أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - حدود الصراع الروسي الجورجي وتجارب -الثورات الملونة- (1-2)















المزيد.....

حدود الصراع الروسي الجورجي وتجارب -الثورات الملونة- (1-2)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 2094 - 2007 / 11 / 9 - 06:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن حقائق ووقائع التاريخ الروسي الحديث والمعاصر ومجمل انكساراته وجبره في صيرورة الدولة لا يخلو من بواعث الروح الإمبراطوري. وهو تاريخ متراكم على امتداد أربعة قرون متتالية للدولة والأمة. وإذا كان انحلال الإمبراطورية الروسية (القيصرية) الأول عام 1917 سرعان ما جرى تلافيه عبر بناء الدولة السوفيتية، فان انحلالها الثاني عام 1991 لم يبق فيها لغير أشلاء روسيا ما قبل البطرسية، أي عندما كانت روسيا ضمن حدودها "المغلقة" بين الغرب والشرق. من هنا فاعلية "الثغرات" الضرورية في الوعي السياسي الروسي، التي افتتحها بطرس الأول قبل ثلاث قرون عبر الاستيلاء على البلطيق وفتح "نافذة على أوربا"، والاستحواذ على القوقاز وآسيا الوسطى من اجل الخروج الى الشرق. وهي عملية كانت تتراكم مكوناتها وبواعثها ونتائجها في مرحلة الصعود الإمبراطوري للأمم الأوربية وصراعها من اجل اقتسام العالم وممتلكات "الرجل المريض". من هنا يمكن فهم سر الإغراء الجديد للتوجه صوب الشرق بعد أن جرى إغلاق النافذة الأوربية بطريقة مستحكمة أمام روسيا. وهي عملية تاريخية أيضا. ومن ثم يمكن النظر الى ما يجري من صراع حول القوقاز باعتباره جزء من صيرورة الدولة والأمة غير المكتملة في "ممتلكات" الاتحاد السوفيتي السابق. فبالنسبة لروسيا هي جزء من محاولة رأب التصدع العنيف في حدودها الجغرافية السياسية وتماسكها الداخلي بأثر انهيار الدولة السوفيتية، بينما هو بالنسبة لجورجيا جزء من تكامل ما يمكن دعوته بالدولة القلقة.
فمما لا شك فيه، أن الروح الإمبراطوري كابوس يجثم على أجساد الموتى وذاكرة الأحياء. كما انه راية ترفرف أمام البصر والبصيرة. وهو الأمر الذي يجعل من أثره ونتائجه الخاصة بالنسبة لمصير الدولة والأمة أفعالا ملازمة في مراحل السقوط والصعود. فالروح الإمبراطوري هو معاناة من نوع خاص. وخصوصيته في العالم المعاصر لم تعد ملازمة للغزو والاحتلال، بقدر ما تقوم في تراكم الأبعاد الكونية في الدولة والأمة، أي في وحدة مصالحها الإستراتيجية العالمية. وليس مصادفة أن تطلق الولايات المتحدة على احتلالها للعراق عبارات "التحرير" و"الديمقراطية". وهو تناقض يعكس بقايا الخلل الفعلي بين نزوع إمبراطوري متأخر، ومستقبل لا يستقيم مع فكرة الاحتلال. من هنا لم يكن البديل عن خلل الدكتاتورية في العراق غير دكتاتورية الخلل فيه.
غير أن الأمر يختلف بالنسبة لروسيا. فالروح الإمبراطوري يحاصر ببقاياه المتكسرة وعيها السياسي الباطن وتأملها للمستقبل، لكنه لا يستطيع إعادة بناء نفسه بمعايير الدولة القيصرية أو السوفيتية. فقد قطعت روسيا من خلال تجربتين تاريخيتين كبيرتين (1917، 1991) الشوط الضروري للنضوج الذاتي، أي للتحرر من كابوس الأوهام الإمبراطورية عبر الرجوع الى وحدة الدولة والأمة بأبعادها الكونية الجديدة. وهي أبعاد مازالت جزء من الإمكانية والمستقبل. وإذا كانت جورجيا هي مربع الشطرنج القوقازي، الذي تجري عليه خوض اللعبة الصعبة لتوحيد المصالح القومية والكونية للدولة الروسية، فلأنها مكان اللعبة وليس طرف من أطرافها.
إن خطورة القوقاز تكمن في انه لوحة الشطرنج القديمة. ومع أن الألوان فيها لونين فقط بمربعات واضحة وجلية ومكونات معروفة الهوية لكن صعوبة اللعب عليها تقوم في انعدام الاتفاق على قاعدة. بعبارة أخرى، إن شطرنج بلا قاعدة، هي لعبة أقسى من حرب وأتعس من معركة بلا نهاية! وهو الأمر الذي يعطي لها قدرا من الشبه بالبلقان، لكنهما لا يتطابقان. فالبلقان يختزن أزيز وقلق العثمانية المتهرئة، بينما القوقاز يحمل بقايا القوة المتراكمة في الصعود التاريخي للقيصرية الروسية والدولة السوفيتية. ومن ثم فان صراعه الداخلي ليس بينيا كما كان الحال في البلقان، بل عالميا. لكنه يبقى محدودا بالقوة الكامنة في الدولة الروسية القادرة، حتى في اشد مراحل ضعفها في تسعينيات القرن الماضي وبداية القرن الحادي والعشرين، على إيقاف المد الأوربي والأمريكي في القوقاز.
فقد كان القوقاز على امتداد ثلاثة قرون متتالية جزء من قواعد اللعبة الجيوسياسية للدولة الروسية. وإن جورجيا لم تكن عقبة في يوم ما من الأيام أمام روسيا. بل أن جورجيا نفسها من الناحية الجغرافية السياسية بحدودها الحالية هي صناعة روسية وإعادة إنتاج سوفيتية. من هنا صعوبة تصديرها بوصفها سلعة أو بضاعة أمريكية! ومن ثم فان كل المحاولات التي قام بها الغرب الأوربي والأمريكي في مجرى العقدين الأخيرين من اجل انتزاع القوقاز من فلك التأثير الروسي لم تنتج شيئا غير إعادة بناء القوة الروسية. وذلك لان قضية الصراع الحالية حول القوقاز بشكل عام وجورجيا بشكل خاص بالنسبة لروسيا، هي جزء من معتركها الداخلي، أي جزء من صيرورتها الجديدة بوصفها وريثة "القيصرية" و"السوفيتية" ولكن بمعايير الدولة القومية والأمة الكبرى.
إن مضمون الصراع الحالي هو جزء من صيرورة الدولة القومية بالنسبة لروسيا وجورجيا على السواء، ولكن من خلال إمكانياتهما المختلفة، ومن ثم أدوارهما المتباينة. فإذا كانت جورجيا تريد التخلص من تاريخ الإرث الروسي، فان روسيا تريد إعادة بناء تأثيرها الإقليمي والعالمي بالشكل الذي يحفظ مصالحها القومية والدولتية. وهي حالة تنتج بالضرورة صراعا لا ينبغي البحث عنه في دهاليز المؤامرة والمصالح الضيقة. على العكس انه يتراكم بوصفه جزء من لعبة الصغار والكبار المحكومة بالتاريخ والمعاصرة.
إن حدود الصراع الروسي الجورجي محكوم بالصراع الملازم لصعود الدولة والقومية في ظل احتراب المصالح الإستراتيجية للقوى الكبرى. وبالتالي، فإن الأزمة الروسية الجورجية هي مجرد محك لصيرورة الدولة والقومية في ظل صراع المصالح الجيوسياسية للقوى الكبرى. فقد كان انحلال الاتحاد السوفيتي يحتوي بحد ذاته على آفاق درامية كبيرة. وهي الدراما التي جرى لعب فصولها المؤلمة على حلبة التكون الأولي للنخب السياسية. انهم الممثلون الأوائل على مسرح الغيب! فقد كان صعودهم على مسرح التاريخ السياسي يتسم بقدر كبير من العشوائية والراديكالية، في ظل تفسخ للقيم وانهيار اقتصادي وتمزق قومي واجتماعي وضعف شامل وقلاقل كبيرة. وهو الأمر الذي طبع صيرورة الدولة المستقلة الحديثة بطابع التجريب الخشن. وقد كان لجورجيا نصيبها الأتعس من بين دول القوقاز. فقد تميز تاريخها بنزوع راديكالي عنيف وانقلابات مستمرة توجت بصعود ساكاشفيلي من خلال "ثورة ملونة" (برتقالية). بعبارة أخرى أنها جزء من "تجارب" المرحلة التاريخية لتكامل النخب والدولة والأمة. وهي حالة يمكننا العثور عليها في تاريخ كل الدول والأمم قاطبة بلا استثناء).
إن مصادر التشنج السياسي الحالي للنخبة الجورجية الحاكمة و"معاركها" ضد الدولة الروسية تكمن في خميرة الراديكالية التي تتحكم بنسبها قوى خارجية ومصالح دولية كبرى. فقد كان صعود "نجم" ساكاشفيلي هو الوجه الآخر لسقوط جورجيا بمعايير الدولة والأمة. فقد حصدت جورجيا ساكاشفيلي كل ثمار الانهيار المادي والمعنوي لتجربة الاستقلال. من هنا حاجته الى دعم خارجي للتخلص من "التأثير الروسي". وليس مصادفة أن تعتبر القيادة السياسية لجورجيا أن خلافها مع روسيا وليس مع ابخازيا وآسيتيا. وهو اتهام إيديولوجي صرف. وذلك لان ما يجري في جورجيا من حيث الجوهر هو جزء من صيرورتها المعاصرة. وبالتالي لا يعني افتعال المعارك السياسية خارج حدودها سوى أسلوب تثبيت "حدود جغرافية" غير محكومة بقواعد ونظام الدولة المركزية.(يتبع...)



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية الزمن العرقي (الكردي) في العراق (2-2)
- نهاية الزمن العرقي (الكردي) في العراق (1-2)
- نهاية الزمن الطائفي في العراق
- تقسيم العراق – يقين الأقلية العرقية وأوهام الطائفية السياسية
- فلسفة الثقافة البديلة في العراق
- العراق ومرجعية الرجوع الى النفس
- (أشجان وأوزان الهوية العراقية) كتاب جديد لميثم الجنابي
- -الروافض- وفلسفة الرفض العراقية
- الحركة الصدرية - الغيب والمستقبل (6)
- الحركة المختارية والحركة الصدرية – الماضي والمستقبل 5
- عقيدة الثأر السياسي في العراق - من الحركة المختارية الى الحر ...
- عقيدة الثأر السياسي في العراق - من الحركة المختارية الى الحر ...
- عقيدة الثأر السياسي في العراق - من الحركة المختارية الى الحر ...
- عقيدة الثأر السياسي في العراقي - من الحركة المختارية الى الح ...
- مراقد الأئمة – مواقد الثأر الهمجي
- غجر الثقافة في العراق
- أهرامات الجسد العربي ودهاليز الروح العراقي
- المختار الثقفي - فروسية التوبة والثأر
- الحلم الأمريكي وديمقراطية العبيد
- صرخة الضمير المعّذب وحشرجة الإعلام المهّذب


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - حدود الصراع الروسي الجورجي وتجارب -الثورات الملونة- (1-2)