أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - الكافيار السوري















المزيد.....

الكافيار السوري


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2082 - 2007 / 10 / 28 - 11:23
المحور: كتابات ساخرة
    


عجباً وألف عجب. وقاتل الله الجهل وقلة الحيلة والغباء. فوالله العظيم، ثلاثاً، لم أكن أدري أن الكافيار ورقائق الويفر المنقشة كانت ممنوعة في سوريا حتى اليوم. تصوروا يا إلهي رقائق الويفر المنقشة!!! هل هناك دولة محترمة في العالم تمنع رقائق الويفر المنقشة عن مواطنيها!!! يا للأسى والألم والإحباط، ويا لشماتة الأعداء، وسكان الصومال وزنجبار فينا. (وفي الحقيقة، وعذراً يا شباب، لو ركب الكافيار ورقائق الويفر المنقشة بجانبي في سرفيس المعضمية لما عرفتهم من بعضهم البعض، ولما أعرتهم أي اهتمام).

ويا إلهي كم كان للكافيار ورقائق الويفر المنقشة من خطر وأذى على الأمن الوطني، وإعاقة لمسيرة التحديث والتطوير والصمود والتصدي وتبديد للجهد الوطني؟ وكم هم طماعون هؤلاء السوريون في سعيهم الدؤوب والحثيث للركض وراء الكافيار ورقائق الويفر المنقشة؟ وكم هو جهبذ وشجاع ذاك الوزير الملهم حين فكر بالتصدي لتلك المهمة الوطنية الجسيمة، وللتذكير، فالإلهام دائماً من عند الله. ولم أكن أدري من أين كان هؤلاء السوريين يتدبرون أمورهم وشؤون حياتهم اليومية، قبل اليوم، في تأمين ما يلزمهم من كافيار وضرّاب سخن؟ وكيف استطاعوا، ويالغدر الزمن، وبطش الحكومات وغيّها، من العيش بدونهما حتى اللحظة؟ ولم أكن أدري أنه يمكن لأي إنسان في العالم أن يقضي يومه الاعتيادي بدون هذه المادة الإستراتيجية، أو يمكن لأية حكومة، بناء على ذلك، من منع ذاك الغذاء عن تابعيها ورعاياها الكرام؟ وقد كنت أستغرب قبلئذ في حوارتي الساخنة والمستمرة مع فصائل ومافيات المعارضة السورية المختلفة عن سر حجب الكافيار عن الرعايا الجياع وما لذلك من عرقلة للحوار الوطني والتئام أجنحة المعارضة السورية؟ وهل ثمة علاقة لذلك بين الصراع الطبقي والسيرورة التاريخية وتعثر العمل المعارض، من جهة، ومعركتنا الفاصلة المرتقبة مع العدو الصهيوني الغاشم وإقامة ديكتاتورية البروليتاريا من جهة أخرى؟

إذن، فلقد صدر، أخيراً، القرار التاريخي الموعود، في هذا اليوم الأغر المشهود القاضي بالسماح باستيراد الكافيار في سورية عن السيد وزير الاقتصاد والتجارة( هكذا اسمه، وقسماً عظماً، وليس من عندي). ويعتبر هذا القرار من الناحية العملية وكما فسّره الأستاذ جوعان الحمصاني الخبير الاستراتيجي الكبير بشؤون الجظ مظ، إيذاناً بالقطيعة الشاملة مع عصر الفلافل الاستعماري وتمهيداً لولوج المواطن السوري في حقبة جديدة من الرفاهية يكون الكافيار هو أحد عناوينها العريضة. وفي الحقيقة لم يتبق من هم ولا غم أمام المواطن السوري، لكي تكتمل فرحته الوطنية العارمة ويكمل الانجازات الثورية التي بدأها منذ قرابة النصف قرن، سوى بتناول الكافيار الذي يعد تتويجاً وثمرة لنضاله الطويل للخروج من عصر الفلافل الطويل والبقوليات بشتى أنواعها. ولم يعد له من طموحات وأمنيات في هذه الحياة سوى تذوق الكافيار الذي كان يسمع به من إعلام الإمبريالية والصهيونية والاستعمار والبترودولار. وفي الحقيقة أيضاً فإن التخمة، والوفرة، والطفرة المالية التي تغزو جيوب السوريين قد جعلت من هذا القرار ضرورة وطنية وصيروة اقتصادية وحتمية تاريخية وقناة هامة لتصريف تلك التخم النقدية المتورمة التي تميز السوريين اليوم. فالمواطن السوري لم يعد يعرف أين يذهب بتلك الأموال التي تغدق عليه من كل حدب وصوب من قبل الحكومة التي قررت المضي قدماّ في معركتها الشرسة ضد الفلافل حتى النهاية، ووعدت بأن يكون شعارها، ومنهج عملها في الألفية السادسة حسب التقويم الهجري، وبإذن الله تعالى، وطن بلا فلافل أو فول.

هذا وقد تبادل المواطنون السوريون التهاني والتبريكات، وعبروا عن امتنانهم لهذا القرار الذي أثلج صدورهم. وقد احتشد عشرات الآلاف منهم في الساحات والتجمعات الشعبية في نهر عيشة، وعش الورور، والحفيرية، والدحاديل، والدعتور، والزقزقانية، والقنينص، وعرطوز للتعبير عن احتفائهم بهذا القرار المجيد. وألقيت لذلك الكلمات المعبرة عن روعة وأهمية هذه المناسبة الخالدة وأقيمت العراضات والدبكات والرقصات. غير أن متحدثاً باسم التجمع الوطني للفلافل، وناطقاً آخراً باسم العيران، حذّرا من هذا الانجراف الوطني الشامل نحو تناول الكافيار في هذا المنعطف التاريخي الخطير وما له من أثر على التقاليد والهوية الوطنية الفولوكلورية في تناول البقوليات والبروتين النباتي والتي ميزت حياة المواطن السوري ومن شأنه على المستوى البعيد أن يقضي على التقاليد القومية العريقة لتراثنا العظيم والذي يعتبر الفلافل أحد أهم دعاماته العريضة كما نقلت عنهما وكالة كول وشكور. أما الأمين العام لرابطة حط بالخرج، فقط قلل من شأن هذه التصريحات واعتبر في بيان منفصل بـُث على الشبكة العنكبوتية، ولم يمكن التحقق من صحته، أن هذا القرار لن يؤثر على المسيرة المظفرة والخالدة والنجاحات المستمرة للفلافل وتغلغله الأزلي في قلوب وأفئدة وأمعاء المواطنين نظراً لما يتمتع به شعبنا الأبي الجائع من عراقة وتمسك بالتقاليد ووفاء منقطع النظير للتراث العظيم لهذه الأمة المنكوبة من المحيط إلى الخليج.

بارك الله بهذا الوزير الهمام المغوار على هذه الخطوة الرائدة التي تعتبر هدية تخص شريحة ضئيلة من حيتان المال وأساطين البلع الطويل الذين لا يعلمون أين سيذهبون بأموالهم وينفقونها، على عكس الفقراء الذين لا يعرفون أين وكيف سيتدبرون قوت يومهم، وإلى أين سيفرون من هذا البؤس والجحيم؟ وإنه لمن الأمور المؤلمة، فعلاً، أن يصدر وينشر على الملأ مثل هذا القرار الغريب، وإن كنا نعلم في قرارات أنفسنا لمن صدر مثل هذا لقرار العجيب الذي لا يقدم ولا يؤخر كثيراً على المستفيدين منه من طبقة الأخيار والملهمين والصدّيقين الذين لا يحتاجون، ولا ينتظرون، ولعلم السيد الوزير، قراره الشهير ليتناولوا الكافيار وغير الكافيار مما حرم منه السوريين دهراً طويل. والسؤال فيما لو أجري استفتاء عادل ونزيه كم من دروايش سوريا وفقرائها المساكين، الذين بالكاد يؤمنون قوت يومهم من خبز وملح وزمهرير، سيعلمون بماهية وكنه الكافيار أو حتى كيفية تحضيره وتناوله فيما لو استطاعت حكومتنا الرشيدة فعلاً تأمينه لعموم المواطنين.

أكاد أجزم بأنه لو كان في هذا القرار أي خير وفائدة ترجى لعموم السوريين لما كان لهم فيه أي نصيب. فلقد كان من أولى مهام الحكومات السورية المتعاقبة، وعلى الدوام، هو أن تتفنن وتتلذذ في قهر، وتلويع ومرمطة وتعذيب وإفقار السوريين. وكل ما أرجوه من هذه الحكومة التاريخية المعجزة، ألا تصدر المزيد من هذه القرارات الاستفزازية المنكرة، وتراعي دائماً بعدها النفسي التي تذكرنا بفقرنا وألمنا وقلة حيلتنا وإفلاسنا وعجزنا المزمن المرير، بحيث صار "اللي يسوى واللي ما يسواش" يتندر على تشحيرنا وبؤسنا وتعتيرنا. فالقرار، بحد ذاته، لا يندرج، بالمآل، إلا تحت باب طرائف من العالم المعيب، وأمور لا تصدق، وبرامج إضحك وامرح، وقفشات التسلية والترفيه مع الطفرانين والمشحرّين. فالخوف كل الخوف أن "يطق ويموت" هذا السوري من الفرح والسرور وأن تكتفي الحكومة، بعد اليوم، وكلنا رجاءً وأملاً، بهذا الفتح التاريخي العظيم.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا لإرهاب الفكر، ومسخ العقل
- هل كان السلف صلحاً فعلاً؟
- باب الحارة: جذور الاستبداد
- موائد الرحمن
- نحو مؤسسة أكثر تجدداً للحوار المتمدن
- نور الدين بدران: وداعاً
- زمن الحارات
- إستراتيجية الغزو السلفي
- الأميّة بين الجاهلية والإسلام
- الدعارة الحلال
- الفاشية الإخوانية
- الحرب الشاملة ضد سوريا
- متى نفطر على الكرامة والحريات؟
- انتصارات العرب الجوفاء
- مرحى لأستراليا
- السيد محافظ اللاذقية
- المثلية الجنسية ومنع الاختلاط
- هل المثلية الجنسية عيب وعار؟
- خطر الفكر الديني
- الاتجاه المعاكس والأمن الإعلامي العربي


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - الكافيار السوري