أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - جدارية الاحلام














المزيد.....

جدارية الاحلام


عبد الرضا المادح
قاص وكاتب - ماجستير تكنلوجيا المكائن


الحوار المتمدن-العدد: 2101 - 2007 / 11 / 16 - 09:52
المحور: الادب والفن
    


من مكان ما من الشارع المؤدي الى العشار في البصرة القديمة، ينطلق بين فترة واخرى ثلاثة رجال اصبحوا معروفين للناس وخاصة زعيمهم تومان. يحمل اثنان منهم لوحاً خشبياً كبيراً، تبرز من جنبيه وفي وسطه نهايتا خشبة لتستقّر على كتفي الحمالَين. تلصق على اللوح صور تستبدل كلما تغير الفلم في السينما المالكة للوح.
بعد ان تأكد تومان من ان كل شيء على مايرام، تقدم المجموعة واعطى الاشارة للانطلاق. يسير الرجال وكالمعتاد الى جنب الرصيف، على اسفلت لاهب بدرجة تقرب من نصف درجة الغليان.
خط سيرهم شبه المستقيم، يأخذ بالتموج بفعل السيارات المركونة الى الرصيف، وخاصة امام مقهى السيد مهدي الموسوي، حيث تصطفّ سيارات التكسي الهرمة. كل سواق التكسي يعرفون تومان جيدان ويودونه، حيث اصبح لديهم عرف بعدم اخذ اجرة النقل منه اذا صادف وكان احد الركاب. كان يحيي السواق بأحترام ودعابة كلما مرّ بهم، وكثيرا ما كان يتوقف للحظات ليسمعهم عزفه الجميل على الفيفرة * التي لاتفارقه. كان يجيد عزف كل اغاني مشاهير الفنانين من امثال ام كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الاطرش وغيرهم، والاغرب مافي عزفه هو طريقته المتميزة، حيث كان ينفخ في الفيفرة من فتحة انفه المفلطح، ترافق ذلك تمايل جسمه بحركات راقصة، تعبر عن سعادة صادقة لاتتناسب والفقر المدقع الذي توارثه وامتزج مع لون جسده الاسود.
صاح بعض السواق والمارة:
ـ رائع تومان...!
ـ تسلم تومان...!
فاخذت عيناه الحمراوان تتراقصان طرباً في محجريهما.
مرّ الموكب تحت سلسلة شناشيل اصطفت الى يمين الشارع. ارتسم الظل على اجسادهم، فشعروا ببرودة خفيفه نشرت الارتياح على وجوههم. تسللت نظرات من خلال الشبابيك الخشبية المعلقة في الطابق الثاني والمطلة مباشرة على الشارع.
فجأة صفعت وجوههم الشمس من جديد، حيث انقطعت السلسلة لتنفتح الارض على ساحة واسعة نسبيا.ً في زاوية الساحة القريبة، انتصبت نخلة شامخة خضّب جذعها بالدهن الاسود. على يمين الساحة اصطفت محلات لتصليح السيارات، يتوسطهم جامع كبير، امامه وعبر الشارع يقطع النهر جسر للمشاة، زغرفا جنباه بالخشب على شكل مقرنصات طليت باللون الاخضر.
تراكض صبية قاطعين الساحة ليحدقوا عن قرب بلوح الدعاية، عسى ان تظفر عيونهم بأجساد عارية. اصطدمت نظراتهم بوجه "كاري كوبر" المترب والخالي من اي ابتسامة، يمتطي جواده الضارب الى الحمرة في حالة استعداد للانطلاق نحو هدف ما. في احدى زوايا اللوحة تظهر حانة خشبية، وقفت عند بابها فتاة باهرة الجمال بفستان طويل وصدر ناتيء يكاد ان يشق ثوبها شوقاً لذلك الفارس.
في تلك اللحظة تعالى صوت سنابك خيل مسرعة تجرّ عربة لتمر من جنب تومان مباشرة، فصرخ مرتعباً:
ـ كاري كوبر...!
سحب البطل قشاط حصانه ليندفع الاخير بجسده بقوة. بلمح البصر شهر مسدسه الطويل ذي البكرة الدواره والمطلي بالنيكل اللماع، ليطلق عدة رصاصات تحذيرية في الهواء.
واصل تومان صيحاته:
ـ لايفوتكم الفلم، انه اروع فلم امريكي...!
تعالى الصراخ الممزوج بالرعب والاعجاب، لينهمر الرصاص في ظلام الصالة. تقاطع الازيز بين الجدران. هوت جثة من على فرس مسرع. سقطت اخرى من شرفة قريبة. في لحظات تكاثرت الجثث كالفطر، مختلطة باجساد الخيل ورائحة الروث، ناشرة الدم على مساحة الشاشة البيضاء، تاركة بقعة صغيرة ارتسم عليها وجه كاري كوبر يمصّ سيكاره الطويل بلا اكتراث.
ـ النهاية ـ
* الفيفرة آلة نفخ موسيقية تشبه الناي.
..................................................
10 11 2007



#عبد_الرضا_المادح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعدام...
- ألتخلف التكنولوجي في النظم - الاشتراكية
- مساهمة الاكراد في جريمة الانفال


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - جدارية الاحلام