أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وائل نوارة - بردية: رسالة من الأم














المزيد.....

بردية: رسالة من الأم


وائل نوارة

الحوار المتمدن-العدد: 2119 - 2007 / 12 / 4 - 08:09
المحور: الادب والفن
    


حديث الأم
بردية

أنا مصر، أمك، فانهض واستمع. قلبي غاضب عليك وغضبي سيأكل قلبك إن لم تفعل ما يجب. إني أنظر إلى العالم الذي يحيط بك وأشعر بالخطر. روح سخمت اقتربت من الأرض لتهيم قلقة فوق البحار والأنهار والفيافي. لقد نسيت الطرق القديمة التي إياك علمت، ولم تتعلم أي شيء جديد له فائدة. لقد منحني الله سر الحياة، وهو مخبوء في أرضي إلى يوم الدين، لا يستطيع أحد أن يستخرجه. فقط لمن يؤمن بالخالق ويحرث الأرض ويرمي البذور ويعطي الفقير، سوف يجيء الفيضان فيخرج الزرع وفيراً لكل من يحتاج. سري لن يفهمه المغرور الذي يتباهى بالوفرة والراحة والتخمة ويستسلم للشبق. لن يستطيع الجشع أن يستخرج أسراري ليعبأها في قنائن معدنية. لقد تعلمت الحكمة عبر آلاف السنين ولا تصدق من يقول أنه يستطيع أن يحتال على الزمن أو يخدع الأرض. لابد أن تعمل بهمة عالية حتى يعرف البشر من كل أمة قدري ويستمعوا لأحاديثي ففيها نجاتهم. إن لم تفعل هلكت وهلكوا معك أو بعدك بقليل.

تشكو من الفاقة وتسألني "لماذا أنا فقير؟" وأنت لم تخرج تبحث عن الرزق بعزة، بل اكتفيت بالجلوس تحت قدمي الوالي تنتظر فتات خبزه في مذلة. تشكو من الظلم وأنت تجور على جارك، وتشهد بالزور إكراماً للقوي، وتصنع التماثيل لتمجد المفسدين. تشكو من التيه وأنت تخشى من الحفر لا تكاد عيناك تفارق الأرض. تشكو من الغزاة الأجانب الظالمين، وأنت لم تعلم أبناءك فنون القتال بل تحايلت ألا يخدموا في الجيوش لأنك رغبت أن يعيشوا في دعة.

دولتك سوف تسقط يا كل من حاربت الماهر والمتقن والموهوب ومنعته أن يتبوأ مكانه الذي يستحق ولو كان كرسيك الذي تجلس عليه الآن. ملكك سوف يزول يا من عاقبت العامل وسجنت الطيب ووصمت الأبرياء. لديك ملايين الجواهر التي أودعتها مملكتك وأقمتك عليها حام. الآن تشكو من زيادة النسل وكثرتهم لك ثروة. كل جوهرة تأتي بالخير الوافر لمن يرفعها أو تجرح أقدام من يمشي فوقها. الخرس لا ينشدون والأقزام لا يشيدون المسلات العظيمة. العبيد لن ينصروك على كثرتهم وإن أقسموا على الطاعة والولاء. فقط الأحرار يمكن أن تقودهم إلى النصر دون أن ينكصوا على أعقابهم فيخذلوك. فقط اللئيم يخشى من أعوانه الشجعان. لا تضعف إخوتك الأقوياء ظناً أن هذا يحميك. لا يحميك إلا أن يكون لك إخوة أقوياء. أطلق طاقاتهم تجدهم معك في كل ميدان فتنتصر. لا تدع جنودك يعيثون في الأرض فساداً ويجورون على أولادي. معسكرات الجنود خارج المدينة ورزقهم يأتيهم من أهلهم المزارعين طواعية. لا تدع عمالك يتكبرون على أولادي ويرهقونهم بالصكوك والأختام.

أنا أعطيك ما يكفيك فلا تأخذ ما هو ليس لك. لا تأخذ جل المحصول من الفلاح الفقير بدعوى تدعيم الجيوش. العامل لن يعمل إن لم ير ثمرة عرقه. لا تعط عمالك أقل مما يستحقون حتى لا يستحلوا أموال الدولة التي أنت عليها راع. اسمع للصغير والكبير واعمل بأفضل ما تسمع مهما كان مصدره. أجزل في العطاء لصاحب كل رأي تستحسنه. إن تنكر فضل الناصح لن يتردد على مجلسك سوى السفهاء ويخلو رأسك من الأفكار الملهمة. لا ينقص من قدر الحكيم أن يعترف بالخطأ ويرجع عنه. من يركبنه العناد والصلف عن أن يقول أنا أخطأت يغوص في الأوحال حتى قمة رأسه. إن تصم أذنيك عن شكوى المظلوم يثقل قلبك بالخطايا ويأتيك صراخه يفزع نومك. أنت وجنودك تتقاضون معاشكم مقابل خدمة أولادي وحمايتهم. إذا انقلبت الآية وصار أولادي عبيداً لدولتكم زال ملككم ولو بعد حين. خذ عبرة ممن ذهب من قبلك وهو في وسط جنوده.

إن ترغب في الاستفادة من الكنز أنا أدلك على مكانه. في قلب كل واحد من أولادي وفي ساعديه وفي رأسه. إذا جعلت قلبه حزيناً، وقيدت ذراعيه بالسلاسل، ووطأت رأسه بحذائك، فلا تشكو من الفاقة وسوء المآل.

تم اكتشاف هذه البردية منذ حوالي 85 عاماً، ولم تكتمل أولى محاولات ترجمتها التي بدأت منذ ما يقرب من نصف قرن، وعادت للمخازن إلى أن تمت ترجمة هذه النصوص منها بناءً على أدلة علمية جديدة !!

وائل نوارة
[email protected]



#وائل_نوارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضد الدولة الإله 2: إعلان حرب على الهوية المصرية
- الإصلاح من وجهة نظر عبد الناصر
- ضد الدولة الإله


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وائل نوارة - بردية: رسالة من الأم