أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - المنصور جعفر - يا حفيد رسول الله (ص) لا تدعو إلى حرية الإستثمار!















المزيد.....

يا حفيد رسول الله (ص) لا تدعو إلى حرية الإستثمار!


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 2112 - 2007 / 11 / 27 - 10:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


هذا مقال نصيحة ضد حرية السوق والإستثمار أوله كلام وآخره رسالة إلى شخص هام له مقام التبجيل والسيادة في مجتمعات بلادنا المسلمة والمسيحية واليهودية والغيرذلك ولكنه بعلو سماه وشروق أنواره وفرط سيادته صار كأشعة الشمس في النهار بلا عنوان، مقاماته أعلى من مقامات الحكام وهي من سعتها أضحت بلا رمز واضح يمكنك بواسطته أن ترسل رسالة إليه.


دفعتني إلى كتابة هذا المقال ورسالته فقرة واحدة داخلة بعشوائها في خطاب صريح جاءت تدعو مثل دعوة أهل الحكم والقادة السياسيين في اليسار واليمين إلى حرية الإستثمار! حيث خص السيد محمد عثمان الميرغني حفيد الأمين (ص) في خطاب ألقاه بصفته راعياً أو رئيساً لكيان الحزب الإتحادي الديمقراطي أو بالصفتين معاً الوضع العام في حزبه والسودان بأراء متنوعة ترفض المظالم العامة رغم إن كثير من رجال الدولة الظالمة في السودان وطائفتها هم من نبت جبروت طائفته أو صراعات أقطابها في شؤون الحكم ومجالاته، وقد حوى خطابه الهام تلك الأراء جملة وإشارة في كلم طيب وحديث حسن بشؤون الدنيا والدين عدا تلك الفقرة الواحدة التي جعلت السيد الجليل يدعو فيها إلى حرية الإستثمار قائلاً : ((فالحق في الاستثمار ينبغي أن يكون دون قيد أو مضايقات من الحكام لكل السودانيين فى بلد ملكيته على الشيوع لمواطنيه))


وهي دعوة باطلة وإن أريد بها حقاً، فالدعوة إلى حرية الإستثمار تبطن عذاباً للعمال والزراع وعموم الكادحين أكثر كثيراً من الجحيم الذي أظهرته في حياتهم خلال السنوات الممتدة منذ إستقلال السودان وإلى الآن، وهذا المقال محاولة تبيين لبعض عناصر خطأ هذه الدعوة وبطلانها، بينما كان بيان خطابه لمحاسنها ضعيفاً.


فـ"حرية الإستثمار" هي حالة موصولة بحرية تملك الأفراد لموارد القرى ولأعصاب حياة المجتمع ووسائل إنتاجه ضرورات حياته ومن ثم تحكم المستثمرين بهذه الملكية في توزيع جهود الإنتاج وكنز خيراته لهم بصورة باخسة لقيمة العمل مربحة مرابية لرأس المال. إضافة إلى كون هذا التملك الفردي لموارد إنتاج المجتمع ووسائله هو في حد ذاته كنز وتركيز لثروة المجتمع في يد فئة تختص نفسها به تشبع به وجيرانها جوعى وما يتصل بهذا الكنز والتركيز من تركيز للسلطة وقبض لعُصَب الحياة الإدارية ومحاور الحركة الإجتماعية وقطع لإمكانات تحرر الناس من نقص ضرورات حياتهم ومن عسف وعناء التكالب على مواردها.

إن تملك الأفراد للموارد العامة يسهم بطبيعة ونظام تكوين أرباحه في ربو ومضاعفة الثروة لرأسمالييه ومواليهم يستأثرون بها يترفون ويسفهون بينما ينتج في نفس الوقت الإملاق والفقر لملايين الزراع والعمال وعموم الكادحين وأسرهم يبقيهم بجبروت رأس المال ونظام التعامل والتبادل النقودي للمنافع مهمشين ومحرومين من تملك وسائل وثمرات الإنتاج في مجتمعهم.



حرية الإستثمار والسوق أضرارها أكثر من نوافعها في بلاد يشوب بنيتها الأساس تشوه كبير: فمع حاجة البلاد إلى كثير من الصناعات الأساسية والمتوسطة فهي تحتاج الطرق والمدارس والمشافي ووسائل الثقافة الرفيعة، وهي بثراء مقوماتها وغنى عناصر طبيعتها مجتمعها لا تحتاج أولاً إلى حرية الإستثمار قدر حاجتها إلى تخطيط منظوم للموارد والوسائل وتقسيم منظوم لجهود العمل والثروات الناتجة منه يبدأ من تلبية الحاجات الضرورية لنمو المجتمع نمواً متناسقاً ثم يتجه لتلبية الحاجات الأخرى للكمالات النافعة.


حريات الإستثمار والسوق هي خبط عشواء ومظلمة عامة جهة الحقوق والحريات العامة، بل هي حريات ضارة بوجود البشر وبيئة الحياة وذلك منذ كونت هذه الحريات الرأسمالية المطففة حالة الإستعمار القديم في العالم وتملك الأجانب خيرات البلاد وأراضيها ثم حالة الإستعمار الحديث بداية بقيام المؤسسات الإمبريالية بتحديد شروط إصدار الدول لعملاتها وما يتصل بذلك من تعاملات مصرفية مرابية ومعاوضة تجارية دولية مختلة، وليس نهاية بتفليس الدول بقواعد حرية الإستثمار وإمازات المناطق الدولية (الحرة) وما يقود له هذا التفليس من خصخصة لموارد المجتمعات المستضعفة وعولمة لأمور حياتها ودينها مما لا يبقي ولايذر، وغير ذلك مما يواشج أحوال التمركز والتهميش وما يتصل بها من تفاوتات طبقية وإقليمية وتوترات وإنقلابات وحروب وتدخلات أجنبية وتفجيرات وإغتيالات.


لقد نشأت من نظام حرية الإستثمار والسوق المراكز والدوائر الدولية والمحلية لرأس المال وكبرت وتجبرت به في العالمين وهي المراكز التي لم تزل بطبيعة قدراتها وعلاقاتها المصرفية والمالية والعسكرية والثقافية والإعلامية تتحكم في طبيعة الإنتاج ومستويات التعامل الداخلي والخارجي للمجتمع والدولة وفي ترجيح كفات تجارتها على حساب تبخيس تجارة الأخرين تأكل إستثمارهم لقوة عملهم العضلية والذهنية وتلقى بأيديهم إلى التهلكة.


إن الفوارق الهائلة السائدة في العالم بين الكادحين والملاك من الطبقات والشعوب والدول هي المصدر الأساسي لتفكك عرى التماسك الإجتماعي والثقافي والوطني والقومي وهي قاطعة لتواصل أرحام كيانات الناس وكيانات الدولة وهي بإغلاءها المستمر لأسعار ضرورات العيش وتخفيضها الحقيقي لعائدات العمل تبدو نازلة فعلية بأحوال وظروف التمسك بالقيم الإنسانية في العفة والكرامة هابطةً بها إلى الحضيض، تملأ المجتمع بالنفاق والكذب والإحتيال والقهر والجبن.


إن المنادة بهذه الحرية (حرية الإستثمار) تخالف الناصع من تاريخ دعم الجهود الفاضلة في المجالات الوطنية والديمقراطية والقومية والدينية كما تخالف وقائع ومنطق الأمور الإقتصادية الإجتماعية وإحسان نهج العدل فيها والعلم الظاهر بها وعلاقاتها المتنوعة بإحقاق وتوكيد العدالة الإجتماعية وإشتراكية الناس في مقاليد الثروة والسلطة لإسلامهم من الجوع والخوف. بعد زمان طويل من تفرد قلة منهم بقدرة الإستثمار وربوها بالإستغلال والتهميش بقدرة متزايدة على إستضعاف الناس وإكسابهم معيشة ضنكا تنازع بما تنتجه من جوع وخوف كثير من الحقوق المتفق عليها في كافة الشرائع والملل والنحل وتجادل كثير من المساطر والمثاني المحكمات والمتشابهات في أصول الدين أو فروعه أو مقاصده، فمالكم وقد أوتي بيتكم الكتاب والحكم والنبوة تظلمون الناس وتقطعون أرزاقهم كيف تحكمون.


حضرة السيد محمد عثمان الميرغني:

السلام عليكم ورحمة الله

خالص الإحترام

جهة خطابكم الأخير في جمهورية مصر العربية بتاريخ نوفمبر 2007 المواكب لمناسبة ذكرى إتفاقكم وحزبكم والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة البطل الشهيد الدكتور والعقيد آنذاك جون قرنق دي مابيور فإني أفيدكم بالنصح العام الوارد في المقالة الآنفة ضد دعوتكم، وذلك لمكانة قولكم في نفوس كثير من الناس وعِظم تأثيركم في صدقية ونجاح كثير من الأعمال والإتجاهات في مراكز السودان أو في هوامشه.

وهدفي من هذا النصح أن لا تأخذ قوى المجتمع والدولة التي تنفذ فيها كلماتكم بقولك العام المرسل عن حرية الإستثمار فتجرفها كلمات خطابكم بعيداً عن نهج القسط في الحقوق والرحمة في التعامل بين الناس مدمرة مقوماتها بمفاعيل حرية الإستثمار مُستلِبة في عوالمنا المستضعفة ما بقى من سيادة الدول ومعالم المجتمعات، ناهبة من أهلها ومواطنيها الحق في التنمية، عاصفة بحقوق الإنسان، محطمة بيئته وثقافته، ومعطلة مقومات صدق تدينه.

الأحرى بكم مع تواضع حالي أيها السيد الجليل وأنتم أحد نجوم آل بيت النبوة في السودان أن تسمعوا هذا القول وتتبعوا أحسنه، وأن تستبينوا قبل ضحى الغد قول نجم مشارق الأنوار وفيض صاحب دلائل الخيرات كما سمعه في مقامه جدكم حين قدم تلميذاً من لدن سيد فاس وغوث مكة أحمد بن إدريس العلوي إلى حضرة مقام الشيخ إسماعيل الولي حيث فاض بإذنه، مما ظل يردده بعد مئات السنين صاحب الفضل الشيخ الأجل الأمجد محمد بخيت "حبة" أوآئل خمسينيات القرن العشرين آوان رعايته وزعامته كيان المطالبة بحق الإستقلال "الجبهة الوطنية" بسكرتارية النقابي البطل الشهيد الشفيع أحمد الشيخ، قولا كان يسر به إلى بعض من يتوخى فيهم النجاح لدعوة الإستقلال، سطع به وبها منيراً في قلب الظلام ومُدلهماته :

سلكنا مسالك أهل الصلاح
إلى أن وصلنا مقام الفلاح
ففي الحضرتين لنا عزة
ومن نورنا يستضيئ الصباح

فإذ تيسر قبس هذا الكلام المفرد إليكم في معمعة تناقضات القرن الواحد والعشرين، وأحوال الإستغلال والتهميش تاكل بلادنا بينما الحُجَاب حولكم والنظار والخلفاء والأفاضل من الناس ملوكهم وأمرائهم وخدمهم يلتمسون بركاتكم فإننا نزجي إليكم هذا الخطاب ومعه يا حضرة السيد محمد عثمان الميرغني السلام ونقرئه آل البيت وأولياء الله رادي الحقوق إلى أهلها القاضين حوائج الناس المنتصرين للمستضعفين المستغلين والمهمشين، والثائرين ضد أهل التكاثر والكانزين والطغاة الجبابرة والمتكبرين على أحوال شعبهم وضرورات تقدمه بصورة متناسقة، بما في ذلك إشتراك بنيه في السلطان على موارد حياتهم ووسائل عيشهم ومقاليد ومساطر تنظيمها وعدل موازينها، وإستقلالهم بها نزيهة من التطفبف والزيف والزور في القيم، والحمد لله بدءاً وختماً، والعاقبة للمتقين.



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقائع موت مُعلن للإنسان
- نقاط صغيرة في تجديد العملية الثورية
- الأزمة الإمبريالية في جذورها وفي محاولات حلها
- كيف تعزز السوق الحرة ضرورة ديكتاتورية البروليتاريا لحياة الن ...
- نقاط في مشروع دستور ولائحة وبرنامج الحزب
- بعض مفارقات حقوق الشعوب وحق الدول في الحفاظ على وحدة أراضيها
- ثلاثة أخطاء قاتلة
- تخلف الأحزاب عن طبيعة الصراع الوطني يفاقم العنصرية والإستعما ...
- حُمرة أنغام الخريف
- نقاط في تاريخ الماسونية... من السودان وإليه
- عن أزمة النظام الرأسمالي ودولته السودانية في الجنوب
- التأميم والمصادرة ضرورة للوحدة والتنمية ومكافحة العنصرية
- الكلمات المتقاطعة والطرق الفرعية
- شذرات
- أطلقوا سراح البلد
- نقاط من تاريخ الثقافة الرأسمالية في بريطانيا، بعض تفاعلات ال ...
- دراسة لأحد ملخصات المناقشة العامة
- الأزمة العالمية و الأزمة السودانية في دارفور
- أهمية العملية الثورية في تكريب القيادة وأهمية القيادة في تكر ...
- مشارق الأنوار... نقاط عن الحركة الإسماعيلية وجماعات إخوان ال ...


المزيد.....




- ما هو مصير حماس في الأردن؟
- الناطق باسم اليونيفيل: القوة الأممية المؤقتة في لبنان محايدة ...
- ما هو تلقيح السحب وهل تسبب في فيضانات دبي؟
- وزير الخارجية الجزائري: ما تعيشه القضية الفلسطينية يدفعنا لل ...
- السفارة الروسية لدى برلين: الهوس بتوجيه تهم التجسس متفش في أ ...
- نائب ستولتنبرغ: لا جدوى من دعوة أوكرانيا للانضمام إلى -النا ...
- توقيف مواطن بولندي يتهم بمساعدة الاستخبارات الروسية في التخط ...
- تونس.. القبض على إرهابي مصنف بأنه -خطير جدا-
- اتفاق سوري عراقي إيراني لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرها ...
- نيبينزيا: كل فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة يتسبب بمق ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - المنصور جعفر - يا حفيد رسول الله (ص) لا تدعو إلى حرية الإستثمار!