أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رشيد قويدر - روسيا والانتقال من الاعتراض إلى تأكيد الإرادة















المزيد.....

روسيا والانتقال من الاعتراض إلى تأكيد الإرادة


رشيد قويدر

الحوار المتمدن-العدد: 2101 - 2007 / 11 / 16 - 12:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


انتقلت روسيا الجديدة الصاعدة سريعاً قياساً على الزمن، في ولايتي الرئيس فلاديمير بوتين، من مربع الاعتراض ضد قطب الهيمنة الأحادية، الولايات المتحدة منذ عام 1991 إلى مربع تأكيد الإرادة الروسية الواقعية، وهي نقلات تراكمية إستراتيجية، وإذا ما فتحنا ملف التاريخ الروسي فهي واقعية تتعلق بخصوصيتها منذ تأسيسها في القرن الحادي عشر وصولاً إلى التاريخ الراهن. فالمركز الروسي هو في قطاع أوروبا غرب جبال الأورال، ومنه انطلقت إلى حدودها الطبيعية على مدى القارتين، وبالذات نحو آسيا وسهوبها وصولاً إلى المحيط الهادئ، حيث توطن السلاف الفلاحون المسيحيون الأرثوذكس وامتزجوا بشعوب المنطقة، ومنها الشعوب المسلمة كالتتار وغيرهم. وقد وصل راهناً المسلمون في الاتحاد الروسي ما يزيد عن 15 بالمئة، فضلاً عن نماذج تاريخي حضاري وثقافة وفضاء اقتصادي واحد.
وتهدف النقلات التي قام بها الرئيس بوتين، إلى تغيير قواعد اللعبة الدولية، نحو عالم واقعي مستقر متعدد الأقطاب هو قيد التشكل، وبعد أن اشتد الإيقاع الروسي على الساحة الدولية بمجملها، خاصةً في بؤرها الساخنة في آسيا ـ المحيط الهادئ، والرقعة الجغرافية المصطلح عليها أميركياً بـ> والذي تدفع به واشنطن إلى التفتيت و الأزمات، رغم مصالحها الحيوية في باطنه، حيث تمتلك دول الخليج ما يزيد عن 60 بالمئة من احتياطات النفط المؤكدة في العالم، فضلاً عن 40 بالمئة من احتياطيات الغاز الطبيعي، بما يعني أن الاقتصاد العالمي يعتمد على المحافظة على استقرار المنطقة، وتدفق الصادرات، في الوقت الذي تدفع به واشنطن منسوب عدائها للعرب ومصالحهم، بما طبع شعوب المنطقة بالقلق العميق بشأن دورها ومشاريعها.
في الخلاصات التاريخية الروسية الماثلة؛ إن كل تغيير في الحدود الروسية الشاسعة، يجسد تهديداً مباشراً للهوية القومية الروسية، ويواجه ذلك المخطط الذي تعمل عليه أجندة القطبية الأحادية ومعها تحالف القوى الضارية منذ عام 1991، بدءاًَ من الشمال الروسي واستقلال دول البلطيق الثلاث، استونيا، لاتفيا، وليتوانيا، ثم إثارة وتغذية الثورات البرتقالية في أوكرانيا وجورجيا، ضمن أجندة ضمها إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، بهدف محاصرة روسيا من بحر البلطيق شمالاً حتى بحر قزوين جنوباً، في تأجيج استراتيجياتها المعلنة وأجندتها. وقد بدأت خطواتها بالفترة اليلتسينية باسم > الغربية، لتضع مقدرات روسيا تحت أنياب الأوليغاركية ونفوذ السلطة، لعدد يماثل عدد أصابع اليد الواحدة من المافيات في ولاية بلتسين، وهي ذاتها بوابة التدخل الأميركي والخارجي في الشأن الروسي الداخلي.
يمكن رصد هذه الأجندات في الماضي القريب؛ بإلغاء معاهدة <<أي، بي، أم>>، ونزول القوات الأميركية في جورجيا، وكلمة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في ليتوانيا يوم 3 أيار (مايو) الماضي، في مؤتمر لقادة دول البلطيق والبحر الأسود، وتدخله الفظ في الشأن الروسي الداخلي، مطلقاً جمله المعروفة من الأسطوانة الأميركية <<تقيد الحكومة (الروسية) بشكلٍ غير عادل وغير ملائم حقوق شعبها، وهذا قد يؤثر على علاقاتها مع الدول الأخرى>>، أما يبت القصيد والهدف من حملته فهي<<لا مصلحة شرعية تخدم روسيا، حين يصبح النفط والغاز أدوات للتخويف والابتزاز، سواء عبر التلاعب بالإمدادات، أو من خلال محاولة احتكار وسائل نقل الطاقة>>. علماً أن النفط والغاز الروسي يخضع لقوانين السوق الدولي في العرض والطلب، ليتبين بين الأسطر؛ فشل تشيني في السيطرة على النفط والغاز الروسي، بعد فشل شركة (يوكوس) للنفط والغاز، والتي تحولت خلال سنوات قليلة جداً، إحدى كبريات شركات النفط في العالم (!) واعتزامها بيع الجزء الأكبر من أسهمها لشركات نفط تكساس، في سياق مخطط تشيني ذاته للسيطرة الأميركية على مجموع نفط العالم.
أما (يوكوس) التي كان يرأسها ميخائيل خودوركوفسكي والمرتبط بذات الدوائر، فقد كان يعد لزعامة سياسية في روسيا، تمازج بين السلطة والنفوذ والمال، بهدف السيطرة على الدولة، في سياق مشاريع مثل مشروع خط أنابيب ميرمانسك للنفط في أقصى الشرق الروسي، وتحريره من السيطرة الروسية الوطنية لصالح السيطرة الأميركية، لنفهم بعدها حملة تشيني بعد تبدد أحلامه ومخططاته، ولتبرز مباشرةً روسيا بعدها كثاني أكبر منتج للنفط في العالم، وعائداته لصالح روسيا لا شيء آخر.
بعد استرداد الاقتصاد الوطني الروسي، فضلاً عن أهمية عائدات النفط، إلا أن روسيا بقوامها العام ومقوماتها ومواردها وذهنيتها التكنولوجية، هي لاعب أساس ومركزي على الساحة الدولية. بما يعني هذا النهوض الصاعد من بدء العد التنازلي للاستراتيجية الأميركية، خاصةً بعد اتضاح أهداف احتلالها للعراق، والذي عبر عنه الرئيس الروسي بوتين، عقب زيارته التاريخية لإيران، بالقول: <<يجب ألا نحاول الاختبار وراء أصابعنا: الغزو الأميركي للعراق استهدف في الدرجة الأولى السيطرة على احتياطياته النفطية>> مضيفاًَ <<بعض الرؤوس الساخنة في الغرب لا تزال تسيطر عليها أفكار حول كيفية الوصول إلى احتياطيات روسيا النفطية، بما في ذلك منطقة سيبريا الشرقية>>، محذراً <<لكننا لسنا العراق، ونمتلك القوة الكافية للدفاع عن مصالحنا>>.
لقد صاحب ذلك عملية هائلة في ترتيب البيت الروسي الداخلي، وإعادة صياغة جهاز الدولة، على أساس الجمع بين كفاءات الأدمغة والاختصاصات مع أرفع حالات الكفاءة والوطنية الروسية في آن معاً، وبدءاً من الاقتصاد استطاعت روسيا أن تستعيد مكانتها في الصف العالمي الأول، ومنها مقدراتها الوطنية من الطاقة، وشبكة خطوط إمدادها الأكبر في العالم، من أقصى الشرق والجنوب الآسيوي، وصولاً إلى قلب أوروبا.
وفي النقلات الهامة؛ العمل على تحويل منظمة شنغهاي إلى قطب دولي منافس، كتكتل إقليمي بهدف إلى تكامل ورفاهية شعوب آسيا الشمالية والوسطى، فضلاً عن أهداف أمنية وعسكرية تبلورت مع بدء الألفية الجديدة، خاصةً بعد احتلال واشنطن وحلف الناتو لأفغانستان، فالهدف أيضاً تحقيق تجمع عسكري آسيوي على قدر من التماسك في آسيا الوسطى، بعد تواجد قواعد القوات الأميركية هناك، وعلى حدود الصين، التي تتحدث الآن بلغة سياسية واحدة مع روسيا، حول عالم ديمقراطي متعدد الأقطاب. وعلى ذات السياق يبرز الاهتمام الروسي بالمجموعة الاقتصادية الأوراسية، بإنشاء فضاء اقتصادي موحد في عالم 2008، والذي برز في قمة دوشنبه بطاجيكستان في السادس من شهر تشرين الأول (أكتوبر)، بما في ذلك اتحاد جمركي، وسوق الطاقة المشتركة، والاستثمار الفعال لموارد المياه والطاقة في منطقة آسيا الوسطى، والاستخدام السلمي للطاقة الذرية، والميدان الاجتماعي والإنساني.
ويأتي في إطار التأجيج الاستراتيجي قرار واشنطن إقامة نظام <<الدرع الصاروخي>> في تشيكيا وبولندا، <<للوقاية من الصواريخ القادمة من إيران>> بحسب الإدعاء الأميركي، وتعتبر موسكو أن نظام الدرع الصاروخي يستهدفها بالأساس، وقد ردت بتحريك بطاريات الصواريخ الروسية إلى قلب منطقة التهديد، ثم إعلان عزمها الخروج من اتفاقية تحديد السلاح التقليدي في أوروبا، أي استعادتها لكامل حريتها في رفع مستوى دفاعاتها الإستراتيجية وقواتها المسلحة في مواجهة حلف الأطلسي.أتبعت موسكو ذلك بإرسال بعثتها إلى القطب الشمالي في الأول من شهر آب (أغسطس) الماضي، وتمكنت من تحقيق اختراق طبقة الجليد السرمدي، وإنزال غواصتين وصلتا إلى قاع المحيط، لترفعا سارية العلم الروسي فوق الجليد، تأكيداً لمبادرتها التي عبر عنها وزير خارجيتها سيرغي لافروف <<إن أرضنا الروسية تمتد إلى القطب الشمالي، وذلك على امتداد ساحة لومونوسوف، وعلى امتداد 1995 كيلومتراً تحت دائرة القطب الشمالي>> في إشارة إلى عزم روسيا السيطرة على تلك مساحة كجزء من أرضها. وترى التقارير الدولية مستودعات ضخمة من النفط والغاز والمعادن الثمينة في تلك المنطقة. بيد أن النقلة لها مغزى آخر، فهي تأكيد على مكانة روسيا الاتحادية كدولة عظمى، ومؤشر على توجه لضبط وتنظيم دولي، يتجه نحو توازن العلاقات الدولية للقوى الكبرى، ونحو قواعد التفاعل بين القوى الأساسية في المجتمع الدولي.
يترافق هذا كله؛ مع رغبة روسيا في العودة إلى مياه المتوسط، والتي عبر عنها قائد الأسطول الروسي الأدميرال فلاديمير ماسورين في تصريحات رسمية <<إن البحر المتوسط مسرح مهم لعمليات أسطول البحر الأسود، وضمن منطقة سيطرته، من البحر الأسود إلى البحر المتوسط، حتى التقائه بالمحيط الأطلسي ويتعين علينا استعادة الوجود الدائم هناك، بمساعدة أسطوليّ الشمال وبحر البلطيق>>.
في رحلة صياغة العالم الجديد، يبرز عامل الطاقة الهام، فالورقة النفطية هي هدف الاستراتيجية الاميركية، وهي ذاتها التي ستجبر واشنطن على التعاطي بجدية واحترام قضايا الشعوب . وقد برز هذا في الحركة الروسية الاخيرة المتمثلة في قمة دول بحر قزوين. وفي العلاقات بين روسيا وايران، خاصة مع اقتراب سعر برميل النفط من حاجز المئة دولار. لتكتمل حلقة الضغط على الإستراتيجية الأميركية وتعميق تصدعاتها، بفعل دور العملاقين الروسي والصيني الآخذ بالتبلور والتصلب، نحو حلقات اكتمال الجسر البري لآسيا الوسطى والشرق الأوسط، وهي نقلات وإشارات إلى عودة تدريجية للتعددية القطبية في العالم، بعيداً عن الاستئثار والهيمنة الأميركية، تعددية في صنع الخيارات السياسية والاقتصادية والأمنية، وصولاً إلى نظام عالمي أكثر توازناً واستقراراً.
إن عالماً متعدد الأقطاب قيد التشكل، بمواجهة هيمنة الولايات المتحدة الأميركية، يمكن الاتكاء على رموزه الكبرى، إذا ما أحسن العرب قراءة الحقائق بدقة، وخرجوا من اليأس والتواضع وفهموا حركة التاريخ.



#رشيد_قويدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكة 2 ... جنيف 2 ... ومآل المصداقية السياسية
- النيوليبرالية و((السلام الديمقراطي))... ومسارات الأوهام
- الفهم المنكوس للعودة وإعادة تعريف القضية الفلسطينية
- في تفاهات العقل المتخلف وثقافة القطيع
- حواتمة وحتمية الحل الوطني الديمقراطي الفلسطيني
- تناقضات سوء الإدراك السياسي
- نفاقيات شعبوية ... الإسلامويون وثقافة التضليل السياسي
- روسيا والدرع الصاروخي الأميركي والوضع العالمي
- اليسار الفلسطيني والعربي ... عوامل التراجع والنهوض
- التاريخ الفلسطيني وتأصيل الفكر السياسي المعاصر
- صراع المحاصصة الدموي في قطاع غزة
- -نايف حواتمة ومحطات الكفاح الفلسطيني بين الدولة والثورة-
- الزعاترة والهروب على نحوٍ واعٍ أو غير واعٍ
- الزعاترة وتسويق كوابيس-الثنائية الحدّية-
- جريمة القنابل العنقودية الاسرائيلية والانتهاك الفاضح للقانون ...
- روسيا قاطرة -شنغهاي-.. ورئاسة - الثماني الكبار-
- لترتفع حملة التضامن مع كوبا قدوة بلدان أميركا اللاتينية
- فتح والكلفة السياسية الباهظة لإدارة الأزمة.. لا حلها
- مجزرة غزة: خطأ في التقدير أم سياسة ثابتة؟
- مجموعة »الثماني« .. منظومتان فكريتان..


المزيد.....




- بيسكوف: نرفض أي مفاوضات مشروطة لحل أزمة أوكرانيا
- في حرب غزة .. كلا الطرفين خاسر - التايمز
- ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم -كروكوس- الإرهابي إلى 144
- عالم فلك: مذنب قد تكون به براكين جليدية يتجه نحو الأرض بعد 7 ...
- خبراء البرلمان الألماني: -الناتو- لن يتدخل لحماية قوات فرنسا ...
- وكالة ناسا تعد خريطة تظهر مسار الكسوف الشمسي الكلي في 8 أبري ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 795 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 17 ...
- الأمن الروسي يصطحب الإرهابي فريد شمس الدين إلى شقة سكنها قبل ...
- بروفيسورة هولندية تنظم -وقفة صيام من أجل غزة-
- الخارجية السورية: تزامن العدوان الإسرائيلي وهجوم الإرهابيين ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رشيد قويدر - روسيا والانتقال من الاعتراض إلى تأكيد الإرادة