أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - فرناندو بوتيرو رسام سجن أبي غريب يعرض منحوتاته الغريبة















المزيد.....

فرناندو بوتيرو رسام سجن أبي غريب يعرض منحوتاته الغريبة


فاروق سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 2080 - 2007 / 10 / 26 - 05:27
المحور: الادب والفن
    


تصنع التعبيرية فسحتها في رؤية العالم، لمن يعي جيدا ان مايراه ليس حقيقة.. بل هو قناع الحقيقة.. ودلالاتها الجانحة نحو كل اتجاه ويترتب ساعتئذ ان يشكّل الرائي تلك الحقيقة من زاويته الخاصة، ومن خلال قدرته علي ايصال اشاراته وتداعياته عبروضع نفسي خاص في النظر الي الوقائع والناس والوجوه..
ومن خلال فضيحة سجن ابي غريب تحت سياط الأحتلال كان فرناندو بوتيرو قد عمل طويلا منذ الفضيحة اللاانسانية تلك معتقدا ان كابوس صور المجزرة والفضيحة لن يغادره ابدا حتي انجز مشروعه بعد سنة من تلك الفضيحة التي ستلازم السيرة التاريخية لعقيدة الأحتلال وفكر المحتل و من منحه الشرعية ليصبح حقيقة الدمار والخراب لبلاد الرافدين.. وبوتيرو لم يشتغل علي بيان سياسي حول ابي غريب يوم ان رفضت متاحف امريكا استقبال اعماله بل سجل وثيقة خاصة من التعبيرية العميقة لكي يكون للفنان موقفا وثائقيا وفنيا.. لكنه بعد ذلك لم ينسي مهمته الفنية والجمالية رغم تمسكه المتواصل بموقفه من الأحتلال في كل مكان في العالم ومن الدكتاتورية في اميركا اللاتينية.. وقضايا المرأة.. وبخاصة حين تستضيفه متاحف العالم اليوم بعد ان عرف العالم لماذا رفضت غازلت متاحف امريكا حكومتها ورفضت استقبال بوتيرو

تحولات فنية
وفرناندو بوتيرو ــ 1932 ــ نموذج للرسام التعبيري الخالص القادم من اميركا اللاتينية.. يعبر، مذ عرف في الستينات، بقوّة عن الفن التشكيلي وتحولاته امريكا اللاتينية.. هذه الأرض الملغّزة.. بفنها العريق وفولكلورها الملوّن .. وثقافتها المليئة بالرموز والدلالات .. فقد انشغل فرناندو بوتيرو بصورة الأنسان وتشكيلته الفيزياوية ودلالاتها منذ وقت بعيد حتي غدا هدفه الأسمي .. وهو يري المرأة ايضا بشكل استثنائي ــ كما في معرض منحوتاته الأخير ببرلين ــ .. لينظر الي هذه الكتلة الأنسانية في وضعياتها المختلفة كتعبير عن حياة وعاطفة .. ومن وجهات نظر، لنقل انه يحاول استجلاء دواخلها من زوايا مختلفة، وهو يطلق كل عدّة الرسام التعبيري، في التهشيم المر والتشظية الممكنة .. الي درجة المبالغة في المضاعفات في الكتلة كما في ــ امرأة مستلقية وامرأة جالسة ــ ، او اللعب بألأشكال الي درجة الكاريكاتور.. او بالكشف الوضيع الي حّد الأسي.. المدمر او الخدعة ولعبة المحاكات وقسوة التعبير في العاطفة وفي الألم ايضا،
كما في لوحاته الكثيرة حتي قبل معرض منحوتاته الجديد.
فرناندو بوتيرو ولد في الثلاثينات في ميديلين في كولومبيا، ، وتعلم في اوائل القرن الماضي ان السيكولوجيا هي أداة الكشف الفني.. وان اكثر الناس سويّة كما توحي صورهم.. هم اكثر الناس هشاشة وتفسخا.. وتشظ في نفس الوقت.. ومن دون ان يتسلح الفنان بعدة خاصة لأرخنة تحولات الذات فانه سوف يظل اسير التصوير العابر.. و في اكثر من محاولة لقراءة تجربته وكشف ايقاعها نراه وقد عالج اعماقا بعيدة في ظلام الجوهر لكل ماهو برّاني.. في الشخصية التي ينتخبها بغية كشف تذبذبها وتحولها الداخليين رافضا اية دلالة واقعية ثابته في مظهر الناس وكتلتهم الجسدية البادية في هيئة انسان..

من تجاربه المهمة التي عرفه بها السياسيّون.. و المهتموّن بفنه بذات الدرجة من الأنبهار.. انه اشتغل 14 شهرا تحت تاثير كابوس فوتوغرافيا فضيحة ابي غريب.. تلك الصور التي صورتها الجندية الأمريكية ، وندي انغلاند، المتهمة بكل تلك الفضيحة هي وعشيقها وبضعة جنود مدمنين وقتلة من جند الأحتلال...
وبعد سنة وشهرين من التخدر تحت، ذلك الكابوس الذي صنعته قوات الحتلال.. اثر كشف الصحفي الأمريكي في النيويوركر سيمور هيرش في عام 2004 عن الفضيحة، قدم بوتيرو 42 تخطيطا و38 لوحة لعرضها في الولايات المتحدة الأمريكية.. حينها رفضت كل غاليريهات الولايات المتحدة عرض اعمال بوتيرو المستوحات من نظرته للفضيحة تلك وضحاياها الذين يبدون في كامل عافيتهم وهم يواجهون العذاب والموت ــ ــ كما علّق مرّة ــ .. ليستبطن هذه الشخصيات وهي تعاني القسوة والفضاعة من جنود الحتلال المريكي في سجن ابي غريب .. فيما كان هو تحت سطوة الكوابيس.. يستلهم و يرسم ويستعيد
وكانت يومها قد فسحت شتي دور العرض والمتاحف في العالم المجال للفنان الكولومبي فرناندو بوتيرو لعرض أعماله الخاصة بفضيحة ابي غريب لكنه فوجيء برفض المتاحف الاميركية وعزفها عن عرض اعماله تلك حيث رفضت جميع المتاحف الاميركية التي قدم لها بوتيرو لوحات تصور الانتهاكات التي مارسها عسكريون امريكيون في حق سجناء مدنيين ابرياء داخل السجن الرهيب .. الا انه استطاع ان يعرض اعماله فيما بعد بمبادرة شجاعة في مارلبورو جاليري في مانهاتن .
أزمة فنية
وقال بوتيرو يومها : إن رفض المتاحف الأمريكية عرض هذه الاعمال لهو أمر مزعج في بلد يلوّح سياسيوه بحرية التعبير. وكان بوتيرو يقف وسط لوحات تعرض سجناء مجردين من ملابسهم ويتعرضون لانتهاكات من قبل حراس وكلاب سجن ابي غريب ولكن عرضها كان رهين أسلوبية فنية مختلفة تستلهم الفوتغراف ولاتكرره.
وقال بوتيرو ان اللوحات هنا مستمدة من نصوص تصف الاحداث وليست تقليدا للصور الشهيرة.
ويومها علّق ديفيد دارسي الناقد الفني التشكيلي : ان المتاحف الاميركية مترددة في اغضاب الحكومة. وانها كانت ستقبل أية اعمالا اخري لبوتيرو علي الفورحيث انه يعتبر من اكثر الفنانين المعاصرين الذين يحظون بالتقدير بعد كريستو..
عندها، وحين عرضت اعماله في الغاليري الأمريكي الوحيد الذي وافق علي عرض اعماله.. مارلبورو غاليري.. ازدادت معرفة العالم بفيرناندو بوتيرو، اكثر من تلك المحاكمات التي عرضته للموت في الستينات في بلده كولومبيا وهو يناضل ضد الدكتاتورية .. او بسبب رسومه وتلغيزها السياسي والأخلاقي..
واثر معرض مارلبورو غاليري في نيويورك استضافته اهم قاعات العرض في فينيسيا.. وروما وباريس ــ شارع الشانزليزيه.. ولندن.. ثم نيويورك ــ بارك افنيو.. ولكن كان ذلك الخيار متأخرا.. ûûûû
هنا في برلين يفاجئنا الرسام الكولومبي فيرنادو بوتيرو بستة عشر منحوته تعبيرية كاشفة للألم واللذة في آن معا وهو يعرضها امام الناس اطول مدة ممكنة هذه المرّة ــ اذ يستمر معرضه مدة شهر كامل منن 25 ايلول ا الي 24 اوكتوبر/ تشيرين الأول 2007 ــ في حديقة لوست غاردن في متحف مدينة برلين.. ليمنح المهتمين اطول مدّ ة من الرؤية البصرية المعمّقة والتأمل (التعبيرية لاتعرف وطنا محددا) هكذا يعبر بوتيرو،..(فأنا وان كنت اعجبت بالنمساوي كوكوشكا لكني لم انس ابدا فان كوخ ولمسته اللونية في لوحاتي .. او كيشنر الألماني وكالنسكي او فاسيلي او كاندنسكي من التعبيريين الروس.. وغيرهم من التعبيريين في كل تاسيس)..
انه يظن ان تعدد شخصيات من كل جغرافيا ممكنة في الأنتماء للتعبيرية.. يمنحنه الشجاعة للتاكيد دائما ان التعبيرية حركة كونية لها ملامح خصوصيتها في المكان.. وفي جغرافية العقل الذي ينتمي الي الحركة وابداعها..
وهو اذ يفاجيء المهتمين بعمله الفني انما يخالف قواعد عمله التشكيلي الذي عرض في كثير من قاعات العرض.. ليشتغل هذه المرة علي التعامل مع شخصيات شتي في16 منحوته بمواد مختلفة، نزع فيها الي كسر رتابة التعبير الثابت الذي تعكسه صورة شخصياته وكياناتهم نحو.. تبديد تلك الصورة.. ومنح التوهج الذهني الطاقة للتعبير عن زوايا متعددة للشخصية وحالات مغايرة لطبيعتها المعلنه دائما كما يفعل في لوحاته هذه المرة ولكن علي مادته النحتية.. والمعرض غريب مثل غرابة المدينة.. برلين بكل ثقافتها المتاحة المفتوحة كمدينة عالمية الثقافات مفتوحة علي الآخر ليحكي ويبتكر..
وقد شهدت لوست غاردن، وكانها حديقة اللذه، في الترجمة الحرفية لدلالتها في الألمانية، اقبالا شديدا واهتماما بمعرض باتيرو الذي يبدو حدثا منقسما علي نفسه فنيا.. وثقافيا، بين ارث الجنوب ورؤية الشمال لتجربة انطوائية تمثل ثقافات الجدل اللانهائي للخلق في دول النمو المستحيل.. دول ثقافة الفقر.



#فاروق_سلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجالس على رمله الهش
- وداعا سركون بولص
- تشكيليون تجمعهم الرؤيا ويقربهم اللون والشعر في غربة المكان
- فساد الأخوة
- سلمان شكر نخلة النغم العراقي التي لاتتكرر (*)
- بغداد .. خرابست
- الراحل لارس فورسيل عضو الأكاديمية السويدية : الكتابة معنى وا ...
- ايكو: لاشيء صغير ..لاشيء كبير كل شيء مشوش ومرتبك.. و بوش مثل ...
- ثرثرة المعنى .. ثرثرة طوال الوقت
- تقرير حالة الشعر : عشرون شاعرا تاريخيا وعشرة شعراء معاصرون ف ...
- سعدي يوسف ..عندما يصير الشاعر كونيا - كتاب جديد بالأنكليزية
- فؤاد التكرلي : الأفندي الأنيق ابن المحلّة البغدادية في الثما ...
- العربي الجيد ..هو العربي الميت
- تارا مكّلفي .. تواجه الأسئلة عن كتابها( وحشية ).. الأكثر انت ...
- بأنتظار صحوة النخب .. ومحنة خدر العوام !!
- الخبير الدولي .. الفنزويلي فرناندو باييز : رأيت بعيني وسجلت ...
- رؤية معمارية للفضاءات السبع لجسر الصرافية !!
- الفيلاّ الخضراء :استعادات في مخبأ غريتا غاربو السري !!
- جارلس سيميك .. جائزة الأكاديمية الأمريكية للشعر
- عمارة الكلام ..وعمارة المكان ..بين شارع الأميرات ..وشارع جبر ...


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق سلوم - فرناندو بوتيرو رسام سجن أبي غريب يعرض منحوتاته الغريبة