أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - قصص سوداء















المزيد.....

قصص سوداء


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2115 - 2007 / 11 / 30 - 08:55
المحور: الادب والفن
    


- 1 - العميان والبصير
قادنا الأعمى إلى البحر، وقبل أن نطأ الماء سأل :
- ماذا ترون؟
- الأزرق يدفع أمواجه بثقــةِ.
ابتسم على خبث قديم وراوغ :
- اغمضوا عيونكم ترون ما أرى .
امتثلنا ، فأدركونا من شدوا العصبات السوداء على عيوننا، وعشنا عتمات تلمع في العتمة.. قال الأعمــى:
- اضرعــوا واستجدوا البحر الرحمــة.
خشعنا، وفردنا أكف الأيدي، فنزل عليها ماء دافئ، رُفعت العصبات .. سأل الأعمى :
- ماذا غنمتم؟
- حفنة من ماء دافئ .
قهقه الأعمى، فيما أخذ البحر يلملم مويجاته ويفر بعيداً، وأصبح الشاطئ خالياً إلا منّا ، ومن طفل يرش ما تبقى من ماء مثانته على الرمال..
عدونا نطارد البحر لغسل أيدينا، لكنه توارى..
بكى الأعمى وحذر بصرامــة :
- لا تتبعونــي .
وحمد الله على عتمته الدائمــة.

- 2 - هنـد رسـتم

على زماننا كانت هند رستم ممثلة الإغراء، ونموذجاً لبنات الليل صائدات الرجال، كانت شقراء شهية، لكن طفلي الذي يستهجن ولعي بالأفلام القديمة لم يألف هند رستم، يمد لسانه كلما ظهرت على شاشة التليفزيون، وبقيت على هوايتي, وتقلبت أيام عمري الذي انفرط.. حتى إذا أصبح الليل والبحر لنا، أخذت أصطحبه معي إلى البحر الذي لم أطأ شاطئه ليلاً لثلاثة عقود فرطت.. في البداية لعب وغطس في الماء، وعندما انتشرت الأضواء وزحف الصخب لاحظت عزوفه عن مخالطة الناس والنساء على وجه الخصوص، وفي البيت يفر بعيداً كلما لاحت هند رستم على الشاشة الصغيرة، ومع مرور الأيام تراجعت هوايته المفضلة في رصد أخبار السيارات والتعرف على أنواعها وموديلاتها, واقتناء صورها والنشرات والمجلات التي تختص بها.
وفي يوم كنا نراقب الشارع سويّا سألته :
- ما رأيك في تلك السيارة الحديثة؟0
كان طابور السيارات طويلاً يزحف ببطء على الإسفلت، وثمة سيارة حديثة تعلن عن نفسها, قال:
- أي سيارة تقصد؟
- الحمراء ذات الرقم الخاص التي تقودها السيدة الشقراء
رد حانقاً متسائلاً :
- تقصد التي تقودها هند رستم؟
لذت بالصمت، وأخذت أقلب في أمر السيارات الحديثة ذات الأرقام الخاصة والعامة أيضاً, التي تقودها نساء صبغن شعورهن ليصبحن شقراوات .

- 3 - أرنـوب متحفــز

أدركت الانتفاضة طفلي جنيناً، فتعود على الغاز المسيّل للدموع قبل أن يتعود على حليب أمه ، واستعجل الخروج ابن سبعة أشهر، واستقبل الدنيا نزقاً.
وعندما درج على عتبات عامه الخامس، وجد أبواب الروضة موصدة، فارتدى بدلته الكاكية المرقطة، وملأ حقيبته الطفلة التي هي على صورة أرنوب متحفز بالحجارة، وتعرف على الأزقة والحواري، وأدمن لعبة المطاردة، ونصّب من نفسه ضابطاً يقود السرايا ويمتلك المبادرة .
وطفلي تنازل عن بدلته ونياشينه لجنود وضابط انتظرهم طويلاً، لاقتناعه بأنهم الأقدر على حمل العدة والعتاد، والمبادرة والمطاردة، وتخلى مؤقتاً عن حقيبة الأرنوب المتحفز، ولم يحزن على طفولة ضاعت، وأكد بثقته المعهودة، ونزقه الموروث أنه بات صبيّا .
والصبي هذه الأيام يهاجس نفسه كلما مرت به ناقلات الجنود وسيارات الشرطة، ويبتلع أسئلته كلما فُرض الطوق الأمني، ويصمت على قرفه لدرجة الغثيان، وقبل أن يتقيأ يفكر مليّاً في إمكانية حرق مرحلة الصبا والعبور بسرعة إلى عنفوان الشباب.. لكن أصابعه تتشنج على زناد الهواء.
- 4 - مناديل ورقية

وخزها برد الصباح، هيج أنفها، فكممته بمنديلها الحريري المعطر، وتوعدت المرافق الذي لم يتفقد وعاء المناديل الورقية في السيارة .
تبلل المنديل من نزف الأغشية المخاطية، وصار دبقاً لزجاً. وعند إشارة المرور الحمراء توقفت، أعطت المنديل لطفل اشترت منه مناديل ورقية .
أضاءت الإشارة الخضراء، فانفلتت بسيارتها بسرعة ولم تنقد الطفل ثمن المحارم..
قدم الطفل لأمه المنديل الحريري ملفوفاً بمنديل ورقي غير معطر، زجرته أمه وألقت المنديل في صندوق القمامة. ولأن الطفل يقضي جل يومه عند الإشارات، ابتهج كثيراً لوجود صندوق للقمامة في بيته "وصندوق القمامة عبارة عن علبة حليب نيدو فارغة كالتي يجمعها من حاويات القمامة في منطقة الرمال, ويلحس على طرف أصبعه دقيق الحليب العالق بين زواياها."
انكمش الصبي في زاويته وغفا لا يفارقه طيف السيدة العجول التي لم تنقده ثمن المحارم وصحا على صوت أمه الغاضب :
- هل تتسول أم تمارس التجارة؟
لم يجب، ولم يسأل نفسه عن عطر السيدة الذي تبخر من خياشيمه منذ دخوله البيت، فقط عطس، وهر سائل أنفه.. ذعرت الأم وخبطت على صدرها الأعجف واحتضنته تعوض ما ذاب من لحمها الغابر:
- هل طالتك العدوى يا ولدي؟!
يتردد في المدينة هذه الأيام، أن شارات المرور توقفت عند المصباح الأحمر، ويرجع المسؤولون الأمر لتقاعس الدول المانحة، أما مرافق السيدة والطفل وعمال النظافة.. فإنهم يقاطعون الراديو والتلفزيون في مواعيد نشرات الأخبار

- 5 - أرجوحــة

كنا بين الأرض والسماء، قال الذي يسمع ولا يرى:
- رأيت سبعاً سماناً يطاردن سبعاً عجافاً.
وقال الذي يرى ولا يسمع:
- سمعت اليوم صهيل من ماتوا في السبع العجاف
وقال الذي لا يرى ولا يسمع :
- حط على نافذتي سرب عصافير.. غردت ورفرفرت تطارد موجة حبلى
فقالت امرأة شقوا رحمها في السبع العجاف:
- بعد أيام أضع طفلاً.
َصرختُ وكنا بين الأرض والسماء:
- أوقفوا الأرجوحة .
لكن عامل الأرجوحة الواقف على الأرض، ظل منهمكاً في عمله حتى نهاية الشوط .
حدث ذلك في مدينة الملاهي، حيث كنا نختلس بعضاً من طفولتنا..

- 6 - جلد الوجه

- ما بال القمر لا يريم؟
صوتٌ أبيض مرّ بي.. الرجال والنساء بيض، والأسرّة والفراش والجدران بيضاء.. احتوتني شفافية بيضاء، أخذتني إلى قرارها، عاد الصوت:
- لِمَ كل هذه القسوة؟
ابتسامته البيضاء تستدرجني
- لِمَ يتسرب الذبول إلى العيون؟
انسقتُ.. فشجعني.. قلت:
- تسلحت بما حباني الله.. تأبطت كتبي، وانطلقت أتزود من العلم علماً.. فسدّ علي البوابة، ونهرني.. تحفزت أسنانه في شق فمه الأسود وصرخ :
- امسحي الأحمر عن خديكّ .
قفزت أسنانه خارج وجهه، داهمني الهلع وغاض صوتي.. رأيت ذكورته.. ديدانٌ سوداء تسعى فيّ.. أعلنت لائذة بربي:
هـذا من صنع ربي..!
وصرخت بأعلى صوتي:
- ليس ذنبي.. أن يشع الله فيّ آياته.
جحظت عيناه.. فتراجعتُ.. هربت، فردني الجدار، حاصرني، واستدعى من تمسح بشرتي، واستنفرت دمي إلى صحن الوجنتين.. وآمنت، فالتهبت أصابعها الشقية وخرت ساجدة .
وقبل أن يتأكد الرجل، أن هبة الله أبهى من كل المساحيق، كانت أسنانه تغادر فمه الذي تحول إلى كهف مظلم.. فرّ الدم من أوردتي، ورأيت صفرة الفجيعة تزحف على مرآة عيني:
قال الرجل الأبيض:
- أحضروكِ مغشياً عليك.
- ولكني رايتهم يسلبونني وجهي وكتبي وعيني وحتى جلد وجهي.
- لم يغادر القمر صحن الخدين، هاك المرآة.
قال الطبيب الأبيض:
- تغيب الصبية في الصمت، لا تُقبل على الأدوية، وعندما تستوعب بياض الموجودات تسأل عن جلد وجهها.. وتلح في السؤال، ثم تغرق في الصمت من جديد. وبعد أيام طرقتُ الباب بعنف، ارتجت مذعورة لم تحاول الهروب أو الاحتماء بأحد، واجهتها بالمرآة:
- لماذا تهربين من طلة القمر؟
عاد صوتها الشارد.
- هل يعود إليّ وجهي.

- 7 - سـود الرجـال

التاجر الذي استورد الفحم في أربعينية الصيف، لم يأبه بتكاليف تخزين بضاعته حتى قدوم الشتاء، فقد اشترى بسعر زهيد من مخلفات المخازن .
والتاجر الذي يخطط لصفقاته بشطارة محسوبة، لم يتوقع تهافت تجار التجزئة على البضاعة قبل وصولها إلى الميناء.
وصلت البضاعة السوداء، فوزعها على الفور.. أغلق جهاز الهاتف النقال، ومضى إلى البحر يراجع حساباته ويتجشأ عميقاً قبل هروب الشمس وموت النهار.
هفهف نسيم البحر، فأدرك سر الصفقة، حيث كانت جمرات الفحم تتوهج عيوناً سهرانة في مواقد شواء اللحم، وفوق طرابيش الأراجيل على امتداد الشاطئ الساجي.
آخر الليل رجع إلى البيت.. لم يزجر أولاده وزوجاته الثلاثة الذين كانوا جميعهم يشفطون..
تعامى، ودس لحمه في منامته الحريرية.. واسترخى هادئ البال، فتناهت إليه همهمات العمال الذي أمضوا نهارهم في توزيع البضاعة تحميلاً وتنزيلاً، وانتظروا في حوش الدار الخلفي ينتظرون الأجر والأجرة .. تساءل التاجر قرفاً :
- ماذا يفعل السود هنا؟
وأرسل من يزجرهم، ويأمرهم بالمراجعة بعد أيام، والتقط تليفونه النقال يسأل عن سعر صرف الدولار مقابل الشيكل.. توردت ابتسامة غطت وجهه ونام مرتاحاً.
وفي السوق سأله تاجر يتعلم
- لماذا أخرت صرف أجور العمال؟
- حتى يبرد عرقهم، وينسون تعب يومهم ، فيرضون بما يسد جوع عيالهم ، فلا ينظرون إلى جيوب الآخرين.

- 8 - المناهــج

الأستاذ راضي، حصل على المرتبة الأولى في امتحان الثانوية العامة، ولم يصبح طبيباً ، لضيق ذات اليد، فتوكل على الله، وسلم أحلامه لوكالة الغوث، وعمل في مدارسها الابتدائية ، ولأنه الطموح حصل على لسانس اللغة العربية بالانتساب في زمن التعليم المجاني أيام عبد الناصر, والأستاذ يعشق منهج الميكانيكا المقرر على مرحلة الثانوية العامة، ويمارس هوايته بشرح الدروس لأبناء الجيران، وأولاد الأصدقاء.
مرت الأيام، وتزوج الأستاذ، وتوافدت ذريته على الدنيا، وترعرعوا صبياناً وبنات.. وطرقوا تباعاً المرحلة الثانوية، وعاد أستاذنا إلى دروسه، ذات المسائل والأحاجي, تسعده الحيرة في عيون أولاده أمام معضلات نيوتن، يتفنن في استعراض أدواته في تيسير الحلول، فيشهدون بقدراته على حل المسائل، وبطريقته التقليدية التي تختلف عن أساليب المدارس هذه الأيام، بعد عشرين سنة فوجئ بإحدى بناته تدرس الميكانيكا في السنة الثانية الثانوية، وبعد عشر سنوات أخرى طلب أصغر أولاده المساعدة وهو في الصف الأول الثانوي.
تساءل الأستاذ عن سرعة تطوير المناهج، واستبد به القلق عندما تخيل ما سيكون عليه الأمر عندما يصل حفيده إلى الصف السادس الابتدائي .
وفي إحدى الليالي صارح زوجته:
- تصوري أن آخر العنقود لم يستوعب مسائل الميكانيكا.
- معقول يا رجل ، وأنت يشهد لك الجميع.
- يتعلل الولد أن أستاذه في المدرسة يشرح بطريقة مغايرة
- ولماذا لا يستوعب من معلمه ويريحك؟
في الصباح نادى على ولده:
- خذه هذه المسألة واطلب من معلمك حلها.
كان راضي ، على يقين أن تلك الأحجية لا تحل إلا بطريقة واحدة فقط، وعلى طريقة منهج الثانوية على أيامه..
عند الظهر عاد ابنه والأحجية محلولة بطريقة مختصرة.. صرخ :
- غير ممكن !!
- المسألة بسيطة وتحل على هذا القانون الصغير.
- هل فهمتها يا ولد؟.
- هي مباشرة يا أبي.
أمضي الأستاذ راضي يومه وليلته، يحاول الوصول إلى مفردات القانون الجديد الصغير دون جدوى، تعذب من عدم قدرته على برهان القانون بأساليبه، والذي افترسه لدرجة الاضطهاد عدم استيعابه لفرضيات العلاقة التي تبرهن القانون الجديد.
في الصباح مزق أوراقه، وأخذ يهدهد حفيده في سريره ويناغيه..
تبسمت زوجته وهمست: "الأستاذ يبحث عن هواية جديدة.." ومضت إلى المطبخ تحضر له فنجان القهوة، وأضافت إليه بعضاً من مسحوق القرنفل.

- 9 - ارتطــام

تدورت وامتلأت، وخرطها خراط البنات كما تقول أمها وتتنهد، فخلقة وجه البنت تستعصي على التدوير بعد أن حددها الخالق كما شاء ولله في خلقه شؤون.
ولأن البوصة قد تصبح عروسة، لبست الصبية وتغندرت، وتعودت رياضة المسافات الطويلة في الأسواق والشوارع .
أول ما أطربها شهقة عامل النظافة الوسيم، الذي طردته من رأسها قبل أن يسكن ويحدد القسمة ويفرض النصيب، وتساءلت حتى الغضب والبكاء، كيف يرضى الجميل بجمع قمامة الأغنياء؟
وعندما عابثها سائق التاكسي، مدت له حبال المودة، فتودد لها واكتشفت أن له زوجة وأولاد وضبطت نظراته الناعسة تحط على أساورها البراقة.
وفي يوم داهم البيت، طبيب العيون، فحيّر الأم قبل البنت، أخصائي العيون ماذا يرى في الوجه المستعصي ؟ ولكنهما تعلمان جيداً أن القد الملفوف له إمكانياته أيضاً، وأن سر القلوب عند علام الغيوب..
قدمت له القهوة، فدلقها على قميصه الأبيض، ففسرت الأمر على محمل الخجل وقلة الخبرة، وغطست في فرحتها لأنها سيدة اللعبة، وسحبته معها إلى السوق، فارتطم بالمارة أكثر من مرة وعللت الأمر بالانبهار وقلة الحيلة، وأضمرت على اعتبار ظهره سرجاً تمتطيه، فأنفقت نصف مهرها على الملابس الداخلية والعطور..
وعندما أغلقت باب البيت عليهما بالترباس، أسرع إلى نظارته وتنهد ، مصمص شفتيه ولف ذراعه حول خصرها، ذابت ورفعت النظارة عن وجهه لتبحر في عينيه كما يفعلون في التلفزيون، راوغته وانفلتت منه، فتعثر بالأثاث، ووبخها على مزاحها الثقيل، واعتصم في فراشه .
في الصباح كان يغط في النوم، فتسللت من الفراش خفيفة رشيقة إلى السوق، وفي السوق قلب الأخصائي عدسات النظارات وقلب شفتيه:
- إنه بالكاد يرى .
- هل يميز التفاصيل؟
- أشك في ذلك.. والله أعلم .

- 10 - جحــــــــود

حفر الأول عميقاً يبحث عن كنز مدفون في مركز الأرض. وركض الثاني مع المنحدر، قاصداً مصب السيول في بحيرة الطمي يبحث عن ديناصور مازال حياً.
وعندما تغسلا بعرق الحمى، وجدا نفسيهما على قمة الجبل ينتظران بزوغ الشمس من قعر الوادي.. وكانت سماء الدنيا حالكة السواد .
توسط قرص الشمس المسافة بين الوادي وقمة الجبل، رج الدنيا دوي هائل، وبخت السماء مطراً أسود، هاج البحر وغمر المدينة، ورقصت الكائنات البحرية حول اللحم البشري.. امتطيا القارب الأزلي الذي حمل أزواج سيدنا نوح وشقا الماء.
وفي صدر البحر، اتفقا أن المدينة قد غرقت منذ آلاف السنين، فلاح لهما بر الأمان، وسكان الشاطئ ينتظرون بالأكاليل والمشاعل فاختلفا إلى حد القتل. من الذي يقود فريق علماء الآثار إلى مواقع المدينة الغارقة، ومن الذي يكتب تاريخها.؟!
ولما اكتملت دورة الألم، وتسرب من جسديهما بخار عرق الحمى، عض الأول الوسائد تحت سطوة المغص الكلوي، وتردد صراخ الثاني بين جنبات المستشفى يصم آذان الأطباء في قسم المسالك البولية، فيما كانت الممرضة الجميلة تقضي الليل تبكي من فرط الوجد، والخوف من كتابه شهادتي وفاة، قبل أن يغادر الطبيب المناوب حضن زوجته التي ترى أحلاماً وردية فقط، والبركة في "الدش" الذي يستضيفهما ليل نهار، وعلى جميع القنوات الفضائية منها والأرضية .
وفي تلك الليلة ، لم تحلم الممرضة الجميلة كعادتها بخطيبها، الذي يقضي الليل في أحد المفارز الحدودية، ولم تحادث أمها التي تنتظر اليوم المعلوم باستسلام غريب ، وتحدثها عن أبيها الذي لم تر له وجهاً، أبوها الذي أولد زوجه رفيقه ولداً لم يتعرف عليه, وتحدثها أيضاً عن رجل غريب عبر جسدها في لحظة وجوم، وبذرها ولداً سربته إلى جارتها خوفاً من الفضيحة.
في الصباح وصل الطبيب المناوب، منشرح الصدر، مدعوك البدن، وأصدر أوامره بنقل المريضين إلى غرفة العمليات، واستدعى فريق الطوارئ، وأعفى الممرضة من الانضمام إلى الفريق، بحجة الإجهاد الذي حط على بدنها خلال الليل .
لم تعد إلى البيت.. في السوق باعت خاتم خطبتها، وعادت بباقتي ورد أبيض، وافترشت الأرض بين سريرين حتى تماثلا إلى الشفاء.. وانطلق ثلاثتهم إلى الأم ، فاستقبلهم المقرئ الأعمى يرتل آيات الله البينات.. وأخبرتها جارتها:
- لم يمش خلف نعشها غير من غسلتها وحفار القبور وخطيبك الذي مر بالبيت صدفة.



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أشلاء بؤرة العشاق للروائي أحمد حميدة
- فوزية مهران امرأة تقترف الوجد - مقاربة نقدية
- الوجوه الباهتة - مقاربة نقدية
- غزالة الموج
- من هنا وهناك- وقاربة نقدية
- من هنا وهناك
- الهدهد والديك الرومي
- مرآيا الأثير- قصة قصيرة
- امرأة في الحصار- قراءة في رواية بقايا امرأة للثاص باسل ناصر
- امرأفي الحصار- متابعة نقدية
- بحر رمادي غويط
- ثلاث عيون تيصرن كثيراً - قصة قصيرة
- في سيرة المنجد -قراءة في حرفة التنجيد اليدوي-
- سيرة المبروكة والعودة إلى بداية الحكاية
- جحش أبيض في سباق الخيول
- سيرة المبروكة والعودة إلى جذور الحكاية
- العشيرة
- هلال يحضن نجمة
- صورة المرأة في روايات الرجال
- الدموع والدخان وحفاف ماء العين


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - قصص سوداء