أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ميخال شفارتس - الجدار الفاصل الضفة الغربية في الزنزانة















المزيد.....

الجدار الفاصل الضفة الغربية في الزنزانة


ميخال شفارتس

الحوار المتمدن-العدد: 641 - 2003 / 11 / 3 - 02:01
المحور: القضية الفلسطينية
    


المناطق المحتلة
الجدار الفاصل الضفة الغربية في الزنزانة
مسار الجدار الفاصل اثار جدلا بين اسرائيل وامريكا، في حين غاب الجانب الفلسطيني تماما عن المفاوضات غير الرسمية، التي تحدد مصير الضفة الغربية وترسم حدودها النهائية. ان بناء الجدار هو اعلان عن فقدان اسرائيل ثقتها بالسلطة، وليس صدفة ان الحكومة اقرت مسار الجدار بعد تبني القرار المبدئي بطرد عرفات.

 

ميخال شفارتس

مسار المقطع الاوسط من الجدار الفاصل الذي اقرّته الحكومة الاسرائيلية، في 5 تشرين اول (اكتوبر)، يرسم خريطة رهيبة للضفة الغربية، فهو يقسمها الى ثلاث كتل معزولة عن بعضها البعض. في الكتلة الشمالية من الضفة، يحيط الجدار بثلاث مناطق صغيرة من جميع جهاتها، ويحولها بذلك الى معازل مفصولة عن المدن الفلسطينية، منقطعة عن اراضيها وعن مصدر رزقها، خاضعة لرحمة الجنود المرابطين عند بوابات الجدار كما يرابط الحارس امام بوابة الزنزانة.

بالاضافة الى ضم هذه المعازل فعليا لاسرائيل، يتيح مسار الجدار ضم مناطق اخرى كانت عازمة على ضمها، تشمل الكتل الاستيطانية الكبيرة، وعلى رأسها مستوطنتا "اريئل" و"كارني شومرون" بشمال الضفة، والمناطق المحاذية للخط الاخضر في منطقة طولكرم وقلقيلية. وتبلغ مساحة كل هذه المناطق، وبضمنها المعازل الثلاثة، 12% من الضفة. هذا عدا عن المناطق التي تنوي اسرائيل ضمها من خلال مشاريع القدس الكبرى.

اما سائر المناطق التي بقيت خارج الجدار، فلم يحدد مصيرها بعد. وهي من جهة واقعة تحت السيطرة الامنية الاسرائيلية، اما السيطرة المدنية على السكان فلا تزال رسميا من مسؤوليات السلطة الفلسطينية.

ان بناء الجدار هو اعلان اسرائيلي بفقدان الثقة بالسلطة بعد انهيار اتفاق اوسلو. وليس صدفة ان الحكومة اقرت مسار الجدار المثير للجدل بعدما قوّضت اركان السلطة الفلسطينية، وبعد سقوط حكومة ابو مازن التي اعتبرتها اسرائيل شريكة لها، وبعد تبني القرار المبدئي بطرد عرفات.

هكذا يستخدم الجدار لابتزاز التنازلات من السلطة: فاذا قبلت حكومة ابو علاء ضم المناطق الفلسطينية لاسرائيل، وفتحت حربا اهلية ضد المنظمات المسلحة، وأحبطت كل عمليات المقاومة ضد اسرائيل، فهناك احتمال ان تنقل اسرائيل للسلطة المناطق الواقعة شرقي الجدار. اما اذا لم تنفذ الحكومة الفلسطينية التعليمات الاسرائيلية فستبقى هذه المناطق تحت السيطرة الاسرائيلية العسكرية حتى اشعار آخر.

 

جدال على الجدار

الصفات السياسية للجدار واضحة رغم محاولات تصويره على انه جدار امني. وهي تثير نقاشا بين حزب العمل وحكومة شارون، علما ان حزب العمل كان المبادر لاقامة الجدار. فاول من اقترح الجدار كان حاييم رامون من حزب العمل، اثناء شغل منصب رئيس لجنة الخارجية والامن في حكومة الوحدة السابقة.

وكان رامون قد اقترح بناء الجدار بعد فشل لقاء طابا (كانون ثان 2001) الذي خيّب امله نهائيا بالسلطة الفلسطينية. وكان هدف الجدار افساح المجال لانسحاب اسرائيلي احادي الجانب من الضفة الغربية، كما تم الانسحاب من جنوب لبنان. ولهذا الغرض خطط مسار الجدار قرب حدود 67 مع ادخال تعديلات احادية الجانب. واكد رامون على ضرورة اخلاء المستوطنات التي ستقع خارج الحدود المرسومة للجدار.

استند مخطط رامون على التفاهم الذي توصل اليه الرئيسان السابقان، الامريكي كلينتون والاسرائيلي براك، في قمة كامب ديفيد (تموز 2000). بموجب هذا التفاهم تعيّن الابقاء على كتلة اريئل الاستيطانية ونحو 80% من مستوطنات الضفة تحت السيطرة الاسرائيلية.

وقد كشف الكولونيل الاسرائيلي غيورا ايلاند (هآرتس، 7 تشرين اول)، ان الخريطة التي اقترحها عرفات في محادثات طابا (كانون ثان 2001)، شملت 97% من الضفة، ولكنها رسمت مستوطنة اريئل ضمن المناطق الاسرائيلية. الوضع المتفجر للجماهير الفلسطينية في تلك الفترة ادى لتراجع عرفات عن موافقته على الخطة.

طبخة الجدار هذه لم ترض كتلة الليكود والمستوطنين، كما رفضها بنيامين بن اليعيزر حين كان وزيرا للدفاع في حكومة الوحدة بقيادة شارون. اما اليسار الاسرائيلي فتبنى الفكرة بحماس. مع ازدياد العمليات الانتحارية في العمق الاسرائيلي انقلبت الصورة، مما جعل الرأي العام يتبنى الجدار الفاصل ليس بهدف الانسحاب الاحادي الجانب كما كانت الخطة الاصلية، بل بهدف سجن الفلسطينيين في ضفتهم عقابا لهم على فعالهم. الوضع الجديد اقنع بن اليعيزر بتبني الجدار في نيسان 2002.

شارون الذي عارض الجدار لانه يرسم حدود اسرائيل بشكل لا يتلاءم تماما مع طموحاته السياسية بالضفة الغربية ولا يروق لكتلة المستوطنين، اضطر هو الآخر لقبوله خضوعا للرأي العام. وبعد مماطلة تبنت حكومته قرار بناء المقطع الاول من الجدار في حزيران (يونيو) 2002. غير انه في البداية وضع الكثير من العراقيل، فلم يخصص الميزانيات اللازمة لبنائه، كما يشير تقرير مراقب الدولة. وقام بتغيير مساره ليتلاءم مع طموحاته، فبينما كان جدار رامون يمتد على مساحة 400 كيلومتر، وتقدر تكاليفه ب1.2 مليار شيكل، اصبح بقيادة شارون يمتد على مساحة 600 كيلومتر (هآرتس، 19 ايلول) ووصلت تكاليفه الى 8-9 مليارات شيكل (هآرتس، 1 تشرين اول).

 

الخلاف مع امريكا

المفارقة ان مسار الجدار اثار جدلا بين امريكا واسرائيل. فالجدار يفرغ من مضمونها خريطة الطريق التي اقترحها هو نفسه، وفي اساسها اقامة "دولة فلسطينية" ذات تواصل جغرافي. ولا يزال الجانبان يناقشان الموضوع، بغياب الجانب الفلسطيني عن المفاوضات غير الرسمية التي تحدد مصير الضفة الغربية وسكانها. اتفاق امريكا واسرائيل على استثناء السلطة من المفاوضات يسمح لاسرائيل برسم حدودها النهائية بشكل احادي الجانب، دون اعتبار الجانب الفلسطيني وحاجاته ومصالحه القومية.

يشار الى ان الرئيس الامريكي لا يعارض الصفات الامنية للجدار. لذا فقد قبل اجزاء من الجدار ورفض اجزاء اخرى، خاصة في منطقة مستوطنتي اريئل وقدوميم، والمنطقة القريبة من رام الله. كما قرر ايفاد مندوب لفحص ما اذا كانت هناك حاجة امنية ضرورية للجدار المزدوج في المنطقة القريبة من المطار الاسرائيلي في اللد. وهددت الادارة الامريكية بخصم الاموال التي كان المفروض استثمارها في المستوطنات والجدار، من المساعدات المالية الخاصة التي وعدت بها اسرائيل وقيمتها مليار دولار (هآرتس، 7 تشرين اول).

وتبنى مندوب الاتحاد الاوروبي، خافيار سولانا، موقفا شبيها: "نحن مبدئيا ضد الجدران. قد نتفهم احيانا الحاجة الى جدار يمكنه ضمان الامن، ولكننا لا نتفهم الجدران التي ترسم الحدود". (هآرتس، 1 ايلول)

حول الموقف الامريكي من الجدار، قال جيورا ايلاند لهآرتس (7 تشرين اول): "الامريكان يفصلون بين الامن والامور الاخرى. عندما يدور الحديث عن الامن، وتحديدا الحرب ضد الارهاب، فان التأييد الامريكي لنا غير محدود". من هنا يستنتج ايلاند انه سيتم التوصل الى حل وسط بين الجانبين، ويضيف: "التهديد الحقيقي على اسرائيل ليس الارهاب فقط، بل الدمج بين الارهاب والخطر الديموغرافي (التعداد السكاني). الجدار يشكل دواء للامرين".

ارضاءً لبوش، قررت الحكومة الاسرائيلية تأجيل بناء الجدار حول مستوطنتي اريئل وقدوميم، والاكتفاء ببناء مقاطع على شكل حذوة حصان (انظر الخريطة)، ولجأت الى اتخاذ وسائل حماية اخرى مؤقتة. ويبدو ان القرار لاقى استحسان الرئيس الامريكي، فهو ايضا ليس مستعدا لفتح معركة حقيقية ضد اسرائيل التي ارتفعت اسهمها بعد احداث 11 ايلول، واصبحت الشرطي المحلي تجاه السلطة الفلسطينية وسورية وكل من يسبب مشاكل للامريكي. من جهة اخرى قرر بوش عدم الدخول الى عمق اية مفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين قبل الانتخابات الامريكية القادمة.

الجدار لا يفصل بين اسرائيل والفلسطينيين، بل تستخدمه اسرائيل للبقاء في كلا جانبي الجدار بحجة حماية الامن حتى تبتز المزيد من التنازلات السياسية. ومن جهة اخرى، يسهل الجدار ضم الكتل الاستيطانية لاسرائيل؛ الجدار لا يحمي امن اسرائيل، وهذا ما يثبته تطويق غزة، فها هي اسرائيل تضطر لقصف غزة وغزوها بالجنود.

كل ما يمكن للجدار ان يساهم به هو المزيد من تعقيد الامور، فهو يحوّل حياة الفلسطينيين شرقي وغربي الجدار الى جحيم، مما يجعل امل اسرائيل بالامن حلما بعيدا.

 

المقطع الاوسط لجدار الفصل العنصري

المقطع الاوسط من مسار الجدار يمر من مستوطنة القانا الى النقب. طوله 430 كيلومترا، وتبلغ تكلفة اقامته 450 مليون شيكل. في هذا المقطع يحيط الجدار بثلاث معازل فلسطينية يعيش فيها 61 الف مواطن فلسطيني. للتنقل بين الكتل المنقسمة سيضطر هؤلاء لاجتياز الجدار من خلال معابر ضيقة، وربما انفاق. ومن ينوي منهم دخول المدن المحيطة، سيحتاج الى طلب اذن من الجيش الاسرائيلي الذي يسيطر على مداخل الجدار.

المعازل هي: رافات (5000 فلسطيني)، رنتيس (19 الف فلسطيني)، بيت عنان (37 الف فلسطيني)، بالاضافة الى منطقة قلقيلية. وهناك 12 الف فلسطيني سيبقون في المنطقة الحرام بين الجدار والخط الاخضر (مثل باقة الشرقية)، و100 الف آخرين في منطقة القدس الكبرى سيفصلهم الجدار عن الضفة الغربية. 

الصبار

 



#ميخال_شفارتس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعديل في قانون التجنس الزواج من الفلسطينيين مسموح، ولكن...
- خريطة الطريق: قصة موت معلن
- تعيين ابو مازن: واحد - صفر لاسرائيل
- ايتها الحرب الجميلة
- فرض خليفة لعرفات مسألة وقت
- الاتحاد السوفييتي: دكتاتورية ستالينية، ام دولة عمال اشتراكية
- الجدار خطوة احادية الجانب لتعديل الحدود
- يوم الارض هذا العام: هروب من التحدي
- يوم المرأة العالمي - تاريخ وجذور


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ميخال شفارتس - الجدار الفاصل الضفة الغربية في الزنزانة