أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمود كرم - العقل وصراع المفاهيم














المزيد.....

العقل وصراع المفاهيم


محمود كرم

الحوار المتمدن-العدد: 2100 - 2007 / 11 / 15 - 11:32
المحور: المجتمع المدني
    


الإنسان منذ الأزمنة السحيقة كان دائم البحث عن حقيقةٍ ما تتمثل في إلهٍ ما أو في عقيدة ما ، يجد فيها بالتالي القوة المطلقة أو اليقين المطلق أو الراحة النفسية أو نهاية الطريق ، وحتى بعد ظهور الأديان ظلّ الإنسان دائم البحث عن حقيقة الحياة والوجود والخلاص واليقين ، وذلك لعدم قدرة الأديان إلى هذه الساعة عن الإجابة على أسئلة الإنسان الحائرة المتعلقة بقضايا الكون والوجود والإنسان ..

ولا أعرف بالضبط هل إن التوصل إلى معرفة الحقيقة المتمثلة في الإله أو في العقيدة يمثل بالنسبة للبعض ضرورة بالغة أم لا ، ولكني أعتقد أن الكثيرين في وقتنا الحالي ربما لم يعودوا مهتمينَ بالبحث عن تلك الحقيقة ، ولم يعد يشغلهم هذا التفكير ، ربما لأنهم وجدوا أن العقل الإنساني الحالي قد اجتاز المنظومة المعرفية العقائدية للأديان ، وتجاوزها بمراحلَ كبيرة باكتشافاته العلمية المذهلة وبفتوحاته المعرفية والفلسفية على أكثر من صعيد ، وبذلك أجابَ العقل على العديد من أسئلة الإنسان الشائكة والغامضة وفسّرَ له أيضاً الكثير من ظواهر الكون والطبيعة ، ويرون أن العقل لم يعد بحاجة إلى الإنشغال طويلاً ومتشظياً في مسالك هذا التيه الذي لا نتيجة من وراءه ، وتبقى تلك الحقيقة خاضعة للإيمان الفردي الصرف كلٍّ حسب تفسيره وفهمه وتأملاته وطريقته ، بينما أولئك الذين يتوارثون الدين ، أي دين ، أباً عن جد ، يبقون في منأىً وأمان من تساؤلات العقل القاسية عن ماهية الوجود وحيثيات الأديان وتراسلها التاريخي ، ولذلك يجدون أن البحث في هذا الأمر يعتبر ضرباً من الكفر أو الزندقة أو الطعن الأليم في اليقينيات والمسائل الغيبية التي توارثوها يقيناً بعد يقين وجيلاً بعد جيل من دون أيِّ تساؤل أو تفكير أو نقد أو بحث أو تفكيك ..

وإذا ما تجاوزنا مسألة أن الأديان الرئيسية ( السماوية ) ، ترى في نفسها مدافعة حقيقية عن ( الإله ) وأيضاً ناطقة وحيدة باسمه ، سنجد إنها في مقابل ذلك ترى إنها تملك الحقيقة المطلقة التي لا جدال فيها ولا تشكيك ، والبعض منها لا تكتفي بمجرد ترسيخ فكرة ( الإله ) المسيطر والمتربص والمهيمن والمُراقب لأفعال البشر والمُحاسب على أفعالهم ، بل وجدت نفسها معنية مباشرة بإرشاد الناس وتوجيههم والهيمنة عليهم والوصاية على عقولهم ..

والقول الشائع في الأديان يؤكد على أن مَن لا ينتمي إلى عقيدة دينية تتأسس على الإيمان المطلق بيقينياتها وتعاليمها ونصوصها وغيبياتها ، يعيش ممزقاً وضائعاً ويفتقد المحورية والمركزية في حياته ، ولكنهم يتجاهلون أمراً يؤمن به أولئك الذين لا تعنيهم معتقدات الأديان المتوارثة المعروفة ، وهو أن توجهاتهم الفلسفية وتأملاتهم الذاتية واستنطاقهم لماهيات الأشياء في هذا الخصوص تعتبر بالنسبة لهم معتقداً يلهمُ جانباً تفكيرياً وعقلياً ونفسياً وشعورياً مهماً في أنفسهم وذواتهم ، ويجيبون من خلالها بمستويات متقدمة من الإطمئان الذاتي على تساؤلات عقولهم الدائمة والتي لا تتوقف عند سقف محدد ..

ويذهب الدينيون الإسلاميون إلى تأكيد حقيقة مطلقة في الأوساط المجتمعية لا تقبل الحوار والجدل ، تتمثل في أن الهدف الأساسي من وجود الإنسان في الحياة هو العبادة فقط وما الدنيا إلا دار عبور يجب أن يعمرها المسلم بالعبادة وتأدية الفروض العبادية والعمل على أن يُدخل الناس أفواجاً ومن كل مكان من العالم في دينه ، وأن مَن لا يؤمن بهذه الحقيقة يعيش حياته بلا هدف وتصبح بالتالي عبثاً ولهواً وسوف يُحاسب عليها أشد الحساب ، وكثيراً ما نسمع هذا الكلام يتردد على ألسنتهم يرددونه بيقين تام يتسم بالسذاجة ، بينما الأصل في الأمر لا يعدو كونه محض اختيار شخصي وقناعة ذاتية لا دخل للمسلمات الدينية المتوارثة فيها ، وإذ يشعرون ويعتقدون أنهم قد توصلوا إلى هذه الحقيقية اليقينية بوعي أو من غير وعي فهذا الأمر بالنسبة للآخرين يعتبر أمراً لا بأس فيه ، لأنهم قد عرفوا الهدف من حياتهم ومن خلقهم ، ولكن عليهم ألا يفرضوا هذه الأمر فرضاً إجبارياً على غيرهم ، وأن يتركوا الآخرين يختارون ما يريدون في حياتهم ويختارون ما يناسبهم وما يلائمهم ، وقد يتوصلون في يوم ما إلى حقيقة ما ترشدهم إلى معرفة الهدف من وجودهم ، ( كن متسامحاً بلا حقيقة ، ولا تكن متعصباً ومعك كل الحقيقة ) كما يقول المفكر القصيمي ..

وهؤلاء الذين يدافعون عن حقيقتهم المطلقة ويقاتلون الآخرين من أجلها ويستبشعون في غيرهم اختلافهم عنهم ألا يدركون ما هم عليه من تعصب وقباحة وبذاءة وأنانية ، فالساعي إلى الحقيقة يتطلب الأمر منه أن يكون متسامحاً وأن يكون داعياً للمحبة والخير وأن يكون إنسانياً في أحاسيسه وتعاملاته وتفكيره وأن يكون مؤمناً أيضاً بحق الآخرين في إنسانيتهم واختيارهم وحريتهم وقرارهم وحياتهم ..





#محمود_كرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيها الألم كم أنتَ جميل !
- التعصب الديني وصناعة الكراهية
- الرفض .. جمال الموهبة وشجاعة التمرد
- تجربتي مع الأيديولوجيات الدينية ( 4 ) الأخيرة
- تجربتي مع الأيديولوجيات الدينية ( 3 )
- تجربتي مع الأيديولوجيات الدينية ( 2 )
- تجربتي مع الأيديولوجيات الدينية ( 1 )
- الكاتب العربي .. أين يقف .؟
- العقل في معركة التحرير
- أشخاص ومواقف
- القراءة ... ممارسة الحضور الذاتي
- رحيق المواقيت المقدسة
- في العلاقة ما بين الأفكار والوقت
- أشخاص ومواقف 1
- الحياة أصغر بكثير
- الانفتاح صفة المجتمعات الخلاقة
- لمحات من كتاب أزمنة الحداثة
- أطفالنا بين بشاعة العنف وثقافة الكراهية
- العُمر وبريق الغوايات
- سلطة الموروث الديني


المزيد.....




- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمود كرم - العقل وصراع المفاهيم