أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - مشيخة الأزهر والموروث الكهنوتي















المزيد.....

مشيخة الأزهر والموروث الكهنوتي


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2090 - 2007 / 11 / 5 - 10:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما كانت البشرية في بداية طفولتها واخترع الإنسان البدائي الأديان، جعل لآلهته معابد يشرف عليها رجال ونساء من حكماء القبيلة صار اسمهم فيما يعد "الكهنة" أو "الكهان". وكان لابد لهؤلاء الكهنة من مصدر رزق، فجعلوا لمعابدهم "حرماً" من الأرض يزرعون فيه ويربون فيه الحيوانات التي تُقدم قرباناً للآلهة فيأكل لحمها الكهنة. وكان الكاهن هو المالك الحقيقي لذلك الحرم ولكن باسم الإله. وبالتدريج أصبح الكاهن هو الذي يتنبأ بالغيب ويعالج الأمراض ويتحصل على ما يجود به زبائنه من هدايا. وبطبيعة الحال فقد حرص الكهنة على أن يكون علمهم سراً بينهم لا تطلع عليه العامة ويرثه الابن عن الأب.
ثم اخترع الإنسان الكتابة في مابين النهرين وفي مصر وغيرها، وكان أول من تعلم الكتابة هم الكهنة. وحرض أؤلئك الكهنة على أن تنحصر الكتابة فيهم دون العامة. وعندما بدأ الملوك بفرض الضرائب على الناس كان لا بد من استعمال الكهنة في القصور الملكية لكتابة كمية الضرائب المتحصلة والمتبقي منها في القصور بعد المنصرفات. وكان لابد للملك من أن يعطي الكاهن، الذي أصبح على معرفة تامة بكمية ضرائب الملك، راتباً يمنعه من سرقة مال الضرائب. وبذا أصبحت طبقة الكهنة من أغنى الطبقات في المجتمعات القديمة، واجتهدوا في أن يكون العلم الدنيوي والإلهي محصوراً فيهم دون غيرهم.
وحتى بعد أن ظهرت الأديان التوحيدية استمر الكهنة في حصر المعرفة وجمع الضرئب في طبقتهم. فمثلاً في اليهودية كان الكهنة من قبيلة لاوي مختصين بجمع الضرائب والزكاة وحفظ المعابد والكتب المقدسة (1وَقَال الرَّبُّ لِهَارُونَ: «أَنْتَ وَبَنُوكَ وَبَيْتُ أَبِيكَ مَعَكَ تَحْمِلُونَ ذَنْبَ المَقْدِسِ. وَأَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ تَحْمِلُونَ ذَنْبَ كَهَنُوتِكُمْ. 2 وَأَيْضاً إِخْوَتَكَ سِبْطَ لاوِي سِبْطُ أَبِيكَ قَرِّبْهُمْ مَعَكَ فَيَقْتَرِنُوا بِكَ وَيُوازِرُوكَ وَأَنْتَ وَبَنُوكَ قُدَّامَ خَيْمَةِ الشَّهَادَةِ 3 فَيَحْفَظُونَ حِرَاسَتَكَ وَحِرَاسَةَ الخَيْمَةِ كُلِّهَا. وَلكِنْ إِلى أَمْتِعَةِ القُدْسِ وَإِلى المَذْبَحِ لا يَقْتَرِبُونَ لِئَلا يَمُوتُوا هُمْ وَأَنْتُمْ جَمِيعاً. 4 يَقْتَرِنُونَ بِكَ وَيَحْفَظُونَ حِرَاسَةَ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ مَعَ كُلِّ خِدْمَةِ الخَيْمَةِ. وَالأَجْنَبِيُّ لا يَقْتَرِبْ إِليْكُمْ. 5 بَل تَحْفَظُونَ أَنْتُمْ حِرَاسَةَ القُدْسِ وَحِرَاسَةَ المَذْبَحِ لِكَيْ لا يَكُونَ أَيْضاً سَخَطٌ عَلى بَنِي إِسْرَائِيل. 6 هَئَنَذَا قَدْ أَخَذْتُ إِخْوَتَكُمُ اللاوِيِّينَ مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيل عَطِيَّةً لكُمْ مُعْطَيْنَ لِلرَّبِّ لِيَخْدِمُوا خِدْمَةَ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ. 7 وَأَمَّا أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ فَتَحْفَظُونَ كَهَنُوتَكُمْ مَعَ مَا لِلمَذْبَحِ وَمَا هُوَ دَاخِل الحِجَابِ وَتَخْدِمُونَ خِدْمَةً. عَطِيَّةً أَعْطَيْتُ كَهَنُوتَكُمْ. وَالأَجْنَبِيُّ الذِي يَقْتَرِبُ يُقْتَلُ». 8 وَقَال الرَّبُّ لِهَارُونَ: «وَهَئَنَذَا قَدْ أَعْطَيْتُكَ حِرَاسَةَ رَفَائِعِي. مَعَ جَمِيعِ أَقْدَاسِ بَنِي إِسْرَائِيل لكَ أَعْطَيْتُهَا حَقَّ المَسْحَةِ وَلِبَنِيكَ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً) (سفر العدد، الإصحاح 18). وكانت كذلك طبقة المعلمين Rabbis منهم. وكان عامة الشعب يجهلون كل شيء عن الدين والمعابد مما اتاح لكهنة قبيلة لاوي الفرصة لكي يصبحوا الحكام الفعليين للشعب.
وعندما جاءت المسيحية، ورغم نفور المسيح من جامعي الضرائب الرومانيين، بالتدريج أصبحت الكنيسة الكاثوليكية في أوربا في القرون الوسطى هي التي تجمع الضرائب وتعيّن الملوك وتقرر لهم القوانين الإلهية التي يحكمون الشعوب بها. وكالعادة سيطر قساوسة الكنيسة على التعليم الكنسي ومنعوا عامة الناس من فهم أي شيء يتعلق بالدين، وأصروا على أن تستمر الصلاة في الكنيسة باللغة الرومانية القديمة التي لم تكن شعوب أوربا ملمة بها. وكلما زاد جهل الناس كلما استغلتهم الكنيسة لفترة أطول. ولذلك كان كل من يتحدث عن ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغات الأوربية المختلفة التي يتحدثها الناس، تتهمه الكنيسة بالبدعة وبالكفر ويحكمون عليه بالإعدام. وهذا ما حدث لرجل إنكليزي كان يدعى وليام تاينديل William Tyndale في العام 1536 عندمت ترجم الإنجيل إلى الإنكليزية فطاردته الكنيسة، فهرب إلى بلجيكا وظن أنه في مأمن منهم. ولكن شرطة الملك هنري الثامن تتبعته وعثرت عليه واعتقلته وسجنوه في قلعة بالقرب من مدينة أنتويرب البلجيكية لحين محاكمته. وقدمته الكنيسة للمحاكمة بتهمة البدعة وحكموا عليه بالإعدام. ويوم تنفيذ الحكم شنقوه في ميدان عام ثم أحرقوا جثته (Sam Harris, The End of Faith, Free Press 2006, p 82). وكل هذا لأنه ترجم الإنجيل إلى الإنكليزية. وعندما ترجم مارتن لوثر الإنجيل إلى اللغة الألمانية طاردته الكنيسة الكاثوليكية وحرضت عليه الملك الذي كاد أن يقتله لولا جمهرة العامة الذين التفوا حول لوثر لحمايته ليلاً ونهاراً. ولم تجد الكنيسة بداً من طرده من المذهب الكاثوليكي مما دفعه إلى تكوين الكنيسة البروتستانتية. بعد هذه التجربة قال مارتن لوثر: الفكر أي العقل هو العدو اللدود للعقيدة لأنه في أغلب الأحيان يصطف مع المنطق ضد الكهنوت السماوي (Richard Dawkins: The God Delusion, p 190)
وظلت أوربا طوال القرون الوسطي تتخبط في جهل كامل عمّ كل الناس حتى الأطباء والعلماء، وكان ذلك بفعل الكنيسة التي صادرت وحرقت العلماء كل ما من شأنه تنوير الناس. وكمثال على ذلك الجهل الشامل نذكر ما حدث في فرنسا في القرن الرابع عشر عندما انتشر داء الطاعون Plague في باريس. فقد طلب الملك فيليب السادس من أساتذة كلية الطب شرح أسباب وعلاج ذلك الداء المخيف. فكانت وصفتهم للعلاج هي: الإكثار من الشوربة المضاف إليها الفلفل المطحون والقرنفل. ويجب تفادي اللحوم والدجاج والشحوم وزيت الزيتون الذي قد يؤدي إلى الهلاك. وقالوا إن الاغتسال بالماء من أخطر الأشياء، أما الحقنة الشرجية فقد تفيد، وعلى الرجال الالتزام بالعفة (لاحظ أنهم لم يقولوا المرأة، لأن الرجل هو الذي يغرر بالمرأة).
وبما أن الكنيسة كانت قد أخبرت الملك أن ذلك الداء هو عقاب الله للمذنبين، أصدر الملك أمراً يحرّم بموجبه على الناس التلفظ بكلمات فيها قدح بالذات الإلهية أو الكنيسة، وقرر الملك أن عقاب من تصدر منه مثل هذه الكلمات هو قطع شفته السفلى للجرم الأول، ثم الشفة العليا إذا تكرر الجرم، ثم اللسان في المرة الثالثة. أما مجلس المدينة فقد منع لبس الملابس السوداء، واجتماع أكثر من شخصين لتشييع من مات. وإرضاءً للإله فقد منع المجلس العمل أيام السبت و منع لعب القمار وطلب من الرجال والنساء الذين كانوا يعاشرون بعضهم دون زواج أن يتزوجوا في الحال. ومع كل هذا الإرضاء للإله فقد قتل الطاعون في باريس خمسة وعشرين ألف شخص (O.Friedrich, The End of the World: A History, New York 1982, p 122) (نقلاً عن المصدر السابق).
هذا هو الموروث الكنسي الكهنوتي في أوربا – جهل ووصايا على عقول الناس واستغلالهم مادياً باسم الإله. وفي الشرق الأوسط فقد فعل كهنة الإسلام نفس هذه الأشياء رغم أن الإسلام ينكر وجود الكهنوت بين رجاله. ولكن منذ ظهور الإسلام ظهرت جماعة من رجال الدين سموا أنفسهم "طبقة القراء" واحتكروا قراءة وشرح القرآن للعامة. ثم ظهرت طبقة المفسرين الذين بذلوا جهداً عظيماً لمنع غيرهم من محاولة تفسير القرآن ووضعوا شروطاً تعجيزية لذلك. وحتى تكتمل طبقة كهنوت الإسلام ظهر لنا في القرن الثالث والرابع أهل الحديث الذين كونوا "نقابة" الثقاة الذين لا يصح الحديث بدونهم. وبعد أن احتكروا القرآن والحديث والفقه، حرض الكهنوت الإسلامي الخلفاء على كل من تسول له نفسه أن يحاول إعمال العقل في الدين، وأصبحوا وعاظاً للسلاطين والخلفاء، يفتون لهم بما يضمن لهم استمرارية الحكم مقابل أن يقتل السلاطين والخلفاء كل من يحاول تعليم العامة إعمال عقولهم في الدين. ولأن أغلب كهنوت الإسلام كانوا رجالاً فاسدين وفعلوا ما نهوا العامة عنه، خدروا عقول العامة بمقولات مثل "اتبعوا أقوال العلماء ولا تتبعوا أفعالهم". وأصبحوا كالشعراء يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم، وكالشعراء كذلك عاملهم الخلفاء والسلاطين فأغدقوا عليهم الأموال. والنتيجة الحتمية كانت انتشار الجهل في العالم الإسلامي واستغلال العامة اقتصادياً واحتكار كراسي الحكم للخلفاء بالتوريث لأن الخروج على الإمام خروج على الله ورسوله.
ولم يتغير الكثير في احتكار الشيوخ للمعرفة الدينية حتى في القرن الحادي والعشرين، فقد قام موظف أفغانستاني يُدعى محمد قوس زلماي بترجمة القرآن إلى اللغة الدارية حتى يفهم معانيه الشعب الأفغاني الناطق باللغة الدارية، فثارت ثائرة رجال الدين وقال( صبغة الله مجددي رئيس مجلس الشيوخ «ثمة مؤامرات منذ اعوام لإثارة انقسامات بين المسلمين. وهذه الترجمة والتشويه للقرآن من جانب محمد قوس زلماي هي محاولة جديدة». وأوضح زلمي عضو مجلس الشيوخ ان «لجنة دينية شكلت أمس لدرس هذه الترجمة على ان تقدم تقريرا الى البرلمان في اجتماعه المقبل» وفي الجمعية الوطنية، طالب القائدان السابقان للمجاهدين برهان الدين رباني وعبد الرب رسول سياف ونواب آخرون بإحالة قوس زلماي الى القضاء) (الشرق الأوسط 4 نوفمبر 2007). وربما يحكمون عليه بالإعدام رمياً بالرصاص ثم يحرقون جثته.
وورث الجامع الأزهر في القاهرة، بعد أن انتزعه صلاح الدين الأيوبي من الشيعة وسلّم مقاليده للفقهاء الشافعيين، كل هذا الإرث الكهنوتي الإسلامي. وكنتيجة لهذا الإرث استطاع صلاح الدين الأيوبي أن يستصدر فتوى من الفقيه عبد الملك بن درباس، كبير القضاة، بتحريم الصلاة في الجامع الأزهر، حتى يُحرّم دخوله على الشيعة. ومن وقتها استمر الجامع الأزهر في تلبية طلبات الحاكم ونشر الجهل بمصادرة كل ما من شأنه تنوير الناس. وعندما انهارت الخلافة العثمانية لم يستح الجامع الأزهر من ترشيح الملك فؤاد ليكون خليفة المسلمين.
واستمر الجامع الأزهر في نشرالجهل والكهنوت وأحاط أعضاءه بهالات من الألقاب والتخصصات الوهمية مثل "مجمع البحوث الإسلامية" الذي أصبحت مهمته الأساسية مصادرة الفكر والكتب والأفلام والمجلات، لأن مجال البحث في الدين مغلق منذ القرن الثاني عشر، وآخر بحث قدمه الشيخ الدكتور عزت عطية، أستاذ قسم الحديث، عن رضاعة الكبير في القرن الحادي والعشرين، قد أدى إلى تأديبه وفصله عن العمل. ولولا العناية الإلهية لزجوا به في غياهب السجن، كما سجن عزيز مصر يوسف بن يعقوب. وأي بحوث يمكن أن يقوم بها شيوخ الأزهر بعد ألف وأربعمائة عام من اللت والعجن والتمحيص في ثوابت الأمة؟ فالثوابت لا تتزعزع ولا تتحرك بالبحث. وهل نثق في بحوثهم وهم لم يفلحوا حتى الآن في طباعة مصاحف خالية من الأخطاء؟ ففي هذا العام وحده وزع الأزهر مصاحف مغلوطة في فلسطين وفي دارفور. ولكن يجب أن ننصف مجمع البحوث ولا نبخسه حقه، إذ يقول لنا القرآن "ولا تبخسوا الناس أشياءهم" فقد ورد بجريدة الأسبوع في العدد الصادر بتاريخ 20 جمادى الأول 1426 هـ - 27 يونيو 2005 م صفحة 16 - بقلم منى مدكور الآتي .. (هل نجح الأمريكيون بالفعل في أن يضحكوا على 2 مليار مسلم وعربي وجعلوهم يشربون طوال السنين مشروباتهم الغازية المصنعة من أمعاء الخنزير ؟؟
سؤال يطرح نفسه بقوة ويحتاج إلى إجابة
حيث أن مجمع البحوث الإسلامية أرسل عينات من المياه الغازية ( البيبسي – والكوكاكولا ) لتحليل مادة البيبسين الأساسية في تركيبها لمعرفة تركيب تلك المياه الغازية. المرة الأولى التي أثير فيها هذا الموضوع كان في الخمسينات حين تبنى زعيم حزب مصر الفتاة ( أحمد حسين ) الفتوى التي صرح بها الشيخ ( سيد قطب ) حول تحريم البيبسي والكوكاكولا لأن مادة البيبسين تستخرج من أمعاء الخنزير). وفوق كل ذي علمٍ عليم.
ورغم كثافة الإرث الكهنوتي، فقد ظهر من وقت لآخر نجم لامع في سماء الأزهر الملبد بالغيوم، غير أن وعاظ السلاطين استطاعوا القضاء عليهم، مثل ما قضوا على الشيخ علي عبد الرازق. وظلت النزعة العامة لهذه المؤسسة الصخمة هي التدهور العلمي والتشبث بالألقاب والوظائف والانصياع لرغبات الحاكم. فبعد أن كان اختيار شيخ الجامع الأزهر يتم بالانتخاب بين أعضائه، أصبح التعيين من رئيس الجمهورية هو الوسيلة الوحيدة إلى الوصول لهذا المنصب المهم. وأصبح رئيس الجمهورية هو صاحب نعمة شيخ الجامع الأزهر. ولم يكن غريباً أن يصدر شيخ الجامع الأزهر، الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي فتوى تؤيد انتخاب السيد حسني مبارك رئيساً للجمهورية لفترة أخرى، ولكن الغريب أن يعارض السيد طنطاوي اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب، كما نُقل عنه (وأوضح أنه يؤيد أن يكون شيخ الأزهر بالتعيين، لأن الانتخابات تؤدي إلي الفرقة والضغائن) (صحيفة إيلاف الإلكترونية يوم 26 أكتوبر 2007). فمن الواضح أن شيخ الأزهر لا يثق في زملائه أن ينتخبوه للمنصب بالأحقية العلمية ويفضل أن يتم تعينه من رئيس الجمهورية حتى يستطيع أن يبرر لنفسه كل التصريحات والفتاوى التي أصدرها تأييداً للأخير. وإذا كانت الانتخابات تؤدي إلى الضغائن، فهل يتكرم شيخ الأزهر ويشرح لنا معنى الآية (وأمرهم شورى بينهم)؟ أليست هذه هي الشورى التي يقول لنا الإسلاميون أنها تعادل الانتخابات الديمقراطية في الدول الغربية، وهي السبب في ادعائهم أن الإسلام قد سبق الغرب في إرساء قواعد الديمقراطية؟
وحتى يرد شيخ الأزهر الجميل للسيد رئيس الجمهورية الذي عينه رئيساً، قال الدكتور محمد سيد طنطاوي، (إن توريث الحكم في مصر، إذا جاء عن طريق انتخابات حرة نزيهة «فلا مانع»، لأن هذا حق الابن الدستوري، وليست فيه مخالفة للشرع، مشيراً إلي أنه يرفض أن يكون التوريث بشكل مباشر من الأب لابنه) (نفس المصدر). وما أحكمه من تحفظ من شيخ الأزهر!
ورغم أن شيخ الأزهر (قد اعترف بانتشار الفساد في مصر وفي بعض الدول العربية، وأن هناك بعض الحكام يسيئون استخدام السلطة ضد شعوبهم) (نفس المصدر) فقد أصدر فتوى في حضرة رئيس الجمهورية يبيح فيها جلد الصحافيين الذين يكشفون هذا الفساد (إيلاف 17 أمتوبر 2007). ومع أن شيخ الأزهر قد اعترف بفساد الحكام وتفشي الفساد في البلاد العربية، لم نسمعه يوماً يقول كلمة حق في وجه سلطان جائر. ولا تفسد الأمة إذا كان سلطانها غير فاسد. أليست كلمة الحق في وجه سلطانٍ جائر هي أحسن أنواع الجهاد؟ ولكن المهم أن شيخ الأزهر قد طمأن المواطنين المصريين بأن ذمته المالية سليمة ولم يصل الفساد المستشري إلى ساحته (نفي شيخ الأزهر امتلاكه ٣ قصور في التجمع الخامس شرق مدينة القاهرة، وقال إن هذا محض افتراء، وأن ذمته المالية سليمة) (إيلاف 26 أكتوبر 2007). والحمد لله على ذلك!!!
ولم ينفرد السيد شيخ الجامع الأزهر بكل الإرث الكهنوتي، فقد ترك منه لبقية أعضاء المشيخة وزعيهمهم الشيخ يوسف البدري، الذي أصدر بياناً يدين فيه الشاعر المصري حلمي سالم بعد نشر قصيدته "شرفة ليلى مراد" وكان الشيخ يوسف البدري قد قام يرفع دعوى ضد الشاعر قبل ثلاثة أشهر طعن فيها على قرار المجلس الأعلى للثقافة، منح الشاعر جائزة الدولة للتفوق في الأدب، وطالب بسحبها منه، كما طالب بمحاكمة الشاعر على قصيدته التي وصفها البدري بأنها تضمنت إلحادا وشركا بالله. وكان البيان قد دعا الشاعر حلمي سالم إلى «التوبة والرجوع عما كتب والتبرؤ منه على الملأ، والندم الشديد عليه وكثرة الاستغفار والتذلل بين يدي الله تعالى، وطلب المغفرة، سائلين الله ان يقبل توبته ويرحمه (جمال القصاص ومروة مجدي، الشرق الأوسط 29 أكتوبر 2007). وقد نسي الموقعون على البيان أن يطلبوا من الشاعر كذلك "الإكثار من البكاء". ونال خظه من الإرث كذلك الشيخ عبد الصبور شاهين الذي كان قد رفع قضية "حسبة" ضد الاستاذ نصر حامد أبوزيد طالب فيها بتطليق زوجته منه لأنه قد ارتد عن الدين الحنيف.
كل هذا يثبت أن مشيخة الأزهر قد عضوا على إرثهم بالنواجذ وسوف يحفظونه لأجيال المستقبل حتى إذا داهمهم داء الطاعون يستطيع فقهاء الأزهر أن ينصحوا السيد رئيس الجمهورية ومجلس بلدية القاهرة بأفضل الوسائل لإرضاء الرب حتى يصرف عنهم البلاء. فهل يُعقل في المستقبل القريب أن تتخلى مشيخة الأزهر عن هذا الإرث العظيم وتسمح بفصل الدين عن الدولة حتى نحاول اللحاق بأروبا التي تخلت عن ذلك الإرث الكهنوتي العظيم؟



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فهمي هويدى ودروس في الكراهية
- هل كان محمد مرسلاً لجميع البشر؟
- الجنة وما أدراك ما الجنة
- من لا يشك ليس إنساناً
- المال هو قلب الإسلام الحقيقي
- ماهو الوحي، ولمن يوحي الإله؟
- رمضان والتخبط في التشريع
- حوار الأديان وحوار الطرشان
- حرب الفتاوى تكشف زئبقية الإسلام
- التعذيب في الإسلام
- نزهة مع الصحابة
- لولا كلمةٌ سبقت
- الإسلام أكبر نكبة أصابت العرب
- رجال الدين يفسدون الدولة
- ما أبشعه من إله يذبح الأطفال
- أطباء خانوا مهنتهم
- البغض في الله
- عندما نقتال العقل من أجل النقل
- بلطجية الأزهر ورضاع الكبير
- فتاوى تحض على الجهل


المزيد.....




- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - مشيخة الأزهر والموروث الكهنوتي