أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خضر محجز - الأطفال لا يموتون















المزيد.....

الأطفال لا يموتون


خضر محجز

الحوار المتمدن-العدد: 2105 - 2007 / 11 / 20 - 08:30
المحور: الادب والفن
    


1
خصوبة

إنه في يوم الاثنين،
في غزة،
في الثاني عشر من شهر تشرين الثاني،
للسنة السابعة بعد الألف الثانية،
كانت الشوارع مزدحمة بالأولاد..
كلهم ذاهب إلى المسيرة.
كانت البيوت يرفرف فوق أسطحتها علم واحد، بألوان أربعة..
وكانت الريح القادمة من البحر تحمل رائحة تنتفض لها أبدان الرجال،
في يوم الاثنين، في غزة،
أخذ الرجال يرون زوجاتهم بصورة مختلفة..
في يوم الاثنين، في غزة،
اكتشف الرجال كم هن جميلات زوجاتهم..
في يوم الاثنين، في غزة،
كانت النساء تفوح منهن رائحة الخصوبة..
في يوم الاثنين، في غزة،
كان الناس
يملأون كل الشوارع،
ويزرعون كل الأرض،
ويحلمون بورد أكثر احمراراً.
في يوم الاثنين، في غزة،
كان الناس يلوحون بأيديهم لبعضهم البعض.
وقد زينت وجوههم ابتسامات طالما كانت مفقودة.
في يوم الاثنين، في غزة،
نهض الشهداء من قبورهم ليشاركوا الأولاد في إحياء مهرجان الأرض.
في يوم الاثنين، في غزة،
زار كل شهيد بيته وقبل يد أمه وداعب شعر أطفاله...
ثم ذهب إلى بيعة القائد.

2
انشغال

القائد الذي كان راقداً بالأمس في ضريحه،
القائد المنتظر حتى الأمس في رام الله،
لم يكن يشغل باله سوى شيء واحد:
متى يعود إلى بيته في القدس؟..
القائد الذي كانت قد أخذته سنة من النوم،
صحا على صوت الأولاد.
ورغم كل المحاذير، خرج..
ورغم أنه كان يشعر بشيء من الخجل، كونه لم يتمكن من حبس دموعه،
فقد خرج..
خرج القائد من ضريحه في رام الله،
وتلقفته أكف الأولاد الصغيرة.
ومن هناك، من غزة،
من فوق رؤوس الأطفال،
رأى القائد بيته الجديد في القدس..
كل ذلك حدث قبل أن يأتي الجنود الملتحون،
ويطلقوا النار.
لكن القائد لم يمت، لسبب بسيط..
لم يمت القائد، لأن الأولاد أخفوه في قلوبهم،
بعيداً عن متناول طلقات الجنود الملتحين.

3
ربما

يوم الاثنين، في غزة،
في الثاني عشر من شهر تشرين الثاني،
للسنة السابعة بعد الألف الثانية،
الجندي المتدين،
أطلق النار على والده الذي يمشي مع (العلمانيين).
ربما لم يكن متعمداً..
ربما لم يره بوضوح.
ربما كانت اللحية الطويلة هي السبب..
فاللحية الطويلة كانت ـ ربما ـ قد ركزت نظراتها على (الراية الجاهلية)،
وربما لم تر ما تحتها..
وبما أن اللحية الطويلة ـ ربما ـ لم تعرف هوية الذراعين، التين ترفعان العلم،
لذا فقد أفادت الفتوى بأن الولد ـ بالتأكيد ـ لم ير أباه حين قتله..
وقالت الفتوى ـ في حيثيات الشرح ـ بأن مثل هذا حدث في الزمن الماضي..
وقالت الفتوى بأن المجتهد له نصيب من الأجر..
الجندي الملتحي شكر الله آخر الأمر،
لأنه سيحصل على عدد هائل من الحسنات،
لقاء قتله والده (العلماني).
...
في الحقيقة
فإن شريحة الـ(هارد ديسك)
كانت قد غذيت، الليلة الماضية، بمعلومات جديدة.

4
بعد حيضة واحدة

المرأة التي داستها بساطير الجنود الأتقياء،
كان عليها أن تحمد الله، في نهاية المسيرة.
لقد كان بإمكانها أن تكون سبية حقاً،
كما كان بإمكانها ـ بالفعل ـ أن تتهيأ للمسافدة بعد حيضة واحدة،
تمهيداً لإنجاب جنود من نوع فريد..
المرأة التي داستها بساطير الجنود الأتقياء،
حمدت الله مطولاً،
لأنها تمكنت من الرجوع إلى البيت في نهاية الاحتفال،
برحم ممزق،
وثديين مقطوعين..
المرأة التي داستها بساطير الجنود الأتقياء،
أدركت أخيراً
ـ لشدة فرحها ـ
أنها لن تنجب أولاداً بعد..

5
لحية

الرجل العجوز الذي كان يغذ السير في أعقاب المسيرة،
لم يخش الجنود المدججين باللحى والبنادق:
ـ أستطيع أنا كذلك أن أطلق لحيتي..
فهل يعني ذلك أنني أستطيع أن أكون مخيفاً إلى هذا الحد؟!.
هكذا حدث العجوز قلبه..
حين عندما أوقفه أحدهم،
مهدداً بضربه بالعصا الحديدية،
أدرك العجوز كيف يمكن للحية أن تكون كئيبة وبشعة وقاسية..
الرجل العجوز،
بعد أن عاد إلى بيته،
قال لزوجته، وهي تضع على رأسه الضمادة المضمخة باليود الحارق:
ـ عليّ أن أحلق لحيتي كل يوم مرتين.

6
تساؤل

الأطفال لا يموتون..
تلك حقيقة أزعجت كل أنواع الجنود:
جنود يغطون رؤوسهم بالخوذات الحديدية
جنود ملتحون،
جنود يعتمرون (الكيباه)...
كل أنواع الجنود،
كانوا مدركين أن الأطفال لا يموتون..
ـ تباً!. كيف يمكن لنا أن ننزل كل هذه الأعلام المرفوعة؟.

7
وفرة

في غزة يوجد اليوم كثير من الدخان.
في غزة يوجد اليوم كثير من الخبز.
في غزة يوجد اليوم كثير من العدل.
في غزة توجد اليوم وظائف أكثر من عدد المرشحين.
في غزة يوجد اليوم أسمنت وبناء وشقق كثيرة وزواج.
في غزة يوجد اليوم قليل من النوم.
في غزة يوجد اليوم كثير من اللحى:
شيء واحد غير موجود اليوم في غزة:
الخوف.

8
ملثمون

عصر كل خميس،
ينهض الشهداء من الأضرحة،
يزورون بيوتهم،
يقبلون أيادي أمهاتهم،
يطوفون على أطفالهم مطمئنين،
ثم يرجعون إلى الجنة.
سبعة شهداء لم يستطيعوا الوصول إلى بيوتهم يوم الخميس الماضي،
سبعة شهداء،
فقد كانت ثمة مجموعة من الملثمين تغلق الشارع.
لذا فقد قرروا الرجوع يوم الاثنين الذي يليه:
ـ يوم الاثنين كذلك يوم مبارك..
قال الشهداء السبعة لبعضهم البعض.

9
مجدداً

سلاماً أيها القائد..
أنت الآن في ضريحك،
ونحن في هذا الفضاء المسقوف بالحديد.
أنت الآن تتطلع إلى القدس،
ونحن نتطلع إلى قليل من الهواء، في هذا الجحر الموبوء بالأفاعي.
أنت الآن تلتقي الشهداء في الجنة،
والقذائف المكتوب عليها "لا إله إلا الله" ترسلهم إليك تباعا.
أنت الآن متلفع بالكوفية،
ونحن متلفعون بالجلابيات الباكستانية.
أنت وصلت إلى آخر النفق،
ونحن دخلناه، ولا نعرف لنا منه مخرجا.
سلاماً أيها القائد.
إنه في يوم الاثنين،
في غزة،
في الثاني عشر من شهر تشرين الثاني،
للسنة السابعة بعد الألف الثانية،
كانت الشوارع مزدحمة بالأولاد..
كلهم كان ذاهباً إلى المسيرة.
وكانت البيوت يرفرف فوق أسطحتها علم واحد، بألوان أربعة..
سلاماً أيها القائد
لا بد أنك قد عرفت الآن أنك في غزة.



#خضر_محجز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة الديمقراطية العلمانية في فلسطين
- سلطة الديماغوجيا.. ديماغوجيا السلطة
- الشوط الرابع* لأحمد حسين: (دراسة في علاقات القوة)
- الوقائع الحقيقية هي التي تجعل النصوص أمراً ممكناً
- كل عام وأنت بخير يا غزة
- دعاء رمضان: يا إلهي، من كان قادرا على صناعة هذه المخلوقات (ا ...
- ما بعد الحداثة: الثقافة، الهوية، التفسير
- أنا بالله، وبالله أنا... يخلق الخلق، وأفنيهم أنا
- ثغثغة عمر حمش في (سيف عنترة)*
- لماذا أضعنا الفرصة - دراسة في المضمر الثقافي العربي: بداية ل ...
- حوارية الأصوات في (خيط القمر) لعمر حمش(*)
- النزعة النصية في القديم والحديث
- فصل فيما لم يقله ابن خلدون في وصول النهابة والحمير إلى أبواب ...
- فصل في جواز قتل المؤمنين بشروط
- دكاترة السودان وكنز على بابا
- متشابهون في غزة
- الأيديولوجيا والسلطة: النص، والواقع، وكبار المفسرين
- الواقع الإعلامي وصناعة الحقيقة
- في العلاقة بين الثقافة والاستبداد


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خضر محجز - الأطفال لا يموتون