أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - ما بعد الحداثة في ديوان شطح الغياب للشاعر مهدى بندق















المزيد.....

ما بعد الحداثة في ديوان شطح الغياب للشاعر مهدى بندق


محمد سمير عبد السلام

الحوار المتمدن-العدد: 2102 - 2007 / 11 / 17 - 08:10
المحور: الادب والفن
    



تستنفد القصيدة أدبيتها الخاصة ، و تقع في علاقة معقدة مع المنطق السياسي للهيمنة ، و تكرارها التاريخي ، و الرمزي ، و الحكائي عند مهدي بندق في ديوانه " في شطح الغياب " الصادر عن دار تحديات ثقافية بالإسكندرية .
القصيدة في الديوان تحمل معاني الولادة الطيفية من القوة ، و إحداث الانشطار في بنيتها التاريخية بتجسد المهمش فيها كتكوين حي فاعل ، بحيث يسخر من موته الأول ، أو انسحاقه ضمن علاقته بالمركز ، في تكوين آخر ، أو صوت آخر ، أو موت بهيج ، يحتمل استعادة طاقة التدمير الماضية في أداء سياسي غير واع في المستقبل . هذا الأداء يغيب الذات الأولى ، و منطق القوة معا ، و يمثل في الحكاية التاريخية دور القصيدة ، ذات الصوت الأسطوري / الجمعي / الكوني في مواجهة الانسحاق الحضاري المتكرر ، كسياق لا يتمتع بالكلية أبدا ، لكنه ثقافي تفاعلي عابر للذاتية ، و للأدبية معا .
هل تتجسد القصيدة سياسيا ؟
إنها رمز للخروج ، و التمرد ، و اللعنة ، و الموت ، و مقاومة الموت معا . تبدأ من اعتراف ناقص بالآلية ، و التهميش ، ثم تتبلور كفاعل دون حدود ذاتية ، القصيدة تعاين موت المتكلم ، و بعثه المتجدد في كون شعري ، و سياسي بالأساس ، لأن قوته تولد الغياب ، و تتجه ناحيته خارج المسيطر ، و المهمش رغم تكرارهما في المشهد . لكن هذا التكرار غير حتمي ، إذ يختلط بقصص للتجاوز ، و التمرد قيد التشكل دائما .
و رغم اتفاق الكثير من الدراسات الثقافية ، و الحضارية على دراسة التفاعل بين الثقافات المهيمنة ، و الفرعية ، فقد أضافت رمزية الحكي المتضمنة في التاريخ عند فريدريك جيمسون ، و فاعلية الهامشي عند رايموند وليامز ، و محاكاة القوة كبديل عن أصالتها عند بودريار ، و تداخل النص و الواقع التاريخي عند إيجلتون .
هكذا يأتي صوت القصيدة عند مهدي بندق كطيف رمزي سياسي ، يتجاوز القوة من خلال بعث طاقة الغياب في المهمش ، و امتصاصها السياسي لمركزية المركز ، في سياق تحولاته الخاصة خارج الحتمية . فقد استعادت القصيدة أصوات الماضي المتناثرة لتتجاوز الماضي من خلال تفجير خفي للتناثر ، و الاندماج معا بين المجاز ، و عناصر الكون ، و الثقافات الفرعية المختلفة . هذا الاندماج بحد ذاته يناهض الانسحاق ، و مركزية القوة معا في مستقبل آخر .

في نص " أنا آخر الهنود الحمر " تحمل القصيدة في بنيتها المتناثرة تناقضات العالم ، فهي مخرج من أزمة الوجود المهمش ، و جحيم تتولد منه نشوة السلب ، لكنه ليس سلبا مطلقا للذات الحضارية المختلطة للمتكلم ، فهو فراغ ما بعد الحدود ، و ما يتجاوز تاريخ الإقصاء السياسي في استعادته شعريا .
إن نشوء القصيدة يعني اتحادها الأول بالصوت الميت في حياته الأخرى التي يتسع فيها فضاء المتكلم ، و يخرج عن سياق اللعنة من خلاله ، فالقصيدة علامة خروجه ، و تفرده في آن .
يقول :
" و لعلها القصيدة التي ستشطب الحدود / و لعلها القصيدة الجارحة الجريحة / بها ُتـقام للثوى المآتمُ / فما لكم لا تحتسون قهوة الفضيحة / و الميتون أنتمو / و القادمون للعزاء يضحكون أنتمو / و إنني لآخر المودعين باكيا / رضيت أن تضمني لصدرها جهنمُ " .
القصيدة تخيل تعارضات المفاهيم التعميمية في اتجاه غير أحادي ، إذ تمتزج فيها سطوة العبث و الاحتراق باتجاه التحول لا العدم ، أو الاستسلام .
كذلك يستعيد المتكلم إمكانات الانصياع ، و الآلية ، في تكوينه في اتجاه استبدال الصوت الحامل لهوية مكررة ، و معروفة – منسحقة سلفا بالطاقة الأنثوية للقصيدة . يقول :
" و أنت يا بوابة الفناء / يا فتاة / تعاقدي معي بالأحرف الأولى / أسمعك يا شقيقتي / أنشودة الهيولي / الحمد للشعر / و ليبق دائما رواقه مأهولا / لولاه لاسترده الطغاه / و ما عرفت أنني ناج من الأشباه / ناج من التكرار " .
القصيدة هنا عودة مرحة لغياب الهوية في نشيد كوني متجدد ، يعاد تكوينه في صوت القصيدة الفريد ، هذا الصوت الذي تولد من هيمنة التكرار بانتشار المتفرد في صوت متجدد لانهائي للإمكانية الإبداعية في دال الشعر .
و في نص " قيامة الشاعر عماد الدين النسيمي " يسيطر مدلول الغياب ، لكنه يستعاد حاملا قوة طيفية جديدة ، تسخر من آلام التناثر الجسدي ، في صوت حضاري ، أو شعري آخر يتداخل فيه التاريخي ، مع النصي ، في سياق تجاوز حلم العدالة عند النسيمي في الذوبان ، و الاندماج بالعناصر الكونية ، أو الثقافات الطليعية العديدة .
يقول :
" و اقترب من لهيبك مثل الفراش / فقد تصبح النار بردا / و قد تصطفيك فتشرق قوس قزح ... / و خرجت من القبر القنفد / للدنيا الحرباء / كانت أقنعة الأشياء هي الأشياء / و الأدواء هي الداء / فاقتربت مني الشمس الحسناء / رحت إليها أرنو / و كذلك راحت ترنو / قالت لم لا تنهض لمهمتنا نحن / فقد كلفنا نحن الاثنين بإنقاذ الماء " .
لقد تحول ولوج ظلمة العدم في دال اللهيب ، إلى تحول تخييلي لواقعة موت الشاعر ، فصار موته هو استعادته في نطاق تفاعلي جديد خارج التأويل الأول لوجود أحادي ، أو عدم أحادي .
صوت القصيدة الممتد من الشاعر لا يقاوم إغواء الاستعادة المخيلة ، في ولادة تبدأ من قوس قزح ، أو ظلمة الماء المتسعة ، أو طاقة النار حيث تذوب الذكورة في أنوثة المادة المتحولة ، فقد تحول لهب العدم إلى توهج ذاتي لصوت القصيدة داخل النسيمي .
و قد يتحول التعميم ، و ما فيه من سقوط حتمي ، و حزن و فقدان إلى كتابة جديدة للصوت المتمرد في نص " استقالة من ديوان البشر " . يقول :
" كل ما أرتجيه إذن / أن أرى شبح الوجد في المحبرة / فأخط به ظل شعرة / يتفيأها الكبرياء المهيض أمام الضفاف/ قبل أن يقطع البيد للمقبرة ... / و ليلبس الجميع تحت سترة المراوغات ربطة المفعول / إلا أنا فخرقة المروق عورتي و ملبسي " .
ما المروق ؟ هل هو تمرد على الفقدان يحتمل فقدانا آخر ؟ أم أنه تجاوز سياسي طيفي للتعميم ؟ لقد منحت الكتابة المتكلم فاعلية يختلط فيها الخروج ، بفقدان للحتمية ، و التاريخ معا في اتجاه إعادة تكوين الصوت في أثر مراوغ يتجاوز موته خارج اللغة الشمولية للحياة الإنسانية .
الأثر هو اللغة التجريبية للقصيدة ، و طيفها الأدائي في تحول الصوت المتكلم فيما وراء حتمياته التكوينية ، و سقوطه الحضاري .
و يبلغ الخروج ذروته في نص " في شطح الغياب " حيث ينتقل الفن من التفرد ، و التجاوز إلى التحول الكامل في عوالم اللاوعي و الاندماج الأسطوري و الكوني دون حدود . الارتكاز على معنى التحول في هذا النص يجعل من الغياب دالا ديناميكيا يمكن أن نضع مكانه الوجود برمته ، و الفن ، و التاريخ ، و ما يتجاوزه ، و الخلود ، و التحول اللأسطوري ، أو الحكائي .
و بهذا الصدد يرى كارل يونج أن حدس الخلود يرتبط بالطبيعة الخاصة المتجاوزة للزمكانية للاوعي ، و من ثم يتولد الإحساس بالامتداد في الزمان و المكان في معنى التحول ( راجع / كارل يونج / رمزية التحول / ترجمة نهاد خياطة ) .
هكذا ينجذب المتكلم في فنائه ، و اتساعه الكوني / الشعري في مسيرة الوعي نحو نهاياته الثورية في اللاوعي .
يقول " فلعلني أغدو قطرة ماء / ليست غالبة أو مغلوبة / كي أبتسم و لو مرة / أو أصبح بين فراشات الضوء جنينا / لا يبصره في الرحم الفجرة / فأتاني الشعر و أدخلني من باب الضد / و قال أضعتك فأضعني / لكني ضيعت ضياعي / حتى انبجس غيابي شعرا يمحو بدني " .
الولادة تحول للمتكلم في روح القصيدة التي تخيله خارج هويته ، و وعيه ، و زمانه ، و مكانه ، و المجال الجزئي لعلاقات القوة .



#محمد_سمير_عبد_السلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة في نشوء آخر .. قراءة في شطح الغياب لمهدي بندق
- تجاوز ما بعد الحداثية ، أو التفاعل المفتوح بين المحلي و العا ...
- الزمن الآخر للظل .. قراءة في مهمل لعلاء عبد الهادي
- أحلام الجسد البهيجة .. قراءة في مأوى الروح لمحمد عبد السلام ...
- إعادة إبداع الإنسانية
- عبث ما بعد الحرب ... قراءة في رواية بلا دماء
- طيف الأنوثة المستعادة .. قراءة في هيكل الزهر ل فاطمة ناعوت
- دالي .. حلم النص و أسطورة الفوتوغرافيا
- جماليات الاختفاء عند مكسويل كوتزي
- لذة الكشف في رواية نوافذ النوافذ ل..جمال الغيطاني
- الحكي كإبداع للوعي .. قراءة في ما لا نراه ل محمد جبريل
- معرفة كونفوشيوس
- توهج النهايات عند صمويل بيكيت
- المحظور و التمثيلي و العوالم الافتراضية .. عن الأنوثة في قصص ...
- العمل ، و إبداع العالم
- الغياب في فضاء المحاكاة .. قراءة في فكر جان بودريار
- العبث ، و أحلام التجدد
- أحلام الأم المقدسة عند نوال السعداوي
- الأسئلة الارتدادية للفن
- القصيدة التفاعلية ، أو الامتداد الكوني للقصيدة - قراءة في لو ...


المزيد.....




- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد ...
- شاهد.. تشكيك في -إسرائيل- بالرواية الرسمية حول الرد الإيراني ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سمير عبد السلام - ما بعد الحداثة في ديوان شطح الغياب للشاعر مهدى بندق