ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2093 - 2007 / 11 / 8 - 11:40
المحور:
المجتمع المدني
ولدتنا أمهاتنا أنقياء كقطرة المطر الساقطة للتو من رحم السماء , ما أن تصطدم أجسادنا بالأرض حتى تتلوث بأقذر المفسدات الكبار وأتعس الشعارات العظام , ولا ندري في أي مجرى سنسير , وإلى أي ساقية سنصب , نسقط تراكمياً كما يسقط المطر الغزير , وحينما نحتك بالأرض نغدو كالسيل , لا يعرف أحد إلى أين نسير , لكننا في سيرنا هذا مسيرين ولسنا مخيرين .
كل واحد منا يتمنى في سريرته أن يعود به التاريخ إلى لحظة الولادة , لو أن أمه أسقطته على أرض تقلُّ فيها المفسدات وتكثر فيها الطيبات , عندما يشب تراه
يقول .. ليس بالإمكان أبدع مما كان , ولا بد مما ليس منه بد في أن يغطس بمستنقع الفساد وبحر الشعارات الطويل بتفعيلاته وتفاعلاته , وإلا كيف سنعيد ماضينا الغابر بدون شعارات , ما العيب في الشعارات ؟ الكل يرفع شعارات لا تمت للواقع بصلة , ألا يقض الإسرائيليون مضاجعنا بمجرد رفعهم لشعارهم الديني الأجوف والغير عصري .. حدود مملكتنا من الفرات إلى النيل .
لا عيب في الشعارات , لكن العيب أن يغدو واقعنا بعكس شعاراتنا , عندئذ تصطدم الشعارات بالواقع , ما يؤدي إلى خروج الواقع وأهله المغلوب على أمرهم من جلد الوطن , لنسال أنفسنا , لماذا الشعار الإسرائيلي الفضفاض عامل جذب ليهود العالم , بينما شعاراتنا عامل تهجير وترحيل للملايين ؟ لتبقى الشعارات لأصحابها ومخترعيها الأشاوس , يتصدون بها لأعتى قوى الأرض , ولا يدرون أي تأثير لشعاراتهم على مسامع خصومهم رغم ضخامة الآلة الدعائية .
ظروف هذا العصر تنسف ما أبدعه مفكرو العصور السالفة من نظريات علمية ومذاهب توحيدية لبني البشر , وتهدم المفهوم القومي لبعض الشعوب والأقوام , لأنه عصر الأيديولوجيات الأسيرة بامتياز , أسيرة النظرة والرأي والمصلحة الواحدة, ومعها تأسر الفرد وشعوره وأمله في دوامة غير متناهية من الشعارات , هذه الدوامة تتسع في عالمنا العربي , أكثر مما هي عليه في العالم الغربي , ربما بسبب إطلاقيتنا العمياء في فهم الحياة , ونسبية الغرب في ذلك .
في السابق كانت الأعراب أسيرة الأصنام , ظناً في الاستجابة لتلبية الرغبات وشحذ الهمم , ولأنها لا تستجيب أصلاً لدعواتهم وصرخاتهم , كانوا يعمدون إلى تحطيمها إذا كانت حجراً , ولأكلها إذا كانت تمراً .
شعاراتنا اليوم كالأصنام لا تستجيب لأمانينا ,ليتها كانت تمراً لأكلناها مع طلوع الفجر , أو حجراً لحطمناها مع اشتداد غضبنا , على يبدو أن مبتكريها استفادوا هذه المرة من تجارب أسلافهم المريرة مع الأصنام , لذلك جعلوها مطاطة غير قابلة للمضغ ولا للكسر , جعلوها لشيء واحد , ألا وهو العلك .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟