أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - احمد سعد - ساركوزي يعمل على استعادة مكانة فرنسا من نافذة الاستعمار الجديد















المزيد.....

ساركوزي يعمل على استعادة مكانة فرنسا من نافذة الاستعمار الجديد


احمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 2103 - 2007 / 11 / 18 - 12:11
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ساركوزي لا يريد تقمّص دور رئيس الحكومة البريطانية طوني بلير بان يكون "كلب بوش" الساجد وراء سيده، ساركوزي يريد ويطمح ان يكون شريكا للامبريالية الامريكية في استراتيجية العولمة الرأسمالية وتقاسم مردودها ومناطق نفوذها
التغيرات الجيوسياسية التي حدثت في القارة الاوروبية بالجنوح نحو اليمين كان لها انعكاساتها وآثارها المدمّرة والمأساوية على مسار التطور والصراع في عالمنا. ولا نقصد بذلك فقط "التسونامي" الاهوج المدمر الذي عصف باوروبا الشرقية وأدى الى انهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي، وانظمة بلدان حلف وارسو الاشتراكية في مطلع التسعينيات، بل كذلك ما يشبه الزلزال الذي اجتاح اوروبا الغربية وأدى الى انتصار اليمين المحافظ في اقوى وكرين للامبريالية الرأسمالية في اوروبا، في المانيا وفرنسا، في مركز قيادة الاتحاد الاوروبي. وبعكس الجنوح يمينا في اوروبا يبرز الجنوح يسارا في قارة كوبا الثورة، وفي العديد من البلدان الامريكية اللاتينية، في البوابة الخلفية للامبريالية الامريكية حيث تعصف موجة شعبية ورسمية ضد الهيمنة الامريكية، وللتخلص من قيود التبعية السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للولايات المتحدة الامريكية وشركاتها الاحتكارية ان كان ذلك في فنزويلا او البرازيل او تشيلي او نيكاراغوا او الارجنتين او غواتيمالا وغيرها. هذا اضافة الى محاولة الدب الروسي التحرك من تحت الجليد محاولا تأطير محاور عسكرية، اقتصادية، سياسية مع الصين وبعض جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا وايران وغيرها، على امل مواجهة الثور الامريكي الهائج واستعادة مكانة ومصالح روسيا كدولة عظمى على الحلبة الدولية وفي مختلف المناطق الجيوسياسية في الشرق الاوسط وجنوب شرق آسيا، وبهدف بلورة قاعدة عالم متعدد الاقطاب وليس عالما احادي القطب مصوّبا الى رأسه رصاص راعي البقر في "البيت الابيض"، باستراتيجيته المجنونة الكارثية للهيمنة كونيا واستعباد شعوب العالم ونهب ثرواتها وخيراتها.
في اطار هذه الصورة المصغّرة لخارطة المتغيرات الحاصلة على ساحة التطور فانه من الاهمية بمكان ابراز الدور المأساوي للتحولات التي حصلت بصعود قوى اليمين المحافظ الى قمة السلطة في المانيا وفرنسا، وخاصة في فرنسا، واسقاطاتها وتأثيرها على حلبة التطور دوليا. فالشيء البارز ان المانيا وفرنسا عادتا الى بيت الطاعة الامريكي تؤيدان دون تحفظ سياسة المغامرة الاستراتيجية لادارة بوش بهدف الهيمنة عالميا تحت يافطة "محاربة الارهاب" التضليلية المزيفة.
الرئيس الفرنسي المحافظ اليميني ساركوزي قام خلال الاسبوع الماضي بزيارة الى الولايات المتحدة الامريكية وتحادث مع الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش ومع غيره من المسؤولين في "البيت الابيض"، و"نال شرف" الخطابة في الكونغرس الامريكي امام اعضاء مجلسيه (الشيوخ والنواب)! امام وسائل الاعلام الامريكية وفي خدمة العلاقات العامة له وللرئيس بوش وادارته، بث ساركوزي رسالة مضمونها ومدلولها الظاهران انه "بابا كاثوليكي اكثر من بابا الفاتيكان" في حبه وعشقه لامريكا وللرئيس بوش وانه حتى اكثر من بوش، يميني محافظ واصولي متصهين، وان قلبه كان دائما مع امريكا ذات "الحضارة الانسانية المتطورة" التي يشع بريق نورها الاخاذ في العراق وافغانستان ولبنان والسودان وفلسطين!! (هزُلت).
من ناحية المجاملة لبوش والامريكان، فقد كفّى ووفّى ساركوزي بشكل مبالغ فيه واكثر من اللزوم واقنع حتى اطفال امريكا والعالم انه من صنف رئيسهم المكروه سياسيا وشعبيا، ولكن حسب رأينا لم يأت ساركوزي الى الولايات المتحدة الامريكية بهدف ان يكشف امام رئيسها بوش وادارتها وشعبها عن حبه الدفين لأمريكا، بل جاء، وهذا هو هدفه الرئيسي والمركزي – للتداول والتباحث مع الادارة الامريكية، حول طابع العلاقة الاستراتيجية بين الامبريالية الفرنسية والامبريالية الامريكية فيما يتعلق بمناطق النفوذ وتقاسم الوظائف وكعكة الهيمنة كونيا. فالرئيس الفرنسي ساركوزي لا يريد تقمّص دور رئيس الحكومة البريطانية طوني بلير بان يكون "كلب بوش" الساجد وراء سيده، ساركوزي يريد ويطمح ان يكون شريكا للامبريالية الامريكية في استراتيجية العولمة الرأسمالية وتقاسم مردودها ومناطق نفوذها. فساركوزي لم يأت للتباحث مع ادارة بوش خالي اليدين، بل جاء مسلحا ببرنامج شرعت فرنسا بموجبه ببناء قاعدة استعادة مكانتها من خلال نافذة الاستعمار الجديد. فالرئيس الفرنسي ابان معركة الانتخابات النيابية والرئاسية الفرنسية وبعدها طرح في برنامجه اقامة "اتحاد حوض المتوسط" واحيانا اقامة "الشرق الاوسط الكبير" كشكل تكاملي اقتصاديا وسياسيا طبعا، يرتبط عضويا بالرأسمال الاجنبي وبالاستثمارات التي ستوظف في مشاريع في بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا والآتية و"المتدفقة" من اوروبا والولايات المتحدة الامريكية. والرئيس ساركوزي اتى لمحادثة الرئيس بوش بعد حوالي شهر من الجولة التي قام بها الى عدد من البلدان، خاصة التي كانت في ما مضى مستعمرات فرنسية مثل تونس والجزائر والغابون وتشاد والمغرب اضافة الى تركيا ومصر وليبيا. وعقدت فرنسا مع انظمة هذه البلدان صفقات بمئات مليارات اليورو، مثل اقامة محطات للطاقة النووية للاغراض السلمية في تونس والجزائر، وصفقات اسلحة وتطوير بنية تحتية في العديد من هذه البلدان. اضافة الى ذلك فاللغة الفرنسية لغة سائدة واحيانا الى جانب العربية، والثقافة الفرنسية هي ثقافة الجيش والمخابرات وغالبية المثقفين في مستعمرات فرنسا السابقة. ونحن ندرك جيدا ان "المساعدة" الامبريالية على شكل استثمارات توظيفية او تجهيز جيوش وقوى عسكرية وفئة مثقفين او اكاديميين منتفعين تعتبر شكلا من اشكال الاستعمار الجديد، استعادة نفوذ الاستعمار القديم في هذه البلدان. وساركوزي يريد من شريكه الاستراتيجي الامريكي الاعتراف بأهليته للشراكة الاستراتيجية عالميا وشرعنة نفوذ فرنسا في مستعمراتها السابقة في شمال افريقيا. مقابل ذلك تتعهد فرنسا كما اتصور، بتوطيد علاقة التنسيق مع الادارة الامريكية في عملية التآمر على لبنان لتدجينه وترجيح كفة عملائها وخدامها من مجموعة الرابع عشر من آذار، حتى لو ادى ذلك الى حرب اهلية لبنانية – لبنانية وتقسيم لبنان الى دويلات طائفية، دويلة مسيحية تحت الحماية الفرنسية ودويلة سنيّة تحت حماية "الحاج" بوش ودويلة شيعية تحت حماية اهلها وبمساعدة ايرانية. ولهذا ليس من وليد الصدفة ان المسؤولين الفرنسيين من وزير الخارجية وغيره "سرّي مرّي" الى لبنان للقاء الخدام والسفير الامريكي في دهاليز بيروت المعتمة.
وفي اطار التقسيم الوظائفي بين الامبريالية الفرنسية والامبريالية الامريكية فان ما يثير اهتمام القراصنة الامريكان هو نفط الشرق الاوسط، وخاصة نفط بلدان الخليج العربي – الفارسي. وبرأيي ان هدف امريكا واسرائيل من مؤتمر انابوليس القريب الذي دعا اليه بوش ليس ابدا التوصل الى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، فالادارة الامريكية وحكومة الاحتلال الاسرائيلي قد توصلتا الى صياغة الحل الدائم وبغياب الفلسطينيين، حل ينتقص من ثوابت السيادة الوطنية الفلسطينية ويتنكر لحق العودة وللقدس كعاصمة للدولة العتيدة وكيان مقطع الاوصال، على شكل كانتونات اشبه ما تكون بمحمية استعمارية مربوطة بحبال التبعية الاقتصادية والامنية لاسرائيل. امريكا واسرائيل تريدان من مؤتمر انابوليس مشاركة السعودية وقطر وغيرهما وذلك بهدف تطبيع العلاقات بين اسرائيل والسعودية والبلدان النفطية والعربية تحت المظلة الامريكية. فالرئيس ساركوزي مستعد في ترك الشرق الاوسط وخاصة منطقة الخليج بما فيها العراق المحتل تحت الهيمنة الامريكية وخدمة المصالح الامريكية بالاساس في اطار التقسيم الوظائفي مع ضمان حصة فرنسا من النفط. فالوحوش الاستعماريون يتهافتون على النفط ومنابع النفط، خاصة على ضوء ازمة الطاقة التي اوصلت سعر البرميل الواحد الى ما يقارب المئة دولار، وفي حين هبط سعر الدولار في السوق التبادلية العالمية الى ادنى مستوى له منذ عقدين. وتعود ازمة الطاقة الى عدة عوامل اهمها نضوب وانخفاض مصادر النفط في بحر الشمال والولايات المتحدة، التوتر والوضع الجديد واحيانا غير المستقر في جنوب السودان وايران وفنزويلا، ومحاصرة روسيا للنفوذ الامريكي في بحر قزوين، وزيادة استهلاك العملاقين الناهضين – الصين والهند – للطاقة النفطية، كل ذلك زاد من الطلب على العرض في سوق النفط مما ادى الى زيادة مطّردة لسعر النفط.
وفي اطار التحالف الجديد بين قوى اليمين الحاكم في فرنسا والولايات المتحدة الامريكية مع ان الحكم الفرنسي السابق قد عارض احتلال امريكا للعراق فان حكومة ساركوزي تؤيد بدون تحفظ الاحتلال الامريكي وجرائمه ضد الانسانية والشعبين العراقي والافغاني. كما ان الحكمين السابقين في المانيا وفرنسا سوية ومع روسيا ألّفوا في السابق عائقا في وجه سياسة البلطجة العدوانية الامريكية العربيدة، اما اليوم فان حكم ساركوزي في فرنسا وميركيل في المانيا يؤيدان دون تحفظ السياسة العدوانية الامريكية كونيا وضد ايران وسوريا، وفي لقائهما قبل عدة ايام في برلين اتفق الرئيسان الفرنسي والالماني، على تأييد الموقف الامريكي بفرض عقوبات جديدة على ايران من خلال مجلس الامن.
وما نود ان نقوله لحلفاء الشر الحاليين في باريس وواشنطن وتل ابيب ان حق الشعوب في السيادة والحرية اقوى من حق القوة الذي تنتهجونه، والشعوب داست باقدامها ودفنت احلافا عسكرية متعددة، من حلف بغداد الى حلف جنوب شرق آسيا، ولن يكون مصير احلافكم بافضل من مصير من قُذفوا الى سلة مهملات التاريخ.



#احمد_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنجاز الاستقلال الفلسطيني وعاصمته القدس المحكّ للسلام وللاست ...
- ملاحظات لا بُدّ منها في الذكرى السنوية لرحيل القائد الرمز يا ...
- الجبهة من المنظور الاستراتيجي الكفاحي!
- في ذكرى ثورة لا يمكن ان تُنتسى
- نضال الاكراد دفاعا عن حقوقهم القومية نضالا شرعيا وعادلا - مل ...
- حقيقة المدلول السياسي لقمة رؤساء دول بحر قزوين
- مع بداية جولة رايس: حقيقة المواقف من -المؤتمر الدولي- المرتق ...
- هل يستعيد النظام الروسي تدريجيا مكانه ودور الاتحاد السوفييتي ...
- في الذكرى السنوية السابعة ليوم القدس والاقصى: لا أمن ولا سلا ...
- هل تقوم الولايات المتحدة واسرائيل بإطلاق عنان نواياهما العدو ...
- لا نغفر ولا ننسى!
- لن تستطيع وسائل التجميل الاصطناعية اخفاء الوجه البشع للاسترا ...
- هل هي بداية النهاية لحزب -العمل-؟؟
- هل لا تزال إسرائيل ذخرًا استراتيجيا للامبريالية الامريكية؟
- تصريحات براك والاستراتيجية العدوانية الامبريالية الجديدة
- لا ننسى.. وحتى لا تتكرر المجازر الفاشية العنصرية
- ردا على مدلول جولة طوني بلير: قضية الصراع الأساسية في المنطق ...
- النظام السوري في ارجوحة مخططات -الحرب والسلم- الامريكية- الا ...
- بعد سنة على حرب لبنان: ألمعركة الاستراتيجية لتحديد طابع هوية ...
- بمرور اربعين سنة على الاحتلال: لا سلام ولا أمن ولا استقرار ب ...


المزيد.....




- بيسكوف: نرفض أي مفاوضات مشروطة لحل أزمة أوكرانيا
- في حرب غزة .. كلا الطرفين خاسر - التايمز
- ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم -كروكوس- الإرهابي إلى 144
- عالم فلك: مذنب قد تكون به براكين جليدية يتجه نحو الأرض بعد 7 ...
- خبراء البرلمان الألماني: -الناتو- لن يتدخل لحماية قوات فرنسا ...
- وكالة ناسا تعد خريطة تظهر مسار الكسوف الشمسي الكلي في 8 أبري ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 795 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 17 ...
- الأمن الروسي يصطحب الإرهابي فريد شمس الدين إلى شقة سكنها قبل ...
- بروفيسورة هولندية تنظم -وقفة صيام من أجل غزة-
- الخارجية السورية: تزامن العدوان الإسرائيلي وهجوم الإرهابيين ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - احمد سعد - ساركوزي يعمل على استعادة مكانة فرنسا من نافذة الاستعمار الجديد