أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - كيف للسلام أن يَحْضُر في غياب -المفاوض العربي-؟!















المزيد.....

كيف للسلام أن يَحْضُر في غياب -المفاوض العربي-؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2113 - 2007 / 11 / 28 - 11:09
المحور: القضية الفلسطينية
    


ما معنى أن يقرِّر طرفا نزاع ما التفاوض توصُّلاً إلى حلِّ هذا النزاع؟ معناه الظاهر أنَّ ثمة "نقاط خلاف" بينهما، وأنَّ تطوُّر النزاع ذاته قد خلق لهما مصلحة مشترَكة في حلِّه من طريق التفاوض السياسي؛ أمَّا معناه الضِمني، أو غير الظاهر، فهو أنَّ بينهما "نقاط اتفاق" أيضا، تؤسِّس للمفاوضات السياسية، وتدفع إليها، من غير أن تكون هي محل تفاوض.

و"المفاوضات" حتى تكون "مفاوضات"، وتستوفي معناها الحقيقي، لا بد لكلا الطرفين من أن يكون قادرا على العودة إلى خيار "الإكراه" إذا ما فشلت المفاوضات بوصفها خيارا لـ "الإقناع"، فمن لا يملك "قوة الإكراه" لا يمكنه أبدا أن يملك "قوة الإقناع" في العالم الواقعي للسياسة.

المضيف وراعي المؤتمر الرئيس بوش أعاد تأكيد "التزامه الشخصي" إقامة دولتين ديمقراطيتين (إسرائيل وفلسطين) تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام، مع أنَّ إسرائيل دولة قد أُقيمت من قبل، ويَنْظُر الرئيس بوش إلى "ديمقراطيتها" على أنَّها حقيقة لا جدال ولا ريب فيها، فإقامة "دولة فلسطين (الديمقراطية)" مع عيش الدولتين جنبا إلى جنب في أمن وسلام هي ما كان ينبغي لها أن تكون قوام "التزامه الشخصي".

على أنَّ "بيت القصيد" ليس هذا وإنَّما هو ما يكمن في السؤال الآتي: ما معنى، وما أهمية، هذا "الالتزام الشخصي"، الذي لن يستمر إلى ما بعد مغادرة الرئيس بوش البيت الأبيض، إذا كان صاحبه، ومعه رايس، لم يستطع، إذا ما صدَّقْنا أنَّه قد بذل وسعه، "إقناع" الطرفين بالاتِّفاق على "خطة عمل"، أي "وثيقة مشترَكة"، للمفاوضات (بمراحلها الثلاث التي تحدَّث عنها وشرحها مستشاره للأمن القومي ستيفن هادلي) التي ستبدأ ما أن ينتهي مؤتمر أنابوليس؟ كان ينبغي لدبلوماسية المضيف والراعي أن تؤكِّد قوتها وحيويتها في "ورقة (واحدة على الأقل)"، يتفق فيها الطرفان على ما هما متَّفقان فيه، وعلى ما هما مختلفان فيه، فهل من الصعوبة بمكان أن تنجح هذه الدبلوماسية (في "اللحظة الأخيرة" من محادثات أنابوليس التي هي مسعى لاغتنام "الفرصة الأخيرة" للسلام) في "إقناعهما" بأنَّ عليهما الاتفاق على أنَّ "القدس الشرقية"، مثلا، هي مشكلة لم تُحَلْ بعد، وعلى أنَّ حلها يمكن ويجب أن يكون "حلاًّ متفقاً عليه (بين الطرفين) ويستند إلى قرار مجلس الأمن الرقم 242"؟!

هذا الذي قُلْت لم يكن غائباً عن دبلوماسية المضيف والراعي؛ ولكنه لم يَخْضُر في مساعيه؛ لأنَّ "الالتزام الشخصي" للرئيس بوش يجب أن يخضع لالتزام أكبر وأعظم منه هو ذاك الذي تضمَّنته "رسالة الضمانات" التي سلَّمها إلى شارون من قبل، والتي، ضِمْناً، لا تُقِرُّ بوجود مشكلة (لم تُحل بعد) تسمى "القدس الشرقية (مع بلدتها القديمة)"، فهذه المدينة الفلسطينية، والتي يريد لها الفلسطينيون أن تكون عاصمة دولتهم المقبلة، إنَّما هي جزء لا يتجزأ من العاصمة الأبدية لدولة إسرائيل، ولا يمكن، بالتالي، أن تكون موضع تفاوض!
إدارة الرئيس بوش تريد للمفاوضات (التي تستهدف إقامة دولة فلسطينية) أن تبدأ ما أن ينتهي مؤتمر أنابوليس، فهي مستعجلة في أمر بدئها، غير مستعجلة في أمر انتهائها، وكأنَّ العجلة هنا شر، وهناك خير!

على أنَّ استعجالها هذا لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، على ما قالت وأكدت، أن يُشْتَرَط لبدء تلك المفاوضات (بعد سبع سنوات من التوقُّف) التوصُّل إلى "خطة عمل" لها، أو إلى تلك "الوثيقة المشترَكة"، وكأنَّ المفاوضات يمكن أن تبدأ، وأن تستمر، وأن تنجح، ولو لم يتَّفِق المفاوضان، من قبل، على القضايا والأمور التي ستكون مدار التفاوض.

إنَّها، أي إدارة الرئيس بوش، لم تشرح لنا الأسباب التي تَحُول بينها وبين "اتفاق مكتوب"، تقود هي المساعي إليه، يتضمَّن أنَّ "اللاجئين"، و"القدس الشرقية"، و"الحدود"، و"المياه"، و"الأمن"، هي "نقاط الخلاف الجوهرية" بين الطرفين اللذين سيسعيان، عبر المفاوضات، إلى التوصُّل إلى اتفاق على سُبُل حلها، مستنديْن في ذلك إلى الشرعية الدولية.

لقد تفاوض الطرفان زمنا طويلا فَلَمْ ينتهِ تفاوضهما الذي لَمْ ينتهِ بعد إلاَّ إلى اتفاقات ما أنْ تُرِكَت تتفاعل مع الواقع حتى انتهى تفاعلها هذا إلى بذر مزيد من بذور الصراع، وكأنَّ تلك الاتفاقات تطيل ولا تُقصِّر الطريق إلى السلام والحل النهائي للنزاع. ومع ذلك ثمة نتيجة إيجابية لا يراها إلاَّ كل من له مصلحة حقَّاً في جعل السلام في متناول أيدي الساعين إليه إذا ما كانوا جادين في سعيهم. وهذه النتيجة إنَّما هي وضوح الخلاف بين الطرفين في تصوُّرهما لسُبُل الحل النهائي لتلك المشكلات الجوهرية والأساسية. وهذا كان ينبغي له أن يُتَرْجَم دبلوماسيا بدعوة كلا الطرفين إلى أن يصوغ رأيه في سُبُل حل تلك المشكلات (التي تعذَّر، لا بل استحال، حلها حتى الآن من خلال التفاوض الثنائي المباشِر) فإذا أنجز كلاهما تلك المهمة اتفقت "اللجنة الرباعية الدولية (والولايات المتحدة هي عضوها الأهم)" على تصوُّر دولي لسُبُل حل ما عجز الطرفان عن حله من خلال تفاوضهما الثنائي المباشر المديد.

عدا ذلك إنَّما يعني تَرْك "المفاوِض الذئب"، أي إسرائيل، يلتهم "المفاوِض الحَمَل"، أي الفلسطينيون، وكأنَّ الغاية هي سلامٌ ليس من شرعية يحظى بها غير الشرعية الإسرائيلية.

وعليه، كان اقتراحنا من قبل أن تقرِّر الدول العربية اغتنام "فرصة السلام الأخيرة" بما يؤدِّي إلى تضييق الفجوة التي اتِّسعت كثيرا بين "السلام" و"الشرعية الدولية"، وإلى توسيع الفجوة التي ضاقت كثيرا بين "السلام" و"الشرعية الإسرائيلية". وهذا ما كان ممكنا أن يتحقق إلاَّ بأن تقرِّر الدول العربية الذهاب إلى أنابوليس بـ "وفد عربي مشترَك"، ليفاوِض إسرائيل، توصُّلاً إلى سلامٍ يلبِّي شروطه كما حُدِّدت وشُرِحت في "مبادة السلام العربية".

وإذا كان لتلك "المبادرة" أن "تُفَعَّل" فليس من سبيل إلى ذلك سوى أن تتفق الدول العربية جميعا على أنَّ السلام كالمرأة، فإمَّا أن تكون حاملاً وإمَّا أن تكون غير حامل، فلا سلام يستمر إذا ما ظلَّ سُدْس، أو خُمْس، سلام. "المبادرة" إنَّما هي (أي إنَّما يجب أن تكون) لاكتماله، فإذا أصرَّت إسرائيل على بقائه ناقصاً فلا خيار لدى الدول العربية سوى التخلي عن هذا "السلام المنقوص"، أو جعل وجوده يَعْدِل "العدم".

وهذا الخلل الكبير في استراتيجية السلام العربية نقف عليه عندما نقف على السبب الذي جَعَل رئيس الوزراء الإسرائيلي يُعَبِّر عن تفاؤله قبيل انعقاد مؤتمر أنابوليس. إنَّه لم يَقْل إنَّه متفائل؛ لأنَّ إنجازا كبيرا قد تحقَّق في محادثاته مع رئيس السلطة الفلسطينية، أو في "محادثات اللحظة الأخيرة". لقد أعرب عن تفاؤله لسبب آخر هو، على ما قال، هذه المشاركة العربية الواسعة في هذا المؤتمر، وكأنَّ هذا هو معنى السلام الذي يسعى إليه!

المفاوضات أريد لها أن تبدأ بعد "أنابوليس" من غير التزامات إسرائيلية يُعْتَدُّ بها، مع أنَّ تجربة التفاوض المديدة أثبتت أنَّ الالتزامات الإسرائيلية لا يُعْتَدُّ بها. ولقد شرح ذلك وزير الخارجية السوري وليد المعلم إذ قال قبيل انعقاد "المؤتمر" منذ عهد رابين ورؤساء الحكومات الإسرائيلية ملتزمون انسحاب إسرائيل من الجولان حتى خط الرابع من حزيران 1967. هذا التزام بقي، وبقي معه الاحتلال الإسرائيلي للجولان، وكأن لا أهمية تُذْكَر حتى للالتزامات الإسرائيلية؛ فهل من أهمية تُذْكَر، بعد ذلك، لمفاوضات تخلو من التزامات إسرائيلية؟!

المفاوِض الإسرائيلي يفاوِض الفلسطينيين والعرب قائلا: إمَّا أن تنجح هذه المفاوضات النجاح الذي تريده إسرائيل لها وإمَّا أن يستمر الاحتلال الإسرائيلي، فليس لدى إسرائيل من شيء تخسره في كلتا الحالين؛ أمَّا المفاوِض الفلسطيني والعربي فيفاوِض قائلا: إمَّا أن تنجح هذه المفاوضات وإمَّا أن.. (يستمر الاحتلال الإسرائيلي)!

وهذا إنَّما يكفي دليلاً على أنَّنا لا نملك شيئاً من مقوِّمات "المفاوِض"؛ ومع ذلك يطيب لنا أن نعزو فشل مفاوضات السلام إلى "عدم رغبة" إسرائيل فيه؛ أمَّا سبب "عدم رغبتها" فهذا ليس من سؤال يستأهل أن نُشْغِل أذهاننا بإجابته، التي يكفي أن نحاولها حتى نكتشف أنَّنا نحن أهم سبب يجعل إسرائيل غير راغبة في السلام؛ وكيف لنا أن نتوصَّل إلى السلام إذا ما كان قولنا، عند دخول "قاعة أنابوليس"، "السلام عليكم" هو كل ما نملك من أجل تحقيق السلام؟!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعضٌ مما سنراه ونسمعه اليوم!
- قرار -قطع الشكِّ باليقين-!
- مجلس نواب يُمثِّل 560 ألف مواطن لا غير!
- يوم تكون -الوعود- كالعهن المنفوش!
- الانتخابات معنى ومبنى!
- هذا الخيار التفاوضي الجديد!
- لا اعتراف بها بوصفها -دولة يهودية-!
- الزهار في حضرة عرفات!
- الكَوْن -المطَّاطي-!
- -الثلاثون من شباط-.. ليس ب -سياسة-!
- -انحناء الزمان المكان-.. بعيداً عن الميثولوجيا!
- إشارات إلى -اختراق كبير-!
- بلفور.. العربي!
- في -الكوزمولوجيا- القرآنية
- حتى ينجو الفلسطينيون من -مؤتمر الخريف-!
- صورتنا كما نراها في -مرآتنا الانتخابية-!
- الحرب إذا ما شنتها تركيا!
- أزمة أردوغان في شمال العراق!
- ثرثرة في -عرس انتخابي-!
- ثورة -الإلكترون-!


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - كيف للسلام أن يَحْضُر في غياب -المفاوض العربي-؟!