أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - لقطة كلوز آب للعالم المعاصر من زاوية تشادية















المزيد.....

لقطة كلوز آب للعالم المعاصر من زاوية تشادية


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 2104 - 2007 / 11 / 19 - 10:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قصة محاولة اختطاف أطفال دارفور من تشاد (تبين فيما بعد أن ثلاثة أرباع هؤلاء الأطفال من منطقتي أدريه وتينه التشاديتين المحاذيتين للسودان، والربع الباقي من مخيمات اللاجئين من دارفور) و ما جرى بعدها تظهر ما يجري في العالم المعاصر اليوم من نفاق محوره المناداة بشعار حقوق الإنسان ، كما أنها تلقي الضوء على الوجه الخفي لما يسمى بمنظمات الإغاثة ، و أخيراً تظهر هذه الحادثة حقيقة استقلال عدد من دول العالم الثالث .كل ذلك في عالم تحكمه رأسمالية الكوارث !
تبدأ القصة بأزمة إنسانية في جزء من دولة افريقية ، السودان / دارفور ، الأزمة تشكلت من شقين : أولهما تناقضات و خلافات داخلية في مجتمع دارفور ، و هي مشاكل لا يخلو منها أي مجتمع حتى في البلدان المتقدمة ، فكيف بمجتمع يعاني من الجفاف و شح الموارد؟
كان يمكن لهذه الخلافات أن تنتهي عند هذا الحد و تحل ضمن تركيبة الدولة السودانية ، لكن هنا تدخل الشق الخارجي من الأزمة ، أعني الغرب و تحديداً فرنسا و الولايات المتحدة، فقد أمسك الغرب بالملف و بدأ يوسع شقة الخلافات و يمول القوى المتطرفة في دارفور ( عبد الواحد نور يعيش في فرنسا و يرفض التفاوض مع الحكومة السودانية ، و يهدد بانفصال التام ) ، و أهم من ذلك أن الغرب يريد استخدام دارفور منصة للانقضاض على النظام السوداني الذي لا يتوافق مع مخططاته للسيطرة على القرن الإفريقي .
تفاقمت المشكلة ، و ما كان أزمة صغيرة يمكن أن تحل داخل حدود الدولة صار أزمة إنسانية كبيرة ،و أزمة لجوء ، و هنا بدأت الأطراف الفاعلة في نظام رأسمالية الكوارث باستثمار الوضع على كافة الصعد : الإنسانية ، الاقتصادية ، السياسية . فاللاجؤون و اللجوء بضاعة هامة في سوبر ماركت رأسمالية الكوارث ، بضاعة يمكن استثمارها في كل الملفات السابقة .
تدخل ما يسمى بمنظمات الإغاثة الدولية، و هذه المنظمات ذراع مخملي للقائمين على نظام رأسمالية الكوارث تستعيد بشكل أكثر تعقيداً دور المبشرين الذين كانوا يوزعون كيس الطحين مع الإنجيل عند انطلاقة الرأسمالية في اجتياحها الدموي للعالم.
و منظمات الإغاثة و فعل الإغاثة محببان لقلب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر ، الذي أطلقنا عليه في مقال سابق لقب " بطل من أبطال رأسمالية الكوارث "، حيث تستغل الكوارث لتحقيق تبدلات اجتماعية و اقتصادية و سياسية سريعة تكون لصالح الغرب قبل أن تستفيق الشعوب من هول الكارثة التي وقعت بها . و كما قلنا تلعب منظمات الإغاثة أدواراً مختلفة : استخبارتية ، تبشيرية ، سياسية .....الخ ، وصولاً إلى الدور الجديد الذي كشفت عنه قصة اختطاف أطفال دارفور و هو الدور المافيوي ، فالطائرة التي جاءت بشحنة الطعام كان عليها أن تعود بشحنة من أطفال دارفور . أما ماذا سُيفعل بهم فهذا لم نعرفه بعد ؟ هل ستتبناهم عائلات لا تنجب في الغرب ؟ أم سيستخدمون كقطع غيار في تجارة الأعضاء البشرية ؟ أم سيدخلون في تجارة الجنس ؟ أم سيعملون خدماً ؟
و تستجر الأسئلة السابقة أسئلة أخرى مثل: هل كانت هذه هي الشحنة الأولى ؟ و إذا كان هناك شحنات أخرى ، فما هو مصير الأطفال؟ و هل الذين ألقي القبض عليهم يعملون وحدهم أم أن هناك من يسهل الأمر لهم من أولي الأمر في تشاد ؟ و مما تتكون بنية هذه الشبكات التي تتعامل مع هؤلاء الأطفال في أوربا ؟
كل هذه أسئلة بقيت بلا أجوبة و الأرجح أن تبقى كذلك. لنتابع القصة ....
كُشفت قصة هذه الشحنة بصدفة ما،أو لخطأ في الترتيبات على الأرض ،أو ربما بسبب صراع مافيوي بين عصابات تهريب الأطفال ، صراع على الأسواق التي يصدر إليها هؤلاء الأطفال ، أو نزاع على مصادر الاستيراد !
و بسرعة انتشرت القصة في وسائل الإعلام ، فصارت الخبر الرئيسي في نشرات الأخبار بأغلب اللغات ، و رأينا رئيس تشاد يسارع إلى المكان،و يتكلم كالديك المنفوش مهاجماً طاقم الطائرة و المضيفات (منظر رجل أسود يؤنب بشراً بيض البشرة يعد أمراً نادر الحدوث ) و لبرهة حسبنا الرئيس رئيساً حقيقياً،فقد أمر بمحاكمة البيض،و رأينا تظاهرات تخرج في المدن التشادية تندد بما جرى و تثني على قرار الرئيس و على شجاعته( ردت عليها دعوات تظاهر في باريس من أجل إطلاق سراح معتقلي المنظمة المشبوهة ) .
استبشرنا خيراً و بدأنا نراجع أفكارنا السابقة،حيث كنا نميل للتقليل من استقلال أغلب دول العالم الثالث و نعتبر كثيراً من حكامها مجرد مخاتير،أو رؤوساء بلديات في أحسن الأحوال . لكن هاهو رئيس دولة أفريقية يحاكم مواطني دولة أوربية كانت تستعمر بلده،و تملك قاعدة عسكرية ضخمة في عاصمته،لا بل إن جنوها هم من يديمون بقاء حكمه،إذ يكفي أن يرفعوا الدعم عنه حتى ينهار ، و قد رأينا بروفة من ذلك المشهد العام الماضي حين وصل المتمردون إلى العاصمة فصدتهم القوات الفرنسية .
قلنا إن ما حدث بادرة خير، فربما هناك هامش مستقل تتحرك ضمنه هذه الدول و حكامها ، فما زال الرئيس رئيساً يستطيع أن يعاقب من يخالف قوانين بلده . لكن ما هي إلا بضعة أيام حتى ذابت أوهامنا تحت شمس الحقيقة،التي سطعت مع زيارة ساركوزي الخاطفة إلى مستعمرته السابقة،و قاعدته العسكرية اللاحقة : نجامينا . زيارة قصيرة لمدة ساعتين لا تكفي لشرب قهوة مضيفه صاحب البيت . لكن لم الإجراءات الرسمية إن كان هو من يملك البيت ، أما من يتوهمون أنفسهم حكاماً فهم مجرد وكلاء لتصريف أعمال !
اصطحب ساركوزي معه الرجال و النساء البيض و عاد بهم إلى فرنسا ليذكرنا بمن هو الحاكم الحقيقي في تشاد وسط دهشة الجميع ، فكلام الرئيس التشادي ، المنفوش الريش ، الغاضب ما زال يرن بآذاننا و هو يتوعد بمحاكمة المجرمين ، كما أن الغرب ، الذي يندد بانتهاك حقوق الإنسان في كل مكان ، يستنفر رئيس مهم من رؤوسائه و يذهب لينقذ مجرمين ،تجار رقيق داسوا على حقوق الإنسان ، لكن ما يشفع لهم أنهم من ذوي الدماء الزرقاء !و تذكرنا بهذه المناسبة أنه يوجد فرنسيون في معتقل غوانتانامو منذ سنوات دون أن يذهب رئيس فرنسي لإحضارهم ، أو أن يطالب بهم مجرد مطالبة ، و ذلك لأنهم فرنسيون "درجة ثانية " فهم مسلمون ، و من أصول عربية و مسلمة !
و في النهاية " وجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء الإسباني خوسيه ثاباتيرو شكرهما لرئيس تشاد إدريس ديبي على مساعدته في إطلاق سراح سبعة أوروبيين بعد احتجازهم على خلفية خطف الأطفال" و حقيقة الأمر أن الشكر وجه للرئيس التشادي لأنه عرف حده فتوقف عنده و لم يتعب الغربيين ( رحم الله امرء عرف قدر نفسه ) فسارع إلى لحس كلامه و التراجع عن وعده بمحاكمة المجرمين ، لذلك فهو رئيس متفهم ، و ذو موقف ايجابي . أما إن تشبث بإحقاق الحق ، و بالقصاص من المجرمين ، أو تمسك بسيادته الوطنية فعندها يكون ارهابياً، متخلفاً ، مهدداً للسلم العالمي . و الحمد لله أن الرئيس التشادي ليس من هؤلاء ، فقد أطلق سراح المجرمين " بإرادته وبدون أن يتعرض لأية ضغوط" كما صرح الرئيس . أما القضاة التشاديين فقد كان لهم رأي آخر، فقد نددوا " بما اعتبروه ضغوطا سياسية مورست على القضاء التشادي للوصول إلى هذا الإفراج."وقال أحد هؤلاء القضاة الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم "لقد طلبوا منا منذ السبت التعجيل بالإجراءات من أجل إطلاقهم الأحد".
وأضاف "لقد شرحنا لهم أن هذا الأمر غير ممكن تقنيا، وأنه من أجل جعل هذا الأمر متطابقا في الشكل والأساس مع الإجراءات المعمول بها نحن بحاجة إلى الأربعاء على أقل تقدير".
وأكد عدد من القضاة أن الضغوط السياسية التي تعرضوا لها كانت قوية للغاية وأنها أتت من قمة الدولة التشادية "
هذه القصة الواقعية تلخص حال العالم:أزمات حقيقية أو مصطنعة تستغل أبشع استغلال على كافة المستويات : السياسية ، الاجتماعية ، الاقتصادية ، الإنسانية . معايير مزدوجة فالأحكام لا تكون حسب الجرم بل حسب جنس المجرم أو لونه أو عرقه ا. رؤوساء دول أشبه بخيال مآتة ، إن لم يكونوا كذلك !
رغم كل ذلك هناك ما زال هناك من يتوجه للغرب بوجهيه الرسمي ، و غير الرسمي ( منظمات حقوق إنسان ، مجتمع مدني ، إغاثة ) باحثاً عن عدالة مفقودة في بلده . و هذا لعمركم أمر يثير العجب ، أو يصح عليه القول كالمستجير من الرمضاء .............



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسار تصغير الأمة من مؤتمر باريس 1913 إلى إعلان دمشق 2005
- التحديث بالقتل و التدمير
- عن الجدران العازلة والمعازل العنصرية و المقاومة
- الكوليرا أصدق أنباء من توماس فريدمان
- زيف عدالة الاحتلال
- نعم أمريكا امبرطورية آفلة ، لكن هناك من لا يصدق
- تجارة الخوف أحداث لندن كمثال
- مؤتمر شرم الشيخ : على أمريكا تغيير المسار
- المريض الأمريكي و العلاجات الوهمية
- أشباح فانون
- معنى صعود ساركوزي الأمريكي في فرنسا
- العراق ليس قصة نفطية فقط
- أوهام الفكر الطائفي الأزلية
- في مديح البرتو فرنانديز
- تجديد الثقافة الوطنية و معركة التحرر من التبعية
- عصر الدكتاتورية العالمية يتمدد إلى علم التاريخ
- عزمي بشارة ونووي كوريا الشمالية
- تصريحات بابا روما من زاوية أخرى
- مساخر فكرية سورية
- هل هناك ما يمنع أن يكون المرء عاطفيا و عقلانيا في الوقت عينه ...


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - لقطة كلوز آب للعالم المعاصر من زاوية تشادية