أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - يومان داخل عرين -حلف شمال الأطلنطى- .. يا حفيظ!















المزيد.....

يومان داخل عرين -حلف شمال الأطلنطى- .. يا حفيظ!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2120 - 2007 / 12 / 5 - 11:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما وصلت إلى البوابة الالكترونية لمبنى يقع على أطراف العاصمة البلجيكية، بروكسل، لايدل مظهره الخارجى إلا على البراءة الشديدة .. ووجدت نفسى وجها لوجه مع لوحة صغيرة مكتوب عليها "المقر الرئيسى لمنظمة حلف شمال الأطلنطى (الناتو).. سرت فى جسدى قشعريرة.
فها آنذا على أعتاب ذلك الحلف الذى تعلمت منذ ايام الطفولة أنه الذراع العسكرية الطويلة للسياسات الاستعمارية الغربية على جانبى المحيط الأطلنطى، بعد تأسيسه عام 1949، أى منذ ما يقرب من ثمانى وخمسين عاماً.
وهذا التاريخ يبين أن نشأة هذا الحلف ارتبطت بنهاية الحرب العالمية الثانية وانقسام أوروبا إلى شرق وغرب منهمكان فى "حرب باردة" استمرت حتى انهيار الامبراطورية السوفيتية وحلف وارسو، المعادل الموضوعى لحلف الناتو.
ولذلك فإنه مع انتهاء الحرب الباردة تساءل الكثيرون عن مستقبل حلف الناتو .. الذى أصبح بلا وظيفة وبلا عدو.
لكن إذا به يتمدد ويتوسع ويتغلغل حتى لم نعد نحن بعيدين عن أذرعه الطويلة وآلياته الجديدة وأهدافه الخفية والمعلنة.
فمن المعروف أن الدول الأعضاء المؤسسة للناتو هى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وكندا والدانمرك وأيسلندا ولوكسمبورج وهولندا والنرويج والبرتغال، التى التزمت بالدفاع عن بعضها البعض فى حالة وقوع أى اعتداء عسكرى على أى منها.
وبعد فترة انضمت إليه كل من اليونان وتركيا عام 1952 وتبعتهما بعد ذلك بثلاث سنوات جمهورية ألمانيا الاتحادية ثم أسبانيا عام 1982. ورغم تبدد الخطر الذى تذرع به مؤسسو الحلف، ألا وهو الخطر السوفيتى، فإن الناتو استمر فى الوجود والتمدد بعد انتهاء عصر الحرب الباردة، وجاء تمدده هذه المرة فى اتجاه نفس الدول التى شكلت فيما مضى العمود الفقرى لحلف وارسو، فانضمت جمهورية التشيك والمجر وبولندا إلى عضوية الحلف فى مارس 1999 ليصبح عدد أعضاء الناتو 19 دولة. وفى قمة الحلف التى عقدت فى براغ فى نوفمبر 2002 وجهت الدعوة إلى سبع دول أخرى للدخول فى مفاوضات الانضمام لعضوية الحلف هى بلغاريا واستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا، التى التحقت رسمياً بالحلف فى نهاية مارس 2004 ليرتفع عدد أعضائه إلى 26 دولة.
وكان نصيبنا من هذا التوسع أن حلف الناتو – الذى كان العرب يستعيذون بالله قبل النطق باسمه فى السنوات الخوالى – أنشأ عام 1995 "حواراً متوسطياً" مع ست دول هى مصر وإسرائيل والأردن وموريتانيا والمغرب وتونس ضمن نطاق الفضاء المتوسطى. والهدف المعلن لهذا البرنامج – الذى التحقت به الجزائر عام 2000 – هو "إقامة حسن العلاقات وتحسين التفاهم المتبادل مع دول منطقة المتوسط وكذلك تشجيع الأمن والأستقرار الاقليميين. وتشمل الأنشطة توجيه الدعوات لدول الحوار لحضور حلقات دراسية فى مدرسة الناتو فى أوبر ميرغو بألمانيا وكلية الدفاع التابعة للناتو فى العاصمة الإيطالية روما".
بهذه الخلفية التاريخية دلفت إلى المقر الرئيسى لحلف الناتو، فى إطار لقاء نظمه الملتقى الإعلامى العربى وقام أمينه العام الصحفى الكويتى النشيط ماضى الخميس بحشد عدد من القيادات الاعلامية والصحفية العربية المتميزة. فكان معى من مصر الاعلامى المرموق الزميل السيد على نائب رئيس تحرير "الأهرام"، والزميل حامد عز الدين رئيس تحرير وكالة الأنباء العربية، والزميل سامى راتب مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط.
إلى جانب كوكبة من رؤساء تحرير الصحف ووكالات الأنباء والاذاعات ومحطات التليفزيون العربية، فى الجزائر والمغرب وتونس والبحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات.
وتصورت أنى سأرى فى هذا المقر الرئيسى دبابات وراجمات صواريخ ومدرعات، أو على الأقل خوذات وأحذية عسكرية ثقيلة، لكنى فوجئت بأن المبنى ليس سوى "قصر مؤتمرات" كبير يغص بالحسان الشقراوات والسمراوات والشباب "الكاجوال" الذى يملأ المكان حركة. بل إن الواجهة الرئيسية تتصدرها بضعة لوحات كبيرة للتصوير الفوتوغرافى يلفت النظر من بينها صورة لجندية شقراء من قوات الحلف تتبادل الحديث الودى مع سيدة أفغانية ترتدى الحجاب تقابلها من الناحية الأخرى صورة كبيرة لعدد من جنود الناتو يلتف حولها عدد من أطفال البوسنة والهرسك يلعبون معهم ويأخذون منهم قوالب الشيكولاتة .. فهل هناك ما هو أحسن من ذلك؟!
وهل نحن فى حلف عسكرى أم فى جمعية خيرية؟!
المهم .. انهمكنا على مدار يومين كاملين ومتصلين فى حوار مع كبار المسئولين فى الحلف الذين حاولوا باستماتة تبييض وجه الناتو والبحث عن ذرائع لاستمراره بعد اختفاء "العدو" التقليدى ، كما حاولوا أيضاً نفى أى اتهام بان يكون العدو الجديد هو العرب والمسلمون، بالاضافة إلى أنهم حاولوا نفى الاتهام الشائع بأن الحلف تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية وتسخره لمصالحها الامبراطورية وتجره وراءها حيثما أرادت.
وأعترف بأننى خشيت فى بداية اللقاء من أن يكون الاعلاميون والصحفيون العرب الحاضرين مجرد مستمعين يكتفون بالاصغاء إلى ما يقوله كبار قادة الناتو، ويهزون رءوسهم، ناهيك أن يقولوا "آمين"!
لكن ثبت أن خشيتى لم تكن فى موضعها، وأنه رغم الانبطاح العربى المخزى الشامل مازال العقل العربى صامداً وقادراً على مواجهة الحجة بالحجة وإدارة حوار رشيد حتى مع زعماء الغرب بعيداً عن عقدة الدونية وباقى مركبات النقص المعروفة، فقد كان الزملاء الإعلاميين والصحفيين المصريين، والعرب، أنداداً حقيقيين لكوادر الناتو المدربة، فى قراءة المشهد السياسى فى المنطقة والعالم، وتحليل عناصره الراهنة والمستقبلية، وكشف النقاب عن الأهداف الحقيقية للناتو بعد نزع الأوهام ومساحيق التجميل عنها.
وعلى سبيل المثال .. فإن المتحدث باسم الناتو، جميس أباتورى، بذل مجهوداً كبيراً فى شرح "إنجازات" قوات الحلف فى أفغانستان، سواء ضد القاعدة او ضد بارونات المخدرات، وانطلق من ذلك ليسهب فى الحديث عن النوايا "النبيلة" للناتو فى سائر بؤر الصراع الملتهبة فى العالم.
وتعقيباً على هذه المحاضرة قال له الزميل سيد على: يبدو أنك أخطأت العنوانن ونسيت أنك تتحدث مع صحفيين يتابعون الأخبار ويعرفون أن قوات الناتو تتعرض لضربات متتالية من قوات طالبان حتى الآن، وأن حكومة قرضاى تعرض الصفقة تلو الصفقة مع طالبان، وأن زراعة وتجارة المخدرات تزدهر فى ظل وجود قواتكم. أما عن خططكم المستقبلية فإن الكلام يلف ويدور لينتهى عند هدف أساسى ألا وهو تبرير ضربة مستقبلية لإيران بسبب مشروعها النووى، بينما إسرائيل الدولة المارقة الوحيدة تمتلك ترسانة من الأسلحة النووية دون أن يحرك الناتو ساكناً.
مثال آخر .. عندما تحدث الأمين العام المساعد للناتو جان – فرانسوا بيرو عن صدور كل قرارات الحلف بالإجماع، ودون تمييز بين دولة كبرى ودولة صغرى قال له صحفى تونسى: أنت تحدثنا يا سيادة الأمين العام المساعد عن كيان مسخ هو الناتو .. يسير على ساقين أحداهما ساق طويلة جداً هى الساق الأمريكية والثانية قصيرة جداً هى الساق الأوروبية .. والنتيجة هى أنه يمشى كالمعاق أو كالمترنح.
وعلى سبيل المثال أيضاً فإن المنظمين لهذا اللقاء شاءوا تخصيص جلسة كاملة مع السفيرة فكتوريا فولاند الممثل الدائم للولايات المتحدة فى الناتو، بينما خصصت جلستين كل جلسة تضم ثلاثة من السفراء الأوربيين جملة واحدة.
وعندما تحدثت السفيرة الأمريكية كانت بالغة الفجاجة فى الدفاع عن السياسة الأمريكية فى العراق .. فما كان من كاتب هذه السطور إلا تذكيرها بأن أكثر من نصف الشعب الأمريكى له راى مختلف تماماً مع رأيها، وتذكيرها كذلك بأن السياسة التى تدافع عنها هى التى جعلت الإرهاب أكثر انتشاراً فى العالم عن ذى قبل، وان أعداد الضحايا الأبرياء للحرب ضد الأرهاب اكثر عشرات المرات من ضحايا الأرهاب نفسه، وأن الثمن السياسى لهذه الحرب الغامضة على ما يسمى بالإرهاب فادح حتى بالنسبة للشعوب الأوروبية والأمريكية التى تعانى الآن من انتهاك كثير من حرياتها العامة والخاصة. وأن الثمن الاقتصادى وقيمة الفاتورة المالية لهذه الحرب المجنوبة كان كفيلاً باجتثاث جذور الإرهاب عن طريق مساعدة التنمية فى البلدان المحرومة.
ولم تستطع السفيرة الأمريكية أن تكظم غيظها .. فنظرت فى ساعة يدها وقالت أنها مضطرة للذهاب .. دون أن ترد على هذا النوع السخيف من المداخلات!
ويبقى الأهم .. وهو أنه من ثنايا الأخذ والرد والسؤال والجواب أستطيع أن أنبه إلى أمرين:
الأمر الأول هو أن الناتو – رغم المشاكل الجسيمة التى يواجهها فى أفغانستان – يضع خططا مستقبلية للفترة من الآن حتى ثلاث سنوات قادمة، وبعد خمس سنوات (تستهدف ضم دول جديدة للحلف مثل السويد وفنلندا، وتوسيع العلاقات مع روسيا، والعلاقات مع الصين والهند مستقبلا)، وبعد عشر سنوات (وبخاصة التأقلم مع حقيقة أن أوروبا ستكون أكثر توحداً بما يفرضه ذلك من تحديات على الناتو).
أى أنهم يفكرون فى المستقبل ويدرسون سيناريوهات مختلفة بعضها يخصنا ويخص منطقتنا.
الأمر الثانى أنهم فيما يخصنا لا يقصرون نظرتهم على الحكومات والجوانب العسكرية فقط، وإنما يمدون نطاق بصرهم إلى المجتمع المدنى. وهذه نقطة بالغة الأهمية تستوجب يقظة كبيرة.
فإذا كنا نشكو من اختراقات لهذا المجتمع المدنى من الاتجاهات الأصلية الأربعة الآن، فماذا سيكون الوضع عندما يدخل الناتو هو الآخر على الخط؟!
ما أريد أن أخلص إليه هو أن العالم من حولنا يتغير، وكل اللاعبين الدوليين والاقليميين، بمن فيهم الناتو، يدرسون ويخططون ويبحثون عن شركاء جدد، فماذا نحن فاعلون؟!




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنها الحرية .. يا غبى
- أيها المجتمع المدنى الكسيح .. كم من الجرائم ترتكب باسمك؟!
- جرثومة الكسل الاسلامية!
- لا تقولوا أن -الفلوس- هى السبب !
- أفراح وأحزان.. في احتفالية مكتبة الإسكندرية بعيد ميلادها الخ ...
- ارفعوا أيديكم عن نقابة الصحفيين
- برنامج الأخوان:طلب لجوء سياسى جماعى إلى الماضى
- تصريحات ساويروس .. المهذبة
- رسالة أمل .. من نوبل
- الملك فاروق الأول .. والأخير!
- فواتير الصيام -المضروبة- فى بنك تنمية الصادرات
- النوبة تصرخ يا ناس!!
- قرار شجاع .. حتى لو جاء متأخرا
- بلد شهادات !
- ثمانون جلدة للصحفيين .. وثمانون مليون جلدة للدولة المدنية ال ...
- حتى فى إندونيسيا: الأصوليون يستغلون الديموقراطية .. لذبحها!
- حرب الاستنزاف
- -سر- ماهر أباظة
- الصحافة .. فى مرمى النيران المعادية والصديقة!
- هؤلاء الصغار الذين يشعلون الحرائق أليس لهم كبير؟!


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - يومان داخل عرين -حلف شمال الأطلنطى- .. يا حفيظ!