل هو الآخر شيئاً سوى الهروب من المواجهة لأنه لا يُحسن الكلام باللغة الإنكليزية، كما يبدو عليه الإنكسار لإحساسه الداخلي بأنه طارئ على البلد، ومهمَّش فيه شأن كل القادمين من البلدان البعيدة الذين نفتهم حكوماتهم، أو إضطرهم الوضع الأمني والإقتصادي الى اللجوء الى الغرب الأوروبي الذي يوفر للإنسان الحرية والأمان ومقومات العيش الكريم. وبمقابل هذه السخرية المرة من قبل التلاميذ نكتشف الوجه الناصع للإنسانية من خلال الممثلة البريطانية الصغيرة كمبيرليا بيرغ " مواليد 8 سبتمبر 1997 " وهي للمناسبة ممثلة معروفة في بريطانيا من خلال صوت " داربي " في المسلسلة الكارتونية المشهورة " أصدقائي تيغِر وبو ". وقد جسدّت هذه الطفلة الممثلة دورها بإتقان تُحسد عليه. فهي مُحبة للطفل العراقي علي، ومندمجة في عالمه بصمت يشبه صمته اللغوي. وهما يتواصلان عبر لغة سرية عميقة يدركها الصغار، ولا نُحسنها نحن الكبار. كانت تلعب معه كلما توفر لديها بعض الوقت، وتجاذبه أطراف الحديث الصامت، وتفهم ماذا يريد أن يقول. فحينما يُخرج صورة جدته الطاعنة في السن يعطيها الى كامبيرليا التي تتأملها بعمق بينما نسمع صوت علي وهو يتذكر كلامها عن لندن، والغربة التي يعانيها المهاجر، وإمكانية دخوله الجنة إذا ما سار على الطريق الصحيح. ثم يعطيها علي حَبّة حلوى لم ترها من قبل، ولم تعتد عليها فتضعها في فمها بعد أن تراه هو يضعها في فمه. وفي ظل هذا اللاتواصل، أو العالم الصامت، يكتشف علي بحدسه الداخلي الدقيق أنه قادر على إثارة إهتمام التلاميذ البريطانيين ولفت إنتباهم الى قدراته العلمية المخبأة أو التخييلية في الأقل والتي تكشف عن مهارته في صناعة طائرة قوامها بعض الألواح الخشبية والأسلاك المعدنية التي يجمعها في صناديق النفايات، ويطيّرها بواسطة الريموت كونترول وسط دهشة التلاميذ البريطانيين الذين يعجبون بقدرته ومهارته العلمية المبكرة. تجدر الإشارة الى أن المخرج ميثم رضا قد أخرج عام 2005 فيلماً بعنوان " أنساقُ مع الريح " وقد إختار إسم " علي " أيضاً للطفل الذي يعود الى بغداد بعد سقوط النظام السابق. وكلما تقترب لحظة العودة تتشظى ذكريات بعيدة كانت مطمورة في ذهنة تكشف في نهاية المطاف حجم القلق والتوق الى ماضيه وأيامه التي بدت نائية جداً. وربما تكون وصف الروح الحرة القلقة التي إنساقت مع الريح تصويراً دقيقاً للعالم الداخلي لهذا الطفل العائد لحضن الوطن.
هناك ملاحظة جديرة بالإهتمام مفادها أن أفلام ميثم رضا الروائية القصيرة مشذبة، وخالية من الحشو والترهل. وأن منْ يشاهد فيلم " البغدادي " سيكتشف دون عناء كبير أن المخرج متمكن من عمله السينمائي الذي يرتكز على خبرة فنية جعلته ملِّماً بتفاصيل عمله الذي خلا من العيوب التقنية في التصوير والمونتاج والمكساج. بقي أن نشير الى دور موسيقى الفنان أحمد مختار في بناء الفيلم، حيث إنتقى المخرج مقاطع موسيقية مختلفة من سي دي " كلمات " الذي يضم سبع قطع موسيقية وهي على التوالي " كلمات، مقام بنجكاه، نوروز، بداية حب، مقام أوج، ورثاء النخيل " والتي منحت الفيلم قوة إضافية عززت الشجن الذي تتوفر عليه قصة الفيلم أصلاً. وفي الختام لا بد من الإشارة الى أن فيلمه المعنون بـ " أصوات الصمت " قد عُرض في مهرجان " كان " السينمائي العالمي عام 1999. وهو منهمك حالياً بإنجاز بعض الأفلام القصيرة التي تتعلق بالإثنيات العرقية، والهجرة، وبناء الجسور بين الثقافتين العربية والبريطانية.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الأداء التعبيري لنيكول كدمان في - الموت من أجل . . ...
- حدود الفنتزة في فيلم - لص بغداد -
- المخرج رونالد إيميريش يوحِّد قوى الأرض ضد طواغيت السماء
- المخرج الأمريكي ويْس كرافِن يستوحي - موسيقى القلب - من - عجا ...
- أمجد ناصر وشروط الإستجابة لقصيدة النثر الأوروبية الخالصة
- - غصن مطعّم بشجرة غريبة - مختبر للمقارنة بين ثقافتين وبيئتين
- آن إنرايت . . . ثالث روائية آيرلندية تختطف جائزة البوكر للرو ...
- بيكاسو الرسام الأكثر عرضة للسرقة في العالم
- في معرض كاووش الأخير: نساء فاتنات، وكائنات مُجنَّحة، وأُغنيا ...
- ظلال الليل لناصر بختي: جنيف تُقصي المهاجرين، وتنفي أبناءَها ...
- في مسرحية - ديمقراطية ونص - لأحلام عرب: الرئيس آخر مَنْ يعلم ...
- بعيداً عن بغداد كتاب جديد للفوتوغراف العراقي قتيبة الجنابي
- الفنان جمال بغدادي: أشبِّه الأصوات الجميلة بالورود، ولكل ورد ...
- الفنان جمال بغدادي: أشبِّه الأصوات الجميلة بالورود
- الروائي برهان الخطيب ل - الحوار المتمدن -: لم أخرج بعيدا عن ...
- الدورة السابعة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام
- في - عرس الذيب - لجيلاني السعدني: تنجو الذئاب القوية، فيما ت ...
- المخرج هادي ماهود في فيلمه الجديد ليالي هبوط الغجر
- بيت من لحم فيلم جريء لرامي عبد الجبار ينتهك المحرّم والمحجوب ...
- فيلم - 300 - للمخرج الأمريكي زاك سنايدر


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - في شريطه القصير - البغدادي - لميثم رضا: عراقي وبريطانية يتقاسمان دور البطولة الصامتة