أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ثائر الناشف - رقصة المكابري السورية














المزيد.....

رقصة المكابري السورية


ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)


الحوار المتمدن-العدد: 2086 - 2007 / 11 / 1 - 11:26
المحور: كتابات ساخرة
    


من جديد يعود حديث الفقر بأوجاعه وأثقاله التي تهد الجبال , طبيعي أن تخرس الألسن عن الكلام وتصم الآذان عن السماع لمأساة التعساء , مصدر تعاستهم الوحيد فقرهم المدقع بمشيئة السماء , فلو أنهم أثرياء لوجدنا أذنابهم القذرة تلعق من جوف قصعاتهم وتلتقط فتات ما يستهلكونه ويستعملونه .
ليت الفقر في بلدي سورية يكشف عن نفسه في الشوارع والأزقة والطرقات , من خلال الأطفال الهائمين على وجوههم , والشباب المطرقين برؤوسهم صفحة الأرض , والنساء المتجلببات بوشاح أسود أشد من الليل سواداً , لكنه يأبى أن يكشف إلا النزر القليل من الصور , هو خجول لا يفعل كما يفعل الفقراء الآخرون في البقاع الأخرى من الكون , لأن الحياء خصلة من خصاله الأصيلة , فإن ذهب الحياء شاء الفعل بسواده وبياضه , من ليس لديه حياء , غاب خجله , ومن غاب خجله , عمّ دجله .
قديماً قالوا عن الجوع بأنه كافر , الإسلام بلسان نبيه محمد (ص) ذكر ما أمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جانبه وهو يعلم به , معنى ذلك أن الجوع يولد الكفر أو يؤدي إليه , جميع الطبقات الاجتماعية في العالم مشغولة بمقارعة من يفسد ويعرقل عيشها , بما فيها طبقة الحكام ذاتها , لدرجة أن أحدهم قال .. لو كان الإعلام رجلاً لقتلته قبل أن يقتلني , فماذا يقول الفقير عن حاله ؟ لا يملك من الحال سوى القول .. سأقتل الفقر , سأدفنه قبل أن أدفن نفسي , ليقال بأني انتصرت على عدوي في منازلة واحدة وحيدة , بعد أن سحقني في معارك عديدة .
الموت قدر الفقراء والأغنياء , الكل محمول إلى مدفنه , قداسة الموت عند الفقراء , لا تعلوها قداسة إلا ما يعبدون , غالباً ما يناجون ربهم بأن يرأف بحالهم , هم أشبه بالغريق الذي يتعلق بقشة أو بعود ثقاب رفيع , طالما أفل عصر مَن دفن الفقر والبؤس عن إخوانه وخرج عن طاعة أسياده , عصر الشنفرى وعروة بن الورد , وولى عصر مَن كان يوزع الزاد لقومه الفقراء , ويقسِّم ماله إلى نصفين فنصف لله تعالى يبذله على الفقراء والمساكين والأيتام ، وقسم يحتفظ به لنفسه في حاجاته الخاصة،من دون أن يفاخر بنفسه , عصر الإمام الحسن بن علي .
إننا في عصر القهرمان المشرف على أحوالنا , نحن الخدم , لا تهمه أحوالنا بقدر ما تهمه أحوال سادته الكبار , حتى الحيوانات الأليفة , لا تسلم من سكينته الحادة , تريد أن تنحر كرمى لبطون الفقراء - طائر البجع يشق صدره ليغذي صغاره بدمه إذا لم يجد ما يطعمهم - لا أن تشوى وتقلى لتستقر في كروش الأسياد , ربما تعي أن للحمها قيمة عند الفقراء بمجرد أن يشمئز منه الأغنياء , ذلك جسّده المسرحي الانكليزي (غيتيه) في مسرحيته فاوست , عندما سأل مفيستوفيليس أحد أبطال المسرحية الحيوانات الملعونة حول الطبخة التي تحركها مغرفتها , أجابت الحيوانات ... طبخة للفقراء المحتاجين .
أمام هذا المشهد الكارثي , صار لزام علينا , تقليد من نهشهم الفقر في عصور أوروبا المظلمة , بعدما ضاقت بهم الحياة , وسيطرت عليهم ثقافة الموت , ذهبوا إليه جماعات , كل جماعة تدور ( ترقص المكابري ) أمام شبح هيكل يسوقها للموت .
الحياة في جوهرها صراع مستديم بين طرفين متضادين .. الخير والشر , الفضيلة والرذيلة , الغنى والفقر , بماذا إذن يتماهى الفقر ؟ هل يتماهى مع الخير والفضيلة أم يتماهى مع الموت ؟ الشر المستطير في أن يتماهى الغنى مع الخير والفضيلة , لا يبدو أنه سيتماهى هنا في سورية , إن تماهى سأمضي أقول , كما قال الشاعر أدونيس في مرثية الأيام الحاضرة .. وداعاً يا عصر الذباب في بلادي .



#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألا يكفي لبنان قاعدة إيرانية واحدة ؟
- إرهابيون .. مستنعجون ولسنا انقلابيين
- هل التوافق الدولي ممكن حول لبنان ؟
- الأفق الإيراني المفتوح على العراق
- المواصفات السورية لمؤتمر السلام
- دهائية نجاد السياسية - مكشوفة -
- فتح - الحدود أم فتح - الإسلام ؟
- عباس والبحث عن السلام المفقود
- الرد السوري المبطن
- تصورات الضربة الأميركية المحتملة لإيران
- وداعاً - كيلو- ... الأمانة بقلم الأمين
- ثنائية النفط والديمقراطية والمواجهة المقبلة
- جسر (بري) المقطوع
- متى يخرج الغرب من شرنقته الاستعمارية ؟
- التحرير المنقوص عند حزب الله
- الأقليات العرقية ودورها المسيّر/ أرمن لبنان نموذجاً
- تروتسكية حزب الله تفقد المسيحيين صوابهم
- تيار المستقبل .. الخوف الذي يضعف الحقيقة
- مستقبل العلاقات السورية - الفرنسية في عهد ساركوزي
- الخروج السوري الوشيك من الجامعة العربية


المزيد.....




- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ثائر الناشف - رقصة المكابري السورية