أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الغيطاني - الجلوس على الخازوق














المزيد.....

الجلوس على الخازوق


محمود الغيطاني

الحوار المتمدن-العدد: 2087 - 2007 / 11 / 2 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


الحرية.. أخيرا!
أنطقها دون وعي، بانطلاقة زافرة من أعماقي و كأني أزفر معها كل ما يجوس داخلي. لم يكن بانتظاري أحد. لا بأس؛ فلم يعلم أحد بموعد خروجي.
أنظر خلفي. يتطاول الباب الصلد بشموخ و كأنه يلطمني على قفاي مستهزءا. هو الذي يعرف السر. أم ترى يعرفه الآخرون؟!
أترجل بعيدا و كأني أهرب من أشباح غير مرئية. أهرب من نفسي و محاكمتها القاسية. أشعر بنظرات الناس تنهشني. في عيونهم ظلال من السخرية أو هكذا خيل لي، كأنهم يعرفون ما حدث. أحاول الهروب من نظراتهم. أنكس رأسي غير قادر على التخلص من شعور المراقبة. أوقف عربة فينظر لي السائق مستخفا و كأنه يعرف هو الآخر كل شئ. هل فضح أمري؟! أأعيش مخذولا بهذا الشكل؟!
***
كانت جلساتنا تطول. النقاش في الأحوال السياسية و الاقتصادية المتردية يزيدنا حدة و حماسا. نشاطنا التنظيمي كان قد فاحت رائحته. ازدادت مراقبتنا دون أن ندري بعد أن تفشى أمر نشاطنا. وجدنا أنفسنا ذات أمسية محاطين بجمع من رجال الأمن. لم ندر إلا و كل منا في زنزانة منفردة.
***
تتوقف السيارة بقوة أفاقتني. يقول السائق بسخرية جعلتني أنكمش خجلا:
- وصلنا يا بيه.
أهبط متخاذلا. أمد يدي بالنقود فيأخذها هازئا. هل هو كذلك بالفعل أم أني أتوهم؟! تقابلني صغيرتي على مدخل المنزل. فرحة تجري نحوي لترتمي عليّ. أحتضنها بشوق. بتساؤل طفولي مرح تسأل:
- انت كنت قاعد فين يا بابا؟
يصدمني السؤال فيهبط عليّ كالكارثة. من أين علمت بالأمر؟ أتأمل وجهها إلا أني لا أستطيع معرفة ما يدور برأسها. أصمت و قد اكتسى وجهي بكآبة. أسألها:
- ماما فين؟
- بالداخل.
أهبطها أرضا لتسير جواري. تلح عليّ بسؤالها الذي يهبط عليّ كالسوط:
- انت كنت قاعد فين يا بابا؟
تلقاني زوجتي ببسمة مشرقة. أدقق النظر في عينيها. هل تسخر منّي هي الأخرى؟ تحتويني بعمق. تسألني عن أحوالي و صحتي و لماذا لم أعلمها بنبأ خروجي. أقول:
- كان الأمر مفاجئا بالنسبة لي أيضا.
تصمت متأملة إياي بحنانها المعهود. باشتياق وتلهف. برغبة أكيدة ألمحها في عينيها. كم أفتقدها. أرى نظرتها المفعمة بكل معاني الشوق و كأنها تسخر منّي.
***
فوجئت بباب الزنزانة يفتح بقوة و كأنه ينفجر في وجهي. دخل رجلان. أذكر أنهما كانا واقفين خلفي حينما تم استجوابي منذ قليل. أخذاني إلى غرفة وصلتها بعد المسير في دروب طويلة. فكا العصابة من حول عينيّ. رأيتني في غرفة غريبة أشبه بالزنزانة التي كنت فيها. أتأملها. كانت خالية إلا من أحد الرجال. كان ضخم الجثة، متجردا تماما من ملابسه. ألمح في عينيه نظرة قاسية لزجة بها الكثير من الشراهة و الرغبة. جردوني من ملابسي. قيدوني.
***
أشعر بها تتسلل بهدوء بعد نوم الصغيرة. حفيف ثوبها يوقظ أعصابي المفتتة. رائحة العطر تخترق خياشيمي. تستلقي جواري. تقبلني بشوق فتوقد النار داخلي. أحتويها بشوق. نهداها الفتيان يلتمعان في عينيّ فأعتصرهما بكفي. تتهالك مستسلمة للرغبة. تخلع قميصها عن جسد شمعي لدن. أتعرى لنبدأ العراك الفيزيقي الذي ينبثق منه كل معنى للحياة. تجذبني إليها فنلتحم. تزداد حرارتنا لتفوق حرارة براكين الأرض.
***
بعد صراع و دفاع مستميت للحفاظ على رجولتي التي هي على وشك الضياع أستسلم منهكا. أحاول المقاومة مرة أخرى، إلا أنهما أحكما قبضتيهما عليّ بعدما أوجعاني ضربا؛ فلم أستطع الحركة. أشعر بالرجل الضخم يخترق مؤخرتي بقسوة. أشعر بدمائي هائجة غاضبة تكاد أن تفجر شراييني. أحاول الدفاع عن ذاتي إلا أني أفشل. يزداد الرجل قسوة في العبث بمؤخرتي بينما الكثير من الكلمات الساخرة الوقحة تنطلق من أفواههم. أشعر بأنفاسي تنسحب و كأنها تهرب منيّ. يتحول الأمر و كأني أشاهد أحد المشاهد السينمائية التي لا علاقة لي بها. تتجمع الدموع في مقلتيّ. تنهمر غزيرة لأغيب مع الزمن و الخزي.
***
أراه أمامي ينظر إليّ ساخرا. أرتعد. تزوي الرغبة داخلي بينما هي تزداد تأججا. تحتويني بعنف. تريدني أن أعبث بكل زاوية من زوايا جسدها. أشعر بألم في مؤخرتي. أنظر لعينيها الشبقتين فأرى رغبتها ممتزجة بسخرية. تقول بصمت قاس:
- أهتكا عرضك؟
تأوهاتها تمزقني. رغبتها تنهشني. تريدني أن أكمل الفعل فلا أستطيع. تصل برودتي دون مستوى الصفر بينما هيئته تتجسم أمامي. تجذبني نحوها فأراهما يرغماني على الركوع. تقول بفحيح أنثوي مفعم بالرغبة:
- ماذا بك؟ أكمل.
أراهما يخرجان عضويهما طالبين منيّ لعقهما بسخرية بينما الآخر يعبث بي. أنزوي في أحد الأركان. أراها ممددة تنتظرني بينما فخذاها منفرجان على ذلك الشق الطولي فاغرا فاه و كأنه يريد ابتلاع الكون. أراه يتسع لتنسكب منه دماء غزيرة تشبه دماء مؤخرتي.
أصرخ: - ضمي ساقيك.
تنظر منزعجة. تقترب فأبعدها بخوف:
- ماذا بك؟
تنسكب دموعي بينما أنظر إليها صامتا. أشرع في ارتداء ملابسي. يتلقفني الشارع بريح غاضبة فتصفع وجهي المنصهر. سكون عجيب يسيطر على الكون، تقطعه ريح هوجاء تقلقله بغضب و لكنها سرعان ما تعود للسكون التام. أبتاع علبة سجائر. يلقيها البائع بتأفف. أرى في نظرته كل شيء. إذن فالجميع يعلمون بخزيي.
أتجه صوب سور حديدي مدبب. أقترب. يتشكل أمام عينيّ ما حدث. أصعد السور الحديدي. أفك سروالي لألقيه أرضا. يتجمع الناس أسفل السور ناظرين بدهشة إلى مؤخرتي العارية. يبصقون عليّ ساخرين. تنطلق الضحكات الهازئة لتملأ الفضاء الرحب، و على مرأى من الجميع أجلس بقوة على العود الحديدي المدبب لينغرس في أحشائي!!

محمود الغيطاني

• نشرت بجريدة أخبار الأدب العدد 743
• من مجموعة "لحظات صالحة للقتل" تصدر قريبا



#محمود_الغيطاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دنيا...كلما طغت الفكرة فسدت الرؤية السينمائية
- ليلة ساخنة..رحلة كابوسية في ليل القاهرة
- خيانة مشروعة...السيناريو اذا أصبح بطلا سينمائيا
- همس النخيل... بين همس التسجيلية و الضجيج الروائي
- عليا الطرب بال3... وصفة سحرية كي تكره السينما
- ما تيجي نرقص... و ننسى سخافة المجتمع
- ديل السمكة...مجتمع يتفسخ في حالة صخب
- عطر البرتقال الأخضر..عندما يتحول الماضي الى وسيلة للتطهر
- عمارة يعقوبيان... مصر المهترئة تحتضر
- .الكاتب والناقد السينمائي محمود العيطاني.. المحصلة النهائية ...
- حريم كريم و أزمة النقد المراهق
- أرض الخوف.. بين سينما المؤلف و ميتافيزيقا الدين (نموذج (1) ل ...
- الواد محروس..سينما النجم الأسطورة و سمات الفقر الفكري(نموذج ...
- النمس.. الوجه الآخر للجنتل مع بعض التصرف
- شعائر من كتاب الموت
- ( نموذج 4 للسينما النظيفة (اسعاف و سينما السقوط من الذاكرة55
- الحب الأول ..نوستالوجيا غير متحققة - نموذج 3 للسينما النظيفة
- جنون الحياة.. نزوع نحو الإيروتيكية أم نكوص نحو سينما السبعين ...
- الناظر و اشكالية الاحتفاء بسينما التخلف العقلي (نموذج 1) للس ...
- مقدمة سينمائية حول اصطلاحات غير سينمائية


المزيد.....




- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الغيطاني - الجلوس على الخازوق