أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - بقية العمر















المزيد.....

بقية العمر


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2101 - 2007 / 11 / 16 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


ترجمة : وديع العبيدي

قصة: فرانك فيلدمان

بلا وعي منه.. نزل السيد دونالد فرانكلين درجات السلم المفروش بسجادة وثيرة؛ عند الدرجة الأخيرة تذكر أنه لم يدفع الخمسين دولاراً التي قرر التبرع بها للمرضى في عيادة الدكتور فنتر.
فكّر لوهلة.. اذا كان ينبغي له أن يعود! أم يرسل المبلغ بواسطة البريد. لن يذهب الى الدكتور فنتر. وكندي المهذبة سوف يرسل لها ثلثمائة دولاراً.. ربما ألفاً.. هذا لا يهم الآن. النقود لا تعني له شيئاً .. سيما في هذه اللحظة!.
السائق الذي كان ينتظره أمام البناية، أسرع وفتح باب الليموزينه عند رؤية سيده، لكنه أشار اليه:
- أحب أن أتمشى قليلاً.. روني!
قال ذلك وترك سائقه مدهوشاً في مكانه.
لماذا يبدو الناس في عجلة من أمرهم هكذا؟ تمتم مع نفسه بعد أن ابتعد حوالي مائة متراً وابتلعته الزحمة. هذا الكم الهائل من البشر، ومع ذلك لا يفعلون شيئاً.. بالسرعة القصوى.. هذه الحياة قصيرة جداً.. على المرء أن يعرف كيف ينتفع منها جيداً.. واستطرد في التفكير، ما الذي عليه أن يبدأه الآن؟ ملياردير .ز في مثله.. يستعرض بعض البدائل الممكنة!
في البدء سوف يترك نيويورك، هذه المدينة الرتيبة التي لم يشعر فيها بالراحة. الأعمال التجارية استلبت منه أجمل سنوات حياته.
دونالد فرانكلين، لم يشعر.. خلفه، بالكاد، مع الرصيف المحاذي، بسيارة تتحرك ببطء. لم ينتبه لها رغم تلفته هنا وهناك عدة مرات.. وانحرافه مع تعرجات الشارع حتى أصبحت السيارة الآن لجانبه مباشرة. ارتعب الملياردير من هواجسه، إذ وجد نفسه بين شخصين طويلي القامة، يحيطان به ويأمرانه بصعود السيارة الواقفة.
لم يفكر بالاعتراض ، لا جدوى من ذلك في هذه المدينة التي يختفي فيها يومياً أكثر من خمسين شخصاً بلا أثر. أبعد ذلك عن ذهنه.
بعد ساعة من السير توقفت السيارة في احد الشوارع القليلة الأهمية، وأدخل في بناية قديمة. القي به على كرسي يحيط به الرجال الثلاثة.. بما فيهم السائق، في نصف دائرة.
- لن يحصل لك سوء أيها السيد!..
جأر أخشنهم، يبدو أنه رئيسهم، فيما البتمع سنان معوجان في مقدمة فمه.
- تعني.. عندما أدفع.. لن يحصل لي سوء!
ردّ فرانكلين دون اكتراث يذكر.
- أنه لشيء حسن، أننا نفهم بعضنا منذ البدء.
قال الرئيس مكشراً..
- نحن ناس متواضعون.. ومجرد خمسة ملايين دولار تجعلنا سعداء!
خفض فرانكلين رأسه..
- وكيف يكون ذلك؟
- عليك تسليمنا المبلغ في فئات نقدية صغيرة في مدة أقصاها بعد غد.
- أنا ؟..
أجاب فررانكلين مستغرباً..
وبدلاً من إجابته، بدأ الصعاليك في تجريده من الجاكتة والقميص. وعندما أصبح نصفه الأعلى عارياً أخذوا مادة معدنية في حجم علبة الكبريت وشدّوها على صدره برباط لاصق حتى بدا مثل مومياء.
- هذا الشيء ينفجر في أثني وسبعين ساعة.
أوضح ذلك الرئيس. ثم علق:
- وربما قبل ذلك أيضاً، اذا ما حاول أحد ما نزعه عن جسمك. وخاصة السلك الذي يصل عنقك. لا حظ أيضاً.. أن هذا الجهاز من النوع المتقدم جداً والذي لا يجيد استعماله إلاّ نحن!.. حتى خبراء الأف بي آي.. المتخصصون سيبذلون جهداً كبيراً ليستطيعوا نزعه، فيما اذا فكرت بالاتصال بهم. مفهوم!..
- مفهوم.. أيها السادة، ولكن من يضمن لي أنكم لن تقتلوني حتى اذا دفعت المبلغ؟
- اذا سلمتنا المبلغ فسنحل عنك الرباط والجهاز. ان كلمتنا هي الضمان!. وعليك أن تثق بنا.
- ثم تبحثون عن ضحية ثانية وثالثة.. دون أن تشبعوا.. (ودمدم مع نفسه).
ضحك الرئيس ثم قال:
- أنت تفهم الأمر جيداً. نحن ندعك الآن تذهب لحالك، وستنجو بحياتك اذا لم ترتكب حماقة، وتسدد لنا المبلغ!
ليلتين، سهر فرانكلين جالساً في غرفته، محاولاً التركيز فيما اذا كان قد أنجز كل الأشياء المهمة في حياته، عندها رنّ جرس التلفون. وبدون لفّ أو دوران، قال:
- لدي المبلغ، وماذا بعد؟
أمروه أن يستقل سيارة تنتظره أمام منزله. وبعد أن دارت في شوارع ومنعطفات كثيرة توقفت في مكان ما. وأدخله السائق في واحدة من بيوت متشابهة جنب بعضها، وفي احدى الطوابق وجد نفسه في غرفة رصاصية، حيث ينتظره الاثنان الآخران.
- المبلغ؟..
طالب الرئيس، فأشار فرانكلين الى حقيبة زرقاء مربوطة بسلسلة في معصمه. اندفع الثلاثة في آن واحد نحو الحقيبة. لكن فرانكلين سحبها اليه.
- أنا أعرف الآن وجوهكم.
قال فرانكلين.
- لا أحتاج إلا وصف أحدكم للبوليس ويتم إلقاء القبض عليكم في كل البلاد.. أيها الكلاب الجرباء..
- اغلق فمك..
صرخ به أحدهم وخطا نحوه خطوة واحدة.
تراجع فرانكلين نحو الجدار. وعندها أدركه الثلاثة، مزق هو قميصه ووضع اصبعه على السلك الذي عند رقبته والمؤدي الى القنبلة الشيطانية.
- تأخذون المبلغ ثم تقتلونني.. عليكم قتلي لأني سأكون شاهداً خطيراً عليكم.
- يا للحمق!..
قال رئيسهم.
- يا رجل لا تفقد أعصابك!..
ابتسم فرانكلين ابتسامة قاسية جافة.
- انتم أخزى من الطاعون، وأوسخ من كل ما تحمل الأرض من وسخ. على المرء أن يقطعكم أرباً ويوزعكم في كل مكان.. حتى يراكم الجميع. لقد أخذتم حقكم من الحياة. سحقاً لكم.
كان صوته يوحي بالخيبة..
- هذه المرة أصابكم النحس..
همس ونزع السلك عن عنقه. ودوى انفجار صمّ الأذان. حوّل نصف المبنى الى أنقاض.
في نفس لحظة الانفجار تقريباً.. فتحت كندي، مساعدة الدكتور فنتر، مظروف رسالة، ولم تكن المفاجأة هينة عليها، إذ تطايرت آلاف الدولارات أمامها.. وقصاصو ورق كتب عليها:
- والآن.. إذ علمت .. أن ما تبقى من الحياة هو ستة . أشهر، فسوف أترك كل شيء ثمين ورائي. دخان وصدى.. هكذا ينبغي أن تنتهي. الموت راحة. فقط التفكير بذلك يقتل السعادة. فكري بالأشياء الجميلة في الحياة. سأفعل ذلك أنا أيضاً، حين أرى وجهك أمامي.. انقلي تحيتي للدكتور فنتر. شكراً على كل شيء. فرانكلين.
تغير لونها. أصبح في بياض الثلج. والدها الذي ضاقت به الحياة واختفى من حياتها ذات يوم وهي صغيرة السن، حتى قبل اسبوع واحد فقط. وأثناء مأدبة غداء؛ علمت أنه الملياردير، أحد مرضى الدكتور فنتر الذي تعمل لديه.. عند الوداع نبهها الى اثنين من الأسنان المعوجة في مقدمة فمها. حاذري أن أراك. اذا اعوجت أمورك فأموري أيضاً تعوج. أما أنا فلن تسمعي مني شيئاً.
علمت كندي أنه التزم كلمته هذه المرة.. الخمسة آلاف دولار، قرت تقديمها الى احدى الجمعيات التي تساعد الأطفال المصابين بسوء التغذية!.
------
عن: جريدة الأخبار النمساوية- السبت 21/11/98



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة ايزابيلا الأخيرة
- مستقبل المرأة الرافدينية وقراءة الواقع
- قاع النهر قصة: الفريد بيكر
- أبي / هيلكا شوبرت
- توازن القطاعي في النظام المعرفي العراقي..!!
- صورة جانبية لأدورد سعيد
- من الشعر النمساوي المعاصر- كلاوديا بتتر
- أوهام الضربة الأميركية لايران
- النوستالجيا.. الطمأنينة والاستقرار
- الفرد والنظام الاجتماعي
- الاغتراب في ظل الإسلام
- من الشعر النمساوي المعاصر- بيرنهارد فيدر
- أحلام مكيسة
- Shadowsظلال
- محمد علي الباني رائد تحرر المرأة العربية
- نكايات
- الجنس والجسد والزواج
- في ذكرى الصديق الشاعر مؤيد سامي!
- لا تحبيني رجاء!..
- دبليو ه. أودن


المزيد.....




- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - بقية العمر