أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - راحت - الحزيطة- تفرح !















المزيد.....

راحت - الحزيطة- تفرح !


نايف أبو عيشه

الحوار المتمدن-العدد: 2112 - 2007 / 11 / 27 - 09:29
المحور: الادب والفن
    


العديد من المفردات تداولها الناس بعد مجيء السلطة. منها كلمة " الحزيط" و "الحزيطة". ولمن لا يعرفها فهي كلمة ( الحزين والحزينة) , ولكن تم تحويرها , حتى يخف وقعها على السمع , فلا تشكل استفزازا للشخص الذي يسمعها وتقال له من محدثه , وخاصة ان كان الحديث بين اصدقاء او اشخاص متعارفين من قبل .
سمعتها لاول مرة من صديق عاد للتو من السعودية , بعد مجيء السلطة بعدة سنوات تقريبا . عندما سالني ان كنت حصلت على وظيفة في احدى وزارات السلطة او اجهزتها الامنية الاخرى ,فاخبرته اني ما زلت معلما في في احدى المدارس البعيدة , مع اني اسعى لذلك . رد علي متعاطفا معي : " ولو يا حزيط . ما إنت على حساب . قدمت كثير , وضحيت وانحبست فترة طويلة , وضاع من عمرك كتير بالسجن . كل هذا ع الفاضي ؟! " اجبته وانا احاول فهم معنى كلمته :" لا يا صديقي كيف ع الفاضي . وبعدين وقت اللي تنظمت وانحبست ما كنت انتظر منصب ولا مكافأة من حدا , لانه كان هالشيء عن قناعة واختيار بارادتي "
رد بالحاح :" لكن فيه ناس غيرك اخذوا مناصب ووظائف محرزة ورتب علية , وما انحبسوا ولا ضحوا , ولا قدموا مثلك " وتابع يقول قبل ان ارد عليه " انت يا حزلوط اللي مغمض ومش عارف كيف تدبر حالك لليوم بوظيفة . وبعدين هذا حقك الطبيعي مش منة من حدا "
استمر الحوار مع صديقي لبعض الوقت ولم اساله عن معنى الكلمة وتصغيرها لاني خمنت من تكرارها اكثر من مرة ,انه يعني بها " يا حزين " وابتسمت حين صغرها ل" حزلوط " . ودعته وانا افكر بكلماته لي عن الوظيفة وقررت ان ابذل جهدا آخر بهذا الشان لعل وعسى. وبدات كلمة "حزيط " واحيانا " حزلوط " , تسمع في احاديث كثيرة , وقال البعض ان النساء يستخدمنها اكثر من الرجال . فتقول احداهن مثلا بعد حفلة الزفاف " حزيط فلان عروسته بالمرة مش حلوة " او " حزيطة فلانة , جوزها بده يتجوز عليها " او " حزيطة فلانة لا بتعرف تطبخ ولا تخبز ولا تقلي بيضة " واحيانا يقال " حزيط ابو عمار , لا اسرائيل اعطته شيء ولا الشعب راظي عنه " واحيانا " حزيط ابو عمار , حاصروه في المقاطعة ومش قادر يروح ولا يجي " وكذلك بعد موت الملك حسين " حزيطة نور , كيف بدها تسوي ووين بدها تروح بعد ما ترملت ومات الملك ؟" وحتى بعد استشهاد ابو عمار , " حزيطة سهى , وين بدها تروح تعيش مع بنتها زهوة بعد اللي صار ؟"
= = = = = = = = = = = = = = = = = = == = = = = = = == = = = = = = = = = =
قررت الحاجة ام ابراهيم زيارة ابنها في رام الله بعد ان استقر بوظيفة في احدى الوزارات وتزوج هناك واشترى بيتا في ضواحي المدينة . كان يوم الجمعة , عندما خرجت من البيت وهي تحمل حقيبة ملاى بالزيتون وخبز الطابون والزعتر البلدي والجبن المغلي واتجهت نحو كراج البلدة تحث الخطى لتصل مبكرا الى الحاجز الذي تنطلق منه في سيارة اخرى الى رام الله . وكان همها الا تراها جارتها ام العبد , التي تسالها عادة عشرات الاسئلة عن وجهتها ومشوارها فينتهي الامر غالبا بان تطلب منها , ان تحضر لها بعض الاغراض والحاجيات رغم وجود هذه الاغراض في المدينة القريبة من البلدة , كالحلوى , وقمر الدين ,والزبيب , والكعك بسمسم . ولان ام ابراهيم قررت هذه المرة ان تبقى بضعة ايام في ضيافة ابنها , فقد حرصت الا تلتزم باية متطلبات لجارتها , فتتهمها بالبخل ,والنسيان المتعمد . وتلومها على ذلك على الرغم انها غالبا ما تعيد النقود لجيب بلوزتها , عندما تقول لها ام ابراهيم " خلص خلي حقهن علي " . مشت ام ابراهيم ملاصقة للابنية القريبة من الشارع الرئيس , وهي تحث الخطى رغم حقيبتها الثقيلة , حتى لا تراها جارتها الفضولية , وما كادت تبتعد عشرات الامتار عن البيت حتى سمعت جارتها تناديها من شرفة بيتها البعيد , فواصلت ام ابراهيم مشيتها مسرعة , متذرعة بعدم سماعها , الا ان جارة اخرى , كانت اقرب اليها , اعترضتها " ردي على ام العبد بتنادي عليكي يا حزيطة مش سامعتيها . فزعت عليك البلد ؟" توقفت المراة وضعت الحقيبة على الارض والتفتت للوراء , وسمعتها تسال من بعيد باعلى صوتها : " مالك يا حزيطة , موش سامعتيني وانا بنادي وانقطع صوتي ؟!" ردت المرأة بنفاذ صبر محاولة التهرب من جارتها وتستعد لمواصلة السير : " والله مستعجلة كثير يا ام العبد . تقولي هيك قلبي اكلني على ابراهيم من كم يوم , بدي اروح اتطمن عليه بعد الاجتياح اللي صار عندهم , ويمكن اغيب اسبوع زمان . يللا بخاطرك "قالت جارتها بنبرة معاتبة :" انتي هيك دايما يا ام ابراهيم . بصلتك محروقة . طيب احكي لي من امبارح بدك تروحي ع رام الله , عشان بدي اكم غرض ضروري ".ردت ام ابراهيم محاولة التملص منها :" المشوار الجاي ان شالله , لاني مستعجلة كثير ,وما بدي اتاخر , عشان في حواجز كثيرة , ومشددين صار لهم كم يوم , والسيارة بدها تلف بينا طرق كثيرة , يا دوب العصر اوصل رام الله " قالت جارتها معاتبة بالحاح وهي تمد كلماتها:" واااال يا ام ابراهيم . هساع انا اللي مركنة على الله وعليكي تجيبي لي أكم غرض من هناك , واستنى تروحي يوم بيوم . صرتي مستعجلي. اساع النهار باوله , هي الدنيا طاراااات ؟!" . سالتها أم ابراهيم , بعصبية ونفاذ صبر , بعد ان حوقلت , وتعوذت من الشيطان سالتها بنبرة غاضبة :" ايش بدك يا ام العبد . احكي بسرعة لاني مستعجلة وبدي الحق السيارة لا تفوتني ". ردت جارتها وهي تلوح بورقة بيضاء بيدها من بعيد ,:" هاي اكم غرض , مسجلات بالورقة , بعينك الله لاقيني خذيها " قالت ام ابراهيم متأففة :" طيب ابعثي لي اياها بسرعة مع حدا من الاولاد " ردت جارتها معتذرة " والله ما حدا منهم عندي ,بعينك الله تعالي , لانك اخف مني . ارجعي خذيها , بنولك ثواب " . كانت السيارة تتأهب للانطلاق بوصول ام ابراهيم اليها , الا ان رجوعها لجارتها , ضيع عليها الفرصة , عندما جاء الراكب الاخير وانطلقت مسرعة , تاركة المراة لتنتظر في السيارة الفارغة من الركاب . وبدات الدقائق تمر بطيئة ثقيلة وهي تتلفت للوراء ولكل الجهات وعيناها تراقبان الطرقات المؤدية للكراج لعل وعسى ان يحضر باقي الركاب بسرعة وتغادر البلدة , وهي تتمتم في قرارة نفسها " لا حول ولا قوة الا بالله . الله يسامحك يا ام العبد . فاتتني السيارة , وهساع انطري يا ام ابراهيم ساعة والا اكثر , حتى يجيوا الركاب . لكن يللا . المعاملة مع الله . ان شالله كل تاخيره فيها خيره.يللا يا ام ابراهيم .طولة الروح ,والعجلة من الشيطان " بدات تقرا الايات القرانية التي تحفظها وتسبح وتستغفر وتهلل , وعقلها مشغول على ابنها . احست بقلق واضطراب مفاجيء في نفسها , ولكنه زال مع وصول ثلاثة ركاب سوية , تفائلت خيرا وحمدت الله في نفسها وتنفست الصعداء, وبعد دقائق جاء راكبان اخران , فصعد السائق لتشغيل السيارة , استعدادا للسير فور وصول الراكب الاخير . نزل منها وبدا ينادي بصوت عال " اخر راكب ع الحاجز " . فجأة مرقت مجموعة من شبان البلدة متراكضين نحو الجهة الغربية منها وهم يصرخون محذرين وحاثين الجميع اللحاق بهم " المستوطنين في اراضي البلد معهم جرافات وبيقلعوا الزيتون . عليهم يا اهل البلد عليهم " وبعد لحظات انطلقت سماعة المسجد تنادي الاهالي ليخرجوا دفاعا عن اراضيهم وزيتونهم " قفز الركاب من السيارة , ولحقوا بالاخرين ,فلم تجد ام ابراهيم مفرا من النزول واللحاق بهم لاهثة من حملها الحقيبة . وبدات تسمع طلقات نارية بغزارة في الطرف الغربي للبلدة . حثت الخطى مسرعة نحو البيت لتعيد الحقيبة , وتلحق بالناس المتراكضين من كل الازقة والطرقات وهم يحملون الحجارة والعصي , ويهتفون مهللين مكبرين .من بعيد لاحظت اشتباكهم مع قوات الجيش ومجموعات المستوطنين , في حين كانت سيارات الاسعاف تصدر صافراتها القوية وهي تنقل الجرحى لمستشفيات المدينة , وعندما اقتربت من مجموعة شبان اصطبغت اياديهم وملابسهم بدماء المصابين, صاح احدهم بانفعال :" ابنك عدنان تصاوب يا ام ابراهيم ونقلوه ع المستشفى " سالته بنبرة باكية وهي تفرك يديها على صدرها بخوف :" كيف اصابته يما . خطيرة كثير ؟" رد وهو يبتعد راكضا نحو مكان الاشتباك :" والله ما بعرف , لكن في غيره اربع شباب انصابوا , واحد منهم اصابته خطيرة كثير " علق شاب اخر يرافقه :" ان شالله بسيطة يا حجة , الاصابة برجله ما بتخوف". فكرت ان تذهب للمستشفى لتطمئن على ابنها , لكنها واصلت السير مع الاخرين لمكان المواجهة غير المتكافئة بين الجنود ومجموعة المستوطنين المتسلحين بالبنادق الرشاشة والعصي والكمامات والدروع الواقية وقنابل الغاز المسيل للدموع , وبين الاهالي المتسلحين بالحجارة والعصي والمقاليع , وهم يتفادون الرصاص الحي , ويحتمون من قنابل الغاز المدمع , وبعض الشبان كان ينجح بالتقاطها ورميها نحو الجنود !
بقلم : نايف أبو عيشه
23/11/2007



#نايف_أبو_عيشه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يوميات معلم مشاغب (6) !
- من يوميات معلم مشاغب !
- بعد لقاء المدير !
- يوم الاضراب الشامل !
- حكاية شعبية- الجنرال والسمكات !
- سقط السيف وترجل الفارس !
- -حكاية شعبية- الفرس من خيالها !
- ابو المقالب(2) !
- حسبوني مختار !
- -حكاية شعبية- حلها ابن المجنونة !
- من غير كلمة وداع !
- يا بصير هيك, يا كل شيء بدار اصحابه !
- -حكاية شعبية- الفرارات !
- ..في اليوم العاشر !
- -كل عام وانتم بخير - ...من واقع العيد !
- -حكاية شعبية- عائلة الطرشان !
- مكافأة عيد العمال !
- ضبع النقارة !
- الاسطبل والباشا !
- - حكاية شعبية- الراعي والقطروز !


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - راحت - الحزيطة- تفرح !