أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - التوجه الأمازيغي الكفاحي - نقاش مع الرفاق في الحركة الثقافية الأمازيغية MCA















المزيد.....



نقاش مع الرفاق في الحركة الثقافية الأمازيغية MCA


التوجه الأمازيغي الكفاحي

الحوار المتمدن-العدد: 2082 - 2007 / 10 / 28 - 11:22
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


أصبح الرد على انتقادات طلبة الحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعة (تنسيقية آيت غيغوش) مهمة ملحة لتطوير عمل الماركسيين بالجامعة. إن تنامي الطابع الرجعي لهذه الحركة يتجلى في الآونة الأخيرة في شدة الهجوم على الماركسية ومقوماتها ورفض أكثر أشكال النضال الطبقي بدائية بمبررات "هوياتوية"، وفي تجميدها لطاقات نضالية هائلة دون انخراطها في النضال الطلابي بمبررات واهية. يأتي هذا المقال أيضا في سياق تنامي العنف ذي الطابع الإثني الذي انخرط فيه طلبة هذه الحركة مع الطلبة الصحراويين، هذا المنزلق العنفي الذي زيتته الدولة جيدا برفضها الأرعن الاعتراف بالهوية الأمازيغية كما بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.

وتجدر الإشارة إلى ملاحظة منهجية في نقاش آراء الرفاق آيت غيغوش، فكل الآراء المنتقدة في هذه الورقة هي آراء شفوية معبر عنها في الحلقيات فقط، وليس جهدا نظريا أو نتاج نقاش برنامجي مع التيارات اليسارية، وهي في الغالب مفتقرة للانسجام والتناسق الداخلي، نظرا لغاية النقاش في الأصل وهي تفنيد الماركسية بما شاء الله من حجج مستقاة من جميع المرجعيات؛ دينية كانت أو قومية أو ليبرالية...

فيما يتجلى هجوم آيت غيغوش على اليسار؟

يسوق طلبة الحركة جملة انتقادات سنجملها في خطوط عريضة تتفرع عنها انتقادات ثانوية سنتناولها بالتفصيل:

1- الهجوم على اليسار الماركسي، بمبرر ان اليسار الماركسي اللينيني في السبعينات لم يتبنى المطالب الأمازيغية بل ارتمى في النضال من أجل قضايا العرب متبنيا استراتيجية الثورة العربية.

ينتج عن هذه النقطة أن الخلل لم يكن في هذا اليسار بالذات، بل في الماركسية كلها (سنرى تناقض هذه النقطة مع ما يبرر به هؤلاء تبني بوجمعة الهباز للماركسية) التي لم ولن تستطيع الإجابة عن معضلات المجتمع المغربي، بمبررات قومية مفادها ان ماركس نظر للمجتمع الأوربي وليس المجتمع المغربي "الأمازيغي بالطبع" الذي له خصوصياته التي تميزه عن باقي المجتمعات.

يريد طلبة الحركة باتهامهم اليسار السبعيني بعدم تبنيه للمطالب الأمازيغية، إيهام المستمع بأن هذه المطالب كانت واردة بشكل دائم في أجندة نضال الشعب المغربي، وهي مغالطة تاريخية يجب الوقوف عندها وتصحيحها. فالمطالب الأمازيغية كما هي متعارف عليها (الدسترة، التعليم، الإعلام)، لم تظهر بشكلها الصريح إلا مع توقيع ميثاق أكادير سنة 1991. ولم يكن واردا طرح هذه المطالب في سبعينيات القرن 20، حيث لم تمر سوى 3 سنوات على تأسيس أول جمعية تهتم بالموضوع (الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي) ولم تكن تنطق الأمازيغية بالحرف ولم تكن لها مطالب معينة في الموضوع: بل كانت تهتم بالثقافة الشعبية بشكل عام. كيف نتهم إذن تيارا سبعينيا بعدم تبنيه مطالب وقضية لم تظهر بشكلها الحالي إلا في التسعينات؟

يرد طلبة الحركة على هذه الحجة بالمزيد من المغالطات التاريخية، محاولين البرهنة على ديمومة حضور المطلب الأمازيغي في المجتمع المغربي، ولكونهم لا يجدون دليلا في التاريخ يضطرون إلى اختراعه: جاعلين من أبطال المقاومة ضد الاستعمار مناضلين من أجل أمازيغية المغرب مركزين بالأساس على تجربة الريف مع الخطابي. لكن مهلا، فالتاريخ لا يحمي المغفلين. هل كان عبد الكريم الخطابي مناضلا من أجل الأمازيغية كما تبلورت مطالبها في العقد الأخير من القرن 20؟ إنه إسقاط فج أن نحكم على عبد الكريم وتجربة الريف في 1920 بما يراه طلبة الحركة صالحا لهم في القرن21. لم تستحضر تجربة الريف بأي شكل من الأشكال الدفاع عن الهوية واللغة الأمازيغية، بل أكثر من ذلك فإن المراسيم الأولى لجمهوية الريف دليل على عكس ما يراد إلصاقه بعبد الكريم: فقد دعا أول مرسوم للجمهورية إلى تعريب الإدارة وليس إلى ترسيم الأمازيغية، ودعا إلى وحدة الأمة العربية للنضال ضد الاستعمار وليس إلى توحيد تامزغا، وعندما أسس لجنة للنضال ضد الاستعمار سنة 1948 لم يسميها "لجنة تحرير تامزغا" بل "لجنة تحرير المغرب العربي"، وعندما فشلت اللجنة أحل محلها "جيش تحرير المغرب العربي"، أين هو نضال عبد الكريم من أجل الأمازيغية في كل هذا، ولماذا يصر طلبة الحركة على جعله "شهيدا للحركة الثقافية الأمازيغية" ويريدون منع غيرهم من رفع صوره بمبرر الاسترزاق. ترى من يسترزق هنا؟ إن طلبة الحركة يريدون بخلطهم إيهامنا أن تعارض نهج مناهضة الاستعمار عند الخطابي (المعتمد بالأساس على قيادة فقراء الفلاحين في الكفاح المسلح والمواجهة المباشرة) مع نهج نخبة البورجوازية الحضرية المسماة "حركة وطنية (المعتمدة على النضال السلمي والتدرج في الإصلاحات)، على أنه تعارض عبد الكريم الأمازيغي والريف الأمازيغي مع "الحركة الوطنية" برجالها الموريسكيون العروبيون الشرقانيون إلى غير ذلك من الأوصاف المعتادة.

بعد الركوع أمام حقائق التاريخ يضطر هؤلاء إلى البحث عن ذرائع لعبد الكريم (المسكين الذي تجري رياحه بما لا تشتهي سفن آيت غيغوش) وهي ستبقى في آخر المطاف مجرد ذرائع لا تصمد أمام التاريخ، فيردون وكلهم أسى وحزن يقطع قلوبهم، إن شروط تلك الفترة لم تسمح للخطابي أن يسمو إلى فهم خصوصيات المغرب (مرة أخرى الخصوصيات) ولا إلى إدراك الهوية الأمازيغية للمغرب. لكن هناك في نظرهم ما يشفع للخطابي؟ وما هو يا ترى؟

أولا أن عبد الكريم الخطابي كان أمازيغيا ومنحدرا من الريف.

ثانيا أن نضال عبد الكريم ضد الاستعمار يصب موضوعيا وبالضرورة في النضال من أجل الأمازيغية ما دام يناضل من أجل الإنسان المغربي وهو إنسان أمازيغي ومن أجل المغرب وهو بلد أمازيغي.

لكن عفوا يا سادة. ما علاقة كل هذا بما نناقشه؟ ولكن لنفرض جدلا صحة موقفكم هذا. إذا كان ما ذكرتم يشفع للخطابي فلماذا لا يشفع لليسار الماركسي اللينيني في السبعينات، فشروط هذه الفترة لم تكن تسمح لهذا التيار ببلوغ فهم حقيقي لضرورة النضال من أجل المطالب الأمازيغية ( التي لم تتبلور مع ذلك في هذه الفترة)، ثم إن مناضلي هذه الحركة لم يكونوا شيئا آخر سوى أمازيغ ومنحدرين من مناطق أمازيغية ونضالهم ضد الاستبداد والاستغلال الاقتصادي ومن أجل التحرر يصب موضوعيا في النضال من أجل الأمازيغية. ألا تتماثل ذرائع عبد الكريم هنا مع ذرائع هذا اليسار؟

فلننتقل إلى النقطة الثانية. إن اليسار الجديد قد ارتكب جريمة تاريخية بتبنيه لاستراتيجية الثورة العربية ولشعارات القومية العربية. ولكن رأينا منذ قليل أن "شهيد الحركة الثقافية الأمازيغية" عبد الكريم الخطابي تبنى أيضا هذه الشعارات. أين المشكل إذن؟ لماذا تتبنى الحركة عبد الكريم وتنبذ اليسار الجديد رغم "اقترافهم نفس الخطأ"؟

ثم إن هذا اليسار لم يتجمد عند موقفه هذا، فبمجرد دفع الصراع الطبقي لمشكل "الخصوصيات الإثنو ثقافية" (حسب تعبير هذا التيار) إلى مقدمة الصراع الاجتماعي (انتفاضة 1984) حتى انفتح على هذه القضية وطالب بضرورة حل ديمقراطي لقضية هذه الخصوصيات (إلى الأمام) وطالب بها النهج الديمقراطي في منشوره الأخير حول مطالب الإصلاح الدستوري.

إن دمج هذا اليسار للمطالب الأمازيغية في برنامجه، لا يكفي هذه الحركة، بل تريد المزيد من "التنازلات" وتدعوه إلى شجب ماضيه "الذي لطخه بتبنيه لشعارات القومية العربية"، وهو تنازل لا يمكن السماح به باعتباره تنازلا أمام شوفينية هذه الحركة ورفضها لقضايا إخواننا بالشرق الأوسط (مترجمة آلية نفسية معروفة في علم النفس الاجتماعي بـ"التماهي مع المتسلط": مادام الشرق لا يهتم بقضايا الأمازيغ فإننا لن نهتم بقضاياهم).

ثم إن موقف هذا اليسار من قضايا الشرق الأوسط (فلسطين...) مواقف مشرفة لم يرق إليها أي من الأحزاب المغربية في تلك الفترة التي طبلت للحلول الاستسلامية، عكس هذا اليسار الذي وضع التضامن مع الفلسطينيين ضمن منظور ثوري.

ننتقل إلى الجزء الثاني من الهجوم وهو أن المشكل لم يكن في هذا اليسار بالذات، بل في الماركسية. رامين هكذا الطفل مع ماء المغطس كما يقول المثل.

لكن هل سنحكم على الماركسية بأنها ليست صالحة للمجتمع المغربي لمجرد أن ماركسيي المغرب لم يدمجوا القضية الأمازيغية في برنامجهم واهتمامهم؟ إن الحس السليم لن يقبل هذا المنطق، فتلك حجة ضد ماركسيي المغرب وليس ضد الماركسية. ومهما حاول طلبة الحركة تبرير هذه الفكرة، يقف تراث الماركسية الثورية (إن على الصعيد النظري: ماركس، لينين..) أو على الصعيد العملي (ضمان حقوق القوميات) في وجه هذه الترهات، وحتى باعتراف مختطف الحركة بوجمعة هباز: "إن العلاقة لهجة/ لغة تجد حلها الشامل في مسلسل ثورات القوميات الناشئة... إن الثورات الحقيقية (الراديكالية) تميل نحو الاشتراكية وفيها تجد "اللهجات" مكانتها أي السلطة (فيتنام الصين) وتحترم وتكتب لغات الإثنيات وتصبح لغة محلية، لكن مع عدم نبذ اللغة الوطنية". (بوجمعة هباز، مختطف بدون عنوان، سعيد باجي ص 111). لكن لنترك هذا الجانب ولنسترسل في هجومات الحركة على الماركسية.

يتفرع عن هذا الانتقاد جملة أخرى من انتقادات فرعية لها مضمون قومي وانعزالي على غرار:

* الماركسية ليست صالحة للمغرب، فهي فكر مستورد. وضعها ماركس للمجتمع الأوربي وهي ليست صالحة للمغرب كمجتمع "أمازيغي" له خصوصياته الخاصة يكثفها شعار "الأمازيغية نمط عيش".

* ليس هناك صراع طبقي بالمغرب، وتتفرع عنها جملة استنتاجات: ليست هناك بروليتاريا ولا بورجوازية، وبالتالي فإن ما يقدمه الماركسيون ليس بالضرورة صالحا للمغرب.

قبل البداية لا بد من الإشارة إلى نقطة أساسية، تشير إلى البلبلة والتشويش الذي ينشره طلبة الحركة في أوساط قواعدهم بالأساس، لمنعهم من التعاطف مع الماركسيين. فهؤلاء لا يطلقون علينا اسم الماركسيين بل اسم المتمركسين، إشارة إلى أننا لم نفهم جوهر الماركسية الذي فهموه هم، وينتج عن ذلك أن خطأ برامجنا لا ينبع من تبنينا الماركسية بل من عدم فهمها، ويلقون محاضرات في حلقياتهم لإفهامنا جوهر الماركسية مختصرينها في نحلة تشيد خليتها ومهندس يخط بقلم الرصاص خطة لبناء عمارة، وكيف ان ماركس تنبأ بالثورة في بريطانيا لتخدعه ("قولباتو الثورة" على حد تعبيرهم)، في الأخير في لعبة تشبه الغميضة وتنفجر في روسيا (التي لها خصوصيات رغم ذلك ولم ينظر لها ماركس!!). كل ذلك في شكل يشبه منظر الحاكي في أمسية صيفية بعد الانتهاء من عملية الحصاد، ليريح العقول المنهكة للقرويين بحكايات الجن والغولة والأشباح.

إن الإجابة عن هذه الانتقادات (المتضمنة جميع أنواع الإعجاز: العلمي والبياني واللغوي) تفرض علينا البدء من الصفر والتنقيب في أبجديات الماركسية وألفبائيات الصراع الطبقي، لنفهم لرفاقنا تهافت أفكارهم (التي لا يستقونها رغم ذلك من أي مرجع او كتاب أو تجربة عملية، بل هي نتيجة تأملات كلامية كانت مجرد مستملحات ونكت يتداولها طلبة الحركة في زمن ولى، ليحولها آيت غيغوش إلى نظريات لدحض الماركسية).

حسنا فلنبدأ.

الماركسية وضعها ماركس للمجتمع الأوربي وليست صالحة للمجتمع المغربي. ولكن لماذا نظرية ماركس بالضبط هي ما يعترض عليها من طرف هؤلاء. في نقاش هؤلاء لتأصيل الهوية الأمازيغية ودفع تهمة اللهجة عن الأمازيغية وتصحيح الثوابت الإيديولوجية لخطاب الحركة الوطنية، اعتمدت الحركة على كتابات علماء الاجتماع الغربيين وعلماء اللغة الغربيين (دي سوسير ورولان بارث..) وعلى فلسفة كانط وهيغل في مجال الهوية بل أكثر من ذلك على كتابات نيتشه، وليس على أبيات سيدي حمو الطالب أو تأملات أوغيطسن أو مكتبة يوبا أو مغامرات الجحش الذهبي لأفولاي، فلماذا إذن الاعتماد على كل هؤلاء رغم أنهم غربيون أكثر من ذلك منهم من نظر لنظرية المركزية الأوربية والدور الحضاري لأوربا في تمدين الشعوب المتوحشة ومن بينها المغاربة من خلال الاستعمار وهو ما هاجمه ماركس وانغلز ومن بعدهم الماركسيون الثوريون. أليست هذه سياسة تمييز وكيل بمكيالين. ما الفرق بين نتيشه وهيكل وكانط من جهة وماركس من جهة اخرى لكي يستحضر طلبة الحركة الأولين وينبذون الثاني بمبرر أن نظريته وضعت للمجتمع الأوربي وليس للمجتمع المغربي؟ نريد جوابا حاسما لا خطابة أو تلعثما.

الماركسية ليست صالحة للمجتمع المغربي؟ لماذا يا ترى؟ إن الحجج التي يسوقها أصدقاؤنا في هذا الباب ليست مختلفة عن الحجج التي يسوقها القوميون في كل البلدان، بما فيها بلدان أوربا التي "نظر لها" ماركس: جواب "الخصوصيات".

ما هي هذه الخصوصيات؟ النظام الاقتصادي بالمغرب ليس رأسماليا! وما هو يا ترى؟ إن الجواب مؤجل إلى يوم القيامة. لا يوجد صراع طبقي بالمغرب! ما هي طبيعة الصراع إذن؟ الجواب كذلك مؤجل إلى أجل غير مسمى. حسنا دعونا نجيب نيابة عنهم، آملين ان تكون إجاباتنا أحسن من تلعثماتهم.

إن المغرب الذي يتحدث عنه هؤلاء لا يوجد إلا في أذهانهم ومجرد تجريد ذهني في مخيلاتهم، وإن أردنا تحديدا أكثر دقة يتصورونه (كما في أفلام فرقة تيفاوين أو مغامرات رمانة وبرطال) مجتمعا على غرار ما عاشته القبائل المغربية قبل دخول الاستعمار والقضاء على بنياته التقليدية واقتصاده التقليدي القائم على الزراعة والرعي والحرف التقليدية والتجارة الصغيرة، لكن لسوء حظهم وما يقول مصطفى حجازي "ليس هناك من مجتمع ساكن حتى لو أغرق في التقليد" (الإنسان المقهور). هذا المجتمع الذي طالما طمست فيه اللحمة القبلية ومنعت ظهور التفاوتات الطبقية التي سرعها دخول الرأسمال على يد الاستعمار. هذا هو المغرب الذي يتحدث عنه هؤلاء وليس مغرب اليوم الذي تنخره التناقضات الطبقية بين قلة تملك "كل شيء" وأغلبية ساحقة لا تملك إلا بؤسها وقوة سواعدها ينذر إيجاد مشتر لها، بسبب البطالة الجماهيرية.

حسنا فلنتقدم في النقاش. الصراع الطبقي لا تقوم له قائمة بالمغرب. لكن ما هو الصراع الطبقي؟ إن جوهر الصراع الطبقي هو محاولة لفرض "استغلال الإنسان للإنسان" وإدامته من جانب البورجوازية، ومحاولة إلغاء هذا الاستغلال من جانب الجماهير الشعبية. هل يتنافى جوهر هذا الصراع بالمغرب؟ نريد جوابا واضحا من طرف طلبة الحركة.

بما أنهم لن يجيبوا، فسنجيب مرة أخرى نيابة عنهم. ولكن قبل ذلك فلنتقدم في النقاش. إن طلبة الحركة يخطئون الجهة عندما يتهموننا بطرح فكرة الصراع الطبقي بالمغرب، فالجهة التي يجب توجيه الأصبع إليها هو تاريخ الرأسمالية وليس أفكار الثوريين. إن الرأسمالية نظام عالمي انبثق من أوربا الغربية لكن شكل امتداده إلى كافة ربوع الكوكب لم يسمح بتكرار نفس سيرورة التطور العضوي التي عرفتها أوربا الغربية.

تم إدخال الرأسمالية إلى بلداننا المتخلفة ليس بتكرار نفس مراحل التطور الرأسمالي بأوربا ولكن بقضاء الاستعمار والرأسمال الإمبريالي على ما كان يمكن أن يشكل بداية هذه السيرورة (دفع آلاف الحرفيين إلى الإفلاس بسبب منافسة بضائع أوربا الأكثر جودة والأقل تكلفة، نزع آراض الفلاحين ووضعها تحت إشراف المعمرين الذين ربطوا إنتاجها مع حاجيات أوربا وليس حاجيات السوق الداخلية، وهو نفس سيناريو الصناعة التي ركزت على الإنتاج الأولي لتلبية طلبيات الصناعة الأوربية وليس دعم تصنيع داخلي) فيما ترك للأنوية الأولى للبورجوازية المغربية مهمة وكيل تجاري للرأسمال العالمي الذي قام بخلق نواة قوية من الطبقة العاملة تكونت أساسا من الحرفيين المفلسين والفلاحين المنتزعة أراضيهم والذين جمعوا في ضواحي المدن الكبرى والمدن المنجمية، وخاضوا صراعات عنيفة منذ العشرينات وخصوصا الثلاثينات من أجل تحسين أوضاعهم المادية ومن أجل الحريات النقابية وبعد ذلك انخرطوا في النضال ضد الاستعمار. ليس الثوريون من يجب توجيه أصبع الاتهام إليهم بل التطور الاقتصادي والاجتماعي منذ دخول الاستعمار، أكيد طلبة الحركة الذين يستخدمون كل عضلات جسمهم باستثناء العضلة الأساسية "الدماغ"، لن يفهموا مغزى هذا الفلاش باك. لكن كل سهام هجومهم ترتد إليهم كما يرتد السحر على الساحر.

لكن هل الثوريون هم المنفردون بهذه الأفكار، أم أن هذه الأفكار تجد حاملين لها في صفوف الحركة الأمازيغية بالذات:

"وقد ساهم في بلورة هذا الانتقال ظهور شروط موضوعية، حيث خضع المجتمع لتطورات هامة مست هياكله الاقتصادية العتيقة، وهددت بنياته الجماعية التقليدية بالتفكك نتيجة الزحف الرأسمالي الذي بدأ يفرض تحولا سوسيو اقتصاديا شاملا على المجتمع القروي، تخلخلت معها التوازنات الاجتماعية التقليدية بدورها حيث تقلص دور القبيلة، وتفكك التماسك الأسري وتفشت ظاهرة الهجرة بمختلف أشكالها. وترجع هذه الوضعية إلى عملية الجرف التي تمارسها أنماط الإنتاج الرأسمالي ضد البنيات الجماعية التي تشكل في إطاراتها الطبيعية كيانات متجانسة اق واج وثق". محمد أوسوس جريدة تاسافوت

"لكن دخول الاستعمار واستدخاله لأنماط رأسمالية في مجال الثقافة والتعليم، أصبحت اللغة الأمازيغية شيئا فشيئا لغة مهمشة بدخول المدرسة العصرية". محمد حنداين العدد 10 جريدة تاسافوت

".. بما أننا نتواجد تاريخيا في مجتمعات طبقية، فإن الطبقة المهيمنة هي التي تفرض لهجة محددة وترقيها إلى مستوى لغة ثم لغة وطنية، ولكون الطبقة المهيمنة تستغل الشعب (بلهجاته)، يصبح ضروريا لها أن ترفع من قيمة لغتها وأن تحط من قيمة اللغات الأخرى للشعب أو الأمة كي يستمر استغلال الإنسان للإنسان". (بوجمعة هباز، نفس المرجع..).

إن هذه الاستشهادات بقيت محفوظة في جرائد ومنشورات الحركة لمدة عقود، دون أن تثير حفيظة طلبة الحركة، فقط عندما طرح الطلبة الثوريون نقاشاتهم حول الأمازيغية ارتأى هؤلاء بدل نقاش أفكار الثوريون حول القضية تجاوزه باختلاق نقاشات جانبية ومعارك دونكيشوتية حول الماركسية ومدى صلاحيتها من عدمها. إن طلبة الحركة قد خاطروا بركوب مغامرة نقد والهجوم على الماركسية من هذه المنطلقات.

فلنتقدم في النقاش. حسنا يقول طلبة الحركة، ولكن ماذا عن قولنا بعدم وجود بروليتاريا وبورجوازية بالمغرب؟ حسنا فلنستعد تعريف هذه المصطلحات:

البروليتاريا: هي طبقة الذين لا يملكون وسيلة لإنتاج قوتهم اليومي سوى قوة سواعدهم، وهم مضطرون كي لا يموتوا جوعا لبيع قوة عملهم للبورجوازيين. وتنقسم إلى بروليتاريا صناعية وزراعية وذهنية (معلمين، موظفون..)

البورجوازية: طبقة الرأسماليين الذين يملكون ويحتكرون وسائل الإنتاج ويستغلون العمل المأجور ويستخلصون منه فائض القيمة.

ألا تنطبق هذه التعاريف على المجتمع المغربي؟ ماذا سنسمي آلاف الأفراد الذين يتوجهون كل صبيحة إلى المعامل والمزارع والمدارس والأبناك ويتحكمون في الإنتاج المادي وينتجون فائض القيمة مصدر اغتناء الرأسماليين، هل هم أمازيغ فقط أم "بروليتاريا أمازيغية!". وماذا سنسمي مالكي المصانع والمزارع الكبيرة ومدارس ومصحات القطاع الخاص إن لم يكونوا بورجوازيين ورأسماليين. أما أن الرأسمالي يكف عن كونه رأسماليا والبروليتاري عن كونه بروليتاريا لمجرد تحدثهم بالأمازيغية؟ نريد جوابا واضحا حول هذا؟

يبقى اعتراض أخير حول هذه النقطة. يقول طلبة الحركة إن البورجوازية منعدمة بالمغرب لأن البورجوازية كما ظهرت بأوربا تميزت بنهضة فكرية تفتقر إليها ما نسميه بورجوازية بالمغرب. إنها والله حجة قصمت ظهورنا. لكن يا سادة هل كان كل أفراد البورجوازية بأوربا كطبقة تتمتع بنفس القدرات الفكرية؟ لو كانت هذه الفكرة صحيحة لما كان أمثال فولتير ومونتيسكيو وروسو قلائل ويعدون على رؤوس الأصابع. وكيف سيدير البورجوازيون أعمالهم التجارية والاستثمارية لو تفرغوا كلهم كطبقة لدراسة التاريخ والاقتصاد والفلسفة والتنظير للثورة الفرنسية. نفس الشيء بالنسبة للمغرب فلا يمكن أن يكون بورجوازيو المغرب "كلهم" مثقفون ومهتمون بميدان الفكر والعلم، بل هناك من يقوم بهذه المهمة نيابة عنهم (المثقفون الليبراليون المنتمون إلى أحزاب هذه الطبقة "الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال..).

ثم إن لم توجد بروليتاريا ولا بورجوازية بالمغرب ولا صراع طبقي، لماذا تعمل البورجوازية ودولتها على قدم وساق على إعداد قانون شغل وقانون تقنين إضراب، لمن يا ترى تعد هذه القوانين إن لم يكن للطبقة العاملة. ربما يتم إعدادها لإقصاء الأمازيغ، أو يعدونها لتطبق في أوربا كما تنتج السلع في المقاولة من باطن لتصدر إلى أوربا إنها والحق يقال حجة تافهة. وبماذا نفسر غلاء الأسعار والحركة الاحتجاجية التي قامت ضدها. بماذا نفسر انتفاضات 65/81/84/90. بماذا نفسر حركة الطلبة في السبعينات والإضرابات البطولية لعمال الفوسفاط والمناجم والمجابهة الضخمة بين عمال والماس وجيش كامل من قوات القمع بقرية تارميلات؟ ماذا سنقول عن انتفاضات طاطا وإفني وتماسينت، إن لم يكن من تجليات الصراع الطبقي؟ أظن أن مقولة الخصوصية الأمازيغية تقف عاجزة وعارية أمام هذه الوقائع. أما عن نكت الحركة كأطفال انفكو الذين يموتون لأنهم أمازيغ أو الزلزال الذي ضرب الحسيمة لأن سكانها أمازيغ تضاف إلى لائحة النوادر التي ربما سيكتشفها عالم آثار في القرون المقبلة متعجبا من تركيبة الأدمغة التي أنتجت مثل هذه الأفكار.

إن لم تكن الماركسية ومقولاتها الاقتصادية والسيايسة صالحة للمغرب. كيف ستجيب مقولة "الأمازيغية نمط عيش" على معضلة الديون الخارجية التي تستنزف ثروات البلاد. ما هو جواب الخصوصية الأمازيغية على البطالة الجماهيرية والهجوم على "الطبقة العاملة (آه، ليس هناك طبقة عاملة بالمغرب !!)ما العمل إزاء انعدام الحريات ومن أجل النضال ضد الاستبداد. في هذه المجالات لا تتجابه مشاريع أمازيغية مع نظيرتها العروبية، بل مشاريع طبقية، تجد معبرها السياسي في برامج الأحزاب المتصارعة، وفي إبقاء الملكية لجماهير شعبنا غارقا في البؤس والجهل والأمية بعيدا عن أي عمل نضالي وسياسي، وهو ما يسعى إليه "إيمدوكال"، بتكرارهم أن النضال المطروح مرحليا هو "أنسن إيس نلا" (أن ندرك وجودنا أولا).

نقطة أخيرة، تستوجب التوضيح. تتعلق بشعار "الأمازيغية كنمط عيش". لننظر إلى هذه العبارة الجميلة والناصعة البياض كالثلج. ماذا تعني عبارة الأمازيغية نمط عيش. هل تعني التقاليد، أسلوب البناء، طريقة الأكل والجلوس ودخول المرحاض والاستغراق في النوم والتناسل. أم تعني نمط الإنتاج القائم بالمجتمع ومجمل التصورات الثقافية المنبثقة عن هذا النمط. إن طلبة الحركة لا يكلفون أنفسهم عناء الجواب عن هذه المعضلة. ويطرحون هذا الشعار بدون محاولة توضيحه. إن بالمغرب ليس نمطي عيش واحد عربي وآخر أمازيغي، بل أنماط عيش ليست مرتبطة بهوية أو لغة أصحاب هذه الأنماط بل مرتبطة بعوامل أخرى، طبقية واجتماعية بالأساس، وعوامل ثانوية مرتبطة بالجغرافية أو الوسط والبيئة.

الثقافة " لا بد من الخروج بمفهومها الضيق، الذي يحصرها في الرصيد المتداول بين المثقفين والمتمدرسين.. مفهوم أدق وأوسع يشمل المثل والأفكار اليومية الملتصقة بالعمل اليومي وتبريره في إطار الفعل والفاعلين". (الشيخ والمريد عبد الله حمودي62).

إن الثقافة إذن مرتبطة بالعمل اليومي، وليس بتجريدات ذهنية؛ ومنه فإن نمط عيش عامل بمزرعة حديثة، حيث يقطن كوخا غير مصبوغ في الغالب وبغرفتين في أحسن الأحوال بدون كهرباء ووسائل الترفيه، لا يمكن مقارنتها بنمط عيش صاحب المزرعة الذي يعيش على بعد أمتار من كوخ هذا العامل في فيلا تقليدية مزودة بالكهرباء والماء الصالح للشرب وشتى أنواع وسائل الترفيه ومصاب بالتخمة ويستبدل سيارته مرة كل 6 أشهر، إن هذين الشخصين يتكلمون الأمازيغية ويعشقون أغاني الدمسيري وغيره من الفنانين الأمازيغ ويتدافعون بالمناكب بالمسجد، لكن لا يمكن أن نجمعهم تحت نمط عيش واحد شعاره "الأمازيغية كنمط عيش". إن آلاف الطلبة المكدسين في الأحياء المحيطة بالجامعات والمكتظين في المدرجات بدون منحة في أسوء الأحوال والتي لا تكفيهم في أحسنها والذين يقيمون حفلات الفلكلور أمام مركب جمال الدرة، لا يمكن مقارنة نمط عيشهم مع نمط عيش أبناء الذوات البورجوازيين في جامعة الأخوين وغيرها من الجامعات الخاصة جدا جدا، والذين يسكنون في الأحياء الراقية بالمدن الكبرى ويركبون الهليكوبتير لمتابعة دروسهم في المدن حيث تتواجد هذه الجامعات. وفي الأخير نمط عيش سكان الجبال والبوادي لا يمكن جمعه مع نمط عيش سكان المدن الكبرى تحت يافطة "الأمازيغية كنمط عيش". أي تناقضات هذه يقوم طلبة الحركة بجمعها تحت يافطة "الأمازيغية كنمط عيش".

ثم ألا نقترف جريمة في حق الأمازيغية حينما نجردها من مقوماتها الواقعية. إن ثقافة لا تعبر عن واقع عيش حامليها- كما هو في الواقع، وليس كما هو في أذهان آيت غيغوش- تصبح صدفة فارغة ومحض أسطورة لا علاقة لها بالواقع، وفي طريقها إلى القبر. إن ينابيع الثقافة (حسب بوعلي ياسين) تستقي مضامينها من مصدرين أساسيين: علاقة الإنسان بالطبيعة، ثم علاقة الإنسان بالإنسان أي العلاقات الاجتماعية، التي ينسجها الناس بينهم في حياتهم الاجتماعية (في البيت ومكان العمل وأمكنة الترفيه..). إن ثقافة لا تعبر عن حاجة عامل إلى النضال ضد الاستغلال الاقتصادي، وحاجة فلاح أو قروي إلى الأرض وتحسين ظروف عيشه، ولا تعبر عن حاجة طفل إلى مقعد في المدرسة هي ثقافة ميتة ومكانها المتاحف والرفوف، إن آيت غيغوش برفضهم هذه الأفكار يحولون الأمازيغية إلى مومياء لا نفع فيها سوى التأمل والإعجاب بما صنعه أسلافنا، وننساها بمجرد خروجنا من المتحف.

إن مقولة الخصوصية لا ينفرد بها طلبة آيت غيغوش وحدهم، بل مشتركة بين كل الانغلاقيين والانعزالين والمحافظين المرعوبين من الأفكار الجديدة الحاملة لبذور التغيير، فمقولة "لا شرقية ولا غربية، نريدها إسلامية" لا تختلف كثيرا عن مقولة " لا شرقانية ولا غربانية، نريدها أمازيغية"، أنصاف الديمقراطيين المبتذلين يرفضون المطالب الديمقراطية الجذرية بالخصوصية المغربية التاريخية التي تعتبر الملكية جزءا من موروثنا الثقافي، ورفض مبدأ عدم الإفلات من العقاب في إطار تصفية ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بمبرر خصوصية التجربة الانتقالية المغربية، إن مقولة "الخصوصية" لها طابع تبريري وديماغوجي، ولن يسمح بطرح إجابة حقيقية لمشكلة الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، بقدر ما تضيق أفق مناضلي هذه الحركة.

أظن أننا استوفينا هذه النقطة حقها، وسننتقل إلى بقية الهجومات.

2- رغم كل هذا يتقدم طلبة الحركة ربع خطوة إلى الأمام، فيقولون إن الأولوية في النضال الآن هي من أجل الأمازيغية، وتأتي بقية القضايا من بعد. حسنا إن ما يعيبه هؤلاء على اليسار يقعون فيه؛ إعطاء الأولوية للبعدين الاقتصادي والاجتماعي وإقصاء أو تأجيل البعد الثقافي، يستبدلونه بنقيضه أي إعطاء الأولوية للبعد الثقافي وتأجيل البعدين الاقتصادي والاجتماعي.

ماذا تعني فكرة أن نناضل من أجل الاعتراف بالأمازيغية أولا، أو كما يقول طلبة الحركة "أنسن إيس نلا" (ان ندرك وجودنا أولا)، ماذا يعني ذلك من الناحية السياسية والعملية؟ إن هذه الفكرة إلى جانب أنها طوباوية وغير ممكنة التحقيق، فهي رجعية أيضا، فأن ندفع العمال مثلا لترك نقاباتهم ولترك نضالهم اليومي من أجل تحسين مستوى عيشهم ورفع أجورهم من أجل النضال أولا لتحقيق المطالب الأمازيغية فكرة سيحبذها الباترونا ويعملون على نشرها في صفوف العمال، لكن لسوء حظ هؤلاء فالعمال لن يتمسكوا بهذه الفكرة لمجرد أن لغتهم أمازيغية ولمجرد أنها غير معترف بها في الدستور. ولنتخيل مشهد مناضل في هذه الحركة يتوجه إلى جبال أملشيل أو طاطا أو إفني حيث خرج الناس بالمئات والآلاف للنضال من أجل مطالب اجتماعية واقتصادية، ولنتخيل هذا المناضل يتوجه بخطابه إلى هؤلاء المحتجين الغاضبين: "إنكم تحرقون المراحل، يجب النضال أولا من أجل الاعتراف بالأمازيغية، وتأتي هذه المطالب من بعد، ثم إن المغرب لا وجود فيه لكادحين وبورجوازية، نحن أمازيغ ونمط عيشنا هو الأمازيغية". إن أبسط تعامل من طرف هؤلاء القرويين تجاه هذا الأخرق هو رجمه بالخضار الفاسدة إذا كان مزاجهم طيبا، والويل له إن كانوا في مزاج سيء.

ثم لنستحضر التجربة الرائدة في النضال الأمازيغي بالجزائر، والتي يستحضرها هؤلاء الطلبة ولكن دون استنتاج الخلاصات الأساسية منها، لتخصيب النضال الأمازيغي بالمغرب بهذه الخلاصات. لماذا لم يقم القبايليون بتأجيل المطالب الاقتصادية والاجتماعية حتى تحقيق المطالب الهوياتية، لماذا ربطوا في أرضيتهم المطلبية "أرضية القصور" بين المطالب الهوياتية والثقافية والمطالب الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية. من يا ترى يسترزق بنضالات الشعب الأمازيغي؟ لا بد ان الجواب غير جاهز لحد الآن. لكن الفكرة الجاهزة أن ما جعل التجربة القبايلية تجربة كفاحية ونموذجا للنضال الاجتماعي بالمنطقة وبالعالم يحاربه آيت غيغوش بحزم، ورغم ذلك يتماثلون مع التجربة، والأكيد أنهم يتماثلون مع الجانب المظلم من هذه التجربة، في حين يتماثل الثوريون مع الجوانب المشرقة والكفاحية في هذه التجربة، ولهذا فمستقبل النضال الأمازيغي مع الثوريون وليس مع آيت غيغوش.

3- الثوريون لم يتبنوا القضية الأمازيغية إلا ليسترزقوا بها وبشهدائها:

إنها حجة من العيار الثقيل، ربما لم تترك لنا مجالا للمراوغة، ولكن لنأمل أن نجد في تراث الحركة الأمازيغية ما يجيب عن هذه الحجة.

ورد في ميثاق أكادير شعار "الوحدة في التنوع" ومفاد هذا الشعار ان النضال من أجل المطالب الأمازيغية يستدعي الوحدة، وهذه الوحدة تستدعي التنوع، ويكمل شعار آخر هذا الشعار وهو "الأمازيغية مسؤولية وطنية" أي أنها مسؤولية جميع التيارات والأحزاب والهيآت. وحينما عرفت الحركة نفسها قدمتها على أنها حركة تحسيسية: أي تحسيس التيارات التي لم تتبنى المطالب الأمازيغية كي تقوم بذلك.

وطلبة الحركة انفسهم ينتقدون اليسار لأنه لم يتبنى القضية أو لأنه أغفلها وينعتونه باليسار العروبي والقومي. ولكن عندما يقوم هذا اليسار بخطوة في هذا الاتجاه يتفاجئ بتبديل الخطاب من طرف هؤلاء: البارحة لم تدافعوا عن القضية؟ حسنا نحن تبنيناها، وماذا بعد؟ وسرعان ما يأتي الجواب حاسما وسريعا: تبنيتموها للاسترزاق بها ثم إن حركتنا هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الأمازيغي والكفيل بالنضال لوحده من أجل القضية الأمازيغية. إنها افكار غريبة بحق. وقد حيرنا هؤلاء الطلبة، إذا لم نتبنى القضية مصيبة، وإن تبنيناها مصيبتين.

نفس الشيء يقال عن تعليقنا لصور ما يطلقون عليه شهداء الحركة الأمازيغية (معتوب، الهباز) وكذلك لصور الخطابي.

يقولون إننا نكذب ونجرم في حق معتوب حينما ننعته بمناضل من أجل الكادحين. لكن لسنا من يقول ذلك بل سيرة معتوب النضالية: مشاركته في انتفاضة الخبز بالجزائر اكتوبر 1988 وتوزيعه للمناشير وإصابته بخمس رصاصات لم تكن مشاركة مجانية، إن معتوب هو من يجب أن تحاكموه وليس الثوريون، إن معتوب قد اقترف جريمة بمشاركته في هذه المظاهرات المطالبة بالخبز وضد النتائج المباشرة لبرنامج التقويم الهيكلي. ربما شارك معتوب في هذه الانتفاضة وهو في حالة سكر أو حالة فقدان الوعي، لن تنقص مثل هذه الحجج طلبة الحركة، لنأمل أن لا.

أما بوجمعة الهباز، فحكايته حكاية. اختطفه النظام المغربي، لكن طلبة الحركة اختطفوا فكره. أكيد أنهم يعرفون ما يوجد في أطروحة الهباز التي نشر سعيد باجي فصلا منها في كتاب معنون بـ"مختطف بدون عنوان"، لذلك يمنعون قواعدهم من اكتشاف حقيقة هذا المناضل. يا إلهي إن بوجمعة الهباز له قناعات ماركسية، خبئوا أطروحته، لا يجب أن يطلع عليها مناضلو الحركة وإلا هجروا صفوفنا أفواجا والتحقوا بالماركسيين أفواجا. حسنا من يسترزق بالشهداء هل الثوريون الذين ينشرون أفكار هؤلاء الشهداء على الملأ، سواء اتفقوا معها أو لم يتفقوا أم طلبة الحركة الثقافية الأمازيغية الذين يرفعون صورهم دون أن ينبسوا ببنت شفة حول ما كتبه هؤلاء وحول عطاءاتهم الفكرية والأدبية. إن الجواب حاسم هنا، ولابد أنهم يبحثون عن ملاذات أكيد أنهم لن يجدوها. ويجد هؤلاء تبريرا (فكل ما يفلحون فيه هو تبربرات) لبوجمعة الهباز، بقوله أنه تبنى الماركسية الحقيقية في حين ان الثوريون تبنوا النسخة المزورة. ليس هذا هو موضع الخلاف، فما أدرى طلابا يستقون أفكارهم الضحلة عن الماركسية من المرتد (كوستاس بابايانو "الإيديولوجيا الباردة"، أو من المنحط جدا جدا أحمد حرزني "ماركس، من الكمونة إلى الجماعة")، ما أدرى هؤلاء بالنسخة المزورة للماركسية من نسختها الحقيقية. إن موضع الخلاف هو اتهامنا من طرف آيت غيغوش بتبني مصطلحات ومفاهيم لا تقوم لها قائمة بالمغرب، لأنها مصطلحات "أنتجها دماغ ماركس للمجتمع الأوربي، وليس للمجتمع الأمازيغي". نتهم بتبنينا مفاهيم الصراع الطبقي والبروليتاريا والبورجوازية، لكن كتابات الهباز مليئة بهذه المفاهيم، دون أن تثير حفيظة آيت غيغوش، إذا كنا مخطئين فالهباز أيضا مخطئ، وإذا كان الهباز على صواب فنحن أيضا على صواب. نريد جوابا محددا وليس مراوغات من مثل الماركسية الحقيقية (دورجين) أو المزورة (كرافاج).

إن طلبة آيت غيغوش بانعزالهم داخل أسوار الجامعة، ورفضهم الأرعن لأي نقاش جماهيري مع التيارات الأخرى وعصبويتهم المقيتة؛ طوروا داخل حركتهم نفس الأمراض المتفشية داخل البرنامج المرحلي (فكما يعتبر هذا الأخير نفسه الممثل الشرعي لحركة التحرر الوطني والإجابة الوحيدة لأزمة الشيوعية العالمية، يعتبر أيت غيغوش انفسهم الممثل الشرعي والوحيد للشعب الأمازيغي متهمين كل مختلف معهم بالقومجية العروبية كما يتهم طلبة البرنامج المرحلي كل مختلف معهم بالتحريفية والرجعية والانتهازية ويدعو إلى ممارسة العنف في حق معارضيه، ينخرط أصحاب "ميثاق شرف"ضد العنف في نفس الآلية معتدين بكثرة مناصريهم وبقدرتهم على إخراج اليسار من الجامعة بل وطرده حتى تخوم الجزيرة العربية. وعلى نفس منوال البرنامج المرحلي المصر على استقلاليته التنظيمية عن كل التيارات اليسارية الأخرى خارج الجامعة، يدعي طلبة الحركة أيضا استقلاليتهم التنظيمية والسياسية عن الحركة الأمازيغية خارج الجامعة، وهو ما أدى إلى تكلس فكري في أوساطها بسبب انقطاعها عن المستجدات في الحياة السياسية والاجتماعية، وانخراطها في معارك دونكيشوتية داخل أسوار الجامعة).

وفي الأخير نتمنى لطلبة الحركة طول البقاء على عرش أسلافهم الميامين، أي على رأس رأس المئات من أتباعهم، لكن ليكونوا أكيدين أن أفكار الثوريين، لن يقف أمامها لا هجوماتهم المغرضة، ولو أخفوا قواعد حركتهم داخل قواقع الحلزون، إن أفكارالثوريين كنور الشمس تماما مهما بلغت قوة الضباب فأكيد أنه سينقشع أمامه. ولتعلم القاعدة العريضة من الطلبة الذين ينتمون بحسن نية إلى هذه الحركة أنهم سيجدون في الثوريين أحسن حليف.

والنضال من أجل تحقيق المطالب الأمازيغية وراء القصد. وإن جاء ردكم- وهذا ما نتمناه ونستبعده رغم ذلك- فنحن جاهزون مرة أخرى لنقاشكم ما دمتم تتهربون من النقاش الجماهيري. فعسى أن تكون صفحات الأنترنيت أكثر ديمقراطية منكم.



#التوجه_الأمازيغي_الكفاحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع الحركة الأمازيغية منذ إنشاء - المعهد الملكي للثقافة الأ ...
- مساهمة نقدية للحركة الثقافية الأمازيغية MCA على ضوء الأحداث ...
- دراسة أولية في أصول القضية الأمازيغية
- ملاحظات سريعة حول المؤتمر الاستثنائي الأول للحزب الديمقراطي ...
- نقاش ودي مع محمد بودهان
- الربيع الأمازيغي 2001: نضال شباب الجزائر وكادحيها المتواصل


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - التوجه الأمازيغي الكفاحي - نقاش مع الرفاق في الحركة الثقافية الأمازيغية MCA