أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - أبي / هيلكا شوبرت















المزيد.....

أبي / هيلكا شوبرت


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2095 - 2007 / 11 / 10 - 07:19
المحور: الادب والفن
    


قصص مترجمة

في الخامس ديسمبر من كل عام، أفكر به. كان عليهم تذكيري مبكراً بهذا التاريخ. أمي، جدّتي، تقولان كل مرة: اليوم هو الخامس من ديسمبر.
لكن في السنوات الأخيرة صارت المناسبة تخطر تلقائيا بالبال ، وقبل أيام من ذلك بالتحديد.
أواخر ديسمبر، يبقى الشارع رطباً طيلة النهار، عندما يندى الصباح. طعام العشاء كالعادة تحت ضوء الشموع، الدفء عند دخول الشقة، المدفأة القاعدية ذات الأقدام في الحمام صباحاً. انه الشتاء. خارج المدينة لابدّ أن تكون أثلجت.
بداية ديسمبر. النهارات القصيرة. في هذا اليوم كان إذن في الثامنة والعشرين من عمره. ثمانية وعشرين عاماً وثلاثة أشهر ويوم واحد بالضبط.
كل شيء في هذا اليوم جرى بالنسبة لي بدقـّة الثواني. مثل فيلم رأيته أمامي ولكنني لم أره. لا أحد، ممن حدثني، رآه بعينيه. ومع ذلك أعتقد، أنهم يعرفون أفضل مني، و كنت أسألهم في كل مرة.
ها هو يقف إذن، في صف واحد مع رجال آخرين، النظارة بحمالتها الدائرية. رجل يتقدم ويأمره، أن يبحث عن ناس في عمق الغابة، أن يجد آثارهم، لتنظيف المنطقة منهم، مع جماعة آخرين.
ولكن هل صدرت له أوامر على الاطلاق؟ هو أراد أن يكون ضابطاً، قرأت هذا في رسائله. ألم يلتحق إذن برغبته؟ هل اعتراه خوف.
الأوامر، نعم، أسلحة الآخرين القاتلة، الأسر؟
على مقربة توجد مقبرة، ثمة يرقد زملاء. لقد حظوا بقبور، كل له قبره الخاص. الأرض رفعت نفسها نحو الأعلى قليلاً.
لقد ركض إذن، مع الآخرين على الجليد، على ذراع ميتة للفولغا، ببسطال جلدي، قيافة صيفية، وهدف واحد. مجموعة من ثلاثة جنود ، عدو واحد، على المرء حماية الوطن منهم، فكّر الرجال في الغابة، وألقوا بقنبلة يدوية. موجهة إليه. كان عليهم الادخار بالعتاد.
هل انتبه لها، بينما هو ينظر بخوف في اتجاه آخر؟ في غابة عصيّة الاختراق.
كيف يستطيع هناك العثور على بشر، في ثقوب الأرض، المنتشرة في الغابة، في كل مخبأ؟ كيف يمكنه هناك العثور على شخص واحد، في هذا البلد الغريب، في وطنهم....
ألقى بنفسه مباشرة في اتجاه القنبلة. وللحال سقط ميتاً. في الخامس من ديسمبر ألف وتسعمائة وواحد وأربعين. في هذا اليوم بدأ الهجوم الروسي المقابل.
ماذا أعرف منه؟.
لقد أنجبني في سلام. في وقت هتلر، ولكن سلام. يناير ألف وتسعمائة وأربعين ناقصاً تسعاً، أي أبريل ألف وتسعمائة وتسعة وثلاثين. يومذاك كان لا يزال سلام.
عندما علمت أمي، أنها حامل، لم تكن الحرب قد بدأت. كان ذلك أول يونيو، عندما تأكدت من الحمل. طفلها الأول. ووحيدها.
خمس سنوات كانوا مخطوبين سرّاً ، سنة واحدة بشكل رسمي، الآن تزوجوا وكانوا منذ ثمانية أسابيع رجل متزوجاً بشكل صحيح وامرأة متزوجة بشكل صحيح. لهم شقة في كرويسبيرغ في برلين. الستائر الثقيلة، طقم الجلوس الجلدي، السجادة الأصلية، المائدة الفضية، وطقم بورسيلان ماريا الأبيض. ووجهات النظر العصرية للزواج: الاثنان كانا يرغبان في العمل، الغداء عادة في المطعم.
ثمانية أسابيع من حياة زوجية مضبوطة، انتظار، ينتظرونك، أحاديث حول الأعمال اليومية، خطة شراء مصابيح.
في الرابع من سبتمبر عيد ميلاد أبي، السادس والعشرين. في هذا الوقت كان جندياً. من يناير 1940 إلى ديسمبر 1941، بضعة أيام إجازة في البيت.
أثناء التعميد صورته بجبينه نصف الأبيض، النصف الآخر يختفي تحت الخوذة الفولاذية.
في الخريف صورة بملابس أنيقة، أمي بثوب من حرير، في بارك مع الطيور، مع طفل صغير بالحضن. في الشتاء في القيافة العسكرية في الجليد مع الأم وطفل في عربة للأطفال، كذلك في البارك.
ثم هذه الصورة لطفله ذي العامين وزوجته، الاسنان بانت من خلال الضحك، وعيون جادة. هذه الصورة أعيدت للمرسل، مرفقة مع محتويات العلبة، هدية عيد الميلاد، قفازات الأيدي المحاكة، الجاكته مع الحمالات، خاتم الزواج مع خاتم الخنصر، حجر ثمين. هذه العلبة لم تصل إليه.
[من أجل وطن الآباء، في ميادين الشرف، في القتال ضد البولشوية وعلى أرضهم].
في البيت مباشرة يخلع ثيابه العسكرية. لا يقوى على ايذاء حشرة، ولكن في الحرب استلب روسياً عجوزاً بقرته الوحيدة. أوامر الحصول على اللحم. كتب هو.
كان كبيراً وعريض الكتفين، عندما كان طالباً كانت له نشاطات عديدة، مغنياً، وعداء مسافات متوسطة. ثمة صورة له في ..
لم يكن يحتمل الدخان – كان على أخيه خلع بدلته قرب الباب عند عودته من الرقص. نشأ نشأة صارمة. في الساعة السادسة مساء بالضبط يكون في البيت على مائدة العشاء، ولا يوجد طعام بعد هذا الوقت. منذ الصغر اعتاد الأطفال على النظام. عندما كان طفلاً صغيراً جلس، كما قالت أمه، ساعات بطولها أمام النافذة، عندما يكون ثمة ضيوف. طفل بهذه التربية الصارمة لم يكن قد وجد في شفيدت ذلك الوقت.
ولكن حتى في كرايفسفالد، بعد انتقال العائلة، كانت العائلة في موضع حسن. الأم تعطي دروساً منزلية لأبناء فلاحين أغنياء من القرى المجاورة، لايفاء متطلبات الطفل ذي العام الواحد. الأب عمل في مركز أبحاث علمية تابع للدولة، هذا ما مدرج على شاهدة قبره، مشرف مدرسة متوسطة. هو كذلك كان يعود الساعة الثانية عشرة في استراحة الغداء الى المنزل. عندما يدق الناقوس تصبّ جدتي حساء البطاطا في الصحون.
الأخ كان أصغر بعامين وتوفي بعده بعامين. أيضاً في الحرب. أمه رافقته سبعة وعشرين عاماً، لكن والده أربعة أعوام فقط.
لا أستطيع تذكر والدي. لكنني أعيش معه: أمثاله الحكمية، لغته الطفولية، صوره بعينيه القصيرة النظر، خدوده البارزة، بنطاله الواسع، الصفارة في يديه، حنانه، مزاحه، ثقافته الواسعة، جاذبيته، حركته المتزنة، أصدقاءه الأوائل، كبرياءه، تجعيدات شعره وهو في الثالثة، خاتم إصبعه المنقوش عليه بلوتو، الذي تمّ تضييقه ليناسب إصبعي.
لأنني كنت مثله، أملك حركته المتزنة، ثقافته الواسعة، كثرة انتقالاته، قدرته على الاعجاب، يديه الكبيرتين، جفونه المتثاقلة.
لم أكن فقط أبي تماماً، لقد كنت محبوباً كطفل مثله، من أمه وزوجته. ورغم هذا التشابه، لم تنظرا إليه بوعي على الاطلاق. ليس لك أنفه قطّ، فليكن لك قلبه، كانتا تنشدان مساء عند سريري.
لقد مرّ بتجارب كثيرة، وهناك الكثير للحديث عنه، كانت حياته مثل كتاب مفتوح الصفحات أمامي. كنت في العشرين. ماذا فعل هو في هذه السنّ؟.
1933 كان ذلك. لقد درس القانون. فتاة من أصول جيدة من مدينة صغيرة استغلته. لكنه لم يرغب، عندما يقف أحد إزاءه. لذلك لم يرد رئاسة جمعية الطلبة، التي عرضتها عليه. لم يسحب قدميه من منضدة الكتابة، هي أجابت من أنفها. والداي.
ثم كنت في الخامسة والعشرين. ماذا فعل هو في هذه السنّ؟. 1938 كان ذلك. وتوجد هنا ثلاث صور ملصقة، له، لأخيه ووالده، الثلاثة في زي عسكري. والداي كانا يحبان بعضهما. في هذه السنّ أنهيت زواجي الأول بالانفصال.
لقد عشت حياة موازية لحياته: 27، 28، الان 28 عاماً ، ثلاثة أشهر ويوم واحد: الثامن من أبريل 1968 . من الآن فصاعداً، فكرت، أن أنفصل عنه، أعيش حياتي الخاصة، لا أعيش في ظل شخص بالغ، شخص متوفى، أتذكره.
لقد أحصيت الأيام، ثم السنوات. عشرة سنوات تماماً. أحد عشر. أثنا عشر سنة.
له شبه كبير بي، يقول الناس من طرف أبني، سيما العيون.
مجدداً رأيته، قالت عمتي، والدة زوجي، وهنا لاحظت من أول وهلة، أي شبه له مع أبيك، الحركة، المشي، لكنه لم يره. كذلك وجوده، هذا الطابع العائلي، هذه الأريحية. نعم، كل شيء بلا شكّ، انه شبهه- نعم، انه جدّه.
أنا متأكدة تماماً، قالت ونظرها على أبني.

هيلكا شوبرت (1940 برلين)، 1963 ماجستير علم النفس، 1977 كاتبة متفرغة. عملت في مكتب للاستشارات العائلية والجنسية. ترجمت قصصها لأكثر من لغة. كتبت تمثيليات للاذاعة وسيناريوهات أفلام (: التهدئة) إضافة الى كتب للأطفال. هذه القصة من مجموعتها الصادر عن دار نشر لوخترلاند بعنوان [الحجرة المحظورة] / ص22.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توازن القطاعي في النظام المعرفي العراقي..!!
- صورة جانبية لأدورد سعيد
- من الشعر النمساوي المعاصر- كلاوديا بتتر
- أوهام الضربة الأميركية لايران
- النوستالجيا.. الطمأنينة والاستقرار
- الفرد والنظام الاجتماعي
- الاغتراب في ظل الإسلام
- من الشعر النمساوي المعاصر- بيرنهارد فيدر
- أحلام مكيسة
- Shadowsظلال
- محمد علي الباني رائد تحرر المرأة العربية
- نكايات
- الجنس والجسد والزواج
- في ذكرى الصديق الشاعر مؤيد سامي!
- لا تحبيني رجاء!..
- دبليو ه. أودن
- سنجار: مجازر جماعية وجرائم ضد الانسانية والبيئة
- اللبرالية والسلفية في بورصة السياسة
- الفرد في مصيدة الإمنترنت والهاتف الخلوي
- قصائد عن الألمانية


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع العبيدي - أبي / هيلكا شوبرت