أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الزهرة زكي - نصوص















المزيد.....

نصوص


عبد الزهرة زكي

الحوار المتمدن-العدد: 2088 - 2007 / 11 / 3 - 07:44
المحور: الادب والفن
    


شريط صامت
نصوص عن السيارات والرصاص والدم


- عبد الزهرة زكي


أسرع من الصوت


قبل أن يجيب
ينخله الرصاص.
يصعدُ القاتل
يهدر المحرك
وتدور العجلات.
بينما تنطبق الشفتان
على جوابٍ يهمّ أن ينطلق.


من حلمٍ منسيٍّ


يشعل سيجارةً أخرى،
لكن عبثاً.. يحاول استذكارَ حلمٍ منسي.
في الظلام
تبحث الأصابعُ عن المنفضة
بينما العينُ على المرآة.
تنسلّ من الحلم، وتتقدم في المرآة
خمسةُ أشباح.
خمس بنادق
ورصاص
وظلامٌ أحمر يطبق على حلمٍ
لم يستذكره بعد.


الأغنية والتراب


من خلف العجلات يرتفعُ التراب.
لم يسمع الأغنيةَ من قبل.
يرتفعُ صوت المذياع.
ويعلو التراب.
ويتبدّى شبحٌ خلفَ التراب.
يثقب الرصاص الزجاجَ،
فتنفر الأغنيةُ سوداءَ،
وتضيع في التراب


مطر ثقيل


ترمي الماسحةُ مطراً ثقيلاً.
الزجاجةُ الأماميةُ سوداء.
وعلى المرآة.. شبحُ سيارةٍ خاطفة.
يلعلع صوتُ الرصاص ممتزجاً بالرعد.
ويخفت هديرُ المحرك.
الزجاجةُ الأماميةُ حمراء،
وترمي الماسحة عنها المطر الثقيل.


هدف


المسدس في الحقيبة.
وفي المنعطف سيارةٌ تنتظر.
يفتح الحقيبةَ قبل أن تستديرَ البنادقُ إليه.
تمتلئ الحقيبةُ بالدم.


انتظار


انتظريني،
قال لها..
سأجيء.
يفتح السائقُ باب السيارة
يرمي الجثة.
لقد سبقتْها الرصاصةُ إليه.


برصاصة قناص


يده على المقود
ويشمُّ رائحةَ الدمِ على جبينه.
الدم على عينيه
على خدّيه
على قميصه
على فخذيه.
يمتلئ المقعدُ بالدم.
تمتلئ السيارةُ..
فيما يده تتشبّث بالمقود.


لا أحد.. يرد


بين القدمين المضرّجتين بالدم،
أسفلَ المقعد،
لم ينتبه عمال الإنقاذ لهاتفٍ يرن.
سيارةُ الإسعافِ تنطلق بالجسد القتيل.
ويرتفع الدخانُ بعيداً.
ويمرّ السائقون، ناظرين وجلاً،
إلى الحطام.
ووسط الدم
أسفل المقعد
الهاتفُ يرنّ


بعبوة ناسفة


في الجزرة الوسطية..
بين العشب اليابس
الخاتم أحمر في أصبعٍ مقطوعة.
جُمِعت الأشلاء.
ورُفعَ حطامُ السيارات المحترقة.
وجُرفت قطع الزجاج.
ونظَّف الرصيف من الدم والسخام.
وأسفل عليقةٍ ميتةٍ،
في الجزرةِ الوسطية،
بين العشب الميت،
الدم يجفّ على خاتمٍ في أصبع مقطوعة.


سيطرة وهمية


الشارع مغلق
انعطف بسيارته في الزقاق.
على حديد البنادق
تمتزج ملامحهم بضوء الشمس.
لم يعثر على ما يقوله.
ضوء الشمس على هدير البنادق
وعلى عينيه المفتوحتين على وسعهما
تتسمّر ملامُحهم.


شريط صامت


استدار القاتل سريعاً
عكس السير.
يدور الشريطُ صامتاً في المسجل.
وتمرّ السيارات بصمتٍ.
فيمرّ، بصمت، منصرفاً
عن عابرين يتفادون النظر إليه.
المسدس بارد بين فخذيه.
وعلى ضباب المرآة شبحُ يتلاشى
لقتيل مرميٍّ وحيداً على الرصيف.


فرصةٌ للحياة


لن يلحق بالسيارة التي أمامه.
السيارة التي في الخلف لن تلحق به.
والثالثة التي اجتازته لم تنفجر.
ثمة متسعٌ للحياة






نصوص .. وتوطئة .. حين يصبح الموت شعرا


قاسم محمد عباس

نصوص " السيارات والرصاص والدم " قصائد جديدة للشاعر عبد الزهرة زكي اهتمت بعالم شعري عن ضحايا الأحقاد، نصوص قدر لها أن تخرج من غمرة الفاجعة العراقية المعاصرة.. فنصوص " شريط صامت" العنوان الذي غطى كل النصوص ليست بحاجة لتقدمة، أو لجدل شعري
.. بعدما هيمن على هذه النصوص الموت المتقدم على الطبيعة والأشياء وتفاصيل حياة أذهلت الشاعر، ليؤرخ لنا نصاً بقي طي الصمت طيلة السنوات الماضية، نصا سكت عن تحمل مسؤوليته الكثير من الشعراء وهم ما بين منذهل أو منسحق أو مفجوع،فقد لجأ الشاعر إلى التدوين للتخلص من عبء موت يومي لم يكن له أي وجود في اللغة، حيث اهتم الشاعر بالتطابق بين موتين احدهما في الواقع وهو الاصل وآخر اوجدته النصوص،

وهكذا جاءت هذه النصوص كي تساعد على ان نستل أنفسنا، بل ذواتنا، من مقتبسات هذا الموت الذي جاء مرة مفاجئا، ومرة منتظراً، عبر هذه النصوص تحققت غاية شعرية كبرى تبنت القول الشعري كصرخة في وجه ما لم يكتب عن المحو، المحو الذي يتجلى في الصور التي عرضتها النصوص، وهو محو تتعرض له الروح العراقية.. كإجابات شعرية على اسئلة الموت اليومي الذي خبرناه وعرفنا صوره حيث جاءت قصائد "السيارات والرصاص والدم" تحت عنوان رئيس اتخذ شكل الحياة سواء كانت شريطا صامتاً، ام موتا معلن التفاصيل في ذاكرتنا الجماعية..
ان الجهد الشعري هنا حاول وبأداء مركز ان يقترب من بلاغة الموت مقصيا كل جهد لغوي يمكن للشعر ان يتركه لدى القارئ.. لكنه جهد شعري لم يوقف رؤية الشاعر وهو يستكمل مشروعا كان دائماً صدى للفاجعة في أعمال شعرية سابقة، لنتذكر " هذا خبز " قصيدة الشاعر التي عدّت اسطورة الحصار، وقصائد " الملائكة على شرفات مستشفى الاطفال".. نقول لم يوقف هذا الجهد الشعري الشاعر عن الايمان بفكرة منح الحياة قيمة مضاعفة بوصفها اصلا وحقيقة، أي ان تحضر الحياة لحظة بلحظة حين الموت حتى وهي خارج أجساد الضحايا،بهذه القدرة على الاصرار للوقوف عند جرأة انسانية تواجه الرصاص بإجابات مقتولة،كان الرد الشعري على مأساتنا كذوات نتعرض للاغتيال والموت كل يوم، فواجه الشاعر الاسئلة الغائبة في النص الحاضرة في الواقع بصور ولحظات شعرية جاءت كجواب على ما لم يقله الضحايا، فقال الشاعر بدلا منهم...
لن يكون الموت واقع الحال سوى حادث عارض يخرب ترتيب الاشياء والاحلام والمواعيد ويمزق الحس الانساني في تفاصيله اليومية.. لقد أدرك الشاعر قدرة تفاصيل هذا الموت ووقائعه على تدوين رمزية وواقعية انتظار الموت، بل تبنى تدوينها على شكل نصوص شعرية احتاجت للاعلان عن مسؤولية انجازها ونشرها، فدعتنا كذوات، وبضمننا ذات الشاعر، لملامسة شهادة حياتنا، الحياة تواجه موتا غامضا، يحضر كاختراق عنيف لحياة الشاعر قبل الاخرين.. فوثقت صرختنا شعريا لتعادل مقولة " ثمة متسع للحياة " اليس لهذه الكلمة التي جاءت في آخر النصوص نوع من الخلاصة النذرية عندما استبصر الشاعر تفاصيل لحظة الموت وحضر مع كل الضحايا، كمن يخرج من ضغط إنساني هائل وهو يمر بالضحايا كل حسب موته، ينشغل بما يحيط بهم من ظروف الهلع الانساني، ينشغل بمعادل موضوع دون ان ينشغل بفكرة الموت ذاته، فالموت هنا مختلف، هو عنوان ونتيجة، كم يتعب الشاعر ان يجد موت ضحاياه عابرا سريعا، فأوقف الزمن، بل استنطق كل شيء لفداحة الفكرة وعمق جرحها، لم يرض بالموت نتيجة، فمر على كل موت بهلع مفاجئ اهتمت به النصوص، لتقدم طقسا شعريا مؤثثا بدقة ووضوح رؤيوي لدم هو النتيجة، او هو الدلالة على ان كل تلك التفاصيل استحضرها الموت، الموت الذي تحكم برؤية الشاعر، فتخلى عن كل بلاغة وتفلسف امام صدمة الموت وغموضه، الموت اليومي على النحو الذي يجري في الشارع والقصيدة، فالشاعر بوصفه راويا وهو يدون موتاً معلناً صريحاً، فكانت الحاجة لنص مركز يحررنا من خوفنا من فكرة الموت بهذا الشكل، وليس من الموت الحقيقي، بخاصة ونحن نتوقع موتنا، فجاءت النصوص باستيعاب شعري نرى من خلاله أهوال النهايات ببساطة ودقة، بل خلق الشاعر كتابة كانت خائفة معزولة طيلة السنوات الماضية، فالجهد والعذاب الانسانيان في هذه النصوص يتحركان حول نقطة ما نخاف من تدوينه شعريا، حيث يصاغ المشهد الشعري بالقرب من الاسلحة وعيون القتلة وتشهد عليه النوافذ والمرايا والاشجار وعابرو السبيل، نصوص كانت غائبة منذ لحظة بدء الذبح في العراق.
ليس من اليسير تقبل هذا الموت المسكون بالحياة وهو يتحرك على نحو صور حادة مؤلمة مخيفة تترك ثقل الرعب والدم ممزوجا بنبض الحياة والانتظار والامل، لنرى انفسنا في مواجهة موتنا الذي نخاف منه.
ليس من اليسير ان نرى ونتابع الحوار الذي اقترحه الشاعر مع الاشياء كمعادل موضوعي عن الموت، حوار ما بين ما يحيط بالموت، والموت نفسه، فقد اشرك الشاعر في هذا الحوار المقترح كل من شهد وحضر، ففي بعض النصوص دلالات هذا الاشتراك، حيث تشارك الاشياء الضحية موتها فالمرآة والتلفون والرصيف وماسحة الزجاج والمسدس والحقيبة عالم يؤثث وبشكل غريب للحظة النهاية.
ليست هذه النصوص ميلا لسمو الموت، بل تقدم الموت كانفجار يدمر الجسد المنكود وهو في قلب الجمال الحياتي، وهو يلتقي، أي الموت، بالموضوع الشعري، فتجيء قصائد متفردة تدمر الموت وتفضحه، الموت الذي يحدث هنا، وليس أي موت آخر، انها نصوص الموت المعاصرة، تذكرنا ابدا بالفرق الجوهري بين ان نقوم ثانية من حطام الدم والزجاج وبين موت آخر قد يكون شبيها بعبور شارع في الصباح نحو طرف آخر. ان النظرة الشعرية تنأى عن الانشغال بشيء سوى ذاكرة جماعية عن موت معاصر في العراق، نظرة ترمز إلى حالنا الجامعة لموت واقعي يتراوح بين اللغة والواقع، كزهرة وحيدة، ارسل الشاعر كلماته لتنقر تفاصيله، فقط لنعبر من خوفنا ونتحول لذوات بقلوب محترقة امام عجزنا وغموض ما يجري، محترقين كاجساد ملطخة، في مشهد دموي ليس بحاجة لتفحص مفاهيم ورؤى شعرية،بل تدلنا على طرائق استلها الشاعر بإخلاص من شريط صامت يدور في شوارع بغداد، رصد الشاعر اجزاءه، فتركت النصوص الحدود الواقعية لاي تقليد شعري سابق تناول الموت بكل اشكاله، وتوجه لاعلان مشاهد هذا الموت على الاخرين.



#عبد_الزهرة_زكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الزهرة زكي - نصوص