أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - نُذر الشؤم















المزيد.....

نُذر الشؤم


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2101 - 2007 / 11 / 16 - 12:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثمة ظواهر عدة، وإن بدت فوضوية ولا رابط بادٍ بينها، إلا أنها تعكس وتنبئ بتحولات نوعية وجذرية على المشهد السلوكي والفكري والمجتمعي السوري لم نعهدها من قبل في ظل هذا التغول والسعار السلفي والطالباني الإقليمي الرهيب الذي من شأنه، لو قيض له النجاح، أن يأخذ البلاد والعباد إلى مهالك حتمية، كما أخذ دولاً كثيرة من قبل، وأحالها إلى أطلال إنسانية مقفرة، وما لم يتم التصدي لها بسرعة، وبكل جدية وعلمية وموضوعية تجنيباً للمجتمع من أية خضات أهلية محتملة إذا تركت تجري هكذا في أعنتها، ودون أخذ العبر مما حصل ويحصل في غير مكان.

ولا يمكن، في الحقيقة، لظواهر كتلك أن تمر عادة هكذا، دون ردات فعل متباينة، إلاّ إذا كان الجو العام مهيأً لها، ويتقبلها، ويأخذها على أنها مجرد مسلـّمات مفروغ من أمرها. وإن الصمت الغريب والمريب من كل ما له ومن له علاقة بهذا التحول الخطير، له دلالات مؤلمة تشير إلى نفاذ وتغلغل ثقافة التسطيح، وربما عدم القدرة والرغبة في وقفها ومعالجة فقه الحشمة والحجاب والمنكر والانشغال بالنصف السفلي من جسم الإنسان في عقول وسلوكيات الناس، تماماً كما كان عليه الحال منذ ألف وأربعمائة عام من الزمان، ومن الدوران في ذات الحلقات المفرغة من الحروب العبثية والتي لا طائل منها على "الغرائز والشهوات" وأستغفر الله، و"كأنك يا أبا زيد ما غزيت، ولا رحت ولا جيت".

فبعد سنوات غير قليلة، من الترويج والاستسلام شبه المطلق للفكر السلفي التكفيري، وتغييب شبه مقصود ومحاربة لا هوادة فيها للفكر التنويري والنهضوي العلماني، أصبح، الآن، بإمكان شخص على شاكلة الملا صباح عبيد، أمير الجماعة الفنية في بلاد الشام، والذي يعمل، ولمجرد العلم، في أوقات فراغه نقيباً لفناني سوريا، أن يستصدر فرماناً طالبانياً "هابطاً" في مضمونه، لم نر مثيلاً له حتى الآن في دوائر الإفتاء في الإمارات الوهابية والطالبانية ذائعة الصيت، ويقضي منع بضع فنانات من الغناء في سوريا بحجة منع "الفن الهابط"، والتعري وإشاعة الفاحشة بين الناس، والعياذ بالله، متقمصاً بذلك نفس أدوار الوصاية الفكرية والسلوكية التي يمارسها شيوخ التكفير الكبار، وأمراء الجماعات والتيارات الدينية في فضائيات البترودولار دون أي خوف ولا وجل أو استحياء من الانحدار والهبوط نحو هذا المستوى المتدني من الانحطاط الفكري والخلقي والتفكير الغرائزي بإدارة المجتمعات والنقابات. والمضحك في الموضوع، كأن بقية الفنانات اللواتي لم يشملهن فرمان المنع يطربننا، ويتدلعن ويتشخلعن وهن بالنقاب والشادور ويغردن من وراء حجاب؟ هل ثمة ما تبقى من حدود، هنا، للبلاهة والاستغفال؟

كما أن ذاك التمهيد والقصف الفكري المركز، والتعبئة الدعوية، وشيوع ثقافة "المطاوعة"، أفضى هو الآخر إلى قيام بعض من الشباب "المتطرف" حسب مراسل العربية، برش مادة الأسيد الحارقةعلى فتيات "سافرات متبرجات" (وهذا من عندنا وحسب الخطاب الدعوي الإرشادي التعبوي)، وفي أماكن حساسة من الجسد، وذلك في قلب مدينة دمشق الفيحاء، وليس في قندهار عاصمة خلافة بني طالبان وواليها الملا عمر حفظه الله.
http://www.alarabiya.net/articles/2007/11/13/41619.html
وكان من تداعيات هذا الحادث الغريب هو دعوة صريحة لشيخ السوري يدعى أحمد رمضان، وهو خطيب بمسجد الشيخ رسلان في منطقة باب توما بدمشق، إلى إنشاء لجنة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!!!. لجنة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي سورية مهد الحضارات!!! لعمري أنها كذبة نيسان؟ أو ربما مزحة سمجاء لإغاظة وتلويع العباد؟ هل بلغت الجرأة إلى هذا الحد بهذا الشيخ للتطاول على مشاعر الناس واللعب بأمنهم والمتاجرة بحرياتهم الشخصية التي منحهم إياها القانون والدستور والمواثيق والأعراف الدولية؟

وقد بلغت ذروة ذاك الاستفشار والهجوم السلفي على ما تبقى من بنى وهياكل نهضوية تنويرية في سوريا تجرؤ أحد التكفيريين، ويشغل رئيس تحرير مجلة الاجتماعية "المرخصة"، على إطلاق دعوة علنية ومن منبر مجلته "المرخصة" لـ "التبول" على كاتب علماني وتنويري وهكذا علناً. هل قلنا التبول؟ نعم ليس ثمة خطأ في المصطلح، في مجتمعات باتت تعيش أيضاً وتتبرك بالبول وتشربه وتشيع ثقافته وتتقبلها!!! وبما يشير إلى ذاك الانحدار والانحطاط الفكري الذي بدأنا نستشعر بعضاً من جوانبه عبر هذه الترهات والرثاثة والإسفاف.

ومن سمات ذاك الانقضاض الطالباني الموجه، أيضاً، مهاجمة خطيب جامع النور للسيد وزير الإعلام في إحدى خطبه، وذلك بسبب عدم الامتثال لطلبه بالسماح ببث خطبة الجمعة عبر أثير الشاشات الوطنية، و"الدعاء" بشكل عفوي وعادي جداً على السيد الوزير بعد إدامة الوزارة عليه، تماماً كما يدعو بالفناء والموت في صلواته على الكفار. ولا ندري، هنا، إن كان الله والقيادة سيستجيبان لطلبه، طالما أنه لا يوجد حتى الآن أية نية سورية جدية للتغير الوزاري. ولن نعرج على ازدهار وشيوع فكر "القبيسيات" الرائج حتى في أوساط الطبقات المخملية النسائية ناهيك عن الفقيرات المستسلمات أصلاً والمتعلقات بحبال الوهم والمنجرّات أوتوماتيكياً للتعلق بالغيب والأوهام طالما أن أحلامهن لم تتحقق في الواقع والحياة. الفكر "القبيسي"، نسبة للآنسة منيرة القبيسي، الذي يهدف ويمثل في المحصلة إلى إعادة مازوشية للمرأة إلى حظيرة الحرملك والخضوع العبودي المطلق للفقه الذكوري الذي يسلبها إنسانيتها وحقوقها وكرامتها البشرية، ويشكل انتهاكاً قانونيا فاضحاً لمواثيق حقوق الإنسان المعترف بها والتي نهضت بالغرب، وإفلاتاً عقائديا من استحقاقات حضارية ملزمة يجب أن تتحلى بها المرأة، وهو خسارة فادحة ومؤلمة للمكتسبات العظيمة للمرأة السورية التي حققتها عبر تاريخها بعد عصور من التسلط من الممارسات العصملية النتنة ضدها.

إنه الهولوكوست الفكري الكبير والمذبحة العقلية الكبرى؟ فهل ثمة غرابة في هذه الأمور؟ وهل دخلنا في تلك الأنفاق المظلمة التي لا سبيل للخروج منها بدون أثمان وأكلاف باهظة في زمن الجهلة والأميّين والأدعياء؟ وإلى أين يسير ويمضي هؤلاء؟ ألم يئن الأوان لاستصدار القوانين والتشريعات التي تلجم الرداءة والإسفاف؟ وهل هي محض صدفة أن تتضافر كل تلك الحوادث في وقت قصير، بحيث باتت تطغى على المشهد السوري العام؟ في ذات الآن الذي يغيب فيه الحراك الثقافي التنويري والنهضوي ويتراجع خجلاً إلى الوراء فاسحاً بالمجال لضباع السلفية التكفيرية بتبوأ نجومية التصريحات والمنابر العامة، والتي تصب جميعها، أيضاً، وفي نهاية المطاف، ولا بد، في طواحين المعارضة الطائفية التي تنعق ليل نهار على ذات المحور، وتذهب بنفس الاتجاه، مستكملة عملية الإطباق على المشهد العام التي يشتغل عليها آنفو الذكر من هؤلاء، ومستثمرة بخبث ودناءة التنوع والتعددية، لتجييرها لمآرب سياسية محضة، تلك التعددية والتنوع التي طبعت وجه سوريا على الدوام، وكانت مصدر اعتزاز وفخر حضاري لكل سوري عز نظيره في أي مكان، والذي لا نريد أن نخسره من أجل إرضاء أمزجة حفنة من المغامرين والحالمين بالعودة إلى عصور السحر والخرافة والديناصورات.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكافيار السوري
- لا لإرهاب الفكر، ومسخ العقل
- هل كان السلف صلحاً فعلاً؟
- باب الحارة: جذور الاستبداد
- موائد الرحمن
- نحو مؤسسة أكثر تجدداً للحوار المتمدن
- نور الدين بدران: وداعاً
- زمن الحارات
- إستراتيجية الغزو السلفي
- الأميّة بين الجاهلية والإسلام
- الدعارة الحلال
- الفاشية الإخوانية
- الحرب الشاملة ضد سوريا
- متى نفطر على الكرامة والحريات؟
- انتصارات العرب الجوفاء
- مرحى لأستراليا
- السيد محافظ اللاذقية
- المثلية الجنسية ومنع الاختلاط
- هل المثلية الجنسية عيب وعار؟
- خطر الفكر الديني


المزيد.....




- “من غير زن وصداع مع” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نا ...
- فيديو خاص:كيف تسير رحلة أهالي الضفة إلى المسجد الأقصى؟
- الشريعة والحياة في رمضان- سمات المنافقين ودورهم الهدّام من ع ...
- أول مرة في التاريخ.. رفع الأذان في بيت هذا الوزير!
- أول مرة في تاريخ الـ-بوت هاوس-.. رفع الأذان في بيت الوزير ال ...
- قصة تعود إلى 2015.. علاقة -داعش- و-الإخوان- بهجوم موسكو
- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - نُذر الشؤم