أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - صارم / شموس / حازم ... إلى السيدة دينا سليم ، راهبة بريزبن















المزيد.....

صارم / شموس / حازم ... إلى السيدة دينا سليم ، راهبة بريزبن


عدنان الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2112 - 2007 / 11 / 27 - 09:34
المحور: الادب والفن
    



ماذا تفعل كاتبة موهوبة حين تجد نفسها محصورة بين قالبين ، الأول منهما قالب إسمنت مسلّح ، أما ثانيهما فقالب من الثلج المقوّى ؟ هل للقوالب المقولبة قلوب ؟ من دم ولحم ؟ من حجارة [ قلوبٌ كالحجارة لا ترِّقُ / أحمد شوقي ] ؟ قلب ! قالب ! قالب ! قلب ! القلوب قلّب .... تتقلب.
قلبٌ ... قُ بَ لٌ ... قبّلَ وجتنيها و ث .... قَبل بأحكام زمانه . قلبٌ ... لقبٌ . قلبٌ ... بقل ٌ . قلبٌ ... بَلَق . قلبٌ ... ل َب ِق ٌ .... ما أكبر حجمك يا قلب وما أوسع الصدر الذي يحتويك وأنت طبل فيه تٌقرع ليلاً ونهاراً للفرح كما تقرع للأحزان ... تقرع للسلم كما تقرع لإعلان الحروب. لذلك خاطبك محزوناً الشاعر بشارة الخوري الأخطل الصغير فقال :

كفانيَ يا قلبُ ما أحملُ
أفي كل ِّ يومٍ هوىً أوّلُ ؟

سكتنا فما غرّدَ العندليبُ
وتبنا فما صفّق الجدولُ

فلماذا نسبوك للهوى ومشتقاته وأنت طبل حرب وسلام ؟ السلام للهوى والهوى لزمن السلم لا غير فأين مكانك زمن الحروب ؟ قتلوك يا قلب في بغداد ، لم يعدْ هناك من مكانٍ لك . لا سلم في العراق فقست وتحجّرت ثم ماتت القلوب . هل من علاج أو طب ودواء لميت ؟ [ ما لجُرح ٍ بميّت ٍ إيلامُ / المتنبي ] . الحاصل ، نعود للشمس الشمّوسة ، صاحبة القالبين المتناقضين وبالطبع القلبين المتناقضين . ما شأنها يا متنبي يا صديق الكواتب والشوارع من صاحبات العيون النُجل ؟ ردد صاحبي بيتاً شعرياً يأخذ بمجامع القلوب :

مثّلت ِعينكِ في حَشايَ جراحة ً
فتشابها ، كلتاهما نجلاءُ

نفذتْ عليَّ السابريَ وطالما
تندق ُّ فيهِ الصَعدة ُ السمراءُ

ما أروعك يا شاعر وما أرق جسدك . كيف تجرح نظرات بعض العيون النجل حشاك ؟ هل فيها أشعة ليزر أم فوق البنفسجية ؟ كيف طابقتَ بين العين النجلاء والطعنة النجلاء ؟ أية نظرة من أية عين تخترق الدروع المحكمة يا متنبي ؟ الحاصل ... قال الشاعر ، ما نحن فيه ، ثم سأل : وما خطب صاحبة الشموس مع القوالب المتضادة ومن هما صاحبا هذين القالبين وهل كان القالبان في وضع متواز ٍ في الفضاء أم كانا متعامدين ؟ سؤال طريف ووجيه يا متنبي ، كل الوجاهة . قال وما وجه الطرافة في هذا السؤال ؟ قد أفهم وأتصوَّر الأوضاع المتوازية هندسيا ً في المكان لكني أجدها عليَّ شديدة العسرة أنْ أتخيلَ وأنْ أفهم الأوضاع المتعامدة لقالبين في حالة تضاد يحصران كاتبة رقيقة جداً فيما بينهما ، يخنقانها كما تخنق بعض الأفاعي ضحاياها قبل إبتلاعه . كان المتنبي شديد الإنتباه لما كنت أقول . فكّر قليلاً ثم قال : أتقصد أن الكاتبة والشمس الشموسة حسب أغنية فيروز [ طلعت يا أحلى نورها شمس الشمّوسة ] مهددة بخطر الإبتلاع ومَن المرشح مِن هذين القالبين لإبتلاعها حية ً تتنفس وتتحرك يمنة ً ويسرة ولا من معين ؟ كلاهما يا متنبي ! هناك بينهما منافسة حامية الوطيس يكاد لظى نارها أنْ يحرقَ جلدي وأنا البعيد عن المسرح . هل جلدك رقيق إلى هذا الحد بحيث تحرقه نار حامية تبعدك عنها آلاف الأميال وبحار ومحيطات وجبال وقارات ؟ أجل يا متنبي ، إنها نار الغيرة يا متنبي ! ضحك المتنبي طويلاً وقد إلتقط النكتة الساخرة لفظها لساني الذي جفَّ من فرط المتابعة والخوف على [ شمسي ] من خطر الإزدراد أو البلع . غدا بلع المال الحرام في عراق اليوم أمراً حلالا ً لا يحرمه شرع ولا دين ولا عقائد . أصبح الشعار السائد هو : إبلعْ وإبلعْ ثم إبلعْ ولا تشبعْ !! قال خرجتَ بنا عن الموضوع . إنَّ للموضوع أكثر من صلة يا متنبي . كيف ؟ الذي يبلع أموال الناس لا يتورع عن بلع الناس أصحاب هذا المال الشرعيين . وهذا ما يحدث كل ساعة على أرض بلاد ما بين النهرين وأرض الفراتين وعراق العرب والعجم أجمعين . قال قد خرجتَ ثانيةً عن الموضوع . هيا عدْ لقصة الكاتبة شموس ولا أدري ، أضاف ، إنْ كان هذا هو إسم الكاتبة الحقيقي أم إنه إسم (( حَرَكي مزيّف )) ؟ لا من فرق يا متنبي ، شموس الراوية تتقمص دور صاحبة الكتابة ، نجمة أحداث الرواية وبطلتها الحقيقية ... تمسخها ـ تحل محلها ، وقبل أن أنهي كلامي بادر المتنبي عجلانَ للقول : وتبلعها بلعاً ... غرقنا في ضحكة طويلة صاخبة فتذكرنا أقداح الشاي التي تركناها على الطاولة الضخمة أمامنا فترشفنا ما بقي فيها من شاي بارد شديد البرودة ولا من طعم في شاي بارد. دخن َّ سيجارة جديدة وطلب إبريق شاي ساخن وزجاجة ماء معدني وما يتيسر في الدار من خفيف الطعام .
بعد الإستراحة من فاصل الضحك والتنكيت وخلط الهزل بالجد والجد بالهزل والشاي شديد السخونة طلب ضيفي مني أن أعود لتفصيل جوهر عنوان مقالي هذا . حيرني سؤاله : مَن القالب صاحب الوضع الشاقولي أو العمودي المتسامق متجهاً برأسه نحو السماوات العُلى ومَن صاحب الوضع الأفقي الذي خالف منطق الأشياء فشذ َ فقلب قامته الطويلة وتوازى مع سطح الأرض من باب ( خالفْ تُعرفْ ) ؟ حازم يا ضيفي هو الأول وصارم هو الثاني . لم يخفِ المتنبي دهشته من هذا التقسيم فسألني وكيف عرفت وشخّصت هذا من ذاك ؟ عرفت ( صارم َ ) جيداً ، تابعته في رواية { الحُلم المزدوج } بشكل مُرض ٍ فعرفت إنه رجل مقلوب مغلوب على أمره تماماً كما هو حال السمكة التي إلتقطت سمّا ً في سنّارة ( شص ) ، إنها تنقلب على ظهرها عائمةً فوق سطح الماء . فالرجل منقلب أو مقلوب الأوضاع . قال أبنْ أكثر ما دمتَ تزعم أنك قرأت الرواية وتفهمتَ دوره فيها . ( صارم ) يا متنبي شاعر مثلك عراقي أجبره صدام حسين ونظام حكمه الجائر على الخدمة مجنَّداً في الجيش فقاتل في جبهات الحرب مع إيران لأكثر من ثماني سنينَ عددا . لم يطقْ الشاعر صارم الحياة في بلده ـ شأن الكثير من الشعراء والأدباء والكتاب والمثقفين وغيرهم الكثير ـ فغادره وأقام في العاصمة الأردنية عمّان مخلفاً وراءه طفلتين وأمهما . كانت حياته في العاصمة الملكية عمان حياة تعيسة وغير آمنة حيث لا من إمكانية لعمل مناسب ولا من مورد للرزق الحلال ، شأن أغلب بقية أصدقائه وزملائه الباقين . تعرّف في هذه الظروف على كاتبة وتعلّق بها ثم أحبها وكتب لها أشعاراً ناجحة وبثها حبه ونجواه ولا من عجب . كان محاصراً وتعيساً وبائساً مشرداً فوجد في ( شموس ) المرأة التي تعوضه عن طفلتيه وأمهما ، ثم لتخفف عنه ثقل وطأة الغربة والتشرد والبؤس . كان المتنبي مصغياً لكلامي يكتم حركة صدره شهيقاً وزفيراً لكنه زاد من وتيرة تدخينه . كان منفعلاً ومتأثراً بقصة زميله العراقي التعيس . وهل بادلته السيدة ( شموس ) حباً بحب ؟ سألني ضيفي . نعم ولكن ، كانت شديدة الحذر لأنها ما كانت مستقرة في عمان ، وجودها فيها وجود طارئ مؤقت إذ كان في رأسها مشروع الهجرة إلى قارة بعيدة لأسبابها الخاصة المختلفة جذرياً عن أسباب وأحوال وظروف صديقها الشاعر صارم . لكل منهما ظروفه وأسبابه ودوافع مغادرة وطنه . تعددت الأسباب والهجرة واحدة . سرح المتنبي عني وعن الموضوع وحين آبَ من سروحه قال قد شوّقتني يا هذا للسيدة شموس ! كيف يا شاعر ؟ لِكم كنت بمسيس الحاجة لسيدة مثلها تشاركني عزلتي ووحدتي وكآبتي حين كنتُ شبهَ سجين بالقرب من كافور الإخشيدي في فسطاط مصر . سقطتُ مريضَ الحمّى في مصر العجائب كما سقط في عمان صاحبك الشاعر التعيس صارم . وهل تنفع صرامة مع مرض وسقام وجوع وبرد وحمّى ؟ تنفل ُّ لا شكَّ صرامة الرجال وتتفكك . تنهدَّ المتنبي وهو يقول : أين أجدها ، أين ألقاها ؟ مَن ؟ شموس ، أجاب . هاجرْ إلى حيث هاجرت وإستقرت وسأزودك بعنوان بيتها ورقم تلفونها لتتعرف عليها هناك وبعد فترة ربما قد تطول أعرضْ عليها فكرة الزواج منها فلعل أن توافق وتتخذ منك زوجاً . سأزكيك من جهتي لها وسوف أطنب في مديحك وتعداد مناقبك وبطولاتك في الحروب ومعرفتك الدقيقة بطبائع وعروق خيول العرب الأصيلة فإنها تهوى رياضة الفروسية وركوب الجياد الأصيلة وإنها تعشق الحرية والأصالة . قال سأفكر في الأمر . فكرْ وقررْ وخبرني . قال سأفعل.
قبل أن يتأهب ضيفي لمغادرة بيتي والرجوع إلى مقر إقامته وسكنه على كوكب المريخ ردد مراراً : مَن كان في مثل ظروف المسكين الشاعر صارم لإبتلعته الأرض الدوّارة قبل أن تسمح له بإتخاذ وضع موازٍ لسطحها ، كيف لا ينقلب مثله وكيف لا تلتوي سبل حياته وطرائق تفكيره ؟ ثم سأل : وهل من سبيل لقراءة بعض ما كتب شاعر عمان التعيس لصديقته ( شموس ) وما كتبت له أو فيه وكيف ردت وكيف تجاوبت مع حبه ؟ بالتأكيد ، بكل تأكيد يا صديقي . سنقرأ في لقاء آخر معاً رواية (( الحلم المزدوج )) . قال شكراً ثم إختفى ... لا تراه عيني .



#عدنان_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدافعون عن قتلة العراقيين / يا ضباط العراق حاكموا العميل س ...
- ورابعهم المتنبي (2) / إلى وهيب وهبة... صاحب المجنون والبحر
- والمتنبي رابعهم (3) / إلى سامية وهبة ... سيدة اللقاء
- إلى مَن يهمه الأمرُ ...
- سياحات خيالية (5) / ليزا وسعاد
- صور غابت وذابت في الشموس
- يا طالباني ويا هاشمي ...
- سياحات خيالية (4) / سعاد في بغداد
- سياحات خيالية (3) / أميرة وسعاد
- سياحات خيالية (2) / الممرضة سعاد
- سياحات خيالية (1)
- قصص ألمانية سوريالية (6)
- قصص ألمانية سوريالية (5)
- ورابعهم المتنبي (1)
- قصص ألمانية سوريالية (4)
- قصص ألمانية سوريالية (3)
- قصص ألمانية سوريالية / (2)
- قصص ألمانية سوريالية (1)
- المتنبي والأرمن / شكر للسيدة سهيلة بورزق
- من تأريخ الحلة النقابي والسياسي / الجزء الثاني


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - صارم / شموس / حازم ... إلى السيدة دينا سليم ، راهبة بريزبن