أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - هرطقة..إمي














المزيد.....

هرطقة..إمي


رحاب حسين الصائغ

الحوار المتمدن-العدد: 2113 - 2007 / 11 / 28 - 08:28
المحور: الادب والفن
    


سواحل بغداد كبيرة غارقة الشجون في عيونها، منذ أن رست سنوات عمري على شواطئها، وانا أزرع بين زبد بحرها بعض احلامي، أناجي الغيوم علَّها تندف من شعثها فوق خيالات البحر المطل على زجاج الأيام، تسرقني لحظات السعادة حين يتحرك ذلك الزبد، عجيب أمر الرمل الخشن عند ثنايا قدمي وأنا عارية أريد الغوص في متاهات صنعتها قوافي المراكب الحديثة الصنع، في كل شيء تدخلت التكنولوجيا حتى سياسة النفوس، لذا أجد عواطفي تحمل نوعاً من المعدن الحديثة، لما لا وأنا إبنة هذه المواد والعصر.
يوم تركني مع هوامش ذكرياته، ترك لي مظلته الملونة؛ تدفع عني حرقة جوفي ودموعي التي تراقص جفون عيني، جذبتني فكرة.. طارتها.. أخذت أجري وراء سرابي، رغبة مجهولة للقاء غريب تلاحق كلانا، في نفس محيط دائرة خطانا ندور، نجد كل الفصول خجولة من الاحداث الاخيرة، يشقعر بدني من لمست يدهن أطفو فوق الاغاني الصاخبة الآتية من المقهى الشعبي المزروع في محلتنا، كتلك الشجرة العالقة بها أسراب من حكايا الحب المسحوقة، أفكر في كل ذلك وأنا جالسة فوق سريري المهترء، أمي تطقطق بحركتها في جوانب البيت، بين حين وآخر تناديني:
- ماذا تفعلين؟.. كفاك أحلاماً!!!..أمازلت تجرين وراء السراب؟!، تعالي ساعديني.
يعود صدى صوتها مصطدماً بأرجاء بأعمدة هذا البيت القديم وحجراته العشرة، وسكانها الذين جمعهم شتات ايام مغبرة، تمتص احزانهم سقوفها الخشبية، درجت نملة تزحف إلى غرفنتا، أشرت لها أن لا تفعل، لأنني سأنتقم منها!، هزت لي بكتفيها غير مبالية، واتجهت نحو أمي،الشباك المنكسرة رقبته، لحفه ظل، لكن من يتسكع بجانب غرفتنا؟!، شرد الهواء المتعفن محلقاً خارج الغرفة، لم يبق في الغرفة غيرنا، أضجرني شيئاً ما في داخلي، تركته وخرجت ألى باحة البيت، كراكيب أمي لا تنتهي تدفع هنا وهناك، تعثرت خطواتي بحذاء قديم قابع عند الحائط، اعتذرت منه لأنني من جاء بطريقه، بقي صامتاً منقلب على ظهره، أمي تقول دائماً، لا تدعي الاحذية منقلبة ( قد يصلي عليها الشيطان)، لأنتظر وأرى هذا الشيطان.. وما أن ألمحه، حتى استفزه بقولي:
- اتصلي على ظهر الأحذية أيها الأحمق؟!.
- إن نطق أعلم أنَّ كل خرافات أمي حقيقة.
أما خرافاتي لم تنجز بعد!، طال انتظاري لمشاهدة اسطورة الشيطان يصلي، الشمس بدأت نتسحب من على الجدار، فكرت بها.. لا أعلم أين هي لافية!.. وماذا تقصد كل يوم من صطوعها، وبحرارتها المحرقة تزيد من كآبتي، عدت لأمي أسألها متى نأكل؟!، لم أسمع منها أي جواب يريح قلبي، دخلت مكان الطبخ الذي يشبه عش الدجاج، لا.. أجمل قليلاً، لم أجدها، ازداد تلهفي لمعرفة أين هي؟، بعد لحظات سمعت باب الغرفة يزقزق مثل عصفور جريح ألهبت الشمس جناحه، أمي تدخل وعلى وجهها علامات غريبة، ماذا كانت تفعل خارج البيت في مثل هذا المساء، لم أشأ سؤالها، لأنها كانت تفوح منها رائحة(...)، انشغلت بتفاصيل غيابها، تركت عباءتها وراء الباب، ورمت بنفسها على السرير، نحن الاثنتان نتلمس عذاباتنا في هذه الغرفة، هي مازالت فتية، وأنا نار الصبابة تلعب برأسي كل لحظة، كي لا أواجه الحرج بالسؤال، لبست العباءة واندحرت خارج الباب لعلي أعرف السبب، كان واقفاً هناك عند ناصية الفرع الذي يسردك ألى الشارع العام، رجل كث اللحية متوسط العمر تبدو ملابسه الرثة مثيرة للريبة والخوف، اتجه للطريق المؤدي للشارع أسرعت وراءه، كنت اشم رائحة التراب العفن، كأنَّ عاصفة حدثت، بيتنا بعيد بعض الشيء عن الشارع فهو مندفع في عمق الازقة، وصلت الشارع، مازال التراب ينهال، واختفى الرجل بين سحب الدخان في فضاء الشارع، ما هذا بقايا حجارة الجامع تسبح بكم من الأحذية المقلوبة على ظهرها، والشياطين منهمكة بالصلاة عليها.
- تباً لسماء أبطلت خرافت أمي!!!.





#رحاب_حسين_الصائغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جداً
- المرأة ضياء الوطن
- المرأة وفزاعة الحضارات
- مزامير راقصة
- قصص الكترونية قصيرة جداً.
- رغم الخرافة، أحبك
- وهم الدفء
- منجم مستمر
- عشقي وأحزاني
- موت لحظة
- لا أنكر يا مسيح القلب
- هديل الحلم وسيرة البياض
- قراءات زرقاء اليمامة
- الاندثار .. وإشكالية الارتباط في خريف المآذن
- إحتفال اللؤلؤ
- حرك ساكناً.. ولو حجراً
- تحليق يضيء الفكر
- قمع ذات المرأة
- نساك الشعر كهان العصر
- قصائد ما قبل الملحمة وما بعد الشعر


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - هرطقة..إمي