أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم علوان - مشروع عبد الرحمن البزاز لحل القضية الكوردية... قراءة في بيان 29حزيران لعام 1966















المزيد.....

مشروع عبد الرحمن البزاز لحل القضية الكوردية... قراءة في بيان 29حزيران لعام 1966


قاسم علوان

الحوار المتمدن-العدد: 2093 - 2007 / 11 / 8 - 11:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما صدر بيان (29 حزيران) في عام 1966 عن حكومة الدكتور عبد الرحمن البزاز في ظل حكم نظام عبد الرحمن عارف.. لم يكن صدور ذلك البيان من طرف واحد، أي من جانب الحكومة فقط، بل كان حصيلة لقاءات ومفاوضات ثنائية طويلة، مباشرة وغير مباشرة مع القيادات الكوردية آنذاك وتحديدا مع قيادة الحزب الوطني الديمقراطي الكردستاني (البارتي) والملا مصطفى البرزاني بالذات باعتبارها القيادة المتنفذة في ذلك الوقت.. وقد دعا عبد الرحمن البزاز تلك القيادات الى الاسهام المباشر في التحضير لقانون الانتخابات المزمع إقراره، والمشاركة في وضع الدستور الدائم للبلاد، موضحا أن المجلس الذي سينتخب سيكون السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد، وسيمثل الكورد فيه نسبيا (أي بنسبة مئوية الى عدد السكان) و (سيتمتعون بحقوق متساوية مع كل أبناء العراق..)
كما أرسل البزاز وفدا مفاوضا من شخصيات كوردية معروفة الى الملا مصطفى البرزاني في كلالة وألتقى بهم حيث قال لهم بالحرف الواحد ( أنا لست انفصاليا.. بل أريد حقوقنا كاملة) وفي 21 من حزيران من العام نفسه صاغ البزاز وثيقة (البيان فيما بعد..) بناء على تلك الحوارات والمفاوضات، وكذلك بناءا على مجموعة من المطالب التي بعث بها الملا مصطفى البرزاني الى الحكومة العراقية عن طريق السيد حبيب محمد كريم، وهذا الأخير كان أحد طلبة عبد الرحمن البزاز في كلية الحقوق، وهو عضو في الحزب الديمقراطي الكوردستاني... كل تلك المعلومات ومعلومات تالية أخرى وتفاصبل أخرى مهمة أيضا وردت في رسالة دكتوراه كتبها محمد كريم مهدي المشهداني.. وكانت بعنوان (عبد الرحمن البزاز.. دوره الفكري والسياسي في العراق حتى 17 ـ 30 تموز 1968)
ومن ضمن ما تضمنته تلك الرسالة أيضا.. قبل أن يصدر ذلك البيان الشامل والمهم كمشروع لحل القضية الكوردية عن الحكومة العراقية التي يرأس وزرائها الدكتور عبد الرحمن البزاز ويشغل فيها منصب وزير الداخلية، ألتقى البزاز في الثاني والعشرين من الشهر نفسه أي قبل صدور البيان بأيام بكل من جلال الطالباني (رئيس الجمهورية الحالي) وحلمي علي شريف، وكان معروف عن هؤلاء بأنهما كانا من معارضي قيادة البرزاني حينذاك.. لكنهما أعربا عن تقديرهما لهذا المشروع وعلى أنه سيضع حد للاقتتال في شمال العراق، وسيمكن الشعب الكوردي من ممارسة حقوقه القومية على أساس اللامركزية.... وقبل التاسع والعشرين من حزيران أيضا أي في المؤتمر الصحفي الذي عقده البزاز في 23 حزيران دعا البزاز الأخوة الكورد الى المحافظة على وحدة البلاد ورفع مستوى جميع فئات الشعب.. (وأن جميع المطالب الكوردية ما عدا حق الأنفصال قد تتحقق في النهاية...)
وفي ظهر يوم الأربعاء الموافق 29 حزيران من ذلك العام.. ظهر رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز على شاشة التلفزيون العراقي مؤكدا رغبة حكومته في وضع حد للوضع غير الطبيعي في شمال الوطن.. (واستنادا الى الفقرة الرابعة من كتاب التكليف) في الحفاظ على وحدة التربة العراقية وتحقيق الوحدة الوطنية وتاكيدا للروابط الوطنية القائمة الوثيقة القائمة بين العرب والاكراد تعلن حكومته المنهاج الآتي (البيان..) وعن عزمها القاطع على الالتزام به وتطبيقه نصا وروحا بأسرع وقت مستطاع... وقد تضمن البيان أثنتي عشر مادة كانت جميعها شديدة الوضوح في لغتها ومضمونها وتنص على الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي القومية والثقافية التي تميزه عن مكونات الشعب الأخرى.. حيث تضمنت المادة الأولى بندا صريحا في أن (الوطن العراقي الوحد يضم قوميتين رئيسيتين، العربية والكوردية، وسيتساوى العرب والاكراد في الحقوق والوجبات...) هذا من دون أن تشير تلك المادة.. أو تحتوي بأي شكل من الأشكال حتى غير مباشر مثلما حدث في (بيان 11 آذار) مثلا فيما بعد من احتوائه على تعابير سياسية غامضة أثارت استياء القيادة الكوردية وتحفظها من ذلك البيان حين صدوره.. أو الى أن (الأكراد جزء من الأمة العربية...) أو مثلما شابه تلك التعابير القومية الشوفينية الصريحة جدا والتي تضمنها (ميثاق العمل الوطني) الذي أصدرته سلطة البعث فيما بعد (بيان 11آذار) بوقت قصير حيث كان من المفترض أن ينظم ذلك الميثاق العلاقة بين القوى السياسية الفاعلة حينذاك، والتي كانت قد باشرت مسبقا بمفاوضات (سرية طويلة..) للدخول في التحالف السياسي الذي ما سمي فيما بعد (الجبهة الوطنية..)
أما المادة الثانية من مشروع حكومة البزاز فقد نص على (أن الحكومة مستعدة لإعطاء هذه الحقيقة السلمية ووجودها الحقيقي في قانون المحافظات الذي سيعلن على أساس اللامركزية....!!! وسيكون لكل قضاء وناحية شخصية مشاركة يعترف بها ولكل وحدة إدارية مجلسها المنتخب...!!) أية رؤية سياسية متقدمة يتمتع بها هذا الرجل في ذلك الوقت من تاريخ العراق الذي سماه العض مظلما...؟
وكذلك تضمنت مواد البيان الأخرى بنودا وتعليمات من مثل فرض تعليم اللغة الكوردية في جميع المدن العراقية، وكذلك أعتزام الحكومة اجراء انتخابات برلمانية ضمن المهلة التي حددها الدستور المؤقت والبيان الوزاري، وسيمثل الكورد ضمن المجلس المقبل بالنسبة الى عدد السكان.. وسيتم أشغال الوظائف العامة بحسب مبدأ الكفائة، وسيخصص للمواطنيين الأكراد عدد من المنح والبعثات الدراسية في الخارج.. الموظفون الحكوميون في المحافظات والأقضية والنواحي الكوردية سيكونون من الأكراد ولا تعطى هذه الوظائف لغيرهم.. كما نصت المادة الثامنة مثلا على أن (تقتضي الحياة البرلمانية بإنشاء منظمات سياسية... وسيكو الصحافة الحق في الأعراب عن رغبات الشعب...)
أما المواد التي تلت ذلك فهي عن تنظيم الحياة العامة في المدن والقصبات الكوردية بعد وقف اعمال العنف والقتال المتبادل، وعلى أن تسلم الأسلحة الى الوحدات العسكرية التي سيلتحق بها أولئك المسلحون أو الى الجهات الحكومية.. ويتحدث البيان أيضا عن صدور قرارات عفو عن الأشخاص الذين شاركوا في تلك الأعمال، وعن عودة الموظفين منهم الى دوائرهم.. وعن عودة النازحين والفارين الى محلات سكناهم، وعن تخصيص مبالغ لإعادة الأعمار في شمال العراق وفتح فروع للجامعة هناك.. (على حد تعبير البيان...)
بعد إعلان البيان أرسل الملا مصطفى البرزاني برقية الى رئيس الجمهورية حينذاك عبد الرحمن عارف والى حكومة البزاز أعرب فيها عن تأيده للبيان ووصفه بأنه تعبير صادق عن الرغبة في رعاية أبناء الشعب عموما من عرب وأكراد ولتحقيق ما تصبو أليه البلاد من سلم ورخاء وازدهار ووحدة وطية... وهذا بعكس الموقف تماما الذي استقبلت به القيادات القومية الكوردية (بيان 11 آذار) عام 1971 الذي اتسمم بالتردد والتحفظ الذي أثار بالمقابل حفيظة (القيادة السياسية للحزب والثورة..) حينذاك، حين صاحبت أعلان ذلك البيان بـ (ضجة جماهيرية صاخبة) تنسجم وطبيعة سياساتها وقراراتها (الجماهيرية..) في تلك الأيام.. وهنا لابد أن نشير أيضا الى نقاط الخلاف الأخرى بين الطرفين (العربي والكوردي) فيما يخص (بيان 11 آذار) مثلا طالبت القيادة الكوردية بحل (مجلس قيادة الثورة) كسلطة تشريعية وانتخاب برلمان عراقي ليحل محلها، وهذا ما رفضته (قيادة البعث..) بشكل قاطع.. بينما كانت أول فقرة في مشروع البزاز (مجلس تشريعي منتخب ليكون السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد...)
أما السياسي المخضرم وزير الخارجية العراقي آنذاك عدنان الباججي فقد وصف البيان بأنه (يعبر عن إرادة الشعب العراقي بعربه واكراده.. وأنه يعبر عن منهاج وليس عن اتفاق ثنائي بين الحكومة والقيادات الكوردية.. إذ أن الحكومة قد باشرت التنفيذ...) وعلى الصعيد العربي والدولي تلقت الحكوة العراقية عددا من برقيات التأييد والتشجيع على هذه الخطوة منها مثلا برقية من العقيد هواري بومدين رئيس مجلس الثورة الجزائرية، وكذلك اعلان تأييد من الرئيس عبد الناصر ومن مجلس السوفييت الأعلى في الاتحاد السوفياتي السابق..
أما على صعيد الحركات والاحزاب السياسية العراقية.. فلمفارقة.. رحب (حزب البعث...) بحرارة بمشروع حكومة البزاز واعتبره خطوة على الطريق الصحيح... وكذلك رحب به السيد كامل الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل) آنذاك.. أما موقف الحزب الشيوعي العراقي من ذلك البيان.. باعتبار هذا الحزب من المهتمين بحل القضية الكردية بشكل خاص والمسألة الديمقراطية في العراق بشكل عام.. فقد أورد السيد المشهداني صاحب رسالة الدكتوراه المشار أليها آنفا تعليقا بمضمون سلبي الى حد ما وملتبس مع الموقف النظري المعروف.. من مسألة (حق تقرير المصير..) التي وردت في الأدبيات اللينينية.. وكان ذلك التعليق منسوبا للحزب الشيوعي العراقي ومنقولا عن وثائق (حزب البعث...) عن (تاريخ الحركة الشيوعية في العراق) في تلك الفترة..لكن الجزء المهم فقد أورده كان على لسان عزيز الحاج في مذكراته (مع الأيام، صفحات من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق 1958 ـ 1969) بـ (أنه ـ أي البيان ـ مائع ومراوغ، تضمن بعض المواد المطاطة وإجراءات ثانوية هزيلة.. وهو قاصر وناقص وخالي من الضمانات الملزمة...!!!) أما موقف الحزب أو منظماته الأخرى فلم يشر أليها كاتب رسالة الدكتوراه، ربما لعدم وقوع أية وثيقة أو مصدر محدد حول هذا الموضوع.. لكن المؤرخ حنا بطاطو في موسوعته الشهيرة (العراق، الكتاب الثالث) فيشير الى بيان شديد اللهجة للحزب كان قد صدر قبل ذلك التاريخ بكثير (مطلع ت1 1965) يدين فيه الحزب بشدة نظام عبد الرحمن عارف وحكومة البزاز باعتبارها (عميلة للأنكليز والاحتكارات النفطية...!!) (ص 359) أما بعد ذلك وتحديدا من البيان المذكور فلم يصدر عن الحزب أي بيان أو موقف من تلك الخطوة السياسية المهمة في تاريخ العراق.



#قاسم_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على خلفية اطلاق سراح الممرضات البلغاريات... حقيقة الوضع الصح ...
- محاولة لتحديد معنى المصطلح النص السينمائي او السيناريو
- سنكنس التعذيب ولن نعذب الجلادين...*
- لماذا يعلن العقيد القذافي الحداد على صدام حسين..1
- أنا انتخبني شعبي
- ... محاكم التفتيش (الخاصة) في زمن (السيد الرئيس) بمناسبة محا ...
- زيارة الى إيران (5) أصفهان حديقة العالم ومدينة التنوع
- العاصمة الثقافية لإيران... أصفهان
- زيارة الى إيران (3) الى الشمال من طهران..
- زيارة الى إيران (2) طهران مدينة مفتوحة
- زيارة الى إيران.... (1) قبل الوصول الى طهران وميدان إنقلاب.. ...
- هل يصدق القاضي رءوف محمد رشيد كذبة برزان...؟
- قصة هذه الرواية
- التهجير الطائفي القسري...
- كيف تصرف مبلغ 200 مليون دينار عراقي في ثلاثة أيام بدون معلم. ...
- عندما أشتعلت الشرارة صبيحة ذلك اليوم الربيعي الجميل
- عاشت فلسطين حرة عربية
- بانتظار الحكومة المقبلة
- فاعلية الاستحقاق الانتخابي والضرورات الأخرى
- الشعر الشعبي العراقي... سيرة


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قاسم علوان - مشروع عبد الرحمن البزاز لحل القضية الكوردية... قراءة في بيان 29حزيران لعام 1966