أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - المغاربة رموا ملك إسبانيا بالأعلام المغربية و صور محمد السادس















المزيد.....



المغاربة رموا ملك إسبانيا بالأعلام المغربية و صور محمد السادس


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 2106 - 2007 / 11 / 21 - 12:00
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تداعيات زيارة ملك إسبانيا إلى المدينتين المحتلتين
المغاربة رموا ملك إسبانيا بالأعلام المغربية و صور محمد السادس


ظلت الزيارات الرسمية إلى المدينتين السليبتين، سبتة ومليلية، تثير توترا في العلاقات المغربية الإسبانية، لكن الزيارة الحالية للملك خوان كارلوس تزامنت مع أحداث ذات دلالة، فاحت منه رائحة الخبث والرغبة في إلحاق ضربات موجعة للمغرب من شأن تأثيراتها السلبية أن تزعج علاقات حسن الجوار. إن هذا التزامن المتعمد كان بمثابة قنبلة إسبانية أريد تفجيرها في هذا الظرف بالذات.
إنه تزامن مريب اجتمعت خلاله عدة أحداث في ظرف وجيز، كانت بدايتها زيارة الرئيس الفرنسي للمغرب ونهايتها زيارة الملك الإسباني للمدينتين المحتلتين، مرورا بزيارة الأميرة البريطانية "أندرو دوق يورك" وولي العهد الإسباني "فيليبي دي بوربون" وعقيلته للمغرب، وإصدار مذكرات بحث دولية من طرف القاضي الفرنسي ثم قبول القاضي الإسباني لدعوى مرفوعة سنة 2006.
وحذرت جميع الجهات الرسمية المغربية وفعاليات المجتمع المدني من التداعيات السلبية التي قد تترتب عن هذه الزيارة المستفزة للسيادة المغربية ولمشاعر الشعب المغربي والهادفة لتطبيع الاحتلال وما تلحقه من أضرار جسيمة بالمصالح المشتركة والمناخ الإيجابي للعلاقات المغربية الإسبانية منذ 2004.
لرصد كل هذه التداعيات "المشعل" انتقلت إلى باب سبتة لاستقراء الغضب الشعبي الصاخب على بعد أمتار من الحدود الوهمية الشمالية، لمعاينة مختلف تعبيراته، كما تلقت تصريحات مهتمين و باحثين و سياسيين.

من قلب الحدث

لم تشهد هذه النقطة الساخنة بباب سبتة غليانا مسبوقا في تاريخها، مثلما شهدته يوم (الاثنين 5 نونبر 2007)، آلاف الأصوات المحتجة، الرافضة لزيارة الملك الإسباني خوان كارلوس ، تقاطرت على الحدود الوهمية الفاصلة بين تراب الوطن الأم، والمدينتين الأسيرتين بين أسلاك آل فرانكو، (سبتة ومليلية)، فإلى حدود الثالثة صباحا من يوم الاثنين، كان باب سبتة مثل باقي سكان المدينتين السليبتين، يغط في سباته العميق، لكن مع توالي اللحظات، أخذت بعض الخطوات المشحونة بظلم التاريخ تحج اعتباطيا إلى المكان، لعلها توصل صوتها ضمن أصوات الطوابير الأولى في الوقفة الاحتجاجية إلى من لايزال يسكنهم هاجس الاستعمار. غير أنه مع بروز الخيوط الأولى لأشعة الشمس، أخذت تتوافد على باب سبتة والحدود الوهمية، جحافل من المتجمهرين وأكثر من عشرة حافلات ومئات السيارات الخصوصية والعمومية، فرادى وجماعات؛ نساء ورجال وأطفال أيضا يهرولون قصد شغر مكان لهم بين من يتقاسمون وإياهم أحاسيس الغضب الدفين الذي تأجج فور إعلان القصر الإسباني عن زيارة الملك خوان كارلوس وعقيلته صوفيا إلى المدينتين السليبتين، وما هي إلا لحظات قليلة حتى بدأت تُسمع من بعيد أصوات منبهات السيارات المحملة بالآتين من كل صوب وحدب، وهم يلوحون بأيديهم وشعاراتهم وكذا الأعلام الوطنية الحمراء؛ ومن خلال أرقام لوحات تلك السيارات، تبين أن القادمين لمؤازرة منظمي هذه الوقفة الاحتجاجية حجوا من مدن بعيدة. خلال تلك اللحظات، أخذت بعض الجمعيات توزع على المتجمهرين الذين يجلس بعضهم على قطع الكارتون، بعض المطويات، وكذا أوراق تضم شعارات الوقفة المنددة بالزيارة، والتي انتظر منها الجميع التعبير عن درجة الغضب الساطع الذي أَلمّ بالمغاربة، غير أن المشهد الرائع الذي هز البعض هناك، هو إقدام عجوز على توزيع ما تيسر من الحلوى والمشروبات على المتجمهرين، كوجبة للفطور استعدادا لتفريغ الغضب المستطير. كانت القوافل الآتية من بعيد تحيل أوتوماتيكيا على تلك اللقطات المؤرخة لانطلاق المسيرة الخضراء سنة 1975، فما إن اجتمعت النواة الأولى للوقفة التنديدية حتى انطلقت الشعارات مدوية في سماء سبتة، من قبيل "خوان كارلوس ري دي إسبانيا فويرا" "كارلوس يا ماليك، سبتة ماشي ليك"، "كارلوس ملك إسبانيا برا"، إلى غير ذلك من الشعارات الحماسية التي كانت بليغة وهي تنطلق على ألسنة الغاضبين، فكلما ارتفعت حدة الأصوات الصادحة في فضاء باب سبتة، ارتفعت معها أعداد الوافدين المدعمين لإخوانهم الذين يرددون جماعيا "كارلوس سير بحالك.. سبتة ماشي ديالك"، فقد كانت تلك الحشود من حيث العدد، الذي بلغ حوالي 5 آلاف مشارك خلال الساعات الأولى، غير مسبوقة في تاريخ المدينة والمنطقة، حتى في عز موسم عبور الجالية المغربية إلى حضن الوطن، حتى أن أصواتهم المزمجرة استطاعت أن تخترق الحدود الوهمية لتصل إلى من كانوا يستعدون لاستقبال الملك خوان كارلوس؛ أحد سكان سبتة جاء للمشاركة في الوقفة، حيث قال: "لقد كانت الأصوات تثير شيئا من الهلع في نفوس الساكنة، حتى قلنا إنه من الممكن في أية لحظة أن يخترق هؤلاء المنددون باب سبتة" و أضاف: " خصوصا عندما قدف بعض مغاربة سبتة صور للملك محمد السادس و أعلام مغربية في اتجاه الملك خوان كارلوس و هو يمر في موكبه"؛ ومع حلول ملك إسبانيا وزوجته عبر المروحية التي أقلته من القصر الإسباني إلى مطار سبتة، ظن البعض أن درجة الغليان في صفوف المنددين قد تدفعهم إلى اختراق الشباك الرمادي لباب سبتة الذي كان يهتز مع ارتفاع درجة الصخب والغضب الشاجب للزيارة المستفزة آنذاك والمغاربة المحتجون والمنددون بعدما صدحت أصواتهم في علياء سبتة، بدا أن الزمن قد أعاد نفسه، خصوصا أن المشهد ذكر الكهول بأجواء انطلاق قراءة "اللطيف" بجل المساجد بالمملكة إبان إقدام آلة الاستعمار الفرنسي على إبعاد الملك الراحل محمد الخامس، أحد المحتجين لم يتردد وسط الجموع الغفيرة من رفع صوته بشعارات مؤيدة لمنظمة"ايطا الباسكية"، نفس الشيء قام به أحد الغاضبين ضمن الحشود التي تجمهرت في مدينة تطوان مساء يوم الأحد أمام القنصلية الإسبانية، حينما تسلل من بين المتجمهرين لينزع مكبر الصوت من منشط الوقفة، وهو يصيح، (فيفا "إيطا" الباسكية، خوان كارلوس فويرا)، أي "تحيا ايطا الباسكية وخوان كارلوس برا"، لم يكن هذا الشخص سوى حسن برهون رئيس الجمعية الفلسطينية لحقوق الإنسان "راصد" والتجمع الدولي للمؤسسات الحقوقية والإنسانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ونحن في تطوان، لاحظنا أن مجموعة من الشباب القاطنين بسبتة، على مقربة من حسن برهون، حجوا هم الآخرون تلقائيا للمشاركة في وقفة مساء الأحد، بعد أن عاينوا اعتقال عشرة شبان مغاربة من طرف الأمن الإسباني بالمدينة السليبة (سبتة)، والسبب حسب هؤلاء، هو رفعهم للأعلام المغربية تنديدا بزيارة ملك إسبانيا لمدينتهم، كما أكد أحدهم أن السلطات الإسبانية قامت يومي السبت والأحد بحملة تمشيطية بكل من حي "خادو" وحي "برينسيبي" بمدينة سبتة، أسفرت عن إبعاد مجموعة من المغاربة ونقلهم إلى الحدود .
أما الأجواء الصاخبة أمام باب سبتة، فقد كانت تنذر بخطر محتمل نتيجة الحماس المتدفق في قلوب المحتجين الذين رأوا في زيارة الملك الإسباني إلى المدينتين السليبتين، استفزازا مقصودا ومتعمدا، وعودة إلى النغمة النشاز بعد أن بدأت العلاقات المغربية الإسبانية تتحسن منذ 2004 مع مجيء "ثاباتيرو"، ما لاحظناه هو أن أغلب التطوانيين المشاركين في هذه الوقفة، شاركوا في وقفات مدينة تطوان يوم الأحد، مما جعلهم على استعداد كامل للجهر بكل اللواعج الدفينة التي حركتها رغبة الأحزاب المتناحرة في الميدان الإسباني، بعض الشباب التطوانيين توجهوا إلى حيث عدسات الكاميرات الإسبانية للتعبير عن رفضهم القاطع لهذه الزيارة، أحدهم قال للصحافي الإسباني، لقد منعنا مساء أمس الأحد من اقتحام القنصلية الإسبانية بتطوان، لكن مجيئنا اليوم إلى باب سبتة، كان بدافع التعبير عن المزيد من استنكارنا لزيارة الملك الإسباني للمدينتين المغربيتين. خلال هذا الوقت الذي التحمت فيه أصوات الغاضبين المفعمين بروح الغيرة على الوطن، تداولت أخبار بين رجلين، عما جرى مساء الأحد بباب سبتة، هذه الساحة التي تتولد في كنفها كل شعارات الغضب والاحتجاج، يقول أحدهم، "أقفلت السلطات الإسبانية ليلة أمس (الأحد) معبر باب سبتة المؤدي إلى المدينة السليبة، لمدة تناهز الساعات، والسبب هو حادث خلق مساحة من الهلع والفزع في نفوس السلطات الإسبانية هناك، بسبب سيارة مرقمة بإيطاليا كانت جاثمة على خط الحدود الوهمية من جهة الإسبان، إذ استنفروا كل طاقتهم في سبيل إيجاد سائقها، لكنهم لم يجدوا له أثرا، عندها استوطن الرعب قلوبهم الواجفة، خصوصا أنهم لم يتمكنوا من الاقتراب منها درءا لخطر محتمل، إذ ذاك تعزز مكان السيارة ببعض الحواجز الحديدية والإسمنتية، ليتم الإعلان عن إقفال الحدود"، عندما تعززت الفرق الأمنية هناك ببعض عناصر البوليس الإسباني المختص، يضيف الرجل قائلا "نعم، حضرت قوات أمنية إسبانية، لمؤازرة زملائهم الذين بدوا منهمكين وهم يرتبون الحواجز الإسمنتية، بل منهم من أبعد الناس المتجمهرين حولهم ليبعدوهم عن المعبر، حينها اقترب شرطيان متخصصان في المتفجرات، حاملين بعض المعدات إلى حيث السيارة بحذر شديد، طافا بها من كل الجوانب، وبعد أن محصَّاها تمحيصا دقيقا، أحضروا سيارة "الديبناج" قصد إزاحة السيارة المشبوهة، وبعد حوالي ثلاث ساعات تم فتح الحدود من جديد"، وهذا ما أكده لنا محمد حميد علي، رئيس جماعة المسلمين بسبتة والذي عاين الحادث عندما كان يرغب في الدخول إلى مدينة سبتة راجعا إلى بيته، غير أنه وجد بعض المغاربة آنذاك صعوبة في تقبل الوضع كما قال الرجل، إذ لم يسمح العبور إلى سبتة إلا للمغاربة المقيمين بها، أو الحاملين لتراخيص العمل بها؛ مشهد آخر من مشاهد الغضب العارم، كان أقرب إلى صورة كاريكاتيرية، حينما ازدادت حدة الأصوات المزمجرة من حناجر الساخطين عن الزيارة، حيث لم يتمكن بعض رجال البوليس الإسباني من مسايرة إيقاعات الاحتجاج ليضعوا أيديهم على آذانهم في محاولة لحجب الصوت الصادح في سماء سبتة، لكن دون جدوى، مع مرور الوقت يرتفع مؤشر الصراخ والاحتجاجات التي تردد "بالروح بالدم نفديك يا سبتة"؛ ففي اللحظة التي كان يحتفى بالملك خوان كارلوس في شوارع أرض مغتصبة، تأجج الغضب في نفوس بعض الشباب ليتجهوا إلى حيث الحواجز، إذ سيتسلقها الكثيرون، في محاولة لاختراقها، بل منهم من حاول جاهدا تكسيرها، وهو ما تأتى للبعض، ليتدخل رجال الأمن المغاربة متوسلين الغاضبين قصد التراجع عن هذا الفعل، وقد كان للهواتف النقالة دور كبير في تأجيج وتوسيع مساحة الغضب في نفوس المنددين، إذ ما يرن هاتف أحد المنشطين للحملة، حتى يجتمع حوله بعض المحتجين، لترتفع أصواتهم مطالبين بضخ شعارات أخرى أكثر حماسة وسط المتجمهرين، حتى يدرك الرأي الإسباني أن وطأة كارلوس للأرض السليبة هي أكبر خطأ تاريخي ترتكبه إسبانيا في عهد الملك "خوان"، نفس الشيء عبرت عنه مواطنة إسبانية يوم الأحد إبان الوقفة الاحتجاجية في تطوان،، أمام مقر القنصلية الإسبانية، إذ قالت هذه السيدة التي تدعى أوكسيس سانشيز بوير، "لم يكن من الضروري القيام بهذه الزيارة في الوقت الراهن، لسنا في حاجة لتكسير حسن الجوار والأخوة المغربية الإسبانية، فإسبانيا لم تحترم قواعد الاتفاقيات"؛ من جانب آخر، لابد أن نشير إلى أن وقفة يوم الاثنين أمام باب سبتة، ضمت جميع فئات الشعب، (ممثلي بعض الأحزاب، وجمعيات المجتمع المدني، أساتذة، حقوقيين، ومحامين...).. فحسب أحد المحامين هناك، إن "ملك إسبانيا ملزم باحترام قانون إسبانيا، وعلى رأسه الدستور، فإذا كان الملك ملزم بذلك، فإنه بالمقابل تناسى كون الدستور وثيقة داخلية غير ملزمة للشعب المغربي، والمدينتان المحتلتان لازالتا محط نزاع، لذا كان لزاما عليه أن يشعر بعواقب زيارته من الناحية القانونية، إذ ليس هناك أية وثيقة تمنح السيادة الإسبانية على سبتة، فالاتحاد الأوروبي لم يصدر أي وثيقة أو قرار يعتبر سبتة ترابا أوروبيا"، أما الصحفي خوسي لويس نافاسو، الذي حضر خصيصا لتغطية أجواء الغضب الساطع، المتدفق من قلوب حوالي سبعة آلاف محتج أمام معبر سبتة والحدود الوهمية، فإنه حاول أخذ مكان له بين زملائه الصحفيين، لكن لم يستطع لذلك سبيلا، سيما أن الشعارات المدوية أرغمته على الانسحاب من مكان التجمهر، خصوصا أن دهشته فضحت ردة فعله، وهو يتقزز من سماع الشعارات المؤيدة لمنظمة "إيطا"، فما إن تلقفت مسامعه شعار "بيبا" إيطا" خوان كارلوس فويرا"، حتى اتجه مسرعا نحو المعبر، حاملا معه روح الغضب الفطري في نفوس المغاربة، الذين لم يتوانوا لحظة واحدة في ترجمة غضبهم إلى صراخ واحتجاج وشعارات طنانة إضافة إلى رسوم كاريكاتيرية تبرز الملك كارلوس كرجل دخيل غير مرغوب فيه.
في خضم التنديدات والاحتجاجات، أخذت بعض الأفكار الحماسية تتداول في صفوف الغاضبين، إذ قال أحدهم "إن المنطق لا يقبل أن يزور مسؤول رسمي أرض سبتة ومليلية"، في حين تدخل آخر "إننا سباقون منذ عقود قبل مناداة أحد الأحزاب بذلك، إلى طرح فكرة اقتحام سبتة ومليلية عبر مسيرة خضراء أخرى، نضم من خلالها هاتين القطعتين الجغرافيتين التي مافتئ المغاربة يحلمون بيوم تنجلي عنهما سحابة الإسبان، وشخصيا يحز في نفسي شروع بعض الأصوات مستغلة الأزمة للتصريح بضرورة القيام بمسيرة خضراء، فلماذا لم يصرحوا بها قبل هذا الوقت".
وبعد ساعات، من التنديد ومحاولة اختراق الحدود الوهمية، صعد مئات الشباب حاملين الأعلام الوطنية إلى ربوة مطلة على مركزي الحدود الوهمية، المغربية - الإسبانية، ثم وقفوا صفا واحدا يرددون النشيد الوطني فتبعهم آلاف المتجمهرين أسفل الربوة.
عن تحقيق : حسن عين الحياة و رشيد أشباك/أسبوعية المشعل


قالوا لـ "المشعل"

منذ مدة وجيزة، طالب محمد بن عزوز حكيم، السياسي السابق والمؤرخ، الذي عمل مترجما رسميا للملكين الراحلين، جد محمد السادس، محمد الخامس ووالده الراحل الحسن الثاني، من الملك الإسباني، خوان كارلوس، بأن يعتذر عما اقترفه أجداده القدماء، حين أصدروا أول أمر ملكي منذ خمسة قرون، بخصوص أهل الأندلس والقاضي بالارتداد عن الدين الإسلامي والعودة للمسيحية أو مغادرة الأندلس، كما فعل حين زار إسرائيل قبل سنوات واعتذر لليهود، وها هو الآن يستفز ملك المغرب وشعبه بزيارته للمدينتين السليبتين، سبتة ومليلية.
سألنا محمد حميد علي، رئيس جماعة المسلمين بسبتة ومحمد العوني وعبد الكريم الفيلالي، صاحب موسوعة "التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير" بخصوص هذه الزيارة المستفزة فصرحوا للمشعل:

محمد حميد علي/ رئيس جماعة المسلمين بسبتة
زيارة الملك الإسباني للمدينتين زيارة سياسية وتوقيتها مقصود
+++++++++
يقول محمد حميد علي إن سكان مدينة سبتة تلقوا زيارة الملك الإسباني للمدينتين المحتلتين بتعجب واستنكار ورفضوها كما رفضها مغاربة المغرب المحرر، إلا أن أهل المدينتين يعتبرون تحت الاستعمار ولا يقدرون على إبداء رأيهم بصراحة. فإذا كان السبتيون ينددون بتلك الزيارة، إلا أنهم يخافون على مصالحهم.
ويقر محمد حميد علي أن زيارة الملك الإسباني للمدينتين زيارة سياسية وتوقيتها مقصود، علما أن هناك عرفا قائما بين المغرب وإسبانيا حول هذا النوع من الزيارات، سواء من طرف الملك أو من طرف رئيس الحكومة، وهو عرف ظلت تحترمه إسبانيا وكذلك الحزب الشعبي. ورغم أن "خوسي ماريا أثنار" زار مدينة سبتة لما كان رئيسا للحكومة، لكنه حث على أن زيارته بصفته رئيس الحزب وليس بصفته رئيسا للحكومة، وهذا يعني أن حزبه احترم العرف القائم أكثر مما احترمه الحزب الاشتراكي.
ويضيف أن زيارة الملك الإسباني تعتبر طعنة في ظهر المغرب من قبل الحزب الاشتراكي الإسباني، علما أن المغرب فتح أبوابه على مصراعيها للاستثمارات الإسبانية، إلا أن الزيارة كسرت كل شيء، وسيكون لها تأثير سلبي على طبيعة العلاقات بين الجارين اللذين تمكنا من تجاوز تداعيات سحابة الأزمات السابقة.
يؤكد محمد علي أن الجميع يعرف بأن الملك خوان كارلوس يحكم ولا يسود، لذلك فهو ملك مسير وليس مخيرا، إذ خلال زفاف الملك محمد السادس منع من الحضور للحفل بالمغرب رغم إبداء رغبته في ذلك، لتوتر العلاقات بين البلدين آنذاك بسبب قضية جزيرة "ليلى". ويرى محمد علي أن هذا الحادث يفيد أن الملك الإسباني مسير من طرف الأحزاب الحاكمة، والحزب الاشتراكي هو الذي يحكم، وهو الذي يدفع في اتجاه معاكس لا يخدم المصالح المغربية الإسبانية.
يعتقد محمد علي أن زيارة الملك الإسباني للمدينتين المحتلتين أملتها حسابات انتخابية وحسابات أخرى، لاسيما وأن زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي كان لها وقع كبير في إسبانيا، إذ أزعجتها كثيرا لأنها ظلت تعتبر شمال المغرب منطقة نفوذها وتريد حيازة كل الاستثمارات الخاصة بها، لكن لما تدخلت الدولة الفرنسية في هذا المجال باستثمارات فرنسية زاد انزعاجها.
في نظر محمد علي تجرأ الإسبان على تكسير العرف القائم لأن المغرب لم يرد بقوة في مناسبات سابقة. فكانت هناك زيارة لـ "أدولفو سواريس" في الفترة الانتقالية من الديكتاتورية إلى الديمقراطية في الثمانينات لمدينة سبتة، ويقال إنه قام بتلك الزيارة اعتبارا لخلاف مع الملك الحسن الثاني في حفل عشاء مع الملك خوان كارلوس، إذ قيل إن "سواريس" أراد وضع يده على كتف الملك الحسن الثاني لكنه صده فصدر عنه كلام واطئ، فطلب منه الملك خوان كارلوس الانسحاب من القاعة لترك ضيفه (الحسن الثاني) على راحته.
ختم محمد علي حديثه بالقول إن السبتيين يطلبون من المغرب الاهتمام بهم كمغاربة وأن تكون الحكومة في مستوى النظر للقضية بغيرة وطنية وشيء من الرأفة، إذ لا يجب أن ننسى أن مغاربة سبتة ومليلية يعيشون تحت وطأة الاستعمار.

محمد العوني/ فاعل سياسي
السياسة المغربية متروكة للصدف

يرى محمد العوني، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، أن تزامن زيارة ملك إسبانيا للمدينتين السليبتين، سبتة ومليلية، مع عيد المسيرة الخضراء مقصود وليس مجرد صدفة، وذلك لأن السياسة الإسبانية ليست كالسياسة المغربية المتروكة للصدف، وإنما هي سياسة منسقة ومرتبة بشكل واضح، وهذا التزامن يدخل في إطار محاولة السياسيين الإسبان، خاصة أنصار "ثاباتيرو"، اللعب بالأوراق السياسية والخلط فيما بينها، فتارة يرمون ورقة إلى اليمين وتارة يرمون بأخرى إلى اليسار في أفق الانتخابات المنتظرة خلال مارس 2008 في إسبانيا.
يؤكد العوني على أن ورقة قدوم الأمير الإسباني رفقة وزير الخارجية الإسبانية إلى المغرب، صاحبتها ورقة قدوم العاهل الإسباني إلى سبتة ومليلية، وهاتين الورقتين يدخلان ضمن أوراق أخرى ترمى في الساحة السياسية الإسبانية بعلاقة مع رهانات الأطراف السياسية، خاصة منها الحزب الشعبي اليميني والحزب الاشتراكي الإسباني.
ويقر العوني بأن تفويت المغرب لزيارة "ثاباتيرو" للمدينتين المحتلتين في سنة 2006، وتعامل المسؤولين المغاربة مع هذا الحادث بنوع من الهدوء هو الذي شجع التفكير في القيام بزيارة من هذا المستوى. طبعا، آنذاك كان لزيارة رئيس الحكومة للمدينتين السليبتين معناها السياسي، ورغم ذلك مرت في صمت، وسجل معها الإسبان نقطة بمزايدتهم في التعامل مع المغرب بشكل يجعل دفاعهم عما يسمونه المصالح الإسبانية، بينما المغرب (لاسيما الدولة المغربية) لم يقم بما ينبغي القيام به للحد من هذا الاتجاه دفاعا كذلك على المصالح المغربية.
يقول محمد العوني إن الخطير في الموضوع هو أن تكون مصالح المغرب والقضايا الوطنية المصيرية لعبة في مهب رياح الانتخابات والمزايدات الإسبانية، علما أن المغرب ليس بيده إيقاف هذه الرياح التي ربما قد تصل إلى مستوى الأعاصير، ولكن بيده أن يوقف بعض اللعب بقضاياه المصيرية، وذلك عن طريق نهج سياسة وطنية حقيقية فيما يخص الدفاع عن مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.
في نظر محمد العوني، إن قضية السيادة الوطنية مسألة ينبغي توفير كل الشروط من أجل ألا تخضع للمسائل الظرفية وللتحولات السياسية الطارئة في بلد جار كإسبانيا، أو بلد جار آخر كالجزائر.
فمن المفروض أن تكون للمغرب المناعة والقوة من أجل قول "لا"، ويقيم كل الحدود في وجه المس بالسيادة الوطنية.
ويضيف العوني أن الجميع يلاحظ محاولة إنهاك المغرب في قضية الصحراء المغربية، في وقت يسجل فيه نوعا من الخفوت في الدفاع عن مغربية سبتة ومليلية، كما لو أن المغرب (المغرب الرسمي على الخصوص) ينتظر أن يفك كل جوانب ملف الصحراء من أجل الانتقال إلى ملف المدينتين السليبتين، في حين إن الوضع مترابط ومتلازم وينبغي أن تكون هناك سياسة موحدة في الدفاع عن السيادة المغربية بكل المعاني.
ويذكر محمد العوني بحادثة جزيرة ليلى، إذ يؤكد على أن الدولة المغربية تعاملت بشيء من الجرأة والحزم معها، لكن لم يتم التعامل معها كقضية وطنية، لنستفيد من الظرف لمنع أي إمكانية للاعتداء مرة أخرى على الأراضي المغربية.
ورغم ذلك عادت جزيرة ليلى إلى وضعها السابق رغم أنها على بعد أمتار من التراب المغربي، ورغم أنها جزء منه.
ويرى العوني أن هذه الحادثة أكدت أنه كان من المفروض على المغاربة وفاعليهم السياسيين بالخصوص أن يؤسسوا آنذاك لسياسة متوازنة في مجال الدفاع عن السيادة المغربية، عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا واجتماعيا، لأن الدفاع عن السيادة الوطنية يقتضي كل هذه المستويات.
إن عدم الانخراط في كل هذه المستويات، هو الذي يجعل الأطماع التوسعية للجزائر وإسبانيا تستمر في الحضور.
يرى محمد العوني أن المغرب الرسمي لم يع بعد بأن الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية لفئات عريضة من الشعب تؤثر بشكل واضح في الدفاع عن القضايا المصيرية للمغرب.
ويقر محمد العوني أن السياسيين المغاربة في أغلبهم، يجانبون الصواب عندما يطرحون أولويات ثانوية ويرجعون أولويات الدفاع عن السيادة الوطنية إلى درجة دنيا، حتى وإن صدر خطاب يعتبرها أولوية الأولويات، ويعتبر العوني في التصريح الحكومي الأخير نموذجا. فقضية الوحدة الترابية، سواء بالنسبة للصحراء المغربية وإخراج الملف من مجال النزاع، أو بالنسبة لقضية سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، قضية ذات أولوية.
وهذا يعني أولا إصلاح المؤسسات السياسية المغربية في اتجاه أن تكون لها القوة والشرعية والمصداقية لتسمع، وإذا تحدث البرلمان المغربي أو الحكومة يلزم الاستماع لها وأخذها بعين الاعتبار، وهذا الإصلاح المؤسساتي مدخل أساسي، يتقوى بمصالحة وطنية حقيقية في الاتجاه السياسي والاتجاه الاقتصادي والاجتماعي، بحيث لا يمكن أن تظل الفوارق الكبرى وتترسخ بين الطبقات خصوصا، بين حفنة من الطفيليين والسماسرة والانتهازيين وذوي الامتيازات من جهة، وباقي فئات الشعب من جهة أخرى، وهذه مسألة مرتبطة بتلك الأولوية.

عبد الكريم الفيلالي/ مؤرخ
كان من اللازم تحرير المدينتين مع تحرر المغرب

يرى عبد الكريم الفيلالي، صاحب موسوعة "التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير"، أن موضوع زيارة سبتة ومليلية موضوع مفتعل لأن الإسبان جيراننا، ولأن الحسن الثاني لم يفكر في الموضوع في إبانه وإنما فكر فيه آخرون مكانه.
ويقر الفيلالي أنه كان من اللازم أن تتحرر سبتة ومليلية عندما تحرر المغرب ولو اضطررنا إلى شن حرب من أجلها آنذاك، وقد قالوا للحسن الثاني إن جبل طارق بيد بريطانيا ويوم سيتم تحريره سوف تتحرر المدينتين، واقتنع آنذاك بالأمر.
لذا يقول عبد الكريم الفيلالي "ليزر المدينتين من أراد ما دامتا بين أيدي الإسبان"، مختتما كلامه بالقول: إن الأمة التي لا تعرف ماضيها تتمزق في حاضرها وتعرف الذل والتحقير والبخس والإهانة في مستقبلها".

توظيف الزيارة المستفزة

يرى مجموعة من المحللين أن تكسير العرف القائم بعدم قيام حكام إسبانيا بزيارات رسمية لمدينتي سبتة ومليلية، وتزامنه مع ذكرى المسيرة الخضراء واسترجاع الصحراء المغربية، يبين بجلاء، مرة أخرى، أن الملك الإسباني مسير وليس مخيرا، باعتبار أن زيارته للمدينتين المحتلتين فرضت انطلاقا من حسابات سياسية إسبانية داخلية، لاسيما وأن المجتمع السياسي الإسباني في طور التهيئ لانتخابات مارس القادم، وبما أن استعداد اليمين الإسباني لخوضها كان مبكرا، حاول الاشتراكيون تحسين موقعهم في الساحة السياسية، ولم يجدوا أحسن من اللعب ببعض الأوراق على حساب المغرب، لتوظيفها لصالحهم.
وفي هذا الإطار اجتهد حكام المدينتين على إظهار الطابع الرسمي للزيارة، حيث هتف مستقبلي الملك وعقيلته بسبتة "تحيا إسبانيا وسبتة إسبانية"، وأطلقت المدفعية 21 طلقة ودقت أجراس كنائس المدينة إذ وزعت السلطات الإسبانية 15 ألف راية إسبانية واستقبل الملك الإسباني المواطنين بساحة إفريقيا وألبست مدينة سبتة السليبة علما إسبانيا طوله 4 كيلومترات (4 آلاف متر) امتد على جانبي الشوارع.
وأعلن خوان كارلوس "كان علي التزام لابد من الوفاء به إزاء سبتة وسكانها وسلطاتها".
ورغم أن الحدود الوهمية ظلت مفتوحة مع المغرب، اقتصر دخول المدينة على المغاربة الحاملين لتراخيص عمل بها.
إنها الزيارة الأولى التي يقوم بها ملك إسبانيا للمدينتين المحتلتين منذ 1927 أي بعد 80 سنة، وعلاوة على تزامنها مع عيد المسيرة الخضراء، فإنها برمجت في ظرف يخوض فيه المغرب غمار ملفات صعبة، منها المفاوضات مع جبهة البوليساريو وملف الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والتصدي لتداعيات تهافت جارة الشرق على التسلح.

عرف كسرته إسبانيا

عادة ما كان حكام إسبانيا يتحاشون زيارة مدينتي سبتة ومليلية، اعتبارا لعرف قائم بين البلدين.
وظل حكام المدينتين يطالبون بزيارة رسمية للملك الإسباني منذ أكثر من ثلاثة عقود، أي منذ سقوط نظام الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو سنة 1975 وإعادة اعتماد النظام الملكي.
وقد أحجم ثلاثة رؤساء للحكومة الإسبانية عن زيارة سبتة ومليلية، وهم: "كالفو سوتيلو" و"فيليبي كونزاليس" و"ماريا أثنار"، في حين زارهما "أدولفو سواريس" سنة 1981 و"ثاباتيرو" سنة 2006، إلا أنهما زارا المدينتين، ليس بصفتهما رئيسي الحكومة، وإنما كزعيمين للحزب الاشتراكي العمالي والحزب الشعبي.
وقد أجمع الملاحظون السياسيون على أن زيارة رئيس الحكومة الحالي (ثاباتيرو) في مطلع السنة الماضية كان المراد منها جس نبض المغرب، وهي الزيارة التي احتجت عليها الرباط في صمت لكن دونما احتجاج دبلوماسي، وهذا ما شجع الإسبان على المرور إلى الخطوة الموالية، الزيارة الملكية الرسمية للمدينتين السليبتين.
فمن قواعد البروتوكول المعمول بها في إسبانيا، الإعلان قبل عدة أسابيع عن الأنشطة الملكية وتواريخ الزيارات، إلا أن الزيارة الأخيرة لسبتة ومليلية تم الإعلان عنها 4 أيام فقط قبل موعدها، وأكدت مصادر إعلامية إسبانية أن تأخير الإعلان عن هذه الزيارة، معناه أن مدريد كانت تدرك جيدا حساسية تكسير العرف القائم بخصوص تحاشي زيارات رسمية للمدينتين.

من أقوال الصحافة الإسبانية

أغلب الصحف الإسبانية عنونت صفحاتها الأولى، بمناسبة زيارة الملك الإسباني للمدينتين المحتلتين، بالإشادة "بالزيارة التي طال انتظارها"، فقد ذكرت صحيفة "أ.بي.سي" المحافظة أن سبتة ومليلية هما المدينتان الوحيدتان اللتان لم يزرهما الملك خوان كارلوس منذ اعتلائه العرش الإسباني في نوفمبر 1975.
وجاء في صحفية "لارازون" اليمينية، أن متحدثا باسم وزارة الخارجية الإسبانية قال: "إن المغرب اتخذ موقفا سياديا.. ولا ننظر إلى تصرف المغرب باعتباره خارجا عن المألوف لكنه أسلوب دبلوماسي متعارف عليه". كما اعتبر المتحدث أن زيارة الملك للمدينتين "دستورية"، وتندرج في إطار "السياسة الداخلية" الإسبانية.
وذكرت صحيفة "الباييس" الموالية للوسط، أن الملك الإسباني لم يشدد على انتماء مدينة سبتة إلى إسبانيا، رغم أن زيارته الشخصية، في الواقع تثبت ذلك.
كما سبق لـ "الباييس" أن أفادت أن الحكومة الإسبانية طلبت بشكل عاجل من مركز الاستخبارات الوطني تقريرا قبل زيارة الملك للمدينتين، سبتة ومليلية، اللتين اعتبرهما تنظيم "القاعدة" أرضا محتلة وقارنهما بفلسطين. لاسيما وأن آخر شريط صوتي لأيمن الظواهري دعا إلى الإطاحة بالأنظمة القائمة في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب، وكذلك تحسبا من أن تدفع زيارة خوان كارلوس للمدينتين سبتة ومليلية، إلى تحيين الدعوة إلى استرجاع بلاد الأندلس باعتبارها بلادا كانت تحت إمرة المسلمين.

نزر من التاريخ

قبل 1978، لم يسبق أن ذُكرت مدينتي سبتة ومليلية في الدساتير الإسبانية، فدساتير 1837 و1845 و1896 و1876 لم تعتبر المدينتين المحتلتين إسبانيتين، إلا أنه عند تهيئ دستور 1978 تحرك اليمين بالمدينتين لفرض ذكرهما في الدستور كمدينتين إسبانيتين.
تمارس إسبانيا احتلالها على مدينة سبتة منذ 1580 وعلى مدينة مليلية منذ 1496، وبقيت على احتلالهما رغم تصفية الاستعمار الإسباني في إفريقيا في أوائل سبعينات القرن الماضي.
يعتبر احتلال سبتة ومليلية شاهد إثبات على المجابهة بين العالم الإسلامي وأوروبا الكاثوليكية في زمن الحروب الصليبية خلال القرن الخامس عشر، وكانت إحدى بوابات هذه المواجهة بحكم موقعها الجغرافي، حيث كانت ترى أوروبا أن احتلال هذه النقطة والبقاء فيها سيحول دون التمدد الإسلامي إلى القارة.
وجرت عدة محاولات قديمة لاسترجاع المدينتين في القرن السادس عشر في عهد إسماعيل ومحمد بن عبد الله، وبين عامي 1921 و1926 قاد محمد بن عبد الكريم الخطابي ثورة لاسترجاع المدينتين السليبتين.
وقرر المغرب استبعاد المواجهة العسكرية لاسترجاع المدينتين المحتلتين، هذا في وقت حاولت إسبانيا محو الوجود الإسلامي منهما، بتهجير المغاربة أو فرض الجنسية الإسبانية وامتلاك أراضي السكان الأصليين واعتبارهم أجانب يعيشون فوق الأراضي الإسبانية.
عندما اعتلى الملك خوان كارلوس العرش في نوفمبر 1975 وعد ببسط السيطرة الكاملة على المستعمرات الإسبانية، وهو الأمر الذي ندد به المغرب في حينه، لكن انشغاله بقضية الصحراء المغربية انعكس سلبا على مجرى المطالبة بالمدينتين السليبتين، لاسيما بخصوص طرح ملفهما في الأمم المتحدة، الشيء الذي أطلق يد إسبانيا في محاولة "أسبنتهما"، وحاول الملك الراحل الحسن الثاني استدراك الأمر، بعد فوات الأوان، حينما اقترح في سنة 1987 إنشاء خلية مشتركة مغربية إسبانية للتفكير في وضع المدينتين، والتي ظلت تنتظر الولادة إلى حد الآن.






#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقر السياسة
- يقولون إننا أحرار في اختياراتنا
- ملفات ساخنة تنتظر عزيز أخنوش
- واقع مزري يقود المغرب نحو انتفاضات -المغرب غير النافع-
- -فقر- الاحتفاء باليوم الدولي للقضاء على الفقر بالمغرب
- ساركوزي يُبيِّض صفحته مع المغرب بزيارة خاصة
- الجماني و طرائفه مع الحسن الثاني
- المجلس الأعلى للحسابات يتقصى ملفات مصادرة أملاك مهربي المخدر ...
- المغرب والرهانات العشر لمغاربة الخارج
- الحكومة فاشلة حتى قبل ولادتها
- المغرب إلى... المجهول... !!!
- هل فؤاد عالي الهمة أبرم صفقة سرية مع الملك؟
- لا ديمقراطية بدون ثقافة الاحتجاج
- انتفاضات الخبز في العهد الجديد بالمغرب
- من قاع سجن عين قادوس
- غضب وتذمر في انتظار غد أفضل
- السطو على البنزين المدعم ونهب المال العام
- عباس الفاسي وزيرا أول وماذا بعد؟
- حوار مع عبد الله حريف أمين عام حزب النهج الديمقراطي
- حوار مع عبد الحميد أمين المناضل التقدمي والمسؤول الحقوقي وال ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - المغاربة رموا ملك إسبانيا بالأعلام المغربية و صور محمد السادس