أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - المنصور جعفر - وقائع موت مُعلن للإنسان















المزيد.....

وقائع موت مُعلن للإنسان


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 2110 - 2007 / 11 / 25 - 11:52
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يتناول هذا المقال إمكانات الفصل بين النظرية والممارسة، محاولاً الإشارة إلى بعض الفوائد المترتبة من ذلك الفصل وإلى بعض الخسائر الناتجة عن هذا الفصل، في بعض جوانب المستوى التفصيلي وفي المستوى العام لوحدة النظرية والممارسة الثورية.

نشأت فكرة هذا المقال من إجتماع ثلاثة عوامل هي: وقائع الممارسة الحزبية، والتأمل في عنوان المسرحية الشهيرة: وقائع موت مُعلن ، والإنخراط في النقاش العام مع النظر إلي متبعثرات النقاش أو مرتكزاته لتجديد أحوال النظرية والممارسة في الأحزاب الشيوعية، وكان ضمن ذا التبعثر أو التركيز حلقة نقاش قيم ثر كان عنوانها هو: " كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية " ، وبإجتماع الممارسة والتأمل والنظر نبتت فكرة هذا المقال وتبلورت بعض نقاطه بما النقاش العام وما حف النقاش في تلك الحلقة من موضوعات مهمة وطروح نظرية وعملية جيدة ومفيدة لم تخلو بطبيعة كل فعل بشري من أخطاء. وقد كان أوضح تلك الأخطاء هو بروز إتجاه للسوية بين كيانين مختلفين متمايزين هما كيان "الديمقراطية الليبرالية" وهي حالة محدودة بقدرات ومصالح رأس المال وكيان وحال "التغيير" الذي يختلف بطبيعة إجتماعيته وتاريخيته عن محدودية التكوينات الرأسمالية وطبقيتها. ولم يك هذا الخطأ العام من لدن النقاش السلسبيل الفائدة، ذلك إن الإتجاه للسوية بين النازل والصاعد في صراع الطبقات، هو إتجاه سائد في كثير من الأحزاب الشيوعية في العالم الثالث بحكم ظروف عيشها في يحموم الديكتاتوريات السياسية لرأس المال والعسكرية منها بالذات، وبحكم غلبة إتجاهات المناشفة في أوربا وفي العالم الثالث بعد المؤتمر العشرين لحزب الشيوعيين السوفييت (فبراير 1956) وتحويلها دفة التغيير الثوري إلى حالة متفاقمة من الإستغناء عن هذا التغيير في ظروف الحرب الباردة بالتحول من هذا التغيير كحال لإستئصال جذور الملكية في نظام العمل وتصعيد الإشتراكية والشيوعية في موارده ووسائله وجهوده ومنافعه إلى التغير عن هذه الإشتراكية والشيوعية إلى حالة عرجاء للتعامل السياسي والنقودي مع متطلبات تطور قوى ووسائل الإنتاج وتمثلاتهم في السياسة المحلية والدولية، وذلك في وقت تسيطر فيه الإمبريالية على موارد ووسائل تمويل الدول وتجارتها متحكمة في حياة أكثر دول العالم التي (إختارت) السير في طريق التطور الرأسمالي بكل تركيزاته وتهميشاته المضادة لضرورات حياة غالبية سكان وعناصر مجتمعات تلك الدول الرأسمالية التابعة.


1- بعض المنزلقات والمنعطفات الحادة:

تناول النقاش العام والنقاش الشيوعي السوداني في موضوعات التجديد بعض القضايا بشكل مفيد بينما جرى تناول بعضها الآخر بسياقة خطرة في بعض المنزلقات والمنعطفات الحادة ومثال ذلك في" كلما اقتربت الشيوعية من الواقع....." حيث تؤمي مفردة "الإقتراب" إلى حالة "بُعد" عن أحوال الحاضر والتاريخ، وإن كانت تشير أيضاً إلى النأي والبُعد عن التقوقع الفكري والهيمان بالتنظير المعزول عن ممارسة وخبرة العمل، وإلى أهمية البعد عن التشنج بالشعارات.

كذلك مفردة "الواقع" على علاتها اللغوية ودالاتها المحيرة نجدها في سياق عدد من النقاشات تؤمي إلى مفردة أو أحوال "الحاضر" أو "التاريخ" في كينونته الإقتصادية –الإجتماعية السياسية والثقافية. وهناك فرق فكري كبير بين المفردتين، فمفردة الواقع تحيل بدالاتها السياسية إلى حلول تساوي بين التغيير والليبرالية. بينما مفردة التغيير في تعبيرها الماركسي اللينيني تؤمي إلى تغيير شامل لنظام تملك موارد المجتمع ووسائل إنتاجه لضرورات حياته وسياسة توزيع جهود هذا الإنتاج ومنافعه.

كذلك مفردات (كف الماركسية أو الشيوعية عن ان تكون ذاتها حال إقترابها من الواقع ) تشير بقوة إلى إنفصام كينونة الماركسية النظرية عن (كينونتها) العملية. بل أكثر من ذلك تؤمي إلى إختلاف حال النظرية عن حالة التاريخ، وهو إتجاه مفيد في وضع حدود عملية بين المجال الفكري والمجال التطبيقي، ولكنه قد يلتبس أو يتشوش في الحالة الماركسية اللينينية التي تدغم المجالين كإندغام وجود الإنسان في الحياة بعقله وفعله معاً، فالماركسية-اللينينية نظرية وممارسة علمية تطبيقية لحرية الطبقة العاملة وعموم الكادحين يضحى عسيراً فصل النظرية فيها عن الممارسة سواء من باب الإصلاح أو من باب العسف بها. فهي ضمن العلوم كالطب تتصل فيها المعرفة بالممارسة بل وتتجاوزه في سمو درجة إندغام تنظيرها بممارستها.




2- في الفرق بين "الماركسية" و"الماركسية اللينينية":

من أهم المزالق والمنعطفات النظرية والعملية هو الإستسهال الزائد لإصطلاح "الماركسية" والتخفف به من ثقل إصطلاح الماركسية-اللينينية، أي ثقله في الفلسفة والسياسة وحتى في الحديث والكلام فهذه التسوية بين الإصطلاحين لاترعى موضوعية الفرق بين الإثنين وكون إلغاه ضار وقاتل: فـ"الماركسية" إصطلاح برجوازي مثالي الفلسفة ينظر إلى أعمال ماركس كأفكار شخص ودعوى فرد متميز بطرحه الخاص. وله سوسيولوجية شباب ورعونة ومشيخ وحكمة، وتباينات كلام المفكر وكلام القائد السياسي وكل ذلك خطل فقد رفض ماركس الشيخ الحكيم المفكر هذا التوصيف المفرد لأعماله وقال بأنه ليس ماركسياً.
أما "الماركسية-اللينينية" فتختلف عن "الماركسية" بكونها التنظير الثوري لأعمال ماركس-إنجلس في نواحي الفكر والعمل معاً دون عزل لأحدهما عن الآخر، وهي ماثلة في ثلاثة عناصر أو أحوال مترابطة هي :

1- تفريد الأصول الفلسفية المادية والفلسفية التاريخية بمنطقها الجدلي لتنظير وممارسة حرية الطبقة العاملة والكادحين.

2- تحديد وفرز الظروف والعوامل الطبقية الداخلية والخارجية لهذه الحرية ومتطلبات جدلها في نشاط الطبقة العاملة وحزبها، وفي كشف وإظهار الكينونة العالمية المتضافرة للنشاط رأس المال وحكوماته الكبرى في حالة إمبريالية مأزومة بطبيعة تكوينها.

3- توضيح المهام وبناء الوسائل اللازمة لإنتاج التغيير الشامل لنظم العيش والحياة مما يتعلق بالحزب والثورة ونشاطهم المترابط نظراً وعملاً.

وقد تبلور "إصطلاح الماركسية الينينية" في حياة الأحزاب الشيوعية من أعمال جمعية "رفاق المادية الجدلية" وهي جمعية ثورية أسست أعمال لينين مثلما أسهم هو في تأسيسها. ولكنه مثل كل الإصطلاحات الماركسية اللينينية وأهمها إصطلاح "الشيوعية" كسب مشروعيته السياسية بموضوعيته لا بصفة منتجيه الأصليين القدامي أو مبلوريه ومصنعيه في العصر الحديث والتاريخ الوليد للحركات السياسية والحركات الثورية في مجتمعات العالم.



3- في ظروف تواشج جدل الطبيعة وجدل المجتمع وفي ظروف الفصل بينهم:

مما رسخته كثير من الأعمال الماركسية اللينينية هي التماهي بين الفكر والتاريخ حيث لا ينفصل الفكر عن الحاضر إلا في تشكله البرجوازي أي عندما تشكل البرجوازية فكراً أو عندما يشكل نظام البرجوازية وأفكارها وقائع الحياة. وقد كانت ولم تزل للشهيد مهدي عامل تنظيرات واضحة كبرى في ذلك.

المعطى الرئيس في الجدل بين عناصر الطبيعة والجدل بين عناصر المجتمع وطبيعة عيشه وحياته وتخديمه لعناصر الطبيعة الكامنة في ذهنه وبدنه والماثلة في البيئة المحيطة به هو فعل قوانين الضرورة التاريخية (ضرورة العيش والحياة) فإن كانت المسألة أفكار شخص فمصيرها الزوال، وإن كانت المسالة نظرية علمية عملية تتوافق أفكارها وأعمالها مع القوانين العامة للطبيعة في شكلها المادي أو في شكلها الإجتماعي فمصيرها الحياة.

طبيعة النظر والتعامل مع أحوال المجتمع تتصل بتأويل ماهي النظرية؟ وماهو الواقع؟ وماهو التغيير؟
فإن كان التنظير والعمل لأجل التغيير فلابد من نظرية موجهة لهما تبعدهما عن التلقائية والعفوية والردفعلية والتجريب.
وإن كان الحديث عن عمل بلا نظرية موجهة فمن الخطل الحديث و الكلام عن التغيير أو عن العمل.

4- تنظير الوقائع ووقائع التنظير:

الحديث عن إصلاح الاحزاب الشيوعية بتجريدها قطعة قطعة من نظرية موجهة وتحويلها لتجمعات من ردود الأفعال بدعاوى الحداثة والتجديد يجر إلى سقوط المجتمعات في دوائر التفكك الطبقي وموبقاته الإقليمية والإجتماعية والثقافية والدولية. ومن هنا كانت تنظير لينين حول الحزب ذي النوع الجديد اللاطائفي واللاإقليمي واللاعنصري واللابرجوازي، وتنظيره لموضوع مثل هذا المقال في كتاب "المادية ونهج التجريب" وفي تصديه لموضوع "الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية" إنطلاقاً معززاً لتنظير "الدولة والثورة" وأهمية الترابط بين الديمقراطية والإشتراكية وهي تنظيرات قديمة تزيد الحاجة إليها حاضراً أو في الواقع مع زيادة تركيز الرأسمالية لموارد المجتمع وسلطاته وعرقلتها بهذا التركيز لإشتراك الناس في حكم موارد حياتهم ووسائل وثروات عيشهم ومنعها بذلك شيوعية الخيرات بينهم، فبهذا التركيز والعرقلات الناشئة منه ضد تطور حياة الناس وتقدم مجتمعاتهم من أحوال نقص ضرورات عيشهم إلى الحرية من هذا النقص تزيد حالات البؤس العام والفقر البنيوي وموبقاته من جهل وأمية وأمراض في جانب السواد الأعظم من المناطق والارياف ويزيد نعيم وإسراف بعض الأسر المتولية لأمر هذه الرأسمالية وبعض الأسر المتوالية معها.
أعتقد إن الثورة ضد الإستغلال والتهميش ترفض الفصل النسبي بين النظرية والممارسة أو بين الإصطلاحات العلمية الإجتماعية وبين الوقائع الحياتية للمجتمع. ففصل الممارسة عن الذهن وفصل الذهن عن التفكير وفصل التفكير عن النظريات الموجهة، وفصل النظريات عن الحياة وفصل الحياة عن التنظير هي وقائع موت معلن للإنسان ذهنا وعملاً.



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقاط صغيرة في تجديد العملية الثورية
- الأزمة الإمبريالية في جذورها وفي محاولات حلها
- كيف تعزز السوق الحرة ضرورة ديكتاتورية البروليتاريا لحياة الن ...
- نقاط في مشروع دستور ولائحة وبرنامج الحزب
- بعض مفارقات حقوق الشعوب وحق الدول في الحفاظ على وحدة أراضيها
- ثلاثة أخطاء قاتلة
- تخلف الأحزاب عن طبيعة الصراع الوطني يفاقم العنصرية والإستعما ...
- حُمرة أنغام الخريف
- نقاط في تاريخ الماسونية... من السودان وإليه
- عن أزمة النظام الرأسمالي ودولته السودانية في الجنوب
- التأميم والمصادرة ضرورة للوحدة والتنمية ومكافحة العنصرية
- الكلمات المتقاطعة والطرق الفرعية
- شذرات
- أطلقوا سراح البلد
- نقاط من تاريخ الثقافة الرأسمالية في بريطانيا، بعض تفاعلات ال ...
- دراسة لأحد ملخصات المناقشة العامة
- الأزمة العالمية و الأزمة السودانية في دارفور
- أهمية العملية الثورية في تكريب القيادة وأهمية القيادة في تكر ...
- مشارق الأنوار... نقاط عن الحركة الإسماعيلية وجماعات إخوان ال ...
- ثلاثة أسئلة


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - المنصور جعفر - وقائع موت مُعلن للإنسان