أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد العزيز الخاطر - لما ذا يعجز الطرح الايديولوجى عن انقاذ الامه؟















المزيد.....

لما ذا يعجز الطرح الايديولوجى عن انقاذ الامه؟


عبد العزيز الخاطر

الحوار المتمدن-العدد: 2101 - 2007 / 11 / 16 - 12:10
المحور: المجتمع المدني
    


تعج المكتبات والصحف العربية بالمئات من الحلول النظرية لمشاكل العالم العربي على اختلاف اتجاهات هذه الحلول . ومن الملاحظ نشاط أيضاً هذه الظاهرة المتمثلة في تنوع الطرح الإيديولوجي في مراحل الأزمات والنكسات وانخفاض أداؤها بعد ذلك . أما على أرض الواقع فهناك نوع من الثبات النسبي لحال الأمة العربية المتردي الذي يزداد تردياً . فلا تصل تلك الحلول الى هذا الواقع ولا يرتفع ذلك الواقع ليلاقي أطراف تلك الحلول . وهنا نطرح سؤالاً : هل يمكن للايديولوجيا بمفهومها العام أن تصنع أو تغير الواقع . أم أ ن الواقع المادي هو صانع الايديولوجيا ؟ من وجهة نظر الماركسية المعروفة فالواقع المادي هو أساس الايديولوجيا الفوقية المكونة من النظام السياسي والاجتماعي وهو ما أطلقت عليه أسم المادية التاريخية . قد يكون ذلك صحيحاً الى حد ما في المجتمعات الرأسمالية المتقدمة حيث التقدم المادي الصناعي السريع يخلق له وسطاً ثقافياً وعلاقات مرتبطة به أما ما حدث في الاتحاد السوفييتي إبان نهضته فهو العكس تماماً حيث قادت الايديولوجيا اللينينية والستالينية مواقع التغيير فيه وكذلك غيرت الايديولوجيا القومية خلال فترة الخمسينات والستينيات في عالمنا العربي أجراء كثيرة من أرض الواقع ولو تطرقنا قليلاً الى العالم الغربي أو حتى بعض دول العالم الثالث لوجدنا إن معظم الأطروحات الإيديولوجية تصل الى أرض الواقع من خلال قنوات رسمية متمثلة في الأحزاب ولكل حزب إيديولوجية يسعى من خلالها الى الوصول للحكم وهذا غير متوافر في عالمنا العربي بالرغم من وجود الأحزاب في بعض الدول العربية إلا أنها شكلية الى حد كبير ، ويبقى الحزب الحاكم أو حزب الرئيس هو الايديولوجيا المسموعة وغير القابلة للتغيير ألا بتغيير الحكم نفسه وتظل الأحزاب الأخرى تدور في فلك ذلك الحزب . وإن كان لهذه الإيديولوجيات وجود حقيقي معترف به كبعض التكتلات في مجلس الأمة الكويتي ومجلس الشعب المصري إلا أن وصولها إلى الحكم بعيد المنال . إذن هناك عناصر لابد من توافرها لتجعل الايديولوجيا قادرة على إحداث التغيير ومتسقة مع بيئة المجتمع وتراثه الى حد كبير . ودعونا نسلم مسبقاً بإمكانية انضواء الطرح الإيديولوجي في عالمنا العربي أياً كان مصدرة ضمن دائرة المفهوم الإسلامي والمبادئ العامة للإسلام وتحت شعار كلنا مسلمون : كونه الهوية الأشمل لمعظم أفراد هذه الأمة وكونه استطاع إحداث ثورة في المفاهيم والقيم في البيئه العربية الجاهلية حيث أوجد التسامح كقيمة ضمت بين جناحيها المسلمين بالرغم من اختلاف أعراقهم وارتفع بقيمة التضحية فجعلها من اجل أهداف أسمى ودفع بنظر المسلمين الى مصيرهم المشترك بعد أن كانت أنظارهم لا تتعدى مصيرهم كأفراد وقبائل . هذه المفاهيم والقيم هي أداة التغيير المادي وعالمنا العربي يعاني حالياً غياباً مشهوداً لهذه القيم والمفاهيم فنحن في حالة ردة عن هذه القيم العظيمة نطرح الفكرة ونطلب منها أن تحقق نفسها بنفسها في أرض الواقع . فثقوب غياب هذه القيم والمفاهيم واضحة في قميص الإسلام الذى نرتديه . ويجدر بنا أن نتعرض لهذه القيم والمفاهيم التي هي أساس تحقق الطرح الإيديولوجي في الواقع المعاش . بل انهاالارضيه التى لابد من التوافق معها لانفيها اواغفالها.
قيمة التسامح :
ففي حين تسعى جميع الدول العربية لزيادة الرقعة الخضراء في عالمنا العربي . إلا أن هناك عنصراً أخر اعتقد بأنه يجب أن يحظى بالأولوية وهو زيادة مساحة التسامح داخل العقلية العربية والإسلامية ، فبالرغم من أنه من أعظم القيم التي نادت بها الديانات السماوية إلا أنه لا يحتل إلا اليسير في عقلنا العربي المعاصر في حين يحتل الجزء الأكبر منه ضيق الأفق والتعصب بأدواته من تكفير وزندقة وخيانة 00 الخ فالتسامح هو أساس الحضارة الغربية الديمقراطية بالرغم من أنه ولد إسلامياً إلا أننا تنكرنا له في حين تبناه الغرب ، وحيث أن الإيديولوجية القهرية التي كانت سائدة في بعض البلدان وخاصة العالم الشيوعي سابقاً لم تعد في سياق مع العصر بل ورفضتها الشعوب . فإن الحياة النيابية هي ما تستلزم وجود مثل هذه القيمة كوسيلة للتعايش السلمي بين الإيديولوجيات المختلفة .
قيمة التضحية :
قيمة أخرى عظيمة غائبة تجعل من الطرح الإيديولوجي غير ذي معنى فالتضحيات هي أداة التغيير انظر كيف استطاعت هذه القيمة أن تغير واقع الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب العالمية الثانية بعد أن تبنتها الإيديولوجية الستالينية فكانت النتيجة ظهور الاتحاد السوفييتي كدولة عظمى على أنقاض ما يقارب العشرين مليون قتيل ذهبوا ثمناً لذلك ، وفي تاريخنا القديم كيف استطاع المسلمون بتضحياتهم أن ينشروا الدعوة وأن يصلوا بها الى أطراف اوروبا الشمالية بل تمثل هذا أيضاً بين المسلمين أنفسهم من أنصار ومهاجرين . فانسحاب هذه المفهوم من حياتنا وهروبنا منه جعلنا أمة متلقية للضربات ذليلة من أجل " حياة " كما وصفها القرآن لا تتمكن من الوقوف حتى تسقط مرة أخرى .
المصير المشترك :
هذا مفهوم جلل يدفع الأمم الى الكفاح والتضحية لا نستشعره ألبته ، فمفهوم الأمة الواحدة غائب كلياً عن أذهاننا ومن هنا تبدأ المشكلة . فلكل أدواته للخلاص ويسعى إليه بمنأى عن الآخرين . يجب أن نعي أننا نعامل كشعب واحد عربي مسلم من قبل شعوب وأمم العالم وليس على حسب نوايانا الفردية فبيننا من هو أشد تعلقاً بالغرب من أبناء الغرب نفسه ، ولكنه في وعي تلك الشعوب عربي شرقي مسلم حتى لو أنكر إسلامه فأنه لا يستطيع أن يخلع جلباب العروبة بسهولة داخل تلك العقول فكم توسلنا وحاولنا التقرب من غيرنا وبشتى السبل ولكن ذلك لم يغير من واقعنا شيئاً . فليس أمامنا إلا قبول التحدي الذى تواجهه الحضارات في مراحل تدهورها كما أشار " توينبي " فإن هي قبلت هذا التحدي وواجهته مؤمنة بقوتها ومصيرها المشترك نهضت من جديد وأن انهزمت ولم تستطع ذلك فهي أمة مهزومة ما تلبث أن تندثر ويتشتت تراثها فالحقيقة أن الايديولوجيا لم تفشل كما يتصور البعض ولكن لابد لها من وعاء لكي يمكن ممارستها على أرض الواقع وهو ما يثبته العصر المعاش حينما أصبح السوق هو ذلك الوعاء وأكبر مثال على بقاءها رغم تغير لونها وطعمها هي إيديولوجيا السوق وخدمة الأطراف للمركز وانصياع السياسة والأخلاق كذلك لها .
يبقى أن نشير الى أنه لكي يتمكن الطرح الفكري الإيديولوجي من المساهمة بصورة فعالة داخل المجتمع لابد له أولاً من أن ينطلق من خصوصية المجتمع وعليها يبنى تطوره لا أن يستورد المفاهيم من بيئات أخرى ويحاول غرسها غرساً في غير تربتها وهو ما دأبنا على عمله طيلة عقودنا السابقة فلم يستقم مفهوم القومية لأننا استوردنا نسخه الغربية الشمولية ولم يتجذر مفهوم الديمقراطية الغربي أيضاً في أرضنا رغم جميع المحاولات والمساعي والمؤتمرات وغيرها لأننا أردناه محاكاة لإفرازات مجتمعات أخرى .و من الاهميه بمكان التثبت بان مكونات المجتمع الأصلية هي مادة البناء الوحيدة لقيام مفاهيمه وقيمة وتطلعاته ، كيف نحول القبيلة الى مؤسسة والدين الى حركة والولاء الأولي الى مواطنة هذه بعض اللبنات التى يجب تطويرها لا تدميرها او هدمها ثم لابد من قنوات رسمية يستطيع من خلالها الطرح الايديولوجى أن يكشف عن محتواه وذلك كما قلنا ضمن المفهوم الإسلامي الواسع الذى ينص على حرية الرأي والمشاركة ولا بأس من تعدد الآراء ضمن الدائرة العربية الإسلامية المحيطة بالمجتمع ككل مع إتاحة الفرصة لهذه التيارات للوصول الى الحكم وطرح برامجها السياسية . ثم ان هناك نقطه اخرى هامه تتمثل فى تسييس الطرح الايديولوجى ايا كان نوعه بمعنى ان لاينطلق من مفاهيم مطلقه لاتحتمل الخطأ. ,وعلينا ان ندرك كذلك ان خطورة سد الطريق امامه للتعبير عن محتواه سلميا ليس حلا حكيما لان البدائل الاخرى حتميه وقاتله كذلك .هذه باختصار أهم الرؤى والتطلعات الضرورية لجعل الطرح الفكري الإيديولوجي عملاً نافعاً وليس مجرد إثراء مكتبياً يفقد قيمته خارج إطار المكتبة أو بعد الفراغ من قراءة الجريدة فبدون امتزاج هذه القيم والمفاهيم بالطرح الإيديولوجي بحيث يصبح المصير المشرك هدفه والتضحية أداة لتحققه وقبول الفكر الأخر منهجه ، وبدون وجود قنوات مشروعة لممارسة هذا الفكر ضمن هويه المجتمع يبقى الطرح الإيديولوجي عملاً فوقياً طوباوياً لا طائل منه تبقى نقطه أثارها بعض المفكرين وتتطلب معادلة دقيقة تتمثل في سلطنة المثقف أو تثقيف السلطة والمسافة بينهما لم نتمكن من إيجادها في صورته المثلى حتى الآن .



#عبد_العزيز_الخاطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبقه الوسطى فى الخليج وظاهرو التضخم
- الوعى الحقيقى والوعى الزائف
- قانون المرورالجديد واخلاقيات المهبه
- الوعى الزائف لجيل الامس
- انسان الخليج النفطى
- الاصطفاف خلف صنمية النص
- تناقض سافر:شكل الدوله الحديث ونمط العلاقات المتخلف
- دولة الرفاه وروشتتها السحريه
- روح المجتمع خط الدفاع الاخير
- امريكا تعيد العالم الى الطور الدينى
- ازمة الطبقه الوسطى فى دول الخليج
- الحياه تبدا بعد السلطه
- أمم هاربة .الاستحقاق الحضاري….. وهروب الأمم
- الحاجه الى انسنة العلاقات
- وعى الهزيمه وهزيمة الوعى
- شاعر المليون ووهم اللغه
- قضايا المواطن عندما يعبر عنها بما يشبه النباح
- العقيده وغلبة الاجتماعى على الددينى
- بين بذور المجتمع المدنى وطوفان الدوله
- حوار المذاهب الاسلاميه من النخبويه الى التاميم


المزيد.....




- بعد 200 يوم من بدء الحرب على غزة.. مخاوف النازحين في رفح تتص ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في قطاع غزة
- العفو الدولية تحذر: النظام العالمي مهدد بالانهيار
- الخارجية الروسية: لا خطط لزيارة الأمين العام للأمم المتحدة إ ...
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بتهمة تلقيه رشى
- أستراليا.. اعتقال سبعة مراهقين يعتنقون -أيديولوجية متطرفة-
- الكرملين يدعو لاعتماد المعلومات الرسمية بشأن اعتقال تيمور إي ...
- ألمانيا تعاود العمل مع -الأونروا- في غزة
- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد العزيز الخاطر - لما ذا يعجز الطرح الايديولوجى عن انقاذ الامه؟