أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد علاونه - التاريخ : حركة مادية وليست روحية















المزيد.....

التاريخ : حركة مادية وليست روحية


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2099 - 2007 / 11 / 14 - 10:54
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قد لا نستطيع أن نطلق كلمة "علم التاريخ" كعلم مستقل على الروايات القديمة لبعض الأحداث، لأنها رويت بأسلوب هرطقي وترهي لكل الأحداث وكانت الأسباب الخارجية لصراع الطبقات هي صاحبة التأويل وليست الأسباب الحقيقية هي المحلل الرئيس لمجموعة الأحداث( ).
وقد جاء هذا التأويل نتيجةً للعلوم المتواضعة في عصر الرواة القدامى، ونقصد بـ(علم التاريخ) كعلم له أصوله ومناهجه التي انعكست أخيراً على أقلام الكتاب جراء الثورة العلمية الحديثة التي حدثت في أوروبا الناهضة في نهاية العصور الوسطى، وأن التاريخ بدأ كعلم منذ بدأ "عبد الرحمن بن خلدون" العمل به وتوقف بموته (1332-1406م) ولم يبعث من جديد إلا في نهاية العصور الوسطى نتيجة تقدم العلوم وإن سبب توقف علم التاريخ هو بسبب قصر سلطة العلم وبقاء المجتمعات في حالة رخاوة صناعية حتى القرون الوسطى وما زال بعض كتاب التاريخ في الشرق يكتبون تاريخهم عبر تقديس الماضي وتحقير وتسفيه الحاضر، حيث أنه من المفترض أن لا يدخل التقديس لا في الماضي ولا في الحاضر وأن تخضع أصول الدراسات للنقد العلمي الجدلي وقد أورد البحاثه "عبد الرحمن بدوي" ملاحظة هامة على هذا الموضوع:
"الدراسات التاريخية تخلو من النظرة العلمية عندنا ولا تستند إلى قواعد البحث العلمي"( ).

إن كتابة التاريخ عندنا تخلو من النظريات العلمية، لأن كتابنا ما زالوا يعيشون مع الماضي في مدن غير صناعية، لذلك فإن الأحداث التي تدور في مخيلاتهم تبقى رهينة إلى الأبد بما يعرفونه من الأنماط الاقتصادية القديمة السابقة على الرأس مالية، وبما أننا لم ندخل فعلياً عصر الرأس مالية المتقدم على الاقطاع فإننا لهذه الأسباب ما زلنا نرى التاريخ من صنع أفراد محليين أو من صنع الحظ والصدفة، أو من صنع أفراد غير محليين، ينتصر بمساعدتهم الضعفاء ويبعثون الزرع والحصاد متى يشاؤون، وما زال أشباه المثقفين عندنا يؤمنون بالطفرة والأساطير لأنهم منخرطون في مجتمعات زراعية أو رعوية غير صناعية.

وهذا إيمان طبيعي ينعكس عن دور أنماطهم الاقتصادية القديمة، لأنه كما قلت سابقاً أن الإنسان كان يغير حياته بيده أما اليوم فإن الآلة هي التي تغير الإنسان وتطور حياته: أي أن الآلة التقنية قد نقلت الإنسان من اقتصاد الحظ والصدفة إلى اقتصاد السوق الحديث، وانتقل التاريخ مع هذا الانتقال جنباً إلى جنب مع الأدوات الصناعية الحديثة، وبدأ المؤرخون يعملون كفنيين اجتماعيين.

وبما أننا لم ننتقل فعلياً إلى الرأس ماليه وإلى المدنية الحديثة فإننا لهذه الأسباب نكتب بروح قديمة ونحول الأحداث من العوامل الداخلية المؤثرة على صراع الطبقات إلى عوامل خارجية وهمية تعتمد على: الصدفة والحظ( ). لقد تخلصت أوروبا الناهضة من الأفلاطونية المقرفة خلال صراع مع الأصالة والمعاصرة ومع المسيحية والكلاسية الوثنية خلال مدةٍ لم تتجاوز مولد (جون ويكلف إلى مارتن لوثر) ونحن ما زلنا حتى اليوم نقرئ التاريخ وفي كل منزل محكمة تفتيش.
إن تداخل هذه الأمور مع بعضها البعض أعطت لكتاب التاريخ نوعاً جديداً من التحليل العلمي وخصوصاً المادية الديالكتيكية لنستمع لمقولة نديم البيطار:

" إن العقل الحضاري الحديث يجد حقيقته النهائية في قوانين موضوعية مستقلة، بينما العقل التقليدي كان يجد أساسه وحقيقته النهائية فيما وراء الطبيعة والتاريخ وعادة في صورة آلهة"( ).

لذلك سقطت تخيلات أفلاطون، بسبب ظهور قوانين فيزيائية، لذلك فإن المؤرخ التقليدي أيضاً ينظر إلى الأحداث على أنها فعل شخص واحد أو أفراد أصحاب قرار ولكن المؤرخ المتقدم اليوم لا يقرئ الحاضر بلغة الماضي، إن بعض المؤرخين الشرقيين اليوم ما زالت نظرتهم إلى الحاضر على أنه بحاجة إلى قوى غير طبيعية لتخرجه من أزمته وهذا بسبب دخوله المدنية الحديثة من باب ضيق، فالمدنية عندنا هي نتيجة ازدياد عام في عدد السكان وليست نتيجة تطور الآلات والمصانع؛ لذلك ما زال أشباه المثقفين عندنا بعيدين نوعاً ما عن التفسير العلمي للظواهر الطبيعية رغم أنهم يتعلمون في أكاديميات حديثة وفق أفضل مناهج البحث العلمي والتدريس، وتأسيساً على ما فات فإن العمل الفني الاجتماعي هو اليوم المنهج الأحسن لقراءة الواقع، والحاضر، والماضي، إن تاريخ صراع الدول والطبقات ونتائجه يعود لأسباب التغيرات الاجتماعية وليست لعلات خارجية وهمية، إننا نلاحظ اليوم أن مدينة عربية مثل "اربد" في الأردن وهي تجتمع فيها المصانع الحديثة، قد عملت هذه المصانع على تغيير حياة الناس، حيث بدأ الناس بالعمل ولا فرق بين ذكرٍ وأنثى، وتحولت الفتيات بالذات من العمل داخل المنزل الأسري إلى العمل خارج المنزل الأمر الذي عزز من عدم أهمية الاختلاط بين الجنسين.

وتطورت الأخلاق والحياة العامة، وأصبح بمقدور المرأة في الأردن من تأمين احتياجاتها من غير الاعتماد على أفراد العائلة من الذكور وتحول انتماء العائلة من الانتماء للعائلة الممتدة-العشيرة- إلى الانتماء والولاء للمؤسسات القانونية التي ترعى حقوق الفرد والجماعة، فحين كان العمل في المنزل والحقل كان في ذلك الوقت وقبل دخول الآلة الصناعية إلى الحقول الزراعية كان العمل يتطلب مزيداً من تعاون الأيدي العاملة مما أدى إلى التفاف الناس حول بعضهم البعض في شبه "مشتركات قروية بدائية" وهذا عمل على امتداد سلطة العشيرة وسيدها، وكانت مصلحة سيد القوم تتطابق مع مصلحة أدنى "حراث" أو عامل بالسخرة، إذ كان سيد العشيرة يدافع عنه على اعتبار أن "الحراث" هو البنية التحتية للإنتاج وكان من حقه أن يتزوج من ابنة عمه بالأولوية، أما اليوم فإن المصانع في مدينة "اربد" في شمال الأردن، قد عملت على كسر الإيقاع القديم، وظهور نغمات جديدة، إذ أن العمل في المصانع وفر الجانب الأكبر والكلي من احتياجات الفرد الأمر الذي فكك ولاء الفرد للعشيرة، وأصبح الولاء للمصانع والسلك الوظيفي، والوظيفة الحكومية، ونلمس هذا من خلال الشكوى الدائمة التي يشكوها الناس مثل ضعف القرابة والعشيرة وهذه كلها ظواهر إيجابية، وأود أن أقول أيضاً أن الفلاح قديماً كان لا يعمل في السنة إلا (80) يوماً أو أقل، وكان يقضي باقي السنة في بطالة، وعلى فكرة فإن البطالة كانت تعمل على اشتداد صلة القرابة، لأنهم جميعاً يجلسون طوال النهار بلا عمل، أما المجتمع الصناعي المنتج فإن علاقة أفراده ببعضهم البعض ضعيفة لأنهم يعملون في أغلب أيام السنة ولا يرون بعضهم إلا في المناسبات والأعياد الرسمية( ).



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلات والصحف العربية في بداية النهظة العربية الحديثة
- الانتخابات العشائرية الأردنية وليست البرلمانية
- صلاة الإستسقاء : ترفع الأسعار
- صحيفة الحوار المتمدن ليست صحيفة رزكار عقراوي
- رسالة إلى بغداد
- الكتاب العربي بين هموم المثقف وبطش الأميين
- أصل الإنسان حيوان مفترس
- أصابع كفها فقط خلف الباب !
- الهجوم على الإسلام3, أم الهجوم على أعداء الحرية ؟
- الهجوم على الإسلام 2
- أطيب من إلنسوان؟لا مال ولا خمره
- الخجل الثقافي
- الهجوم على الإسلام 1
- البطل التاريخي الذي لم يظهر على خشبة المسرح
- الدول العربية غير معنية بالتقدم لأنها أنظمة فاسدة
- خاطرة مثقف متعب
- المسلمون مصابون بإنفصام فكري
- يوم وفاة الدكتور علاء علاونه
- من ذكريات عاشق1
- العرب أللصوص ألكرماء


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد علاونه - التاريخ : حركة مادية وليست روحية