أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم مطر - أوه... يابلادي، رحماك كفيني عشقك.. ياقديسة ياغاوية..















المزيد.....

أوه... يابلادي، رحماك كفيني عشقك.. ياقديسة ياغاوية..


سليم مطر

الحوار المتمدن-العدد: 2099 - 2007 / 11 / 14 - 09:44
المحور: الادب والفن
    



((كل يريدك له.. اما انا فأريدك لك..))
(قول صوفي)

ياسيدتي ياعشتاري لو تعرفي كم ابجلك وكم أمقتك، يا حنونتي يا خؤونتي.. انت بهجتي وانت غصتي.. انت صلاتي وفتنتي وحيرتي وخيبتي وغيضي الذي لا ينتهي.
آه.. لو افهمك يا انثاي ياحبي ياحيرتي.. انت روحي وكياني وكهوف اسلافي وعقدي وكوابيسي وميلادي وموتي. انت ملكة ابهامي وشمس ظلماتي.. انت تاريخ بلا ابتداء وكون بلا سماء، انت انت بلا سؤال ولا جواب..
يا(امرأة قارورة) روحي، ورثتك من اسلافي منذ ما قبل الطوفان. متى ما اشاء ابعث فيك حياة وملذات، ثم اعيدك لتظلي خالدة في حناياي، يرثك من بعدي احفادي الى ابد الآبدين..
انا تموزك، (رجل قارورة) روحك وأنت خالقتي وقاتلتي، وليد عشقك وشهيد غدرك. في كل مرة تهبطين من سماء عليائك، تميتيني وتحييني، أعود كائنا جديدا مولودا من رحم مزاجك: تارة انا سيدك ورضيع احضانك.. وتارة انا شيطانك المرجوم بأحجار لا مبالتك وحيرتك.
انت يابلادي، معشوقتي، غاويتي، ارض ثمالتي ومتاهات احلامي في خبايا تضاريسك. كم امضيت معك ليالي اشتهاء هائما في دروب بغدادك، متسلقا جبال صدرك، ومبحرا بسفينتي في شطآن ملذاتك، وسارحا بوعولي في وديان خصبك.. يا حبيتي وشهيتي وساحرتي.
انت امي وانا ابوك.. انت حقلي وانا مطرك.. انت ارضي وانا سمائك..
في ربيع كل عام، تغامرين بجبروتك وحياتك، وتتغولي في اعماق الظلمات، في سراديب غربتي ومتاهات فقداني، حتى تنتشليني من قبر هزيمتي، الى عوالم خصبك وأنوارك. نمضي ايامنا وليالينا في ملذات سعير مجنون، لتولد من رحمك على ضفاف نهريك بساتين وبلدات وابناء يصنعون حياة وحضارة..
كم طفت وطفت في بحار عشقك المتلاطمة وأمضيت ازماني سفينة بلا ربان في لجاج امواجك الوديعة بنسائم فجرك الأبدي.. وكم غدرت انت بي وتركتيني وحيدا هائما بحبك، بلا سقف يحميني من اجواءك، ولا صدر حنون يدفئني من جليدك.
في عز الصيف وانا اعاني عطشي وجفافي، اراك تشهري بوجهي اسلحة بطشك، وتسلطي علي خنازير سلطانك وعسكرك ورعاعك وجميع مغامريك وجيوش غربائك ووحوش تعصبك ونهبك. يتكالبوا على بدني وروحي بلا رحمة نهشا بمخالبهم وتقطيعا بانيابهم. وما ان اسقط صريعا حتى تأخذني عفاريت ظلماتك الى عوالمك السفلى، سراديب حزني وخيبتي ويأسي الخانق من كل امل بك..
هكذا انت دائما، نزقة متقلبة. كم مرة مرة وانا في ذرورة فقداني في جنان حنانك، فجأة تهيجين وتثورين وتغرقيني في امواج طوفانك، وتتركني قلبي جثة هامدة محروما معذبا بهجرانك وجنونك الذي لاينتهي.
لكني انا مثلك، لا امل ولا اتوب. من جديد تنبجس مياه الشوق في بوادي روحي، وتنمو اعشاب الحنين بين صخور قلبي وتغرد عصافير الشوق بعشقي الابدي اليك، يا سيدتي، فتعودي انت وتنتشليني من ظلمات سأمي الى ارض انوارك وملذاتك..
حيرتيني يا بلادي، بتقلب مزاجك بين نعيم خصبك وطوفان غدرك. تارة تسقينني بأمطار رقتك وعواصف شهواتك، وتارة تحرقيني بصواعق صدك لتعوفيني وحيدا حائرا وسط حطام حبي لك..
لقد اتعبتيني، ايتها النزقة ايتها الطائشة.. تبا لك ولمن يعشقك، اغربي عني ياغاوية..
* * *
أوه، اعذريني ياعيني، يا معبودتي وفاتنتي، سامحيني، فأنا كما تريني ربيبك، مزاجي مثل مناخك، وروحي هياجة عابثة مثل نزواتك.
انت امي ورحم ميلادي وحاميتي ومانحة حياتي. خلقتيني من نطفة الرحمن في تلافيف اطيانك، وارضعتيني من حلمتي نهريك الفراتين، واطعمتيني من نخيل سهولك وبلوط جبالك..
يا حبيبتي وامي وأخيتي وبنيتي، ارجوك لا تصدقي غضبي، تعالي يا شوغة روحي هنا بين احضاني، نامي في لب قلبي، اضلاعي مسكنك، ودمائي انهارك، واحلامي عالمك. فأنا يا حبيبتي انت، ومن دونك لن اكون انا.. بلا حياة، مثل شجرة بلا جذور، وبحر بلا ماء، وكائن بلا كيان، وانشودة بلا انغام.
انا يا سيدتي لا اتعب منك ابدا، مثلك، متقلب معتوه. تارة يرفعني حبي لك الى ذرى السماوات لنطوف معا في انوار حبيبنا الجليل الاعظم..وتارة تهبط بي شياطين مللي ويأسي منك الى قيعان جهنم لتفتك بروحي وبدني وحوش ظلام وحسرة.
شوفيني، انا تموزك الجريح، كيف اشكو لك خبال روحي الذي ما كف عن الهيجان من خبال روحك انت. منذ ان عرفتك، هكذا بلا اذن أو نذير، لا تكلين عن اجتياحي، بمشاعرك وبدنك وماضيك وحاضرك، مثل عاصفة هوجاء لتكنسي عني خيبات عمري واوراق خريفي، ثم ترميني بلا رحمة مثل وليد وحيد تائه في ربيع هيامي بك.
انت يا بلادي، اخيتي وبنيتي ورقيقتي وصغيرتي، فأنا المبتلي بدلالك وضعفك وامراضك التي لا تنتهي. كم سهرت عليك ليال وازمان كي احميك من ذئاب البراري واطعمك من روحي وافكاري وقلقي عليك..
انت محياي ومماتي، عشقي وعذابي، يقيني وحيرتي، وجودي وعدمي..
آه لو تعرفي كم اذرف دموعا حراقة توقا اليك، وكم اكتم صرخات غاضبة ضد صدك وخياناتك التي لا تعد.. يا معبودتي ومعذبتي..
* * *
بالامس حلمت بك يا بلادي. كعادتي، كنت خائفا طريدا في دروبك. العسكر امامي وانا حائرا ابحث عن هويتي. اتلفت وعيوني تجول في بقاع العتمة، وصوتي المبحوب يصرخ مناديا الاهل والصحاب، فلا من مجيب.
نعم يا سيدتي، اعرف ان حزني نابع من ماضي معك. اعوام طفولتي وصباي التي امضيتها فقيرا طريدا في احضانك. ولكن اما آن لذلك الماضي ان يندثر، ولتلك الذكريات ان تتجدد؟
أنا غاضب يا سيدتي. الحزن يفيض من شطآني. عواصف الشك تجتاحني. متردد بين نرجسيتي وعاري، بين ثورتي وصمتي، بين هجومي وانكساري، بين عزلتي وانتثاري.
انين الطفولة يخرمش احشائي، ووقار الرجولة يكبلني.
اعرف اني قد تجاوزت رعب الموت، ولكن رعب الحياة لا زال يمتلكني.
انا عاشق نقمان. انا صديق غضبان. انا اريدك ولا اريدك. احبك في كل لحظة ولحظة ولحظة، ولكنك يا خلابة، ماء يتبد من بين كفي وريح تزيد من لهيب احتراقي.
يا الهي رحماك، اقشع عني غيوم حيرتي. أخبرني بحالي. من انا وماذا اريد. وكيف امضي في دروب الحياة، والى اين مصيري.. وكيف اعثر على ذاتي في متاهات حياتي.
يا روح الاوراح ورب الارباب وسيد الاسياد، يا خالقي ومخلدي في تلافيف كيانك.. هب معذبتي العقل والانوار.
* * *
يقولون عنك يا بلادي بأنك تخشين الحب، وعندما تبلغين مع محبيك ذروة العشق تغدرين بهم وترميهم في سراديب الغياب والمنفى. بعدها تعانين الاسف والحنين وتشرعي بالبكاء والنحيب من اجل عودتهم الى ضفاف حبك المعتوه!
شوفي يا حبيبتي حالتك الآن. لقد تفرق عنك المحبين والصحاب، واصبحت بكل ضفافك وبواديك وجبالك، مرتعا لعبث الرعاع والسفاكين والغرباء.
اما آن الأوان يا معبودتي ان تعقلي؟ اعرفي بأن مملكة بغائك للطغاة والغزاة، قد ازفت ساعة نهايتها. وان عشاقك العابثين قد تعبوا منك، وفقدوا قواهم وملذاتهم، وهم الآن في طريقهم لكي يصنعوا ممالك فسقهم الخاصة بهم، بعيدا عنك في متاهات جبروتهم.
لم يتبق امامك غير ان تقبلي بالامر الواقع، وتأخذي كنوز مشاعرك وعرش قلبك وجيوش احلامك، لتصنعي سلالة جديدة في سماء الحب الخالص معي انا، رجلك الوفي، الذي سيمنحك كنوز مشاعره وعرش قلبه وجيوش احلامه، لبناء مملكة واحدة يكون هو فيها جوهرة تاجك وانت جوهرة تاجه..
اعرفي يا حبيبتي، لم اكن صادقا يوما مثلما انا الآن في رغبتي ان امنحك عمري القادم، كما تمنح الاشجار ثمارها والسماء امطارها والقلوب محبتها. هكذا بلا اذن ولا انتظار، فانت امي واخيتي وبنيتي وصديقتي وخليلتي وعشيقتي.. انت الفتانة الفنانة الغدارة، لا غيرك، كائنتي وسيدة وجودي..انا وانت عاشقان ابديان منذ فجر الخليقة..
انت تيهي وهويتي، انت غزاتي وزراع ارضي، انت قبوري ونجوم سمائي، انت كهوفي ودروب مستقبلي..
هيا اعقلي وتعالي يا حبيبتي.. اكواني بظلماتها وشموسها واسرارها مفتوحة امامك.
كنوزي وعروشي وجيوشي تحت امرك.
اتوجك مليكتي: قلبي عرشك، وحياتي مجدك..
أنا تموزك، عاشقك وابوك وابنك واخوك.. يا بلادي يا عشتاري....... يا عراقي..



#سليم_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع سليم مطر، حول الامة العراقية وهويتها التاريخية
- هاكم يا أصدقائي، انا العراقي الحائر،اسمعوا صلاة اعترافي في ح ...
- حضرة السرطان عندما زار صديقي الكاتب العراقي
- الحزب الشيوعي العراقي وازمته التاريخية المستعصية!
- مسؤولية المثقف عن العنف السائد في العراق وفي العالم العربي
- فصل من سيرة عراقية: حكايتي مع الله .. صديقي الطيب الجليل
- احياء الهوية الوطنية.. الخلاص الوحيد اما العراقيين
- مام جلال والنخب الكردية العراقية، والفرصة التاريخية التي لن ...
- السلطة الكردية وحملاتها ضد الكتاب العراقيين ومنهم الاكراد ال ...
- مقطع من سيرة عراقية: هنا ترقد الشاكرية.. بلادنا العابرة
- اليسار العراقي والموقف من نظام البرزاني والنظام التركي
- عقلية التدمير الذاتي العراقية والحنكة الامريكية الاسرائيلية
- سيرة عراقية/ سينمات بغداد.. جناني المفقودة
- بعد غيبة طويلة، حوار موسع مع سليم مطر حول الهوية الوطنية
- سلالة الحقد.. سلالة الحب..
- حلفاء امريكا في العراق يحرضون اطفال المدارس على قتل المسيحيي ...
- اعلان انبثاق تيار الضمير العراقي
- اليسار العراقي ومشكلة الدين والقومية
- نصيحة جادة صادقة لكل عراقي يبتغي ان يصبح سياسيا ناجحا
- محبة الوطن، تعني الارتباط بواقعه واحترام خصوصياته


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم مطر - أوه... يابلادي، رحماك كفيني عشقك.. ياقديسة ياغاوية..