أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - حسبوني مختار !















المزيد.....

حسبوني مختار !


نايف أبو عيشه

الحوار المتمدن-العدد: 2084 - 2007 / 10 / 30 - 09:03
المحور: الادب والفن
    


كان ذلك في الانتفاضة الاولى ,حيث عم الاضراب الشامل كافة المدن تلبية لنداء القيادة الموحدة, وانتشرت الحواجز العسكرية على الطرقات والشوارع الرئيسية بين المدن. خرج من بيته متوجها الى رام الله حاملا معه مجموعة اوراق تنظيمية هامة, خباها جيدا في مكان آمن بسيارته . ارتدى ثيابا انيقة وربطة عنق ملائمة , وبما ان الطقس الغائم ينذر بسقوط المطر ,وضع الكوفية والعقال في كيس صغير لياخذها معه ويلبسها عندما يصل رام الله بسبب برودة الطقس هناك اكثر وعندما اقترب من الحاجز كانت بعض السيارات متوقفة بانتظار دورها للتفتيش حيث بدا مشددا اكثر من باقي الايام بسبب الاضرابالشامل وتصاعد حدة المواجهات مع جيش الاحتلال . وضع الكوفية والعقال على راسه بشكل متقن , وعندما نظر في المرآة الصغيرة امامه ,بدت ملامحه فيها اكبر من عمره الحقيقي بسنوات عدة . فكر ان يرجع لكنه خشي ان يلحقوا به فتكون العواقب وخيمة غير معروفة النتائج . انتظر اكثر من نصف ساعة حتى جاء دوره وهو يستمع لنشرة الاخبار التي تحدثت عن تصاعد المواجهات بين الجيش والمواطنين في انحاء الضفة والقطاع رغم سياسة تكسير العظام . سيطر عليه الاضطراب , وتسارع خفقان قلبه في اللحظات التالية , وخشي ان يؤدي تشددهم في اجراءات التفتيش الى اكتشاف الاوراق المهمة . بدا يفكر باجابة مقنعة بشان الاوراق وكيف يتنصل من مسؤوليته عنها ان عثروا عليها. ظل يراقب تصرفات الجنود وطريقة تفتيشهم السيارة التي تسبقه تماما بصورة استفزازية , مع وقوف مجموعة من المستوطنين قربهم كانوا يراقبون ما حولهم بصمت .فكر ان يخرج الاوراق ويرميها من السيارة , الا ان الجنود الاخرين المنتشرين في المكان لحراسة المستوطنين والمتاهبين لكل طاريء , جعله يلغي الفكرة من راسه فورا , وفي اللحظة التالية اشار له احدالجنود بالتقدم حالما انطلقت السيارة التي فتشوها مبتعدة . تقدم ببطء وتمهل تجاه الجندي الذي بدا اصغر سنا من الاخرين , وعندما اطفا المحرك , اطل الجندي داخل السيارة بحذر , تفحصها باهتمام , وحين رآها نظيفة ومرتبة , ابتسم وهو يرمقه بنظرة مطولة و ساله بالعبرية , بنبرة ودية وهو يتكيء على نافذة السيارة :" لاين تسافر يا سيدي ؟" لم يصدق الشاب هذا التغير المفاجيء في سلوك الجندي الذي رآه قبل قليل يصرخ بمن سبقه ويفتشه بشكل استفزازي, فاجاب بهدوء وهو يبادله ابتسامة باهتة محاولا خلالها السيطرة على مشاعر الاضطراب والخوف في نفسه , وبالعبرية ايضا:" انا ذاهب الى رام الله " . تراجع الجندي للوراء , واشار له بيده كي يواصل سيره للامام وهو يحني راسه بادب ويقول " تفضل يا سيدي " . تنفس الصعداء باديء الامر ودقات قلبه المتسارعة جعلته يشعر بالارتباك فعلا حيث هيا نفسه لاجراءات من التفتيش الاستفزازي, وعندما حاول تشغيل السيارة ,لم تستجب له الا بعد محاولات متكررة , فانطلق متمهلا حتى ابتعد عن الحاجز وسرعان ما ضاعف السرعة ليختفي عن الانظار , وعند المنعطف الاول القى بالحطة والعقال على الكرسي المجاور, وابتسم في المراة وهو يرتب شعره باصابعه . وحين شعر بالاطمئنان والارتياح وهدات انفاسه , تنفس الصعداء اخيرا كشخص نجا من الغرق . تمتم بنبرة مسموعة مخاطبا نفسه:" والله وزبطت معك يا ابو الشباب .حتى جنود العدو خدعهم المظهر والبريستيج , وحسبوك مختار او واحد من شخصيات روابط القرى . على كل حال الله ستر اللي ما شاف الهوية , ليش هويتك خضرا , وانزل من السيارة وتفتيش , وكان اكلنا هوا " واصل سيره باقصى سرعة ليصل مكان الاجتماع في الموعد المحدد بالضبط . عند الحاجز الثاني رغم انه لبس الحطة والعقال الا ان الجندي طلب منه ابراز بطاقة الهوية ,وحين راها خضراء , سال الضابط البعيد بالعبرية عن الامر , فركض مسرعا نحو السيارة, وحين تاملها باهتمام ساله بالعربية " ليش هوية خضرا؟" رد بنبرة هادئة " ما بعرف ليش . هيك اعطوني اياها في الادارة المدنية " الح الضابط بسؤاله " كيف لا تعرف. احكي لي ليش وبعدين تمشي " رد بنبرة مقتضبة " اذا بدك تعرف اتصل بالادارة المدنية وهم يحكوا لك " ساله الضابط بنبرة عدائية وهو يدقق بقائمة ارقام هويات يحملها معه " انت بتعمل مشاكل مع الجيش ؟" رد عليه بسؤال اخر " وهل شخص كبير السن مثلي يعمل مشاكل مع الجيش ؟" عاد يسال بالحاح " اذن ليش هوية خضرا ؟" رد على الفور " قلت لك ما بعرف ليش . رحت اجددها في الادارة المدنية , واعطوني اياها خضرا". اشار له الضابط ليخرج من السيارة , وامر الجندي بتفتيشها جيدا وابتعد نحو سيارة اخرى اقتربت من الجهة الاخرى , فساله الجندي فجاة " انت مختار ؟ رد عليه " لا , انا تاجر سيارات , ابيع واشتري ". عندما رجع الضابط اليه كان الجندي قد انهى التفتيش وعاد يساله وهو يناوله الهوية " دير بالك انا راح اسال ادارة مدنية عنك مفهوم ؟" رد على الفور " اوكي . اسال وهم يحكوا لك " . ابتعد عن الحاجز مسرعا وهو يبتسم ويقول في نفسه " اما غبي صحيح . افرض اتصل عليهم واخبروه انك كنت سجين لعدة سنوات قبل الانتفاضة , ومرتين اداري ,ايش كان راح يعمل . يعتقلك او يحجزك عنده حتى يتصل بالمخابرات وياتي احدهم وهات حلها معه . ايش بده يخلصك منهم وكل هالبلاوي معك ؟" وحتى يتفادى الحاجز الخير عند مشارف رام الله , واصل سيره شرقا نحو الشارع الالتفافي ليصل رام الله من مفترق الرام . وصل متاخرا على موعد الاجتماع اكثر من نصف ساعة , ولكنه فوجيء ان معظم الزملاء لم يصلوا بعد رغم سكنهم في رام الله . ظل صامتا لبعض الوقت وحين بداوا بالوصول تباعا متاخرين ساعة عن الموعد , نهض غاضبا والقى بالاوراق امامهم وهو يقول " عندما يلتزم الجميع بموعد الاجتماع , اخبروني حتى احضر اليكم ". لم تجد كل المحاولات لاقناعه بالبقاء, وغادر المدينة عائدا عبر الشارع الالتفافي باقصى سرعة , وصل اخيرا الى البيت وفوجئت زوجته برجوعه مبكرا, وعندما رات ملامح الغضب على وجهه تجنبت سؤاله عن السبب .اعدت له القهوة وجلس امام التلفاز يدخن بصمت, وذهبت لتجهيز الغداء للاولاد !
بقلم : نايف أبو عيشه
27 /10/2007



#نايف_أبو_عيشه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حكاية شعبية- حلها ابن المجنونة !
- من غير كلمة وداع !
- يا بصير هيك, يا كل شيء بدار اصحابه !
- -حكاية شعبية- الفرارات !
- ..في اليوم العاشر !
- -كل عام وانتم بخير - ...من واقع العيد !
- -حكاية شعبية- عائلة الطرشان !
- مكافأة عيد العمال !
- ضبع النقارة !
- الاسطبل والباشا !
- - حكاية شعبية- الراعي والقطروز !
- عند حاجز الارتباط !
- عند الحاجز !
- وانهزم ابو النبوت !
- الحق على الحمار !
- من طين بلادك ...!
- العدس ولحم الفقراء !
- زوجة الاستاذ !
- الاختيار !
- - خربطيطة مروكية-!


المزيد.....




- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف أبو عيشه - حسبوني مختار !