أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - نهاية الزمن العرقي (الكردي) في العراق (2-2)















المزيد.....

نهاية الزمن العرقي (الكردي) في العراق (2-2)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 2080 - 2007 / 10 / 26 - 09:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن احد الأخطار الكبيرة من جانب الحركة العرقية الكردية الحالية بالنسبة للعراق المحكوم حاليا بقوة الاحتلال، تكمن في انتقال الأقلية والأطراف إلى المركز. وهو انتقال لا يصنع غير هامشية الرؤية والتجزئة. فالأقلية الهامشية هي على الدوام أحد المصادر الاجتماعية والسياسية لإنتاج وإعادة إنتاج نفسية وذهنية الاطرافية والراديكالية خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن الحركة القومية الكردية بلا تاريخ ذاتي. من هنا الخطأ الاستراتيجي في "انتخاب" الطالباني "رئيسا" للعراق. فهو تكتيك سياسي خطر لكل الأطراف التي عملت على إنضاجه آنذاك. وذلك لأنه لم يكن بإمكانه المساهمة في توسيع مدى الفكرة الوطنية. على العكس. فالطالباني يبقى سليمانيا بحت، كما أن البارازاني جبليا بحت. وكلاهما أطراف وهامشية. وهو الأمر الذي يمكن رؤيته بسهولة في حال إعادة قراءة أفعالهم وأقوالهم منذ بدء الاحتلال(2003) وحتى هذه اللحظة. إذ إننا نقف في حالة الطالباني أمام نموذج كلاسيكي لرئيس حزب قومي صغير، مشبع بنزعة ميكيافلية عارية، أي بلا أسس مادية واجتماعية قادرة على جعلها ذات قيمة فاعلة بالنسبة للسياسة. أما البارازاني فهو ممثل نموذجي للبنية القبلية وتقاليد الأغوات الأكراد! وكلاهما يمثلان الصيغة العراقية المشوهة لتاريخه السياسي المنقرض، أي لظاهرة الشيوعية والبعثية وتحاربهما وزوالهما. فالبارازاني هو نموذج للبعثية الكردية، والطالباني لشيوعية الأقليات!
فمن الناحية الشكلية والفعلية لم يكن هناك خلاف جوهري بين الشيوعية والبعثية في العراق. بمعنى أنهما كلاهما كيانات متشابهة. من هنا حدة ودموية صراعها. فالمختلف يقر بالاختلاف، والمتشابه لا يفهم معنى وجود نسخة إضافية! لاسيما وان كل منهما بفعل أصولية التفكير والعقيدة يعتقد بأنه صاحب الحقيقة المطلقة! من هنا لم يكن تاريخهما غير زمن الاحتراب الغريزي، وليس البحث عن حل للخلاف والاختلاف. ولهذا أيضا لم يفهم احدهما معنى وجود الآخر، لان كل منهما يجد في نفسه صورة أصلية وفي "الآخر" نسخة مزيفة! وهي حقيقة عندما نضعها ضمن سياقها الفعلي، بمعنى تشابههما في النزعة التوتاليتارية والإيديولوجية المسطحة والقيادات الجاهلة وأنصاف المتعلمين وشبه انعدام للقيم الأخلاقية. وهي ذات الظاهرة التي يمكن رؤيتها في تشابه البارزانية والطالبانية ودموية كل منهما تجاه الآخر. وهو الأمر الذي يعطي لنا إمكانية التنبؤ باستعادتهما، حتى في أفضل الظروف وأجودها، نفس مصير البعث الشيوعي أو الشيوعي البعثي. إذ ليس "التحالف الكردستاني" في الواقع سوى الصيغة الباهتة "للجبهة الوطنية". وانفراطه وتآكله هو مجرد وقت.
فقد كان "التحالف الكردستاني" وما يزال الصيغة السياسية العملية التي فرضتها الولايات المتحدة من اجل توظيفه في إستراتيجية "إعادة ترتيب" أوضاع العراق، ومن خلال "الشرق الأوسط". وهي إستراتيجية عقيمة من الأصل لأنها جزء من مشروع أجنبي وغريب. ومن ثم لم يكن اندراج و"اندماج" الطالبانية - البرازانية في المشروع الأمريكي الشرق أوسطي سوى النتيجة المترتبة على ضعفهما الذاتي وافتقادهما لفكرة الدولة والقومية بالمعنى الدقيق للكلمة. إذ ليست "الدويلة الكردية" أو بصورة أدق الإمارات الصغيرة سوى النتاج المرافق لخلخلة الدولة العراقية بسبب الاحتلال. بمعنى أنها لا تحتوي على أية مقومات ذاتية متراكمة من تلقائية التطور التاريخي السياسي للعراق. وبالتالي لا يعني العيش ضمنها سوى الاستمرار في توسيع وترسيخ الأوهام "الإستراتيجية". وهو الأمر الذي يعمق الخلل الباطني للحركة القومية العرقية الكردية، ويجعله منظومة تنخر الوعي والعقل والضمير. فالعراق الحالي هو حالة مؤقتة وعابرة. انه عراق للحرب وفيدرالية للغنيمة! وهي حالة شاذة وعابرة. والعيش بها ليس أكثر من أوهام جديدة لأحلام مريضة. وشأن كل حالة من هذا القبيل لا يمكنها العيش طويلا. وليست الأحداث الأخيرة على الحدود التركية العراقية، سوى احد مظاهرها الأولية. إذ فيها ومن خلالها تتكشف حماقة الفيدرالية العرقية، ومأساة انحلال المركزية الدولتية. بحيث يتحول العراق، حامل الوحدة الجيوسياسية للوسط الأسيوي والشرق العربي الى فلاة المعبرّين والمخبرّين والإرهابيين واللصوص وقطاع الطرق ومغامرات الأغوات و"الإقطاعيين الديمقراطيين الجدد"!
ما لا شك فيه، أن القوى القومية العرقية الكردية الحالية (البارازانية الطالبانية) تجر الأكراد إلى هاوية الخراب عبر دفع صراعهم من اجل نيل الحقوق القومية إلى عداء عنصري متخلف وبدائي تجاه شعوب المنطقة. أنها تجر الأكراد إلى ما قاده صدام بعرب العراق (مع فارق الإمكانية والآفاق). فهي تستكمل طوق العداء من خلال تأليب الصراع القومي واستكماله بإثارة العداء العربي الكردي. فالوعي الكردي العادي القومي مشحون بنزعة شوفينية عدائية وبدائية وهمجية ضد العرب. إذ ليس عند الجيل الكردي الجديد علاقة وجدانية أو تاريخية أو ثقافية بالعراق. انه مغترب عنه. جيل لا يعرف العراق ولا ينتمي إليه ولا يجيد، بلا يعرف العربية (في العراق!!) ومنهمك في تعلم الانجليزية!! ذلك يعني، إننا نقف أمام حالة كردية تستعيد من حيث الجوهر حالة العراق عام 1921. وهو الأمر الذي يضع مهمة استكمالها أو دفعها إلى النهاية من اجل ألا يعيد العراق زمن القرن العشرين.
إن الحركة القومية الكردية الحالية في العراق هي حركة عرقية تخريبية بحت للهوية العراقية والفكرة الوطنية والبديل الديمقراطي. وعندما أتأمل ممارساتها من خلال دراستي لحالات متشابهة، فان المثال الأقرب للمقارنة هو دور اليهود في روسيا بعد الانقلاب البلشفي عام 1917. بمعنى أنها مستعدة على تأدية دور المخرب الفعلي للفكرة الديمقراطية والدولة المركزية والوطنية العراقية. وهو دور مضخم ومفتعل لكنه "واقعي" ومؤقت بسبب حالة الاحتلال. إذ لم تكن القوة المفتعلة "للكيان الكردي" المضخم في الحالة العراقية سوى القربان الذي يدفعه العراق من اجل التطهر من رذيلة الحركات العرقية (والطائفية). وهو الأمر الذي ادعوه بانتهاء الزمن الكردي في العراق. إذ ليس بحوزة "إمبراطوريات القبائل" الكردية في العراق أكثر من 5% مما تمتلكه البصرة، بينما نراها تسلك سلوك يعادل العراق بأكمله؟! وهو خلل جعل من الممكن "سيادة" و"غطرسة" أقلية بائسة بالمعنى التاريخي، كما جعل من الممكن تحول أحزاب خربة الى قوة ديمقراطية!! وفيما لو جاز لنا المقارنة الرمزية، فان هذه القوة ليست في الواقع أكثر من حصان طروادة الاحتلال. وهو حصان جرى تصنيعه وتلميعه ونخره وحشره داخل العراق بأثر الدعم المنظم من جانب الولايات المتحدة (وإسرائيل) في مجرى عقد من الزمن. وهو الزمن الذي بدت ملامحه تشير الى الانتهاء، لأنه لم يتحول الى تاريخ. إذ لم يكن بإمكانه أن يكون تاريخا، لأنه صنيعة إستراتيجية غريبة ونفعية. وهو الأمر الذي يضع أمام العراق وقواه المستقبلية مهمة إرساء أسس الدولة العراقية المتحررة من المشكلة الكردية. بمعنى طرح فكرة الفصل، عبر إعطاء السليمانية حدودها كما هي قبل ضمها للعراق. وإرجاع البارازانية إلى حدودها التاريخية ما قبل نشوء الدولة العراقية الحديثة.
بعبارة أخرى، إن العراق لا ينبغي أن يتحمل حماقة القيادات العرقية المغامرة. على العكس أن المهمة تقوم في البحث عن علاقة إستراتيجية متينة مع تركيا وإيران. ومن خلالها حل المشكلة الكردية. فالتاريخ العراقي الحديث، وبالأخص في ظروف ما يعد الاحتلال كشف بصورة اقرب الى اليقين، بان الحركة القومية الكردية ليست عراقية بل عرقية. وبالتالي، فانه لا معنى للدفاع عنها. على العكس أن المهمة تقوم في تحييدها ومحاصرتها وإخراجها من العراق عبر إعادة فكرة ونموذج مركزية الدولة، المحكومة بالقانون والمصلحة الوطنية العامة وفكرة المواطنة، والمساواة التامة أمام القانون. مما يضع بدوره جملة من المهمات العملية بهذا الصدد، لعل أكثرها ضرورية للمستقبل هو إعادة مركزية الدولة وإيجاد الصيغة الواقعية والعقلانية لنظام المحافظات. وهي مهمة تفترض ترتيب أولوية العلاقة بالأكراد من خلال طرح فكرة الاستفتاء العام حول "فصل الأكراد" عن العراق. فهي المقدمة القانونية الأولية للتخلص الكلي من المشكلة الكردية بوصفها قضية كردية بحتة لا علاقة لها بالعراق. ومن ثم إخراج الأكراد من دراما المستقبل العراقي، عبر الدفاع عن فكرة الاستقلال الكردي لكي يتكامل القوميون الأكراد بطريقتهم الخاصة. وفيما بعد صياغة الأولويات العملية من خلال الرجوع الى خارطة العراق العثمانية أو عام 1921. ومن خلالها حل كافة "قضايا الخلاف". وهي مهمة قابلة للتنفيذ من خلال إرجاع الأمور في أول الأمر الى حالة "الحكم الذاتي". ثم إقامة حدود وهمية ولكن صارمة تتحكم بمجمل ميادين الحياة، مع أولوية التحرر من مسئولية المركز الاقتصادية. ثم استتباعها بإجراءات عملية خارجية من خلال مباحثات مع الأطراف التركية والإيرانية. وهي إجراءات قادرة في نهاية المطاف على إعادة هيكلة القوى الكردية.
بعبارة أخرى، إن العراق بحاجة الى إعادة بناء الهوية الكردية بصورة طبيعية، يحرر الطرفين من تاريخ العنف والكراهية القومية المحتملة. مع التزام العراق بمسئولية الدعم المادي والمعنوي والسياسي للقوى الكردية العقلانية، أي تلك التي ترغب بالمساهمة في بناء الدولة الشرعية والمجتمع المدني والثقافة الإنسانية والهوية العراقية على أساس أولوية وجوهرية فكرة الحق والمواطنة، كما نرى احد نماذجها في رؤية حزب الحرية والعدالة الكردستاني. وهو الأسلوب الوحيد الواقعي والعقلاني لإنهاء الزمن الكردي في العراق، أي لنزيف الجهود الخربة من اجل أن ينطلق العراق صوب توحيده الذاتي الفعلي.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية الزمن العرقي (الكردي) في العراق (1-2)
- نهاية الزمن الطائفي في العراق
- تقسيم العراق – يقين الأقلية العرقية وأوهام الطائفية السياسية
- فلسفة الثقافة البديلة في العراق
- العراق ومرجعية الرجوع الى النفس
- (أشجان وأوزان الهوية العراقية) كتاب جديد لميثم الجنابي
- -الروافض- وفلسفة الرفض العراقية
- الحركة الصدرية - الغيب والمستقبل (6)
- الحركة المختارية والحركة الصدرية – الماضي والمستقبل 5
- عقيدة الثأر السياسي في العراق - من الحركة المختارية الى الحر ...
- عقيدة الثأر السياسي في العراق - من الحركة المختارية الى الحر ...
- عقيدة الثأر السياسي في العراق - من الحركة المختارية الى الحر ...
- عقيدة الثأر السياسي في العراقي - من الحركة المختارية الى الح ...
- مراقد الأئمة – مواقد الثأر الهمجي
- غجر الثقافة في العراق
- أهرامات الجسد العربي ودهاليز الروح العراقي
- المختار الثقفي - فروسية التوبة والثأر
- الحلم الأمريكي وديمقراطية العبيد
- صرخة الضمير المعّذب وحشرجة الإعلام المهّذب
- تعزية صدام - طائفية أزلام وأعراف قبائل


المزيد.....




- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - نهاية الزمن العرقي (الكردي) في العراق (2-2)