أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - قصص ألمانية سوريالية / (2)















المزيد.....

قصص ألمانية سوريالية / (2)


عدنان الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2088 - 2007 / 11 / 3 - 07:49
المحور: الادب والفن
    



السيدة [ فراو ] روزنباخ 2

نعم ، من هو والد ( هلموت ) ... الولد الأول للسيدة روزنباخ ؟
أعود لتأريخ هذه السيدة قبل أن أجيب عن هذا السؤال .
حدثتني فقالت : كانت سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية ثقالاً عجافاً عانى منها مَن تبقى على قيد الحياة معاناة متعددة قاسية حيث شحة الماء الصالح للشرب وقلة الطعام والكهرباء وندرة الأعمال فأُضطرت مع الكثيرات والكثيرين من الألمان الشباب للعمل في بلدان أخرى وخاصة في بريطانيا وأمريكا وحيثما توفرت فُرص ٌ للعمل . كانت محظوظة إذ وجدت عملاً في فرنسا كحاضنة أطفال في بيت جنرال بريطاني مقيم وعائلته في قاعدة عسكرية هناك . كانت مسرورة في عملها الجديد الذي وفرَّ لها سكناً وطعاماً ً ومدخولاً جيداً . غير أن الحياة والصدف والأقدار ، أقدار الناس ، تتدخل أحياناً بأشكال وطرائق غريبة فتنقلب أمور الناس وتتغير أحوالهم من الأفضل إلى الأسوأ . تأتيهم العجائب من زوايا وثقوب لا يتوقعونها . تداهمهم من جهات يحسبونها مغلقة وإذا بها تنفتح فجأة على جحيم وما هو أسوأ من الجحيم . غادرت زوج الجنرال وطفلاها القاعدة العسكرية في فرنسا لتمضية بعض الوقت لدى ذويها في بريطانيا . ما أن غابت الزوج حتى شرع الجنرال بمراودة مربية طفليه عن نفسها بإلحاح متزايد . معه حق ... كانت شقراء طويلة القامة جميلة الوجه تتكلم الإنكليزية بلهجة ألمانية بطلاقة . جنرال بريطاني أو إنكليزي متزوج يراود في بيته شابة ألمانية في السادسة عشر من العمر . عانت من صراع مرير حتى فقدت القدرة على النوم ليلاً . إلى كم ستظل تقاوم ؟ هل تخون السيدة الإنكليزية زوج الجنرال التي كانت في غاية اللطف والإنسانية معها ؟ مَن الخائن الأول ، هي أم الزوج الجنرال ؟ كيف إذا واصلت الرفض والتعفف ، هل سيطردها من العمل فتضطر للعودة إلى وطنها المدمّر حيث المجاعة والبطالة والخراب ؟ كانت مع نفسها في صراع مرير حتى كان يوم : هددها بصلف وعنجهية وغرور الضابط المنتصر على وطنها ألمانيا بأن لا سبيلَ أمامها إلا التجاوب معه والإنصياع لرغباته الواضحة . قال لها سأقهرك كما قهرنا وطنك . سأذلك كما أذللنا بلدك . سأطردك من خدمة بيتي لتعودي إلى بلدك ولا تجدين أمامك من فُرصة للعمل إلا كعاهرة شوارع وبارات أو متسولة في أفضل حالاتك !! عاهرة ؟ يا للهول !! عاهرة وأمها تحمل لقب ( فون ) ؟ عاهرة وكان أبوها مهندساً مرموقاً في الجيش الألماني برتية عقيد طيار ؟ أذلها الجنرال الإنكليزي بكلامه ... بكت كثيراً ثم إستسلمت للوحش ... خان زوجه وخان شرفه العسكري إذ إغتصب فتاة دون الثامنة عشرة هي في حكم أسيرة حرب .
عادت زوج الجنرال إلى بيتها وزوجها فوجدت الحال غير الحال . غدت الفتاة الألمانية ميالة للصمت والعزلة ... شاحبة الوجه ... لا تبتسم ولا تضحك . تضاءلت رغبتها في مداعبة الطفلين ... لم تتناول من الطعام إلا الأقل من القليل . ماذا جرى لك يا صبية ؟ سألتها زوج الضابط . كيف ستجيب وما ستقول للسيدة التي كانت معها في غاية الطيبة والكرم ؟ قالت إنها وعكة طارئة ستزول سريعاً . كانت الصبية الألمانية تراقب بطنها لحظةً لحظة . كانت تشعر أنَّ في أحشائها شيئاً ما غير طبيعي . بعد مرور شهر أيقنت الصبية أنها حامل !! فضيحة !! ماذا ستقول للسيدة ربة البيت الإنكليزية ؟ خنتك مع زوجك في غيابك ؟ لا ، لن تقول ذلك . لن تقوله وأعدت نفسها الأبية لتقبل وتحمل كل ما تأتي به لها الحياة . أخبرت سيدتها أن أمراً طارئاً حدث لأبويها في ألمانيا يستوجب حضورها الفوري ، وعليه قررت أن تنهي عقد عملها معهم . حاولت زوج الضابط أن تعرف حقيقة الأمر وأسباب هذا التحول الطارئ ثم حاولت أن تثنيها عن عزمها بإغرائها فإقترحت أن تضاعف مرتبها الشهري ... لكنَّ الفتاة كانت قد عقدت العزم النهائي وقررت العودة إلى بلدها وذويها وهذا ما كان .
كيف ستواجه والديها والحمل في أحشائها ؟ لم تكشف السر إلا لوالدتها فنصحتها الأم أن تغادر البيت وأن تسعى هنا وهناك لإيجاد عمل مناسب يضمن لها الإستقلال وتجنب غضب الوالد الذي لا يعرف حدوده أحدٌ . نجحت في إيجاد عمل يكفيها لإستئجار غرفة صغيرة مع عائلة ألمانية . جاء طفلها الأول بعد عدة شهور وفي موعده الدقيق . مَن أبوه . سألوها في المستشفى ؟ قالت فليحمل إسم عائلتي " روزنباخ " .
تطورت أمور وأحوال هذه المرأة الشجاعة التي غدت أما لطفل غير شرعي . تنقّلت من عمل إلى آخر أفضل ودخلت معاهد تأهيل وإعادة التأهيل حتى نجحت في الحصول على وظيفة مرموقة : سكرتيرة في بعض المعاهد العلمية التابعة لإحدى الجامعات . لا تكف الحياة عن لعبها وعبثها بمصائر البشر . تقدم لهم السم مدسوساً مع العسل . مال لها طالب أجنبي شاب من طلبة المعهد بمثل سنها . هام بها غراماً وكل ما فيها كان مغرياً يجذب الرجال . شقراء طويلة وسكرتيرة مختصة بالشؤون العلمية . ثم كان فيها ميل طبيعي لمساعدة الناس طلاباً وغير طلاب ولا سيما الغرباء والأجانب . لعلهم يذكرونها بمآسي الحرب التي عانت منها أشد معاناة . الغريبُ ضعيف ٌ كالمريض ، تقول ، يحتاج إلى أم وأب وعطف ورعاية . أضعفها شعورها الإنساني هذا فلانت تدريجاً وإستجابت لنداءات الطالب الأجنبي الذي بالغَ في التعبير عن حبه لها وإستعداده للتفاني من أجلها حد َّ التفريط بوطنه وحكومته التي بعثته للدراسة في ألمانيا . أكمل دراسته في المعهد بتفوق فنجح في الحصول على وظيفة في شركة
( سيمنز ) الشهيرة . ما الذي يمنع السيدة روزنباخ من قبول عرض هذا الشاب للزواج منها ؟ صارحته أن لديها طفلاً من رجل آخر دون ذكر التفاصيل وحقيقة منشأ هذا الطفل وملابسات مجيئه إلى الدنيا . قال لها : سأعتبره ولدي الآول !! تم َّ الزواج وسارت الأمور على أفضل ما يرام . عاشا في شقة واسعة وأثثاها بأفخر الأثاث وصارت تستقبل أقارب زوجها بإنتظام يزورونه قادمين من بلده البعيد . تقدم لهم أفضل الطعام خاصة وقد أتقنت طرق تجهيز الأطعمة الشرقية . صار الزوج ،عن طريق أقاربه هؤلاء ، يختلط ببعض تجار السيارات الأجانب في مدينته فأغروه على مزاولة أمرين : مشاركتهم تجارة شراء وبيع السيارات وتصديرها إلى بلدان الشرق الأوسط ، ثم الإتجار بالمخدرات !! تزايدت مداخيل الزوج يوماً إثرَ يوم . حملت السيدة منه فجاءهما ولد أسمياه ( مانفرد ) . مع مجئ هذا الطفل دارت الدنيا دورة أخرى كاملة . بدأت أمور الزوج ، والد مانفرد ، تتدهور يوماً بعد يوم . بدأ يتنقل من عمل إلى عمل آخر . أدمن الكحول والمخدرات . يأخذ إجازات طويلة ويترك ألمانيا دون أن يخبر زوجه إلى أين ذاهب . تلبدت الغيوم فوق رأس العائلة . لم يعد الأمر محتملاً فرفعت السيدة روزنباخ أمام المحاكم دعوى بالطلاق من زوجها . كسبت الدعوة وتم الطلاق . أهمل بعد الطلاق حتى ولده مانفرد إهمالاً تاماً. يا للفظاعة !! حتى بعد الطلاق ، تحملت هذه السيدة الصابرة المكافحة تبعات حادث مرور شنيع . إنقلبت سيارة مطلقها وقتلت راجلاً ماراً في الطريق . إما عقوبة سجن طويلة الأمد أو تعويض ذوي القتيل . نقبّت الشرطة وفتشت فإكتشفت أنَّ له مطلقة ألمانية وولداً صغيراً . سألتها الشرطة وعرضت أمامها هذين الخيارين فواجهت طبيعتها الإنسانية مرةً أخرى ... طبيعة المسيح المضحّي . لها منه ولد سيرثه وما يملك من عقار في بلده البعيد . تحملت عقوبة التعويض وباشرت دفع الأقساط الشهرية الثقيلة بإنتظام . إنقطع عنها وعن ولده فترة طويلة فحسبته قد عاد إلى وطنه حتى كان يوم !! فاجأها إذ كانت في المطبخ تعد طعام العشاء لطفليها ... كان شديد السكر ... أخرج من جيب سترته مسدساً وصوبه نحوها . قالت له : أرجوك ! لا تفعلها ! لي منك طفل يحمل إسمك وسماتك وخصائص أهلك. أرجوك ! لا تتركه يتيماً وحيداً في الحياة . ما كادت تتم جملتها الأخيرة حتى أطلق النار على رأسه ليسقط على الأرض قتيلاً مخضباً بالدماء . جُن جنون الطفل مانفرد وكان شاهد هذا الحادث لحظةً فلحظة . شرع بالصراخ والعويل وظل فترة طويلة يصرخ ليلاً ونهاراً بدون سبب واضح. يصرخ في المدرسة وفي ساعات الحصص المدرسية وفي الشوارع وفي المخازن العامة ... يصرخ صرخات هيستيرية تثير تساؤل الناس وعجبهم . حققت الشرطة مع السيدة روزنباخ ثم أخلوا سبيلها إذ وجدوا في جيب القتيل قصاصة ورق كتب فيها أن زوجه السابقة بريئة ولا علاقة لها بقراره في أن يصفي نفسه ويترك الحياة التي فشل فيها فشلاً ذريعاً موظفاً وزوجاً وأباً . جاء الأعمام وأخذوا معهم الطفل اليتيم بحجة تصفية أملاك والده وتقرير حصته من هذه الأملاك . هناك أغروه ، وكان ما زال طفلاً ، وخدعوه فوقع تعهداً بالتنازل عن حقه مما ترك والده من عقارات ومال وممتلكات .



#عدنان_الظاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص ألمانية سوريالية (1)
- المتنبي والأرمن / شكر للسيدة سهيلة بورزق
- من تأريخ الحلة النقابي والسياسي / الجزء الثاني
- من تأريخ الحلة النقابي والسياسي / الجزء الأول
- المتنبي وفاتحة والطبيبة أسماء
- رسايل تلفونية بين المتنبي وحنان عمّان
- المتنبي يزور الخيمة سراً
- المتنبي والمتصوف هرون بن عبد العزيز الأوراجي
- المتنبي وحنان
- المتنبي وإبن بطوطة ( مداخلة إشتراكية رمزية ) / إلى مليكة الح ...
- المتنبي والصورة / إلى حنان في عمّان
- المتنبي يروي قصة لجوئه
- المتنبي متوعك الصحة
- في ضيافة المتنبي
- المتنبي وفوزي كريم
- مع المتنبي في مقهى
- لقاء مفاجئ مع المتنبئ / وأد الجنس البشري
- المتنبي والمِعرّي وفايروس الشيطان
- المتنبي على فضائية كوكب المريخ
- المتنبي : إنفجارات في ألمانيا وكوارث في العراق


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الظاهر - قصص ألمانية سوريالية / (2)