أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - التجاني بولعوالي - عن العولمة ومجتمع المعرفة وأزمة المجتمعات العربية















المزيد.....

عن العولمة ومجتمع المعرفة وأزمة المجتمعات العربية


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 2092 - 2007 / 11 / 7 - 11:25
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


من خلال كتاب عالم المستقبليات المغربي د.المهدي المنجرة (عولمة العولمة من أجل التنوع الحضاري)
الجزء 1

توطئة
ليس سهلا على القاريء أن يلم بما كتبه العالم المستقبلي د. المهدي المنجرة، وبما يطرحه من أفكار ووجهات نظر حول مختلف قضايا العالم، السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتربوية وغير ذلك، ومرد ذلك إلى سببين:
 أولهما أن د. المهدي المنجرة يملك نظرة شمولية إلى العالم والتاريخ والإنسان وغيرها من القضايا، حيث لا ينبغي للباحث أثناء تناوله الفصل بين قضية وأخرى، أو نصب الحواجز النظرية والإجرائية بين أبعاد الموضوع ومستوياته، باختصار، إنه يرفض الرؤية التجزيئية للأشياء والوجود والمجتمع، وإلا أودى الباحث بالترابط القائم بين مكونات الحياة، مما سوف يوقع رؤيته في الإسقاط والانتقاء والابتسار.
 أما السبب الثاني، فيتعلق بالمرجعية التي يبني عليها تفسيراته وتقديراته وتوقعاته، وهي كذلك مرجعية شمولية، تستثمر مختلف ما أنجزه الفكر العالمي؛ غربيه وشرقيه، قديمه وحديثه، مما يكسبها بعدا إنسانيا، قلما نعثر عليه عند غيره من المفكرين والمحللين والمستقبليين.
لذلك يتحتم على القاريء أن يتحلى ولو بجانب من المعرفة العامة، بشتى القضايا التي تشكل المادة الأولية لفكر المنجرة، تاريخية كانت أو واقعية، سياسية أو اقتصادية، ثقافية أو تكنولوجية، حتى يتسنى له استيعاب الرؤية الاستشرافية التي تكمن في كتابات وتحليلات المنجرة، وهي رؤية موحدة في العمق، لكنها على صعيد التناول متعددة الصيغ والزوايا والاتجاهات.
وقد تنوعت قراءتي لفكر د. المهدي المنجرة، لاسيما من خلال كتبه المشهورة: الحرب الحضارية الأولى، حوار التواصل، قيمة القيم، عولمة العولمة، ثم العديد من الحوارات والتصريحات الموزعة عبر مختلف المنابر الإعلامية الورقية والرقمية، لكنها كانت قراءة عادية ومرحلية وأحيانا سطحية، وكنت أتوخى دوما أن يأتي اليوم، الذي أتفرغ فيه ولو لجانب مما كتبه أستاذنا القدير د. المهدي المنجرة، فأقرأه بتأن وتمعن وتفحص.
وقد تأتى لي اليوم ذلك، فاخترت أن أتناول كتابه (عولمة العولمة من أجل التنوع الحضاري)، فهو رغم أنه صغير الحجم، فإنه عظيم الفائدة، وعميق الرؤية، وقد صدر عن منشورات الزمن في سبتمبر من عام 2000، ويتركب من مقدمة وخمسة محاور، موزعة على حوالي 110 صفحة من الحجم الصغير (كتاب الجيب)، أول تلك المحاور عبارة عن محاضرة بعنوان: تحرير العولمة، ألقاها المنجرة ضمن أعمال الملتقى الذي تشرف عليه جمعية الدراسات السياسية بالمملكة المتحدة، وذلك في 3 يونيو 1999 بشعبة الأنثروبولوجيا والتاريخ بجامعة هوكايدو باليابان، وما يليه من المحاور هي بمثابة حوارات أجرتها مع المنجرة مختلف المنابر الإعلامية المغربية والعربية، كالغد العربي ومجلة الآداب البيروتية وجريدة العلم ومجلة فكر ونقد.

1- العولمة من منظور مغاير
إن ما قد يستغربه القاريء هو ندرة ما كتبه د. المهدي المنجرة عن العولمة، رغم أن تحليلاته وتوقعاته وأنشطته الفكرية والعلمية تندرج في الفضاء نفسه، الذي أنتج ظاهرة العولمة، التي أضحت حديث الأقلام والنوادي ووسائط الإعلام، ترى كيف يمكن تفسير هذا الغياب أو التغييب؟ إن ذلك الاستغراب يزول بالتدريج من ذهن القاريء، بمجرد ما يطلع على موقف المنجرة المتردد من خوض موضوعة العولمة، فهو يقول: "لقد كنت مترددا في المشاركة في النقاشات حول "العولمة"، وما يزال تحفظي قائما إلى الآن. وكانت آخر الدعوات الموجهة إلي في هذا الإطار، وهي الدعوة التي رفضتها، قد وصلتني من المنتدى الاقتصادي الدولي، بخصوص الاجتماع بدافوس لسنة 1998"(1)، وقد أشارت الدعوة إلى أن المنجرة باعتباره من أولئك المتحدثين باسم العالم الثالث، فهو مدعو ليشاطره الآخرون وجهة نظره. ويبرر رفضه هذا، من خلال تساؤله الاستنكاري الذي يقول فيه: "لكن كيف يمكنكم القيام بتبادل لوجهات النظر مع أناس ذوي آراء قطعية ونهائية، أناس عقدوا العزم على استخدام كل الوسائل الممكنة لجعل أولئك الذين يفكرون بطريقة مغايرة يبدلون رأيهم؟"(2).
وما يلاحظ أن د. المهدي المنجرة يرفض فكر العولمة جملة وتفصيلا، لاسيما كما هو سائد ومستوعب في حاضر البشرية، ويدعم رفضه هذا بمجموعة من الأدلة العلمية والواقعية، التي يتقرر من خلالها أن العولمة لا تعدو أن تكون إلا أداة استعمارية جديدة، تتلبس بما هو اقتصادي أو إعلامي أو لغوي، ما دام أنها في واقع الأمر ما هي إلا عملية يتم بواسطتها، بمساعدة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، "تنظيم" نزع ملكية الشعوب بمباركة الزعامة المحلية التي لا يفوتها الاغتناء بالمناسبة.(3)
وعلى هذا النهج الرافض لظاهرة العولمة، والمتشائم من نتائجها وخلفياتها الوخيمة، يمضي د. المهدي المنجرة وهو يطعم رأيه بمختلف المواقف والوقائع والتفسيرات.

عولمة الفقر!
استنادا إلى جملة من المعطيات والإحصائيات العلمية والواقعية، التي يبدو فيها أن 17% فقط من سكان العالم هم المسيطرون على 80% من موارد الأرض، وأن الفارق بين الشمال والجنوب يتعمق أكثر، يرى المنجرة "أن ما تمت "عولمته" حاليا هو، بكل تأكيد، الفقر والظلم الاجتماعي والرشوة والاستلاب الثقافي، وهو أيضا التضييق على الحريات والحقوق المدنية. فما هو الحيز المتبقي للديموقراطية داخل مجال غير ملائم، مجال تم تشكيله ورعايته من لدن "القوة العظمى الوحيدة" وأتباعها؟ ذلك هو السؤال الحقيقي والشمولي الذي يحتاج إلى العولمة؟"(4).

العولمة توتاليتارية جديدة!
بعد قراءة المنجرة لأغلب أدبيات فكر العولمة، وتفحصه لمختلف تفسيرات المفكرين والمثقفين الغربيين بخصوص هذه الظاهرة، أمثال هانز مورغنتاو ومورغان كبلان وغونار ميردال وأورن ويونغ وغيرهم، يميط اللثام عن مدى قصورها المعرفي أو المنهجي، وعن أنها تنظر لعولمة مفصلة على مقاس السلطة، حيث "إن الحرية والتقدم العلمي، كما يعتقد، سيعانيان بشكل كبير، أثناء كل عملية مراقبة، مباشرة أو غير مباشرة، لسيرورة البحث عن الحقيقة. وفي الواقع، فإن هذه العملية هي أفضل وسيلة لتمهيد الطريق أمام الديكتاتورية والتوتاليتارية. "فالعولمة" تشكل بقدر كبير، توتاليتارية جديدة لا تعلن عن اسمها"(5) .

العولمة والعجرفة الثقافية
يعتقد د. المهدي المنجرة أن إعلان بوش الحرب على العراق، يحيل في نظره (أي بوش) على أن الخطر الأكبر على الأمة (الأمريكية) وأصدقائها وحلفائها المقربين، ليس من طبيعة سياسية واقتصادية واستراتيجية فحسب، وإنما هناك مخاطر كبيرة تتربص بنسق القيم الخاصة بتلك الأمة، وتفاديا لهذه المخاطر يتحتم عليه الإبقاء على مراقبة إنتاج وتسويق البترول(6) . مما سوف يجعل من العولمة بمثابة مجهر توضع الكرة الأرضية تحت عدساته، لمراقبة أي حركة أو تحول يهدد مصالح الرجل الأبيض، إلى درجة أصبحت فيها العولمة تعني "أن صواريخ طوما هاوك وأنواع أخرى من الصواريخ أصبحت مستعدة للتدخل من أجل دعم وبقاء نسق من القيم و"أسلوب في الحياة" بأي ثمن كان، باستقلال عن انعكاسات ذلك التدخل على الآخرين"(7) . هكذا يتأكد أن هدف العولمة هو الحفاظ على مصالح الأقوياء، ولو كان ذلك على حساب قيم الآخرين، مما ينجم عنه تصاعد نزعة ثقافية تسلطية، لا تعترف بالخصوصيات الجهوية والإقليمية، ثقافية كانت أو سياسية أو اجتماعية، التي تنفرد بها كل مجموعة بشرية على حدة، وهذا ما يطلق عليه د. المهدي المنجرة العجرفة الثقافية، حيث يرى أن العولمة تتغذى من العجرفة الثقافية التي تمتح أصلها من الجهل واللامبالاة تجاه أنساق قيم أخرى وتجاه حقها في الوجود.(8) وهذا ما دعاه إلى الاستشهاد بتصريح الوزير الأول الفرنسي الأسبق، ليونيل جوسبان، الذي فحواه؛ أن العولمة تحمل في أحشائها خطر التنميط الثقافي.(9)

العولمة "طائفة" جديدة
بعدما تطرق المنجرة إلى أزمة منظمة الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها، التي أصبحت مجرد آلية في يد الأقوياء، يحركونها حسب ما تشتهيه رغائبهم الذاتية، وينفذون بنودها الجافة والجوفاء وفق ما تقتضيه مطامحهم السياسية، يخلص إلى أنه "لم يعد بالإمكان إصلاح هذا النظام ولا إنقاذه، بل يجب أن يخضع إلى إعادة صهر كلية، تجعل منه ترياقا للعولمة"(10) ، لكن هذا لن يتحقق مطلقا في ظل المعطيات العالمية الراهنة، المحكومة بالنظرة السياسية والثقافية والاقتصادية والاستراتيجية الأحادية، التي هي نظرة الولايات المتحدة الأمريكية ومن يسبح في فلكها. مما يجعل العولمة بمثابة "طائفة" جديدة لها مذاهبها الخاصة وأنصارها وطقوسها ومتصوفتها ومستثمروها وكبرى الشركات المتعددة الجنسية، وحتى مواقعها المتزايدة على الويب.(11)

العولمة سبب العنف!
يرى د. المهدي المنجرة أن كل هذه الويلات التي يتخبط فيها العالم، من نزاعات وتطاحنات وحروب واضطهادات وأوبئة، لن تحل إلا بما يطلق عليه "السلم الكوني لا أقل ولا أكثر"(12)، لكن تفعيل هذا السلم يقتضي توفر الإرادة اللازمة لدى الأقوياء والضعفاء معا، ومادام ذلك لا يزال غائبا، فإن دار لقمان سوف تظل على حالها، فتزداد العجرفة الثقافية حدة، ويطغى لدى الأقوياء الاستئثار بقيمهم على حساب قيم الآخرين، مما يصعد من منسوب المواجهة والتطاحن، فـتكون العولمة "أحد الأسباب الأساسية في صعود العنف وتناسل النزعات التي نلاحظها على المستوى الكوني"، كما أنها تشكل "ذلك الحقل المناسب لمواجهات كونية أخرى، أكثر حدة وتهديدا لاستمرار الإنسانية على قيد الحياة".(13)

الهوامش:
1- عولمة العولمة من أجل التنوع الحضاري، د. المهدي المنجرة، منشورات الزمن، سبتمبر 2000، ص15
2- المرجع نفسه، ص15
3- المرجع نفسه، ص13
4- المرجع نفسه، ص14 و15
5- المرجع نفسه، ص19
6- المرجع نفسه، ص 27
7- المرجع نفسه، ص28
8- المرجع نفسه، ص28
9- المرجع نفسه، ص31
10- المرجع نفسه، ص32
11- المرجع نفسه، ص32
12- المرجع نفسه، ص33
13- المرجع نفسه، ص33



#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعليم عن بعد.. الإعلام عن بعد؛ رهان المستقبل الواعد
- إلى متى يستمر إقصاء الإسم الأمازيغي؟
- افتتاح جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام
- استراحة على الطريق بين باريس وأمستردام
- المسلمون في أوروبا.. بين الغرب الأيديولوجي والغرب الإنساني
- الهجرة المعاكسة؛ حلم العودة الذي يأتي ولا يأتي
- الريف في مواجهة الحرب الكيماوية الأولى
- ازدواجية الجنسية في هولندا بين الثابت القانوني والمتحول السي ...
- العجز أم التعاجز العربي؟!
- المسلمون في الغرب بين تناقضات الواقع وتحديات المستقبل
- غدا.. عودة السيف
- القضية الأمازيغية بين رد الاعتبار والتوظيف الأيديولوجي
- جبن الشجعان وشجاعة الجبناء
- نداء إلى كل مكونات المجتمع الأمازيغي حول إعداد قسم خاص باللغ ...
- الإصلاح السياسي لا يتأتى إلا بالوعي الديموقراطي
- استغلال الأمازيغية من حيث هو اعتراف بها
- حول المكسب العلمي الجديد/نموذج الجامعة الحرة بهولندا
- (2) من السماء إلى الأرض
- (1) من السماء إلى الأرض
- مدينة الفراغ


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - التجاني بولعوالي - عن العولمة ومجتمع المعرفة وأزمة المجتمعات العربية