أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - المعرفة وحرث البحر















المزيد.....

المعرفة وحرث البحر


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2097 - 2007 / 11 / 12 - 09:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استذكرت وأنا أحضر مؤتمر المعرفة الأول الذي نظمته مؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وصف الروائي الروسي مكسيم غوركي لأحد كبار ثوريي عصره، حين قال عنه بلغة السهل الممتنع: كان نصف عقله يعيش في المستقبل، ولعل ذلك القائد البارز كان يفكّر من موقع الدولة وليس من موقع الثورة وحسب.

حين وضع جلّ جهوده للتفكير في المستقبل رابطاً إرادة التغيير السياسي بالعلم والتكنولوجيا، فقد عبّر عن طموحه للمستقبل بـ «السلطة زائداً كهربة البلاد السوفييتية»، بمعنى تزاوج الإرادة السياسية المتمثلة في الرغبة في التغيير بالطموح العلمي والمعرفي في نقل المدنية والحداثة والتعليم وخطوط المواصلات والكهرباء إلى الريف، وذلك لإحداث التطور المنشود والتنمية الموعودة!

أول التحديات التي واجهت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تمثلت في فعل الإرادة والعقبات التي تواجهها، فقد كان التعليق الذي أطلقه، والذي توقّف عنده عدد غير قليل من المتحدثين والمفكرين والباحثين واحتل مساحة واسعة في الإعلام، هو ما ذكره عن صديق له وهو يطلق مبادرة المعرفة في عمان (مايو 2007) حين قال له: أنت تحرث البحر!!

لعل صديق الشيخ محمد قصد أن هذه المبادرة «المغامرة» تسعى إلى المستحيل في ظل أوضاع أقل ما يقال عنها انها رديئة وساكنة وغير مشجّعة على تحقيق مثل هذه الأماني الطموحة وبخاصة في مجال المعرفة! سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي وبخاصة العقبات الموجودة أمامها والكوابح التي يمكن أن توضع في طريقها!

وقد شدد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على العزيمة والتفاؤل باعتبارهما طريقا النجاح اللذين لن يخذلا صاحبهما طالما تمسك بعروتيهما الوثقى، وأعتقد أنه قصد بالتفاؤل المعنى الغرامشي: أي تفاؤل الإرادة رغم معرفته أن كل ما حولنا يشي بالتشاؤم سواء بوجود أكثر من 71 مليون أمي في الوطن العربي.

وربما مثل هذا الرقم «أنصاف أميين» بالمعنى الحضاري اليوم، وخصوصاً في ظل الثورة العلمية ـ التقنية وتكنولوجيا المعلومات والوسائل المتقدمة التكنوترونية في وسائل الاتصال والإعلام، حتى غدا العالم كله «قرية صغيرة» بفعل العولمة، ناهيكم عن معاناة عربية بسبب احتلالات وحصارات وحروب أهلية واحتقان طائفي وانقسام مجتمعي ونزاعات اثنية ومذهبية! مع محاولات فرض الهيمنة والاستتباع وعرقلة سبل الحصول على منجزات العلوم والتكنولوجيا.

هل مبادرة محمد بن راشد هي حرث في البحر حقاً في ظل الفجوة الكبيرة بيننا وبين العالم المتقدم، حتى وإن كانت أمنية حالمة أو وعداً مخلصاً، لكن الوقائع الصادمة على الأرض تجعل من المنطقي والعقلاني التفكير بالعقبات والنتائج قبل إطلاق المبادرة؟

ولعل هذا كان أحد تحديات صاحب السمو الشيخ محمد وإصراره على السير بهذه المبادرة حتى النهاية وإصراره ثانياً على التعاون والعمل المشترك والتواصل الحضاري والثقافي وحشد الطاقات لإنجاح هذه المبادرة، ولكن أين حدود مثل هذا المشروع الطموح الذي ندرك خطورته وصعوبته بما فيه من أحلام وتفاؤلات؟

لعل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بدعوته تلك أراد القول ان: مسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة فما بالك بدعوة كوكبة لامعة من المفكرين والمثقفين العرب للتدارس معهم حول السبل والمستلزمات الضرورية لوضع هذا المشروع الطموح قيد التنفيذ والمباشرة والبدء به بكل ثقة وعزم!

إن مثل هذا المشروع التغييري الطموح هو نقيض للواقع الذي يقرّ الجميع بلا استثناء بالحاجة الماسّة إلى تغييره، خصوصاً الشعور بالتخلف والفارق الحضاري والعلمي، في ظل الفجوة الواسعة والعميقة بين التطور العلمي والمعرفي والثقافي على المستوى الدولي وبين الواقع العربي المتردي.

في ظل شحّة المعارف ونقص الحريات وهضم الحقوق وبخاصة حقوق المرأة والأقليات وهو ما كشفته على نحو صارخ تقارير التنمية البشرية للبرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة في السنوات الأخيرة!؟

وإذا كانت مبادرة التغيير المعرفي بحاجة إلى إرادة سياسية وهي أمرٌ أساسي وحيوي وتمويل ضروري وهو متوفر عند إطلاق المبادرة حين تم تخصيص 10(عشرة مليارات دولار أميركي) لتنفيذ هذه المبادرة الطموحة، فهي بحاجة أيضاً إلى فضاءات من الحرية والبيئة السياسية والثقافية التي تعترف بالتنوع والتعددية وحق الاختلاف وحق التعبير وحق المشاركة.

مثلما تحتاج إلى قوانين ومؤسسات وضمانات وبخاصة للمبدعين والمتميّزين وعموم المشتغلين بإنتاج المعرفة تأليفاً وترجمة ونشراً، وهي تحتاج أيضاً إلى مشاركة جادة وفاعلة من جانب المجتمع المدني الذي ينبغي أن يتحمل مسؤولياته على هذا الصعيد ليتحوّل إلى قوة اقتراح ومشاركة وليس قوة احتجاج أو معارضة حسب، بل إن دوره تكميلي تشاركي وليس تابعاً أو ملحقاً، انه دور لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستغناء عنه أو التقليل من أهميته.

ولعل تحدّياً آخر يضاف إلى التحديات أعلاه، هو كيف السبيل لتعزيز وتعميق الوعي لا بأهمية المبادرة فحسب، بل بأهمية التراكم الثقافي والمعرفي والحقوقي؟ وعندما تصبح مسألة المعرفة قضية حقوق فإنها ستتحول إلى قوة مادية يصعب اقتلاعها خصوصاً إذا ما جرى التمسّك بها.

المعرفة هي سلطة أو قوة حسب تعريف الفيلسوف البريطاني فرانسيس بيكون وهذه القوة أو السلطة يمكنها العمل من موقع الدولة والمجتمع لإحداث التغيير المنشود وتعزيز قيم الحرية والجمال والعدل والحق والتقدم.

إن انتاج المعرفة هو الطريق الحقيقي نحو المستقبل وهو استثمار العقل بالاتجاه الصحيح لخلق ظروف مناسبة للتراكم المعرفي والعلمي والثقافي، والمعرفة تتطلب أيضاً مكافحة الفقر وتحسين ظروف المعيشة والصحة وتعزيز التعليم والقضاء على الأمية، ولعل بحث مسألة التعليم كانت التمهيد الحقيقي لمؤتمر المعرفة.

حين دشنت صحيفة «البيان» استثمار هذا الإعلان بندوة «التنمية العربية برؤية معرفية»، حيث كان باكورة طبيعية للالتفاف حول المبادرة خصوصاً ارتكاز أعمالها على التعليم والتنوع الثقافي اللذين كانا محور مؤتمر المعرفة 27 ـ 28 (أكتوبر) الماضي.

فهل كان مؤتمر المعرفة مجرد أمنية أم حلم أم وعد ومتى يتحوّل إلى واقع وعلم وخبرة متراكمة، خصوصاً ببرامج وخطط وورش عمل وبتحدي جديد أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حين أعلن فيه عن إصدار 1000 كتاب في العام بكل عفوية وتلقائية وثقة بالنفس.

ان اعتبار «المؤتمر» بمثابة جمعية عمومية وهي تضم نخبة من المفكرين والمبدعين والعلماء والأكاديميين من أهل المعرفة والخبرة يمكن أن يغني ويعزز هذا الوعد ويحوّله إلى واقع.

كاتب ومفكر عراقي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واشنطن بين حليفين لدودين
- بلفور العراقي: حامل لوعد أم حامل لبرهان
- التنوع الثقافي في المجتمعات العربية - مصدر غنى أم فتيل أزمات ...
- وجه آخر للتراجيديا العراقية: الطفولة المنسية!
- نهاية الديمقراطية
- المؤتمر الدولي ومهمات الوسيط الدولي توني بلير
- هامش على هوامش آرا خاجادور
- العراق .. بين التنظير والتشطير .. !!
- هامش على هوامش آرا خاجادور في شؤون وشجون الحركة الشيوعية !
- الذئاب الرمادية والحصانة القضائية
- بلفور العراقي.. حامل لوعد أم حامل لبرهان
- الحرب العالمية الرابعة وتروست الادمغة
- بلاك ووتر والحصانة القانونية
- تنميط الاسلام!
- بيئة العنصرية وسؤال ما بعد 11سبتمبر
- ثقافة العولمة أم عولمة الثقافة؟!
- تركيا وجدل الهويات !!
- إرهاب أشرار وإرهاب أخيار
- خيارات الديمقراطية
- موريتانيا واستحقاق الذاكرة


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - المعرفة وحرث البحر