|
خبز وخمر 4 - 6 للشاعر الألماني فريدريش هولدرلين
بهجت عباس
الحوار المتمدن-العدد: 2115 - 2007 / 11 / 30 - 09:24
المحور:
الادب والفن
ترجمة بهجت عباس 4 يا أرضَ اليونان السَّعيدة ! يا بيت الربّانيين أجمعين ، أصحيحٌ ما سمعنـاه مرّةً في أيّـام شبابنـا ؟ صالة الاحتفـال ! أرضيّـتُها بحرٌ ، وموائدُها الجبال ! أحقـاً بُنِـيَتْ لغرض فريد قبل زمن سحيق ! ولكنْ أين العروش ُ ؟ المحـاريبُ ، الجِّـرارُ ، حيث مُلـئَتْ بالرحيق لِمُـتعـةِ الآلهـة ، الأغاني ؟ أينَ ، أينَ إذاً تُنـيرُ الحِـكَـمُ المؤثِّـرةُ من بعيد ؟ دلفي* تنام ، فأين يرنّ القدر العظيم ؟ أين المبادرة السّريعة ؟ والسّعد الممتلئ المنتشر ، أين يتكسّر ، راعداً ساقطاً من السّماء الصّاحية على العيون ؟ الأب أثير ! صرخ أحدهم فانطلق من لسان إلى لسان ألفَ مرة ، لا أحدَ يقدر أن يتحملّ عبءَ الحياة وحده ؛ يُوزّعُ ، يُفرِحُ مِثـلُ هذا العطاءِ وعندما يُقايَضُ ، مع الغرباء ، يصير ابتهاجاً ، تنمو الكلمة قوّة عندما تكون نائمة أبي ! ابتهاجٌ ! الرمزُ القديم ، موروثاً من الآباء ، يرنّ ، إلى أيّـةِ مسافةٍ يصلُ ، مصيباً هدفَـه ، خلاّقـاً . وكذا يدخل الربّانيون ، يهزّون الأسسَ العميقة ، لذا من الظّلِّ من تحتُ يأتي إلى البشر نهارُهم . ======================================== * مدينة يونانية تقع في الجنوب الغربي من جبل بارناسوس . وفي الميثولجيا كانت موقع تعبّد أبولو .
5 من غير أنْ يُشعَـرَ بهم يأتون أولاً ، والأطفالُ وحدَهم يَسعَـوْنَ نحوَهم بطموح ، يأتي السّعدُ مُضيئاً جدّاً ، باهراً جدّاً ، ولذا يتخوّف الإنسان ، ونادراً أنْ يعرفَ نصفُ إلـهٍ مَن همْ هؤلاء بأسمائهم ، الذين توصّلوا إليه بالعطايا . ولكنَّ جرأتَهم عظيمة ، فرحتُهم ملأتْ القلبَ منه ، ونادراً أنْ يعرفَ ماذا يفعل بهذا العطاء ، يصنع ، يبدّد ، ويكاد ما كان غيرَ مقدَّس لديه يُصبح مقدّساً ، ما لمس بيده المباركة حماقةً وحناناً . هذا ما يستطيع أنْ يتحمّله الربّـانيّون ؛ ولكنْ في الحقيقة يأتون بأنفسهم ، ويصبح الناس معتادين على المسرّة وعلى النّهـار وتتجلّى لهم الرؤية ، وجوههم التي منْ زمن قديم ، سُمِّيتْ كلّها مرّة وإلى الأبد ، عميقٌ هو الصدرُ الصّامتُ الذي مُـلِـئَ بالاكتفاء الحُـرّ ، وأوّلاً ولوحده يُلـبّي كلَّ رغبـةٍ؛ وكذا الإنسان ؛ عندما يكون الخيرُ هناك ، وإلـهٌ له يمنحه العطـايا ، فلنْ يُـدركَ شيئاً ولنْ يرى . يجبُ أنْ يتعوّدَ عليه أولاً ؛ وأنْ يسمّيَ أحبَّ شيء لديْـه ، الآنَ ، الآن لأجْـل ذلك يجب أنْ تتولدَ كلماتٌ ، مثلُ أزهـارٍ .
6 والآن يفكّـر بجـدّ أن يُبجِّـل الآلهةَ المُبارِكةَ ، حقاً وبعَـهْـدٍ يجب أنْ يُعلنَ الجميـعُ ثنـاءَهم . يجب ألاّ يرى النّورَ أيُّ شيء لا يُعجِبُ العِِلّـيّـينَ ، محاولةُ عملٍ باطل وكسول ليستْ مقبولة ًللأثير . لذا لِـتـكونَ مُحترَمـةً أمامَ الربّانيّـين ، تنتصب الشعوبُ في طبقات رائعة متنافسةً وتُُشيِّد المعـابدَ والمدنَ الجميلةَ بعـزمٍ ونُـبـلٍ عالياً فوق السّواحل – ولكنْ أيـنهم ؟ أين أزهرتْ هذه المدن المعروفة ، تيجانُ المهرجان ؟ ثيبـه ذبلت وأثينا ؛ ألا يجلجل السلاح بعد هذا في اوليمبيـا ، لا العربةُ الذهبيّـة للعبة الكفاح ، ولا أكاليلَ تُزيِّن سفنَ كورينث* أبداً ؟ لماذا تصمت أيضاً المسارح المقدسة القديمة الآنَ ؟ لماذا لا يبتهج الرقصُ المقدَّس ُ؟ لماذا لا يَبصِمُ الربُّ ، كالعادة ،على جبهة الإنسان بعد هذا يدمغ الختمَ على من صُعِقَ بالبَـرق ؟ أو ربّما يأتي بنفسه أيضاً ويفترض شكلَ الإنسان ويُكمله ، ويُـنهي الاحتفالَ السّماويَّ مواسيـاً . ============================= * Korinth أو Corinth مدينة في اليونان وفي كورينث القديمة يوجد معبد أبولو.
#بهجت_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خبز وخمر 1 - 3 للشاعر الألماني فريدريش هولدرلين
-
البحيرة - للشاعر الفرنسي لامرتين ( 1790-1869) - ترجمة بهجت ع
...
-
هلاك سنحاريب - لورد بايرون (1788-1824)
-
طموح حفاة الثقافة
-
المقامة الثقافية
-
إلى هولدرلين - للشاعر الألماني راينر ماريا ريلكه
-
الجينات والعنف والأمراض
-
الروبوت وجراحة البروستاتة
-
أوراق الخريف - للشاعر الفرنسي جاك بريفير
-
من سونيتات إلى أورفيوس - راينر ماريا ريلكه
-
عندما يُصبح الجميع غير أوفياء
-
استئصال البروستات بواسطة الإنسان الآلي
-
خماسيّات
-
هل يستطيع العقل تفسير ما يحدث داخل خلية الإنسان ؟
-
ترتيلة محمد - لشاعر ألمانيا الكبير غوته
-
العصر البرونزي* – لورد بايرون - 1788 - 1824
-
قطرس الخليج - سونيته
-
الحوار المتمدن في عامه الخامس
-
المرثية الخامسة - راينر ماريا ريلكه
-
ريلكه باللغة العربية
المزيد.....
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب
...
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
-
السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
-
فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف
...
-
بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ
...
-
مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|