أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عاصم بدرالدين - رسالة إلى فخامة الرئيس...في اللحظة الأخيرة















المزيد.....

رسالة إلى فخامة الرئيس...في اللحظة الأخيرة


عاصم بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 2110 - 2007 / 11 / 25 - 11:46
المحور: كتابات ساخرة
    


تسع سنوات بين جدران بعبدا،هذه الجدران التي ملت من أحاديثك ومواقفك،لقد أضجرتها ، تسع سنين متتالية، موقف تلو الأخر ، ويا لحسن حظ اللبنانيين لقد جمعتهم في كتاب قلت ... أنه للتاريخ(!!) أي تاريخ هذا ، تاريخ الإستتباع؟ أم تاريخ الدم المدرج في شوارع بيروت؟...

سئمت الجدران منك ،وسئمت الأبواب من عاصم قانصو وناصر قنديل وكمال شاتيلا ووئام وهاب ... وكل هذه الحاشية.
نعم للجدران أحاسيس ، لقد علمت الجدران أن تبكي أو أجبرتها ، لقد أبكيت الجدران يا فخامة الرئيس... لقد أبكيت البحر والطرقات وصخرة الروشة وقلعة بعلبك وجبيل والشقيف.. أبكيت شارع الحمرا والأشرفية والشياح (رغم فرح سكانه المغمس بالسذاجة) ... أبكيت مئات العيون ، وأنت تسكن قصراً ما عاد يطيق سماع صوتك الشجي.

كانت نقطة ذهبية واحدة في عهدك المبتل بالدم من رأسه إلى قدميه ، فريدة هذه النقطة ووحيدة ولكن ليس لك علاقة بها ، هذه النقطة كانت تحرير الجنوب ... ماذا دفعت فخامتك ، كي تحصل على كل هذا التقدير من رجال المقاومة ، وكل هذه اللوحات والصور العملاقة والأناشيد والأغاني التي تمجد عهدك... ماذا فعلت ؟
لم تفعل أي شيء فخامتك ... كنت جليس القصر ، وخير لك ولنا على أية حال .

النقاط السوداء تنتشر على جسد عهدك وأكرر مرة ثانية أنه مبتل بالدماء .. عهدك أسود مرقط بالدم، عهدك ، عهد الموت والدمار والفساد ، عهد إغتيال الرأي والإعلام والسياسة وإغتيال الموتى ، في عهدك ظهرت الفضيحة إلى العلن .. نعم فضيحة نظامنا السياسي،في عهدك تأكدنا أننا لسنا وطناً واحداً ، لسنا مجتمعاً واحداً..
مجرد أناس بإنتماءات مختلفة جمعتهم يد الله "المتهورة" وهي ترسم هذا العالم !!
النقاط السوادء هذه لن تبقى على جسد عهدك فقط ، ستنتقل مع كل لبناني سيولد من الأن وصاعداً ، لا بل إنها بدأت بالإنتقال منذ التمديد لك والتمهيد لخراب لبنان..
كل طفل الأن سيحمل على جسده ، تشوهات عهدك .. سيكون كل طفل وطفلة ، ذخيرة الإنفجار الأخير ..
الإنفجار الأخير ، هو ذاك الإنفجار الذي يشتت فيه هذا الوطن المركب ..
كم عام سيصمد هذا الذي يسمى الآن لبنان؟
كم لبنان سيصبح؟
هل سيبقى أساسأً لبنان؟

هذه أسئلة من مخلفات عهدك الأسود، في عهدك قتل الدستور مرتين ... في عهدك قتل رفيق الحريري وباسل فليحان (إن كنا معه أو ضده) وأنت كنت حينها تسبح يا بطل العالم في السباحة في بحار دماء شعبك ، كم سبحت في دمائنا؟ لقد كسرت أرقاماً قياسية في عهدك الأسود الذي تحول مسبحاً ونهراً وبحراً للدماء .. لكي تستمتع أنت برياضتك المفضلة ونحن كنا نستمتع أيضا ... بطرق الموت المختلفة.

في عهدك المغطة بالأحمر والأسود ، قتل رفيقنا سمير قصير ... قتل حالم بيروت وعاشقها ، قتل مؤرخها ومسجل تاريخها ، قتل حبيب بيروت ودمشق والقدس ، قتل طفلهم المدلل ، قتل صاحب القلم الأبيض صاحب الوجه الذي يشع فكراً وحرية ، مات هذا الحالم بربيع يجتاح بيروت ماراً بدمشق فبلاد العرب ، لتحل ورود الديمقراطية مكان شوك أنظمتنا . قتل سمير ، قتل لأنه تكلم ، تكلم بالحقيقة ، كان الحقيقة بنفسها ، كان حبره كالرصاص في قلبك أنت وحثالة المخابرات ورجال الأمن المتسلطين... الذين أصبحوا اليوم سجناء رأي وسياسة (!!) رغم أنهم وفي حريتهم ، لم يعرفوا معنى كلمة رأي يوماً .

في عهدك الدامي، قتل جورج حاوي .. أبو المقاومة ... قتل لأنه كاد يتكلم .. أراد الخروج من الصمت ، فرأى النور ، فكان الإنفجار... لأنه رفض أن يكون من الحاشية والجوقة والمرددين بفضل النظام على رقاب الشعب اللبناني ... لم يرد فأرادوا قتله .. فلم ينجحوا.

في عهدك الغارق بأحمره وأسوده ، قتل جبران تويني ... قتل جبران الشاب المليء بالحياة ، أراد أن ينشر الحياة بين شباب بلاده ... فنشروا جسده أشلاء في شوارع بيروت وأحيائها،قتل على مسرح الحرية والسيادة والإستقلال،دفع ثمن رأيه... كان باهظ الثمن لذا لم يستطيعوا شراؤه...
في عهدك الأحمر، قتل بيار الجميل الفتى ووليد عيدو القاضي وأنطوان غانم الهادىء...

في عهدك الأحمر يا فخامة الأسود ، جعلت وطننا لوحة تشكيلية (كم كنت مبدعاً في رسم الخراب) من ثلاثة ألوان أحمر وأسود وأبيض ... رُسمت بطريقة مبعثرة ومتباعدة ... وها هي الرؤية تتحقق .... لبنان مقسم إلى أجزاء .
في عهدك الأسود يا فخامة "الأحمر" ، أصبحنا كالموتى الباحثين عن حفر ليدفنوا أنفسهم وهم أحياء.
في حضرة الموت السهل والرخيص ، كم تمنينا الموت.
في حضرة الإغتيال والإرهاب، كم تمنينا النوم الأبدي.
في حضرة الإجرام بإسم القضية ، كم تمنينا أن ندفن القضية معنا في حفرةً مزروعة بالسكاكين والأشواك ، لكي نمزق أجسادنا والقضية ، ويرتاح من تبقى منا أحياء ... يحلمون بالموت(!!).

تتحدث بالمقاومة وأنت رجلها .. ونحن أشلاء المقاومة،نحن أمواتها ونحن الجثث التي سيسجل بإسمنا الإنتصار.. ولكن ليس على الأرض ، إنما فوق هناك في الأفق البعيد الذي لا يراه أحد...
كنا جثثاً باردة في تموز 2006، كنا نقف على حافة الهاوية نستدعي ملاك الموت ليأخذ أرواحنا ، لأننا مللنا من مشاهدة الموت .. أردنا أن نصبح نحن الموت لكي نرتاح .
لم نحصل على ما أردناه، بيقينا نرى الموت ، وأنت لا تمل من السباحة ، وهو يستمتع بأطفالنا ونسائنا ورجالنا يسبحون في دمهم.

من شبح الموت إلى شبح الحرب ، التي لم نعشها .. أراد ملاك الموت ، صديقك يا فخامة الرئيس ، أن ينهي عهدك على جنازة ، أرادك أن تخرج من حجرك المسمى "قصر بعبدا" إلى وطن أشبه بجنازة ، كل فئة فيه تحمل جثث أبنائها ونعوشهم عالياً وتهديه إلى ذلك الغريب الذي لا يمل من التحديق بنا ونحن نموت ويدّعي خلقنا وإماتتنا. ستخرج من قصرك وترى أنك غبت طويلاً عن وطناً كنت رأسه.
لن ترى سماء زرقاء حين تخرج ، بل ستراها سوداء حادة .. لن ترى النجوم بعد الآن والقمر ، ذهب مع الريح التي ما عدت تأتي لنا بالنسيم والهواء والرائحة ، ساد المكان رائحة كريهة ، رائحة الموت.والشمس ، ذابت بلهيبها خجلا،والمطر أصبح أحمراً ، أصبحت الغيوم تمطر دماً، والرعد والبرق أصبحوا صواريخ وقذائف في عهدك يا فخامة الخارج من ذاكرة التاريخ ...

كان صديقك شبح الموت ، يريد أن يريك عظمته ،لا تخف.. في طريق عودتك إلى البيت ، سترى جثثاً على يمينك وشمالك ، الإسفلت الذي عهدته أسوداً صار أحمر وما عاد مصنوعاً من الحصى. لا زجاج في الواجهات ، لا واجهات في المحال التجارية ، لا محال تجارية في الأسواق... أنه الفراغ فخامتك ، ألم تستدل عليه؟
هذا الفراغ يشبه عهدك يا حضرة المنسي .. عهدك فارغ من كل أنواع وأشكال الحركة ، عهدك فارغ من الحياة والطبيعة، عهدك مليء بالدم فقط ، أيها الرئيس السابق لجمهورية الموت المنظم.

ستصل إلى منزلك المحترم في احد شوارع بيروت التي أغتصبت في عهدك ، كما تعلم.لن تجد أحد ... أنت الأن في حالة الفراغ يا سيدي الرئيس ، أو فخامة الرئيس ، أو فخامة العماد رئيس الجمهورية ، أو الرئيس القائد .. ماذا تختار؟ .. لا عليك ، شعبك سيختار كما لم يخترك عام 1998 ولم يجدد لك في عام 2004.
ستنام بعدها .. ستنام سريعاً ، ستغوص وتسبح في أحلامك التي لا تنتهي،ذاكرتك ستستحضر كل مواقفك ... وكأنها تفلفش في صفحات المجلدات التي أصدرتها قبل أن تعلمك الرزنامة أن ولايتك المددة قسراً قد أنتهت وقبل أن ينتفض الكرسي رافضاً... أخبرتك وهي خائقة من تمديد إقامتك في هذا القصر الذي إشتهى الصمت..
أنتهت الذاكرة من المراجعة... كان جسدك يرتعش فرحاً حين إسترجعت كل هذه المواقف، لم ننتهي بعد، جاء دور الخيال الأن،سيأتي أيضاً.

تعود لتنام من جديد..
الخيال ، كنت فرحاً بقدومه ،"ها هو الخيال قد أتى.. لكن ما هذا ، ما هذه الوجوه ، من هؤلاء جميعاً ، إني أعرفهم ، رأيتهم من قبل ثم لماذا وجوهم مطلية بالأحمر وأجسادهم أيضاً .. كم هم كثر!".

خانتك الذاكرة يا سيدي الرئيس ، يقول علماء النفس أن الذاكرة تسعى لنسيان الألم... هذا جبران تويني يكتب مقالاً لجريدة النهار لينشر غداً مهنئاً اللبنانيين بنهاية الكابوس، هناك تحت ظل الشجرة جورج حاوي يستعد إلى إعلان جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية من جديد ، ولكن هذه المرة للدفاع عن الإستقلال ، وضد كل عدو وصديق وشقيق أراد أن يتخطى خط السيادة الذي سيرسمه سمير قصير الذي يجلس في ذلك المقهى ناثراً أوراقه وأفكاره فوق الطاولة ويخطط لربيع جميل يعيد البسمة فيه إلى حبيباته بيروت ودمشق والقدس، وإلى جانبه بيار الجميل وأنطوان غانم ومعهم وليد عيدو يستعدون للعودة من أجل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية ، رفيق الحريري هناك في البعيد ومعه باسل فليحان يرسمون خطةً إقتصادية من نوع جديد مخالفة لما إعتدنا عليه منهم ، الكل يحلم بالتغير يا فخامة الغافي .. أما تلك الوجوه الباقية فهي أنا وهو وهي وتلك وذاك ،هؤلاء هم اللبنانيين يا فخامة التائه عن شعبك .

الذاكرة ...
بعد سنيين ماذا ستقول ذاكرة اللبنانيين عنك؟
أنت ألم ، هل تعتقد أنها ستنساك؟
كم هم أغبياء وبلهاء وحمقة علماء النفس ، الذاكرة لا تنسى ولا تموت .. لا تنسى ، بل تذكر جيداً كل حدث وفعل ، لكنها ترفض أحياناً إخراج ما لديها.
وبما أن الجدران والأبواب والروزنامة والكرسي/العرش ، لم يستطعوا تحملك ، فالذاكرة أيضاً لن تحتفظ بك ، ستبقى تذكرك بالسوء إلى أن تخرج نهائياً منها ...

أدخولك إلى التاريخ من أبواب المجد،ونحن سنخرجك من الأبواب الخلفية .. أدخلناك إلى الذاكرة عنوةً وهي اليوم ترفض أن تخرجك منها... فعهدك لن ينتهي برحيلك ، فهناك الذيول التي خلفتها ورائك، وهناك ألاف الأشكال المشابهة لك...!
إلى فخامة الرئيس الذي كان ... عهدك أسود وأحمر ، عهدك موت لا حياة ، عهدك جمود لا حركة ... عهدك نكرة في تاريخ لبنان.



#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد محتشم لتدخلات رجال الدين في الإستحقاق الرئاسي..!
- الحاكم و العصفور …
- ألا يخجل؟!
- العلمانية -سلة متكاملة-
- قالها ولكنه لم يفهم اللعبة
- العلمانية التركية ليست مثلا ...
- لبنان ... بلد الألف هوية
- في الممانعة والإعتدال العربيين
- الأحزاب العلمانية اللبنانية وواقعها


المزيد.....




- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...
- رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عاصم بدرالدين - رسالة إلى فخامة الرئيس...في اللحظة الأخيرة