أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فؤاد منير خليل - بؤس في ساقية الشقاء















المزيد.....

بؤس في ساقية الشقاء


فؤاد منير خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2112 - 2007 / 11 / 27 - 09:23
المحور: كتابات ساخرة
    


إن الأسباب التي دفعتنا إلى ترك بلادنا الحبيبة ووطننا الغالي لنعيش في بلاد الغربة – بلاد الكفر والضلال والاستعمار والاحتلال وانحلال الشرف والأخلاق من وجهة نظر منظومة الاستبداد وزعماء الدين التابعين لهم والجاهزين بكل لحظة إلى إطلاق وتفصيل الفتاوى – هي أننا فقدنا الأمل بالعدالة الاجتماعية أو بتحسين ظروفنا الحياتية للعيش كبشر في وطن كبير كريم. أما بالنسبة للوضع السياسي فحدث ولاحرج فإننا فقدنا الأمل منذ زمن بالتفكير بالتغيير لأننا نعرف بأننا لا نستطيع فعل شيء للوصول إلى جزء من هكذا حقوق وخاصة بعد أن حدثهم عضاد ابن مقداد عن الحسن بن جلعاد عن أبو علي المسؤول عن فيشة العباد عن الحكيم زير النساء والشاهين حامي البلاد بأنك خطر على ديمقراطية البلد وبأنك حجر عثرة في طريق الخطط الخمسية والعشرية والسبعاوية في بعض.
إن كل هذه الظروف مجتمعة أجبرتنا ودفعتنا إلى البحث عن أي فرصة خارج الوطن للبحث عن سبل العيش بكرامة حتى لو كان البلد الجديد هو نيكاراغوا أو أرض الميعاد في الغرب وكم تمنينا أن نعيش حتى لو في لبنان الذي دمرته الحرب الأهلية والواقع المرير الذي تزداد جمراته من أمور لسنا بريئين منها كل البراءة.
ذهبنا إلى الغرب بعد أن جمعنا من كل صديق وأخ وحتى ربما من عدو مبطن بعض الليرات حتى اشترينا تذكرة الطائرة وعيوننا وقلوبنا تغص بحرقة الألم والدموع تغشيها كما كان الإرسال التلفزيوني عندما كنا صغارا ولم نكن نستطيع أن نرى فيلم كرتون أو أي شيء صافيا بدون غشاوة ربما كانت عائدة إلى الأنتيلات التي كانت غالبا من ملاعق وطناجر المطبخ الألومنيوم.
حتى بعد وصولنا إلى بلاد الكفر والضلال على متن طائرة صنعها الكفار بعد أن استندوا على كتب العرب والمسلمين وعلومهم وحساباتهم الموجودة كلها في القرآن على حد زعم الدكتور القرآني أحمد منصور ناكر السنة والعامل بها بنفس الوقت لم نستطع أن ننسى الآلام المزمنة والجروح البليغة التي زرعوها في قلوبنا وبقيت الكآبة تعترينا وتسكن في كل خلجة من وجداننا ولم يستطع الغرب بكل جبروته وتقدنه التكنولوجي والإنساني ولا حتى بوجهه الاستعماري أن يخلصنا من الكابوس الجاثم على رؤوسنا.
ذهبنا إلى الغرب الآثم حتى نبدأ حياتنا من الصفر بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ونحن في بداية الثلاثينات من العمر وما أصعب التعلم في الكبر والبدء من الصفر وأنت تعيش في بلد لا تعرف لغتها ولا عاداتها ولا تقاليدها ولا حتى طبيعة العيش فيها وكل ذلك لأنك مجبر عليه وما أردنا يوما الابتعاد عن الأهل والوطن لولا حفنة النذالة التي تريد أن تعمل منا عبيدا للإقطاع الجدد والبوروجوازية الحديثة والعسكريتاريا الموروثة المستحدثة.
إن ما أدخل البهجة والسرور إلى أفئدتنا لدى وصولنا إلى أوروبا نحن الفقراء هو أن المرء لا يرى الفارق المادي بينه وبين من يسكن معه من الجيران وخاصة إذا كان يعيش بين الأجانب كالألمان مثلا بما أنني أسكن في ألمانيا وأتحدث عن تجربة عمرها أكثر من ثمان سنين حتى الآن. بالرغم من كل هذا وبالرغم من دخولنا إلى حياة تشعرك بالعدالة نوعا ما أكثر من بلداننا الأصلية إلا أن حوادث الفارق الطبقي من غنى وفقر مازالت تطفو على السطح وتظهر نفسها بقوة في كثير من المجالات منها على سبيل التعداد لا الحصر:
- عندما تريد هنا أن تشتري سيارة مستعملة ولكن بحالة شبه جيدة فأن أول ما يثير انتباهك هو أن أكثر تجار السيارات هنا وخاصة الوكالات الكبيرة تخضع ملكيتها لأبناء بلدك الأصلي ومن أسماءهم الصريحة أو المستعارة تعلم أنهم أبناء المشاركين في استبداد وقمع الشعب وسرقة لقمة عيشه ووأد حريته التي لم يذقها يوما ولا يعرف طعمها. هذه ليست مشكلة كبيرة فإننا لن نشتري سيارة كل يوم ولانحتاج إلى أن نثقل كاهلهم بفقر حالنا وثقل دمنا وخاصة أن أكثرهم يحاول أن يصور لك بأن أكبر وأعظم خطأ عملته أو ربما في بعض الأحيان ارتكبه هو شخصيا هو ترك الوطن المعطاء بل ترك العيش الرغد وعندما تتشجع وتقول له بأن الشعب كما قال خدام قدس الله سره يموت من الجوع ويأكل من الحاويات يقول لك بأن الشعب طماع ولا يشبع والرواتب عالية وتكفيه أن يعيش بكرامة وإنسانية.
- عندما تريد أن تذهب إلى مطعم راق تكلفته لايمكن لك أن تتخيل رقمها ترى بأنه مملوك أيضا للعسكر أو للبورجوازية التي وضعت يدها بيد العسكر وقفزت خلال سنين من الأرض إلى زحل وعطارد.
- عندما تتفرج على بيوت كبيرة جميلة مكلفة وتعرف بأن الألمان مثلا لا يفكرون بتملك بيت بهذا الكبر والبزخ فإنك على الأغلب تتفاجأ بأن صاحبه هو ابن شخصية معروفة بالسلب والنهب وقمع الحريات.

على الرغم من كل ذلك إلا أنني وبحكم تجربتي الشخصية وحبي للعيش في مكان ليس فيه إلا الكفرة الألمان والروس والبولونيون فإنني لست مضطرا بأن أحتك بمن سرق لقمة عيشنا في بلادنا ويلاحقنا على لقمة عيشنا في الغرب هنا.
ما أثار حفيظتي من هذه الناحية هو تواجدي الآن في الولايات المتحدة الأمريكية للزيارة وتحسين اللغة كما ذكرت في مقال سابق. لحسن حظي أنني أعيش مع أخي في مدينة وولاية ليس فيها إلا الأمريكان والمكسيكيين وبعض العصاميين العرب الذين أتوا إلى أمريكا لدراسة الطب والعمل فيما بعد كحال أخي وقد استدان أكثرهم كرت الطائرة من الأقارب والجيران. الشيء الذي كسر هذا الحظر, ألا وهو عدم التفكير بالتفاوت الطبقي القائم على الظلم والاستبداد, هو أننا سافرنا في الأيام الماضية إلى مكان تجمع العرب في إحدى الولايات حتى تظن نفسك بأنك في سوريا أو لبنان ولست في أمريكا فالشوارع تحمل أسماء المحلات بالعربية وحتى الأطباء العرب أكثر مما يتصوره العقل. لقد تمت دعوتنا كل يوم إلى العشاء على ثلاثة أيام متوالية بسبب العطلة هنا لعيد الشكر thanks giving. في بعض السهرات كان يتواجد أكثر من مئة طبيب وطبيبة مع عوائلهم وأولادهم بالإضافة إلى بعض الزوار كمثل حالي.
الكل يعيش عيشة لائقة به كطبيب, عيشة لا يحلم بها في بلده حتى لو كان طبيبا لأعلى هرم السلطة أو للقمع والاستبداد. كم كان هذا جميلا وأنت ترى شخصا اضطر لترك أهله ووطنه للدراسة وتحسين ظروفه المعيشية وظروف أهله وعائلته. لكن ما كان يثير الفضول ويحرض الذاكرة كثيرا على أيام البؤس والشقاء والظلم هو الكثير الكثير من الأسماء المرتبطة بأسماء قطاع طرق, سارقين, متسلطين, ظالمين وناهبين للوطن والبلد. طبعا لا تستطيع أن تسألهم عما إذا كان أحدهم مثلا ابن فلان أو علتان وخاصة أنه طبيب أو مهندس أو رجل أعمال يدير الثروة التي جمعها والده من دم الشعب وعصب حياته. هؤلاء الأشخاص هم من يملك الثروة الملفتة لإنتباه حتى الشعب الأمريكي نفسه. هذا عدا عن المسؤولين القادمين لرؤية أولادهم في قصورهم ولا يقيمون إلا في بيوت فرشها من الوطن الحنون المعطاء وتكاليف نقلها إلى الولايات المتحدة الأمريكية يفوق ثمنها الباهظ كثيرا, هؤلاء المسؤولون الذين يتحدثون عن الوقوف في وجه أمريكا ومحاربة أمريكا ومع ذلك يرسلون نساءهم للولادة في حضن أمريكا لكي يحصلوا على جنسية هذه الدولة الاستعمارية الخبيثة التي لا نريدها وكل ذلك على حساب لقمة الشعب الجاهل الذي تعود وتجرع الذل والهوان منذ مئات القرون. من كثرة ما رأيت وسمعت في الأيام الماضية تذكرت كلام جارتنا الأمية المسنة في سوريا منذ أكثر من اثني عشرة سنة عندما رفضتني سوريا للتطوع كضابط شرطة رغم نجاحي في المسابقة مرتين وملء الاستمارة – طبعا سأكتب موضوع ذلك على حلقات وبالأسماء مع تفصيل ممل – وتجرأت على إظهار انزعاجي من السلطة أمامها وأمام والدتي حيث ردت بالحرف الواحد:”شو يا ابني ليكون بفكرك إذا تغيرت السلطة تغير الوضع. إي ما حدا راح يجي غير ابن الضابط ليصير ضابط وابن الوزير ليصير وزير”. كما تذكرت مسلسلا سوريا دراميا عن أيام الاحتلال العثماني التركي لبلادنا والذي سامحناه الآن رسميا بلواء اسكندر ون وتوابعه وكان أبطاله جمال سليمان وخالد تاجا والأموره سوزان نجم الدين – لا أذكر اسم المسلسل فأنا ممن لا يحفظ أسماء المسلسلات – حيث كان جمال سليمان يقود الفلاحين ضد الإقطاعي التركي خالد تاجا الذي لم يوفر وسيلة لقتله حتى بعد أن تزوج من ابنته سوزان التي تبرأ منها لفعلتها الشنيعة. القصة التي تذكرتها هي أن الرجل التركي المريض انتهى وأتى الفرنسيون إلى سوريا لإكمال الاحتلال ولما وصل الضابط الفرنسي إلى قصر الإقطاعي تاجا التركي الذي لم يستطع ترك أطيانه وأعيانه للهروب قبل وصولهم وذلك للطمع وحب التملك والسيطرة وقهر الفلاح – تماما كما هو الحال عليه الآن ولكن بأسلوب قهر وظلم جديدين – ترجل الضابط الفرنسي وألقى التحية عليه وقال له بأنه صديق ابنه الذي يدرس في فرنسا وبأنه إذا احتاج شيئا فإن فرنسا ستدعمه ليكمل مشوار ظلم وسرقة وقهر واستبداد الفلاحين. بعد تذكري لهذه الحوادث واستقراءي للواقع المزري الذي هربنا منه على أمل الرجوع لم يعد هناك أملا بل وأدوه وقتلوه في الصميم وهو في طريقه الوعر المليء بالأسى والحزن.
بعد كل هذا كيف لنا أن نعيش على أمل الغرب بأن يحقق لنا شيئا من العدالة الإجتماعية والديمقراطية حتى لو كانت ديمقراطية صادقة بفحواها ومعناها وليست ديمقراطية الحرب والاستعمار في الجوار. لقد أزالت أمريكا صدام حسين من الوجود وأحضرت الجلبي والمالكي والطالباني وووو.
لو أن الأمم المتحدة اجتمعت يوما وبطريق سلمي ودون حرب أن تساعدنا في التغيير فمن ستجلب لنا من أمريكا وأوروبا؟ هل ستجلب لنا ابن غازي كنعان الذي يلعب بالملايين – طبعا الدولارات وليس الليرات اللبنانيه – أم جمال خدام أم رجل الاقتصاد السوري مخلوف أم دوبا وحيدر وحربا وشاهين والأحمر وقدوره ومشارقة ووووووو.
أنا لا أضع نفسي الآن في جبهة المعارضة وقلتها في مقالات سابقة وأقولها مجددا بأنني لست ضد أشخاص معينين بالذات أم بالنوع, بل أنا ضد كل ماهو ضد شعب ووطن.
إلى كل الشعوب أقول بأن أي تغيير يجب أن يكون منكم أنتم بدون الغرب وحتى بدون الجوار وهذا لا يعني رفض المساعدة بل قبولها بما لا ينقلنا من استعمار داخلي إلى استعمار خارجي.
إلى كل الشعوب أقول بأنه ليس من الحمق والغباء الاستشهاد من أجل الحرية والعيش بكرامة ولن تستطيع سلطة في التاريخ ولن يستطيع استعمار في العالم أن يبيد شعبا عن بكرة أبيه إذا وقف الشعب يدا واحدة.
إلى شعبي وأهلي أقول إياكم والوقوف خلف معارضة أنتم وقودها فقط أما قوادها فهم من نمرة خدام والبيانوني ورفعت الأسد أو البورجوازية السورية التي نمت وترعرت في أحضان البعث و تربة الاستبداد.
إلى كل شريف أقول: حاول أن تتذوق طعم الحرية التي لا يمكن أن تعرف إلا بالتجربة والممارسة عندها ستكون مستعدا للموت من أجلها.
إلى كل الشعوب أقول كونوا بشرا حتى تستحقوق العيش كالبشر فللأسف وحتى الآن لستم إلا أرانب في غابة تحكمها الثعالب والذئاب المفترسة المتذوقة للقتل والتعذيب.



#فؤاد_منير_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلال
- حق لن يسقط بالتقادم
- معاناة على طريق الألم
- برقية تهنئه واعتذار
- الغزال الشارد
- أذكرك
- ليبراليه أم تطرف
- الذئاب والغزلان


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فؤاد منير خليل - بؤس في ساقية الشقاء